Culture Magazine Thursday  13/12/2012 G Issue 389
أوراق
الخميس 29 ,محرم 1434   العدد  389
 
صدى الإبداع
استقبال الأدب الجزائري-4
د. سلطان بن سعد القحطاني

 

تحدثنا في الحلقات السابقة عن استقبال الأدب الجزائري في المملكة والخليج العربي، على المستويين: الشعبي والثقافي، فوجدناه في البدايات أخبارا عن الثورة الجزائرية ورموزها، وبعض كتابات الرحالة والحجاج، وغيرها، ووجدنا الأدب الجزائري يسير في طريقه في الأدب العربي، من خلال الكتابة باللغة العربية، بدلا من الفرنسية، ويأخذ مكانه عند الطبقات المثقفة، ولنا ألان أن ننظر في مصيره على المستوى الأكاديمي في الجامعات، كرسائل علمية. فنقول:أما الأكاديميون فيشتكون مما تشتكي منه الجزائر، ويحملون المسئولية اتحاد الجامعات(الشكلي) فكل دولة عربية تحتفظ بدراسة أدبها لأبنائها، وهذا من وجهة نظرهم تفتيت الثقافة إلى إقليميات ضيقة، فيندر أن يوجد بحث في كاتب جزائري، أو غيره في غير الجزائر، والمبرر أن المصادر غير متوفرة، وهذا عذر قديم ليس صالحا الآن، فقد تجاوزه الزمن. وعلينا أن نطرح التساؤلات التالية:

هل الكتابة الإبداعية عن أدب ما صالحة اليوم بغير لغة ذلك الأدب؟؟

لم تعد الكتابة بلغة غير لغة الأدب نفسه صالحة لبناء رواية أو قصة قصيرة من غير لغتها الناقلة لها شكلا ومضمونا، وقد كتب بعض الأدباء بلغة أخرى غير لغة الأدب الذي يكتب به، والدليل على ذلك ما كتب به بعض الكتاب، وحازت كتاباتهم على جوائز عالمية، لكن السبب الذي حصلت به الرواية على الجائزة لم يعد بسبب جودتها، ولكن بسبب المعلومات التي بداخلها، مثلما البير كامو، وهنري سيناك عن الأدب الجزائري، ونجيب محفوظ، أما الفنيات الروائية فموضوعها آخر، وهناك من كتب روايات استقبلت بالحفاوة والترحيب لدى الغربيين، مثل روايات محمد شكري عن ثقافة المغرب الرديئة، وأحمد بود همان(الحزام) عن الغرائبية في بعض العادات في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، وعندما ترجمت إلى اللغة العربية لم تنل حظاً من الشهرة، لأن المعلومات التي بداخلها لم تعد غريبة على المتلقي،فهي اساطير عالجها الكاتب بالوصف البحت.ولكننا لا نقف في طريق ترجمة أدبنا إلى اللغات الأخرى ونشره للعالم -مهما كان الأمر-، ومن الجدير ذكره ما ذكره الدكتور مرسل العجمي عن أستاذه في جامعة ميشجن آن آربرMichigan- An Arbor في أمريكا، الذي ترجم أعمال نجيب محفوظ إلى الإنجليزية،(1) بعد فوزها بجائزة نوبل، لكنها لم تغير شيئا عن نجيب محفوظ، إذن ليست الترجمة هي التي ستجلب الشهرة للعمل، بل العمل الجيد هو الذي سيأخذ حقه من الشهرة.

وخلاصة الكلام في هذا الموضوع: أن الأدب الجزائري أستقبل في الجزيرة العربية، وفي السعودية على وجه الخصوص- على ثلاثة مستويات، الشعبي، والثقافي، والأكاديمي، وكان الأدب الشعبي السعودي معلقاً بالعروبة الجهادية ضد الإحتلال الفرنسي، ولم يتطرق للإبداع، فهو أدب شفاهي من خلال ما يلتقطه من السماع، وكان الفضل في ذلك للإذاعة السعودية، حتى منتصف السبعينيات الميلادية، أما الاستقبال الثقافي فلم يكن متاحاً قبل التسعينيات الميلادية، عندما بدأت الأسابيع الثقافية، وانتشر البث الفضاء والتقنية الإلكترونية، ومن العجيب أن المثقف في السعودية يعرف عن الأدباء الجزائريين أكثر مما يعرف عن أدبهم المكتوب، وكانت الفكرة العامة أن الأدب الجزائري كتب باللغة الفرنسية، حتى أثبتت بعض الروايات التي كتبت مباشرة باللغة العربية ما كنا نقوله، مثل، روايات أحلام مستغانمي، والطاهر وطار، وواسيني الأعرج، وغيرهم، وما يزال الأدب الجزائري قاصرا في الوصول إلى البلاد العربية، من غير الأدب الذي نشر من خلال دور النشر اللبنانية في معارض الكتب، وهذه إشكالية لا تتعلق بالجزائر فقط، لكنها إشكالية التوزيع في البلاد العربية.

وعلى المستوى الأكاديمي تعاني البلاد العربية من إشكالية تقوقعها على نفسها في تسجيل الرسائل من داخل القطر العربي الواحد، فلم تسجل رسالة مستقلة عن أدب الجزائر في الجامعات العربية خارج الجزائر، وربما يكون هذا الموضوع سيأخذ حقه مستقبلا. وأصبح للأديب الجزائري حضوره في الإعلام الثقافي من خلال المذياع في البرامج الثقافية، فحضر الدكتور عبد الحميد بو رايو متحدثا عن عبد الحميد بن هدوقة في برنامج (رواد الثقافة) من إذاعة البرنامج العام من إذاعة الرياض، وقدمت بعض الأوراق في معرض الرياض الدولي، ومعرض الشارقة، في الإمارات العربية المتحدة عن الرواية العربية، وحضور الأسماء يجذب القارئ إلى البحث عن الأعمال الروائية والشعرية، مثلما شارك عدد من الشعراء في مهرجان الشعر في الجزائر العاصمة2011، وستقوم وزارة الثقافة بتبادل المؤلفات بين البلدين في مشروع المؤلف.هذه إطلالة سريعة عن تلقي الأدب الجزائري في دول الخليج العربية، أرجو أن أكون وفقت في عرضها السريع، ولنا عودة في دراسات قادمة.

1- من لقاء بيني وبين الدكتور مرسل العجمي في مؤتمر وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي 10 أكتوبر 2012م.

- الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7987 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة