Culture Magazine Thursday  31/03/2011 G Issue 337
أقواس
الخميس 26 ,ربيع الآخر 1432   العدد  337
 
المرأة والإبداع الساخر..

الثقافية - فاطمة الرومي

الإبداع الساخر ليس تسلية فارغة أو تهريجا لمجرد الإضحاك بل هو فن راقٍ يعنى بتحليل المشاكل والقضايا الاجتماعية بشكل عميق ولكن ساخر وجميل لا يجيده سوى قلة من المبدعين.

لكن المرأة المبدعة ظلت مجرد متذوقة على شواطئ هذا الفن الراقي ونادرا ما تخوض غماره, ترى ما سبب هذا الجفاء والنفور بين المرأة المبدعة والإبداع الساخر؟؟

حملنا تساؤلنا إلى بعض المبدعات فكانت هذه المحصلة.

في البدء تحدثت الكاتبة هدى المعجل قائلة: الأدب الساخر أدب هادف يتميز بوعي شديد وذكاء وعمق, أجاد فنه عدة أشخاص أشهرهم برنارد شو ومارك تواين وعزيز نيسين, وأتصور أن من يستطيع كتابة أدبا ساخرا ينبغي أن تكون تركيبته النفسية ساخرة إذ لا أتصوره نفورا من المرأة المبدعة بقدر ما أجده تركيبة نفسية يبلورها الأدب بحيث تتهيأ لأن تكون أديبة أو مبدعة أدب ساخر. وتضيف بقولها: المرأة المبدعة أقرب إلى السخط والتشكي والتذمر والمباشرة منها إلى السخرية فن الإمتاع والإضحاك ليس بقصد الإضحاك فقط والتهريج بل ورش الملح على الجرح أو ما يسمى في العرف العامي (مزح برزح) وهو فن ذكي جدا لا يحتمل رد الفعل المباشر والمتعجل المتسرع.. ومع ذلك أستطيع القول إن الأدب الساخر لم ينتشر الانتشار الذي نحتاجه ونتمناه في زمن الخطورة، الأدب الجاد يفتقد الاهتمام و غياب النقاد عن الأدب الساخر ومحاولة اكتشاف أدباء ساخرين جدد.

أما القاصة وفاء العمير فتستهل حديثها متسائلة: لماذا الكتابة الساخرة جيدة وتجذب القارئ؟

ثم توضح: حينما تكون المشكلة أكبر مما نحتمل ولا نجد لها حلا فالطريقة الوحيدة لمواجهتها كنوع من التنفيس عما في داخلنا هو السخرية منها، تماما مثل بالون مملوء بالهواء وحتى لا ينفجر نفتح بعض الثقوب فيه كي يخرج الهواء.

نلجأ إلى التقليل من شأن المشكلة بمقالة فيها شيء من الكوميديا أو برسم كاريكاتوري أو بقصة قصيرة أو ببرنامج تلفزيوني لنجعلها أقل حجما مما تبدو عليه، نوجد بذكاء عدّة نوافذ نخرج منها هذا العملاق الضخم بعد تقليص حجمه.

النقد الساخر فن جميل ومدهش، يحقق البهجة للقارئ بما فيه من حس الدعابة وروح النكتة، وكثير من الكتّاب برزوا فيه، وحققوا نجاحا كبيرا بحيث صار لهم جمهورهم الذي يتابعهم باهتمام، لكن تظل المرأة الكاتبة بعيدة عن هذا المجال،لا أدري لماذا؟ ربما لأنها تعتمد الجدية في طريقة تناولها لموضوعاتها، أو ربما إنها لا تكترث بهذا النوع من الكتابة، بينما الحياة ليست بهذه الصرامة، أن نضحك قليلا من مشاكلنا، من همومنا هو قمة الإبداع، ورؤية سليمة لكيفية العيش، فالإنسان بحاجة بين الفترة والأخرى إلى التخفيف عن نفسه.

الكتابة بدم خفيف تمنح الفن الأدبي سحره الخاص، وشغفه المتفرد، يكتشف القارئ معها أنه لا يوجد في الحقيقة مشاكل كبيرة، وأنها مجرد مواقف تختلف تصرفاتنا إزاءها.

الفنانة التشكيلية والإعلامية فوز الخمعلي تتحدث عن تجربتها في هذا المجال بقولها: بالنسبة لي أنا الفتاة التي بدأت أولى خطواتها بالكاريكاتير الساخر قبل الفن التشكيلي، فلم يكن لي مكان في زحمة احتكار الذكور لهذا الفن الذي أعشقه، أذكر أني تقدمت إلى أكثر من مطبوعة وكان ردها ((عندنا رجال يرسم)) فرجعت أدراجي خائبة الأمل ولكن ما جعلني أتركه نهائياً عندما برزت مطبوعة قيل إنها نسائية بحته إدارة وقلماً... فهرولت وقدمت لديهم فصدمتني منهم كلمة..((عندنا رجال يرسم)) فما قصة زحمة الرجال ؟! كانت هذه هي نهاية هذا الفن عندي وقبل أن أتوقف وأدفن قلمي الفحم وورقي المقوى....

جمعت ما عندي تطوعياً وأرسلتها إلى صحيفة تصدر عن جمعية الإعلام والاتصال وتم نشرها دفعة واحدة, وما يجعلني نوعاً ما راضيه أن الوسط لازال يذكر أني فنانه كاريكاتيرية ولا يوجد غيري أنا وزميلة واحدة فقط... وهذا بحد ذاته عدم نكران لنا....

وتضيف فوز: كما أن المرأة لها أسلوب ساخر في الرسم الكاريكاتيري ربما يحرج الرجل... كما حصل معي في أحد البرامج التلفزيونية عندما كنت ضيفه وأحضروا لي مجموعة رسومات خبأ المخرج أغلبها... لأنها تنتقد بعض الشباب الذي يجمع مالا في سفرياته الصيفية الماجنة ... وبالمقابل يشتكي غلاء المهور ولا يوفر له قرشا واحدا)، المرأة الكاريكاتورية الفنانة الساخرة موجودة ولكن مازال هناك الكثيرات لا يستطعن التقدم والجرأة ربما بسبب قلة التشجيع وهذا هو ما واجهته... وجعلني أهجر هذا الفن لأني لا أحب أن أرسم ولا يراها أحد لأنها بالنهاية رسالة اجتماعية وسياسية وثقافية أوجهها للجميع.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة