Culture Magazine Thursday  31/03/2011 G Issue 337
فضاءات
الخميس 26 ,ربيع الآخر 1432   العدد  337
 
صدى الإبداع
معرض الرياض الدولي
د. سلطان بن سعد القحطاني

لم تكن الظروف تسير لصالح الناشرين هذا العام، ابتداء من إغلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، للأسباب التي يعرفها الجميع، وانتهاء بالمعرض الرياض، لكن الرهانات دائماً على معرض الرياض الدولي، والسبب أن الرياض أصبحت سوقاً تجارية للكتاب في العالم العربي، يدل على ذلك وجود رئاسة الناشرين فيها، وكثرة المبيعات في معرضها الدولي في كل عام، وقد سجلت الإحصائيات مبيعات اليوم الأول بستة ملايين ريال، وليس المعرض هو الوحيد فيها، بل إن كبريات المكتبات التجارية توجد فيها في منطقة الخليج العربي، مثل جرير، والعبيكان، والرشد، وسواها، وهذه المكتبات توفر الكتاب في أي وقت، وتتعامل مع كبريات الدول العربية والعالمية، إضافة إلى وجود مكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وفرعها في المربع، وهي مفتوحة للزوار يومياً، بل توفر الكتاب لطالبه من أي مكان في العالم بدون مقابل، حتى أجور البريد، ومكتبات وزارة الثقافة والإعلام العامة المنتشرة في الأحياء، ومعارض الكتب لا تقوم على بيع الكتاب فحسب، لكنها تظاهرة ثقافية في كل مكان تقام فيه، ومن مفردات تشجيعها وجود من يوقع كتابه في حين صدوره في سنة المعرض وفي أروقته -كتقليد عالمي-، بجانب الفعاليات الثقافية التي تقام على هامشه، حتى قال البعض إن هذا الهامش أصبح متناً يستفاد منه، وهذه مناسبة تجمع المثقفين، وتبادل الإصدارات، والنقاشات حول موضوع ما، ومن مخرجات تلك النقاشات، ظهور المواهب الشابة المكبوتة، التي لم تجد من يظهرها إلى النور، فكان وجود كبار المثقفين وأساتذة الجامعات والشعراء علامة مشرقة في جبين المعرض، وحافزاً للمثقف لدفع عطائه للآخرين، أذكر في العام الماضي أن شاعراً من الشباب كان يستجدي من يقرأ له شعره ويقيمه، قبل المعرض، وفعلاً جاء المعرض، فلم يبخل الحاضرون عليه بالقراءة والتصحيح، وهذا العام يستعد لإصدار ديوانه منقحاً في ثوب جميل ومرتب.

سقت للإخوة والأخوات هذه المقدمة لأبين مدى أهمية المعرض، وأنه ليس سوقاً للكتاب فحسب، بل هو مهرجان ثقافي، ولكن مما يؤسف له أن بعض من يدعون في أنفسهم حراساً للفضيلة دون غيرهم، تصرفوا تصرفاً غير مسؤول، ولم يعلموا، أو أنهم يعلمون، أن الله تعالى قال: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} والخبر هنا للعموم وليس للخصوص، هذا أولاً، أما ثانياً، فديننا وأخلاقنا تأمرنا باحترام الكبير، وصاحب المقام، وولي الأمر، وصاحب المسؤولية، وكل هذه الصفات الحسنة لم يتقيد بها أحد ممن تعدى باللفظ واليد أحياناً على من وصفتهم حقاً، وسبب التوتر في أروقة المعرض، وتعدي على وزير الثقافة والإعلام، وهو عضو الدولة، والمسؤول الأول عن المعرض، بجانب أصحاب الاختصاص من الوكلاء ورؤساء الدوائر الثقافية، وفي مقدمتها شؤون المكتبات والرقابة التي أجازت كل محتويات المعرض، ولو فرضنا أن كتاباً مخالفا يوجد في المعرض، فالمسؤول عنه هذه الجهات، يرفع الأمر لهم وهم بطريقتهم يتصرفون، دون إحداث الشغب الذي لا طائل من ورائه، ولا يجر علينا إلا سمعة سيئة أمام الناشرين والزوار ووسائل الإعلام، ومنهم من يجعل من الحبة قبة، فكيف يحدث ذلك في عصر التفاهم والحوار، وعندنا اليوم خمس وعشرون جامعة، والأمية تكاد تنعدم تماماً، فماذا يقول عنا الآخرون، إرهابيون، متخلفون، ولا نريد من أحد حواراً ونقاشاً، نقوم بالفوضى، ونتعدى على الآخرين بالقول والفعل؟؟؟؟؟، هذه أمور يجب أن يضعها المسؤولون في المعارض والمناسبات القادمة في الحسبان، قبل أن يتسع الشق على الراقع، وأن نتمثل أوامر الله تعالى بالحسنى، ونقتدي بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام في التعامل، وهو القائل: الدين المعاملة. وكل معرض وأنتم بخير.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة