Culture Magazine Saturday  05/10/2013 G Issue 414
أوراق
السبت 29 ,ذو القعدة 1434   العدد  414
 
إخوانيات تنشر لأول مرة وتنفرد بها الثقافية
قصائد للدكتور غازي القصيبي مازَحَ بها الأستاذ تركي بن خالد السديري ولوائح الخدمة المدنية

 

الثقافية - فيصل العواضي

الإخوانيات في الأدب من أجمل الأجناس الأدبية وأخصب مجالاتها لأنها غالبا ما تكون تعبيرا صادقا عن موقف تجاه صديق أو دعابة طريفة قد تدون حكاية وتوثق حدثا وبلون من ألوان الأدب لا يستطيعه غير الفطاحل.

وبين أيدينا تحفة أدبية رائعة زودنا بها معالي الأستاذ تركي بن خالد بن أحمد السديري رئيس الديوان العام للخدمة المدنية (ووزير الخدمة المدنية سابقا) هي عبارة عن نصوص شعرية أرسلها إليه صديقه المرحوم الدكتور غازي القصيبي إبان كان الأول رئيسا للديوان العام للخدمة وقد تضمنت هذه القصائد بعض النقد لأنظمة ولوائح ديوان الخدمة المدنية وبأسلوب لا يخلو من طرافة ساخرة ونبدأ بهذه القصيدة المطولة التي بدأها أبو سهيل رحمه الله بالإشارة إلى الأستاذ عبدالعزيز القريشي أول رئيس للديوان الذي عين في المجال المصرفي وتولى الديوان بعده الأستاذ تركي بن خالد السديري حيث بدأ أبو سهيل القصيدة:

قل لديوان بظلم عرفا

وبتعقيد الأمور اتصفا

القريشي بنى أركانه

ثم ولى وتولى المصرفا

بعد أن سلم تركي أمره

بئس يا إخواننا من خلفا

ثم كي يكمل من تعقيده

نوب الدكتور عنه واختفى

لم توضح القصيدة من هو الدكتور الذي ورد في هذه القصيدة(ولعله الدكتور عبدالعزيز الخويطر) وتستمر:

وسقانا المر من أنظمة

أكل الدهر عليها وعفا

جمع السلطات في قبضته

ومضى يضرب ضربا في القفا

قال عندي الترقيات اجتمعت

وكذا كل جديد صنفا

والسديري إذا أسلمته

أي أمر كان سيفا مرهفا

هكذا الدكتور قد علمنا

أن نذيق الناس عيشا اعجفا

كلما فتّح باب مقفل

ضرب الدكتور كفّا أسفا

هذا هو المقطع الأول من القصيدة ويتضح منها مداعبة الدكتور غازي القصيبي لصديقه الأستاذ تركي بن خالد السديري، ومن الطبيعي أن تكون الأنظمة التي يحاول الديوان فرضها عبر التعاميم المبلغة من رئيس الديوان إلى مختلف الجهات، ومنها بالطبع وزارة الصناعة والكهرباء التي كان الدكتور غازي القصيبي وزيرا لها ومن الطبيعي أن تلقى بعض الغرابة في بدايتها، ولذا جاء هذا المقطع من القصيدة ناقدا هذه الأنظمة ومتهما الديوان بالجور والظلم.

وينتقل أبو سهيل رحمه الله إلى مقطع آخر من القصيدة يحمل الرقم (2) كما وردنا من الأستاذ تركي الذي جاء كالتالي.

سامح الله الذي سيرنا

حول بيت الله نمشي بالحفا

ومضى يمشي بنا منطلقا

للقشاشية من باب الصفا

شاقه الذكر رئيسا سابقا

فتمطى وتخطى وانكفى

قال يا رباه ما ذنب الذي

راح ظلما لنظام ما عفا

جرب التعقيد تركي مبدعا

ثم لما جرب الشعر انطفى

كلما رحت إليه طالبا

ترقيات قال يا غازي كفى

قال الاستثناء عندي منكر

لا يصح الأمر إلا بالخفا

كل يوم فرمان مقبل

صاغه مطلبْ وتركي ألَّفا

ولديهم مجلس من سبعة

كل موضوع أتاهم وقفا

والقريشي إلى ساما مضى

قال أفنى إنْ قريشٌ صُرفا

أو ريال مس في مخزنه

بعد أن كان إليها دلفا

تصرخ الشيكات في خزنته

مثلما يشكو سجين وقّفا

خير لفظ عنده قولة لا

وهو عن أقوالها ما انحرفا

إن تركي هو حجاج الورى

كلما صادف رأساً قطفا

إن غازي قد غدا في قوله

جائرًا حينًا وحينًا منصفا

وابن سلطان بشعر مدّنا

وهو شعر مثل شعر الظرفا

وابن منصور بياض خطنا

يقطع الأرض كمشي السلحفا

كلما قلنا له عجل بنا

قال هاتوا لي حسابي سلفا

وصلاة الله مع تسليمه

كل حين للنبي المصطفى

من خلال قراءتنا لهذا المقطع نلحظ أمورا، منها أن القصيدة جاءت عقب أداء الصديقين لفريضة العمرة فقد أشار فيها أبو سهيل إلى المشي حفاة حول بيت الله والخروج إلى القشاشية من باب الصفا وعدة أمور منها براعة الدكتور غازي في التورية مثل إشارته إلى القريشي محافظ مؤسسة النقد «ساما»

والقريشي إلى ساما مضى

قال أفنى إن قريشٌ صُرفا

فقريش في عجز البيت تصغير لقرش وهو أيضا اسم لقريش القبيلة التي ينتمي إليها عبدالعزيز القريشي، كما أشار إلى الدكتور مطلب النفيسة الذي يصوغ الفرمانات، أيضا إشارة إلى مقولة الحجاج «إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها» فشبه الأستاذ تركي به كلما صادف رأسا قطفا واعترف أبوسهيل -رحمه الله- وأنه قد يجور بالقول حينا وينصف حينا، مع إشارته لابن سلطان وابن منصور وكلاهما كما يبدو من الأصدقاء المشتركين.

وهنا ننتقل إلى القصيدة الثالثة التي تميزت عن سابقاتها بالإشارة إلى الزمان والمكان اللذين كتبت بهما القصيدة وهي أيضا شكوى لطيفة من الدكتور غازي لزميله الأستاذ تركي بن خالد السديري من معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر الذي تولى أيضا رئاسة الديوان العام للخدمة المدنية بالإنابة، وتبدأ القصيدة:

ذكرى الخويطر عندي لست أنساها

يطل قلبي بذكراها فيهواها

قد قال «مدحت» نصف البيت بعد عما

ياليت مدحت لم يفتح به فاها

ومدحتٌ هو شيخ الأرض نعرفه

جاب البسيطة أقصاها وأدناها

فسل حنيفة من قد شاد مركزها

ومن بناها بإخلاص وسواها

تلك البحيرة ما أحلى مفاتنها

قد شابها شبهٌ لما تولاها

هو الطبيب فلا داء يعانده

شفى النفوس وبالإيمان أحياها

أما السديريُّ فاحذرْ من عواقبه

واحذر تعاميمه واحذر خفاياها

إن القريشي وقد جفت موارده

قال الدراهم عندي ما صرفناها

وان أتينا وزير المال نسأله

قال الحسابات عندي قد قفلناها

تتلو موازنة عجفى موازنة

فلا دراهم شافتنا وشفناها

يا شاعر الحب قد ألهبت مهجتنا

بنشوة الحب ما أحلى حمياها

وتنتهي هذه القصيدة مذيلة بالإشارة كما قلنا إلى زمانها ومكانها «طريق السيل مساء يوم 19-3-1401هـ من مكة إلى الطائف» ورغم أن القصيدة بدأت بذكر الخويطر فقد أشار فيها إلى مدحت ولعله الدكتور مدحت شيخ الأرض وأشاد به وعاد فاستدرك التحذير من السديري وتعاميمه وعرج على القريشي في ساما ووزير المالية والحسابات وقواعد الموازنة.

هذا الفن في الأدب عامة وفي الشعر خاصة لا يجيده إلا الفطاحلة من أمثال الدكتور غازي -يرحمه الله- فقد استطاع فيما أوردنا أن ينقد ديوان الخدمة المدنية وتعاميمه والمالية ومؤسسة النقد بأسلوب سلس ومقبول فلا هو أثار حفيظة من انتقدهم ولا هو هادنهم وهنا مكمن الإبداع.

ونأتي إلى مقطوعة تضج بالشكوى من الدكتور عبدالعزيز الخويطر وتسلطه مبتدا هذه المقطوعة بأبيات تقريرية مجاراة لأبيات قديمة في تفسير الماء بالماء فيقول

الليل ليل والظلام ظلام

والصبح صبح والنظام نظام

إن الخويطر بيننا متسلط

ولنا غدا ورفيقه صمصام

فلذات كبدي للخويطر قد سعت

هو ناحر سارت له الأغنام

أولى ضحاياه طعام عيالنا

باتوا لديه والجميع صيام

سل عنه «سيفا» كيف أشهر سيفه

في وجهها فكأنه ضرغام

فتألموا وتأففوا وتبححوا

كتبوا معاملة بها إبهام

وتنتهي المقطوعة عن هذا الحد مع الملاحظ عدم الإشارة فيها إلا لسيف ولا ندري من هو المعني بها فلم يشر لتركي أو القريشي كما جاء في القصائد السابقة.

أما القصيدة الأخيرة فيما جاءنا من معالي الأساذ تركي بن خالد السديري فقد أرسلها إليه أبو سهيل مشبهًا إياه وقد جلس على عرش الديوان العام للخدمة المدنية يأمر وينهي ويصدر اللوائح كأنه الإمبراطور بوكاسا إمبراطور إفريقيا الوسطى وتأتي القصيدة على هذا النحو:

كبوكاسا جلست على العروش

عبوس الوجه منتفخ الكروش

فرضت تحكم الديوان فرضا

علينا في الدوام وفي القروش

وأصدرت اللوائح كل يوم

بلائحة مدبجة الرتوش

يعاونك « النفيسة» في الرزايا

بقانون ينتف كل ريش

وينصرك ابن سدحان علينا

فنذبح كل أن كالكبوش

شهرت السيف تنذرنا بقتل

كحجاج وتسعى كالشويش

هجمت على مؤسسة فأخرى

فثالثة بآلاف الجيوش

فحطمت المجالس والمزايا

وساويت الأوادم بالوحوش

فرفقا- يارعاك الله- انا

هزمنا فانطرحنا في النعوش

وتنتهي القصيدة التي ظاهرها الانتقاد وباطنها الإشادة بجهود السديري في الديوان بإصدار اللوائح وضبط الدوام والحملات التفتيشية على المؤسسات مع الإشارة إلى أن الدكتور مطلب النفيسة يعاونه وينصره ابن سدحان ويقصد معالي الأستاذ عبدالرحمن السدحان أيام كان الأمين العام لمجلس الخدمة المدنية.

الآن وقد انتهينا من عرض هذه القصائد لأبي سهيل وهي مما لم ينشر له في ديوان، نشكر أولا معالي الأساذ تركي بن خالد بن أحمد السديري أن زودنا بهذه التحف الأدبية، وشارك بإخراجها إلى النور ثانيا نتوجه بالدعوة إلى كل أصدقاء الدكتور غازي -يرحمه الله- ومجايليه ممن قد يكون لديهم مثل هذا من مداعبات الدكتور غازي أن يرسلوها ويحذوا حذو الأستاذ تركي، وسوف تحتفي بها الثقافية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة