Culture Magazine Thursday  11/10/2012 G Issue 383
فضاءات
الخميس 25 ,ذو القعدة 1433   العدد  383
 
«اللّغة العربية: تنعي حظَّها بين أهلها» (2)
بثينة الإبراهيم

 

يقول أحد الفقهاء:» كلام العرب لا يحيط به إلا نبيّ»، ولذا بدأت في القرن الثاني الهجري الحركةُ المعجمية في محاولة لحفظ هذا الكلام، وكان أوَل واضعٍ لمعجمٍ عربيّ هو الفراهيدي لضبط اللغة وحصرها، غير أنّ هذه المعاجم قد تصبح كتب طلاسم تشبه كتب السّحر التي يقرأ منها «هاري بوتر» وأصدقاؤه في مدرسة السحر في السلسلة الشهيرة،ولا يطّلع عليها إلا «النخبة» أو بمعنى آخر متخصصو اللغة ودارسوها، أما طلاب المدارس في المراحل المتوسطة والثانوية وربما تعدّتها إلى الجامعية، فتبدو لهم شيئاً فائضاً عن الحاجة!

على أنّ هذه المعاجم على تنوّعها تحوي عدة إشكالياتٍ، منها صعوبة إيجاد الكلمة باعتبار جذرها اللغوي، بالإضافة إلى إشكالية طريقة الترتيب في هذه المعاجم بحسب أوائل الكلمات أو أواخرها، وهي فيما يبدو صعوبةٌ يواجهها تلاميذ المدارس، وقد حدث أن اكتشفت أنّ قسماً من طالباتي _ في السنة النهائية من المرحلة الثانوية _ اعتقد أن المعاجم التي تأخذ بأواخر الكلمات تبدأ بالحرف الأخير من الأبجدية أي الياء! ولعلّها من الصعوبات التي تواجه دارسي اللغة العربية من غير الناطقين بها لذا يعزفون عن استخدام المعاجم لتعلم اللغة، في حين أنّ المتعارف عليه لدى دارسي اللغات على تنوّعها الرجوعُ إلى القواميس لاكتساب المفردات على الأقل!

ولو تفحّصنا المعاجم العربية الحديثة لوجدنا أنها في طبعاتها الجديدة لا تكاد تختلف عن النسخة الأولى منها إلا من حيث الإخراج الفني ! إذ لا نشهد فيها تجديداً يذكر، وإن كان ذلك مقبولاً في الكتب، فهو ليس بمقبولٍ في معجمٍ باعتبار أنّه لا بد أن يتضمّن المعرّب والمترجَم من المصطلحات التي تتكاثر يوماً بعد يوم وما نزال قاصرين عن اللحاق بها، وليس كافياً ما تقوم به مجامع اللغة العربية من إصدارها في نشرات دورية، أو في المجلات الصادرة عنها، لأنها لن تصل إلى كافة الشرائح أو الطلاب، وستكون مقتصرةً على المهتمين بالدّراسات المعجميّة أو اللغوية من وجهٍ ما، بعكس ما سيكون عليه الأمر لو أنها أضيفت إلى المعاجم في كل طبعةٍ حديثةٍ منها. ولننظر في معاجم اللغات الأخرى كالإنجليزية أو الفرنسية على سبيل المثال، التي تقوم بحذف بعض المصطلحات أو الكلمات التي لم تعد متداولةً وإضافة ما يستجدّ بدلاً منها، ولنأخذ مثلا لفظة «جوجل» محرك البحث الشهير، فقد أصبحت فعلاً متداولاً في اللغة الإنجليزية يعني البحث عبر الإنترنت باستخدام «جوجل»، وإن اقتصر ذلك على المعاجم المتوافرة على الشبكة مثل «ميريام وبستر»، أو لفظة «Text» التي صار من معانيها إرسال رسالة نصية، والتي اكتسبتها بفعل التطور التقني وظهور الهواتف النقالة، على أنّ ذلك لا يعني حذف كلمات من معاجمنا بل إضافة جديد المصطلحات كما ذُكر سابقاً.

كلّ هذه وأكثر هي نداءات استغاثة كي لا تصبح العربية لغة خطاباتٍ رسمية _ وقد لا تخلو من الأخطاء أيضا ! _ وما زلنا بعد كل هذه السنوات نكرّر القول ونعيده دون أن يلقى أذناً صاغية لدى الجهات المختصة «حراس اللغة العتاة»، وما زالت اللغة العربية تعاني فهل من مدّكر ؟!

T: @bothina78 أنطاكيا

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة