Culture Magazine Thursday  05/04/2012 G Issue 368
فضاءات
الخميس 13 ,جمادى الاولى 1433   العدد  368
 
وتم العناق
الإبداع المدرسي وحلقته المفقودة ومعرض (حينما يتحدث الإبداع) بالأحساء أنموذجاً
حسن علي البطران

 

حينما يكون الربط بين الفن والإبداع مع التربية والتعليم تكتمل حلقة هامة في ثقافتنا التعليمية والإبداعية والفنية، ربما هي مفقودة، بل هي كذلك حسب ظني، ولكنني قد أتراجع قليلاً، عما كان عالقاً في ذاكرتي، ويغطي مساحة كبيرة من قناعاتي.. ذلك حينما زرت أحد المعارض الفنية المدرسية لطالبات المرحلة متوسطة نظير تلبية دعوة وجهت لي؛ زرته خارج الدوام الرسمي برفقة زوجتي وتفاجأت بما شاهدته.. معرض المدرسة الذي زرته يحمل عنواناً رائعاً يدل على جماله وروعته وقد يكون معرض (حينما يتحدث الإبداع) أنموذجاً لمعارض مدرسية أخرى؛ الفن والإبداع والتميز غطى مساحة كبيرة من هذا المعرض، وقد أبهرني من جميع جوانبه بالرغم من صغر مساحته، ففيه عبق الماضي وجمال الحاضر، تنوعت فيه المعروضات ما بين فن تشكيلي، ومنحوتات يدوية، وأعمال فنية، ورسومات متفاوتة، وأعمال ربما لها علاقة بالأسرة، وابتكارات فنية كثيرة، وقد تضمن أيضاً بعض القطع الأثرية، والتي تحمل معنىً للماضي وتعيدنا إليه بشوق وشغف.. اتسم المعرض بحسن التنظيم وفلسفة التنسيق، فهو يحكي عن أصالة وجوهر -كونه من عمل طالبات المرحلة متوسطة-، وأن من نظمه وأشرف عليه يدرك الأهمية البالغة في لغة المعرض المدرسي.. وأقصد بالمعرض المدرسي هنا؛ هو المكان أو المساحة التي تعرض فيه مجموعة من الأعمال التي يقوم بها الطلاب الطالبات تحت إشراف معلميهم وفق ضوابط تربوية تعليمية، وتهدف إلى إبراز وتنمية الذوق الفني والإبداعي عند المتعلمين، واكتشاف مواهبهم وإظهارها بقصد الارتقاء والتشجيع والتحفيز لهم، وهي وسيلة أساسية لنشر الثقافةَ ولصقلِ المواهبَ الشابة والناشئة والفئات العمرية المختلفة، حيث تحمل غاياتًٍ عديدةً تتوافق والهدف الأساس من السياسة العامة للتعليم والتربية في مملكتنا.

لا يخفى أن اللوحة الفنية التشكيلية رسالة تعكس ما يكنه المبدع التشكيلي كما يعكس الإبداع الأدبي عمق المكنون الإبداعي لدى الشاعر أو القاص أو الروائي وربما عند الفنان التشكيلي تكون أكبر من ذلك.. والإنسان كله إبداع ولكن من يكتشفه؟ ولكن المعرض المدرسي يكشف لنا عن مبدعين ومبدعات خلف الأنظار وبعيدين عن الاهتمام وهم / وهن، في غاية الروعة والجمال.. معرض طالبات المدرسة المتوسطة الرابعة عشرة بالأحساء ( حينما يتحدث الإبداع) والتي نظمته وأشرفت عليه معلمة التربية الفنية بالمدرسة الأستاذة فوزية طاهر الحداد بمتابعة مديرة المدرسة الأستاذة نورة الربيع كشف عن مبدعات ما زلن في عمر الزهور، حيث من يزور المعرض لا (يصدق) أن هذا الإبداع من نتاج طالبات في المرحلة المتوسطة.. أعمال المعرض وخاصة اللوحات التشكيلية منها شدت انتباهي، وقد لفتت نظري وأعجبتني لوحة فنية تحمل عمقاً إبداعياً كبير، تستطيع أن تدرك أن صاحبتها تعي فلسفات مدارس الفن التشكيلي الحديثة والتقليدية، ظننتها لمعلمة التربية الفنية أو إحدى زميلاتها، وحينما سألت عنها قيل لي إنها لطالبة رفضت أن تهديها للمشرفة التربوية أثناء زيارتها للمعرض، مما زاد من إعجابي بها، كونها تقدر عملها الفني والإبداعي وتحترمه وتحرص عليه..

فكرة المعرض عكست جوهراً له قيمة بالغة الأهمية، حيث تنوع الأعمال الإبداعية والفنية والتراثية والمنحوتات، وهذا يعكس مدى البعد الإدراكي لدى المعلمة المنظمة ومن بجانبها وساعدها وخاصة طالباتها صاحبات الأعمال، والمبدعات القادمات فهن مبدعات مستقبل.. ما هو جميل أن صاحبة المعرض رفضت أن نتحدث عنها وعن تجربتها في الفن التشكيلي، وقالت: الجهد كله ومجموعه للطالبات، وهذا يشير إلى مدى الإخلاص الذي تبذله في عملها بعيداً عن البروز والظهور.. (حينما يتحدث الإبداع) أظهر مبدعات لهن مستقبل بارز، ولكن أين من يتبنى مواهبهن خارج أسوار المدرسة..؟ في ظني أن هنالك حلقة مفقودة بين المدرسة والمؤسسات ذات الاهتمام كجمعيات الثقافة والفنون والأندية الأدبية مثلا.. وهنا يبرز لدي سؤال: لم لا يكون هنالك تعاون وتنسيق بين هذه المؤسسات..؟ حتى لو كان على المستوى المحلى أو الشخصي إذا كان لا يخل بالآلية النظامية المتبعة لدى مؤسساتنا بعيداً عن البيروقراطية المعقدة..! فمن خلال هذه المعارض تتداخل الثقافة وتتبادل الخبرات بين الطلبة أو الطالبات.. وكذلك دراستها من قبل المعلم أو المعلمة ليدرك ماذا يحب أن يظهره الطالب أو الطالبة، بالطبع هذا في الرسم والعمل التشكيلي الحر، حيث تتفاوت الأنماط التعبيرية بينهم، يقول أحمد عائش دشاش وزميله محمد حاتم حسين في مقدمة كتابهما (رسوم أطفال العالم - بحث وتحليل): «يحتاج المنشغلون بالتربية الفنية في شتى مجالاتها إلى دراسة مادتهم وما يتصل بها في إطار يتسم بالاتساع والشمول وتعميق المعرفة ولا يقتصر على العائد الذي تقدمه هذه المادة في مجتمع أو بيئة محددة المعالم.. واختيار وتجمع وتقديم أنماط من تعبير الأطفال الذي يبرز في هذا المضمار لدراستها والتعرف على خصائصها ومميزاتها وأساليب تنفيذها، ولنستطيع الموازنة بين هذه الرسومات وما تعبر عنه وإدراك ما تحمله من معرفة ومهارات وقيم.» وهذا ما اشتغلت عليه الحداد في معرضها..

معرض طالبات المعلمة الحداد بالمدرسة المتوسطة الرابعة عشرة (حينما يتحدث الإبداع) لوحة فنية رائعة تستحق الإشارة والإشادة.

Albatran151@gmail.com الأحساء

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة