Culture Magazine Thursday  31/03/2011 G Issue 337
أوراق
الخميس 26 ,ربيع الآخر 1432   العدد  337
 
معجم موازين اللغة
هيئة كبار العلماء.. والمجمع الفقهي وأهمية هذا الأمر
د. صالح اللحيدان

تهتم اللغة العربية ببيان معاني دلالة الألفاظ على المراد من النص، وما لم يتبين المعنى فإن اللفظ والألفاظ تبقى دون فهم واضح للمتلقي، ومن هنا، تنشأ كثير من التخبطات السيئة الواضحة السوء ومن هذه التخبطات ما يلي:

1- فهم خاص لمراد ما في النفس.

2- فهم اجتهادي لا يدل عليه اللفظ.

3- فهم عجول مع لي المعاني قسراً.

4- فهم مركب أهوج.

وهذه الأربعة وجدتها عند كثير ممن يتقمَّص (علم اللغة)؛ فهو يسير على منوال حسبك به من منوال غير صالح، ولما كان غالب الناس لا يقرأ فإن مثل هذه الحالات تسير سيراً حثيثاً فيظهر المؤلف على أنه عالم: (لغة - ونحو - وبلاغة)، وقد يوجب هذا على أن تؤخذ كتبه أو كتابه مصدراً أصلياً في علم: اللغة - وتاريخها - وآثارها - ومفرداتها كحال: جرجي زيدان - وقسطنطين زريق - ولويس عوض - وسلامة موسى، وأنت إذا كنت ذا عمق ودراية فذة وتأنٍّ جيد وشعور بالمسؤولية تجاه اللغة سوف تجدك أشبه ما تكون بمن يغتسل بماء طهور، ثم يتبين له بعد حين أنه إنما يغتسل بماء قد خالطته قذارة فهو يستشيط غضباً وهو مكظوم.

وعلى نحو ما سلف، فإن هناك كذلك تخبطات سارية بين ثنايا الأيام، من هذه ما يلي:

1- فهم أعوج لمراد خلخلة الدلالة.

2- فهم مركب لمراد بث فهم خاص.

3- فهم يتكئ على شعر المجهولين والمولدين.

وقد وجدتُ هذا تترا في كتاب: (الأغاني)، وكذا: (خاص الخاص). وكذا: (أخبار الحمقى والمغفلين).

ففي (الأغاني) مثلاً قرابة - 150 رواية مجهولة و1200 بيت شعر لا يصح الاستشهاد به و750 رواية مكذوبة، وهناك خلل واضح في مشاهد العرض الروائي لأخبار العرب ليست بذاك مع أن هذا الكتاب قد وجدت من اعتمده جداً خلال عهود سلفت متطاولة لولا بيان فضل معرفة ضوابط الرواية والسند وطبقات أحوال الرواة وحقيقة الجرح والتعديل وكلام ابن خلدون عنه لعله لم يتبين له شيء من ذلك لافتقاره إليه.

وأما (خاص الخاص) ففيه لمز بين اللغة ويشكل هذا.. كثيراً.. إلا على ذوي القدرات المستنبطة لمعاني شواهد التناول.

وكتاب (أخبار الحمقى والمغفلين) يثبت جداً أنه كتاب مدسوس على الإمام ابن الجوزي فهو ليس له ولا يمكن أن يكون لرداءة لغته ومشهده الطرحي الفج بجانب خلله الواضح لمقام الإلوهية وصفات الرسل عليهم السلام، ومع ذلك كله فهناك من يتشرف به ويعجب به ويستشهد به، وهذا هو ما أراد مؤلفه، وكونه نسبه لابن الجوزي حتى يروج ويشتهر، جرب - قارئي العزيز - أن تقرأ هذا الكتاب بحس نقدي ثقيل وتدبر متين، ثم أنت بعد ذلك تعاود فتقرأ تفسير ابن الجوزي للقرآن الكريم، أو تقرأ له كتابه الذائع الصيت: (صفوة الصفوة) فما أنت واجد لاجرم؛ فالكتاب مدسوس، وداسه فيه من الغباء بقدر ما فيه من: الوقاحة وسوء المعتقد، وإن الجوزي (رحمه الله تعالى) من أهل القرن الخامس الهجري (500) وهذا القرن وما قبله حتى سنة (100) للهجرة كان زمن الوضع للآثار مما حدا بالأئمة الكبار أن يبينوا هذا فهذا (مسلم بن الحجاج) صاحب الصحيح ينقل كلام (ابن عباس في المقدمة فهو يقول: كنا إذا قيل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشرأبت إليه أعناقنا، أما وقد كثرت الفتنة فنقول: سموا لنا رجالكم).

أي لا نقبل كل أثر أو حديث ما لم نعرف سنده وسلسلة رواته، وينقل كذلك عن ابن سيرين قوله: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

يريد لا يُقبل كل خبر أو رواية أو قصة إلا بعد شدة التثبت من صحتها بعد معرفة السند وحقيقة أحوال الرواة.

ومثله قال عبد الله بن المبارك، ويحيى ابن معين، وعلي بن المديني، ويحيى بن سعيد القطان، وشعبة بن الحجاج، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، والترمذي، وابن حجر، والنواوي، وسواهم خلق كثير ممن حفظ الله تعالى بهم الرواية.. والدراية عبر العهود المتطاولة إلى عهدنا هذا.

وتحرير هذه.. الحال.. في هذا الحين أمر أزعم أهميته مع دفع دور النشر ومطابع الكتب والنشرات المؤلفة حديثاً ومعاودة نشر مثل ما سلف من كتب تحتاج إلى ضبط وتحرير لما ورد من:

1- روايات.

2- وأخبار.

3- وأحكام.

4- وقواعد.. وأصول.

5- وشواهد.. وأسماء.

6- وتقريرات.. ولوازم.

ومن هنا فأهيب: (بهيئة كبار العلماء)، و: (المجمع الفقهي) دراسة رأيي هذا.. وإن كان فيه مشقة ويحتاج إلى سبر وطول وقت وشدة تحرٍّ وتأنٍّ، لكن ذلك كله يهون بجانب ثمرته الجليلة التي لعلها لم تكن من قبل.

(وإنما الرائد لا يكذب أهله).

- الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة