حاولت جاهداً أن أكسبه وأتجاوزه.. الزمن الذي يدهم حياتنا ويمزقها يوماً بعد يوم، وهو يسير بصورة تسارعية في هذه الحياة وهذه الدنيا التي نعيشها، وعاشها قبلنا أُناس (من البشر وغيرهم) ويعيشها من بعدنا آخرون.

إنه صارم - أي الزمن - لا تكاد أن تُقهقر سرعته أو تُؤخرها أو تُثنيها شعرة واحدة، إلا وقد صار كالسيف الذي لا يدع ولا يذر ولا يحترم من يقع تحته لشدة حدته وصرامته، ورغم هذا وذاك تمكنتُ من التغلب على بُريهات منه، كسبتُ فيها الشيء الذي أوسع صدري وأراح طنطنات فضولي، وأضاف إليه إجابة كان فضولي بحاجة إليها ويبحث عنها منذ زمن ليس هو زمن اليوم، بل هو زمن الأمس البعيد..!

قد تسألني: ماذا أضاف إليك؟ وبِمَ قلل وأشبع فضولك الذي يداهمك من حين لآخر؟ وما الفرق بين زمن اليوم وزمن الأمس؟.. أسئلة كثيرة وعديدة قد تطرحها.. ويُمكنني وأنا مُشبع فضولي أن أقول لك: وما هذا الفضول منك؟ الذي قد يُولّد فيَّ فضولاً، وفضولاً نحوك أنت في غنى عنه.

هذا ما دعا إليه فضولي عن أهمية معرفة وتحليل الصورة - أي صورة - في وقد عدم وجود الزمن بسرعته ودورانه بالصورة اللا صورة.!

ومهما تصاعدت الظروف وأصبحت غير مواتية، ومهما تعكرت أجواؤها وحالت دون صفائها، تبقى أنت هو أنت ذلك النجم الساطع، اللامع، المضيء، المضيء الذي لا يُنسى ويبقى في الذاكرة ما بقيت.! وكما غيرك شمعة تحترق لتشع من أجل أن تكون ذات عطاء.. عطاء يخدم الفرد وتنعكس خدمته لنفسه في عطائه لمجتمعه وللآخرين، الذين هم بحاجة إليه.. فأنت نجم.. وأنت مصدر الضياء الذي يضيء وينير الطريق لغيره، فغياب النجم وبريقه لا يعدمه مسماه كنجم، فلربما غيوم سوداء حالت بينه وبين عاشقيه وعشاقه، غيوم سوداء مخيفة لا تسر من رمقَ بطرفه وبصره إليها.. ولكن ليست هي دائمة ولا سرمدية هذه الغيوم، فطالما جاءت غيوم أكثر منها سواداً ورعباً وانحسرت وتلاشت منجلية ومخلفة وراءها سماء زرقاء تؤنس وتسر ناظريها.. ويبرز معها النجم الذي لم ينعدم بريقه وشعاع ضيائه..

نعم، إن النجوم تبقى ما بقيت.. أما الغيوم السوداء الكئيبة فسرعان ما تنجلي وتُولي الدبر بسوء وكراهية وبشاعة منظرها لتحل محلها غيوم العطاء والنمو والجمال.. غيوم الحياة، وهل هنالك ألذ من الحياة بمعنى الحياة في أرض خضراء بها زهور فواحة تعطي من عبقها الجميل المنعش للروح والجسد لينعشهما وتطير بهما في سماء العشق، وليس أي عشق.. إنه العشق الروحي والوجداني.. وهل سوى الروح روح..؟! أشك في ذلك إلا روح الذكرى وليست أية ذكرى..!!

وبذلك تتحقق صورة اللا صورة في زمن اللا زمن ليكون زمناً مشبعاً بالصورة الحية والحقيقة التي تملأ العين وتستقر في الفؤاد.. اللا صورة المتكونة في اللا زمن - الذي هو كلمح البصر وأبعد من ذلك - قد تشكل ما ينطوي في حِزم عميقة وذات دلالات تقترب من الفلسفة.. وهل هنالك فلسفة كتلك الفلسفة؛ فلسفة سرعة ودوران واختفاء الحياة وظهورها فجأة، بشكل لا نحس ولا نحسن التعامل والتفاعل معها، رغم سهولة ذلك، شريطة فهم واستيعاب صورة اللا صورة وزمن اللا زمن..؟!!