Culture Magazine Monday  21/05/2007 G Issue 199
الثالثة
الأثنين 4 ,جمادى الاولى 1428   العدد  199
 
(الثقافية) تحاور علامة العصر وسادن التراث ناصر الدين الأسد
طه حسين أديب متمكن لكنه ليس باحثاً علمياً

 

 
* الثقافية - علي بن سعد القحطاني:

عُرِف الدكتور ناصر الدين الأسد قبل أكثر من خمسين عاماً من خلال الأطروحة العلمية التي نال عليها درجة الدكتوراه في الآداب بعنوان (مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية)، وهي دراسة تأسيسية منهجية تفصيلية لمصادر الشعر الجاهلي، وظُنّ وقتها أن هذه الأطروحة جاءت رداً على كتاب (في الشعر الجاهلي) للمرحوم الدكتور طه حسين.

ويؤكد الدكتور الأسد من خلال الحوار أن طه حسين كان يأخذ جانباً معيناً من الروايات ولا يستطيع أن يأخذ الرواية شاملة وأن يقابل بينها؛ ولذلك عرف بالتمكن في أسلوبه وفنّه الكتابي وعُدّ عميد الأدب العربي، إلا أنه ليس باحثاً علمياً ولا يستطيع أن يرجع بنفسه إلى الروايات.

وتتسم الإنجازات العلمية للدكتور ناصر الدين الأسد بالتنوع والإثراء المعرفي.. ومن أبرز مؤلفاته: (القيان والغناء في العصر الجاهلي)، (يقظة العرب) للمؤلف الأصلي جورج أنطونيوس وقام بترجمته بالاشتراك مع الدكتور إحسان عباس، (تصورات إسلامية في التعليم الجامعي والبحث العلمي)، (نحن والعصر)، (نحن والآخر).

وقد التقت (الثقافية) بالضيف العزيز وتحدث عن إشكالية الإبداع في العصر الحديث، وأزمة البحث العلمي في جامعات الوطن العربي.

الشعر الجاهلي

* هل صحيح أن مجتمعاتنا العربية تنسف الرأي الآخر، حتى على مستوى النخب الثقافية، بدليل أن عميد الأدب العربي د. طه حسين كان له رأي مناوئ من كتابك (مصادر الشعر الجاهلي)؟

- هذه القضية ليس مرجعها إلى نسف الرأي الآخر وإنما مرجعها إلى أن الدراسات الأدبية والبحث العلمي قد تختلف الاجتهادات والآراء فيهما بحسب النتائج التي يصل إليها كل باحث وكل دارس، ومن أجل هذا لا بد أن نوطن أنفسنا على اختلاف الاجتهادات وعلى اختلاف الآراء، فوصول باحث إلى رأي معين لا يعني أنه ينسف رأي الباحث الآخر وإنما هو يسانده ويعاضده. أما عن كتاب (مصادر الشعر الجاهلي) والعلاقة بينه وبين كتاب (في الشعر الجاهلي) للدكتور طه حسين - رحمه الله - فإن العلاقة بينهما أن الدكتور طه حسين أديب معروف متمكن من أسلوبه وفنه الكتابي ولكن الدكتور طه حسين ليس باحثاً علمياً؛ لأنه لا يستطيع أن يرجع بنفسه إلى الروايات وإلى النصوص المختلفة ويقابلها ويعارضها وينقدها ويرجح رواية على رواية ونصاً على نص، ولذلك يعد الدكتور طه حسين بحق أديب العربية الأكبر أو عميد الأدب العربي وليس عميد البحث العلمي. أما (مصادر الشعر الجاهلي) فهو دراسة تأسيسية منهجية تفصيلية لمصادر الشعر الجاهلي؛ ولذلك لا تناقض بين أدب الدكتور طه حسين وبين البحث العلمي في مصادر الشعر الجاهلي. والدكتور طه حسين يأخذ جانباً واحداً من الروايات ولا يستطيع أن يأخذ الرواية شاملة وأن يقابل بينها؛ ولذلك فهو انتقائي في اختياره، وأخطر ما يبتلى به البحث العلمي هو الانتقاء بين النصوص وبين الروايات.

الإبداع

* مبدعو هذا العصر توافر لهم من الوسائل والتقنيات والاتصالات الحديثة ما لم يتوافر لأسلافهم، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يزلزلوا عروش الشعر كما هزّها المتنبي من قبل؟

- حتى في عصر المتنبي، وحتى في العصور والقرون السابقة على المتنبي منذ أن عرفنا أوائل الشعراء والشعر في العصر الجاهلي، لم يوجد حينئذ إلا (متبني) واحد فقط ليس سواه، فالفنانون والشعراء والعظماء والعباقرة سواء أكانوا في مجال السياسة أو في مجال الحرب أو في مجال الإبداع الفني أو في الشعر لا يتكررون، ومن أجل هذا السؤال محرج؛ لأن المتنبي هو شخصية له صفاته القائمة بذاته، وليس عجيباً على الرغم من كل هذه الوسائل التي ذكرتها ألا يتكرر، ومع ذلك وجد شعراء كثر في زمن المتنبي وبعد زمن المتنبي لكل شاعر منهم خصائصه وصفاته التي يتميز بها كما تميز المتنبي بصفاته وخصائصه.

القيمة

* تشهد الحركة الثقافية نشاطاً ملحوظاً في تنامي النصوص الإبداعية.. برأيك هل لهذا الكم الهائل نصيب من الجودة والقيمة، لدرجة أصبحنا نسمع أن هناك قصائد تشترى وتباع؟

- هذه تهمة، نعم، راجت في أحوال محددة ومعينة، لكنني أجيب على الشق الأول من السؤال وهو أن الكم هذا يتيح لجميع النقاد الفرصة الكافية لأن يجوسوا خلال هذا الكم الهائل وأن يجدوا فيه شعراً حقيقياً وأدباً أصيلاً. ومما لا شك فيه، الكثرة الهائلة - كما سميته أنت - هذه فرصة لكي ننخل هذا الكم الهائل ونستخرج أحسن ما فيه من عناصر وأحسن ما فيه من جودة.

نقاد

* هل غدا الناقد في القرن الواحد والعشرين (يهجو) و(يمدح) كما كان يفعل الشاعر في العصرين الجاهلي والأموي.. حيث تغيب عن بعض النقاد معايير الموضوعية والحيادية في بعض القراءات النقدية مثلاً؟

- هذا عيب كبير في الأدب والنقد العلمي، ولا بد للناقد أن تكون له معايير أو مقاييس موضوعية يفيء إليها ويحكم بمقتضاها وقد لا يعجبه نتاج أديب معين سواء أكان نثراً (أي رواية أو قصة أو بحثاً علمياً)، أو شعراً قد لا يعجبه، وعليه إذا بيّن رأيه ونقده أن يذكر الأسباب والمعايير والمقاييس التي اعتمد عليها، وبالإضافة إلى المقاييس الموضوعية لا بد للناقد من أن يُحكّم ذوقه الشخصي أيضاً؛ لأن الشعر فن، والفن مرجعه أصلاً إلى الذوق الشخصي.

الحرية الأكاديمية

* كانت مساحة الحرية عالية جداً في زمن الجاحظ والشاطبي وابن رشد، واليوم تقلصت إلى درجة أصبح المثقف العربي غير قادر على البوح بمشاريعه الفكرية إلا في بيئات مغايرة، والمشهد الثقافي مليء بالأسماء المهاجرة، على سبيل المثال المفكر محمد أركون.. إلى ماذا تعزو هذا السبب؟

- السبب في ذلك واضح؛ لأن نقد هذه الشخصيات التي سميتها تمس جوهر العقائد والأصالة عندنا؛ ولذلك آراؤهم عندنا تثير فينا الرفض الكامل لهم ولآرائهم، في حين الجامعات الأوروبية والصروح العلمية الأمريكية لا تمسهم هذه الآراء وإنما تمسنا نحن؛ فلذلك هناك يستطيع أن يتحدث كما يشاء.. وهذه الآراء لا تمسهم فهم يقبلونها بطبيعة الحال.

البحث العلمي

* هل أنت راض عن مستوى البحث العلمي في الجامعات بالوطن العربي؟ وكيف تقيّم أقسام اللغة العربية وآدابها فيها؟

- وهل سمعت من أحد أنه راض عن مستوى البحث العلمي في الجامعات؟ الجواب بطبيعة الحال أنني لست راضيا عن مستوى البحث العلمي في الجامعات في كل الأقسام وخاصة في قسم اللغة العربية وآدابها، ولكن هذا لا يدعوني إلى اليأس، وأنا - بطبيعتي - متفائل دائماً وأعتقد أن في شبابنا خيراً كثيراً، وأنهم يحتاجون إلى شيء من التوجيه، وإذا وجد المشرف الصادق المخلص على الدراسات العليا وعلى البحث العلمي فإنه يستطيع أن يجد في شبابنا من يسير إلى أحسن الأشواط في موضوع البحث العلم

(قريباً: ملف خاص عن الدكتور الأسد).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة