Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
أوراق
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 
بصيرة المرايا
تأملات نثرية
عبدالله السمطي

 

 

1-

لم يكن للبحر أن تتكسر أمواجه إلا على سواحل روحي. كان لي أن أصفَ هذا المشهد الأبديَّ. لم أكن مبللاً تمامًا. بل كانت الأمواجُ تقدّني، تشطفني. هكذا حالي الشتائية.

أمر على ذاكرتي. أجدني ها هنا في حالة تلبس، أجدني متلبسًا بصيد الحقول البعيدة كقريتي القريبة كالقلب. أجدني مرتعشًا فرحًا برعشتي كغيمة تولدُ من سفوح الصيف.

2-

أيها العابرون إلى روحي.. كيف أودعكم تماما؟ كيف أجدُ هذه الساحات مقفرة من خطاكم؟

أنا فقير إليكم أيها العابرون.

أبحثُ عنكم في الوجوه الشاردة، في الأعناق المشرئبة، في العيون المتلصصة، في القلوب الملتفتة.

أبحثُ عنكم لا لشيء سوى أن في بريق أعينكم ما يشبه الفل. الفل الذي يذكرني بغبطة الموت.

3-

لي. أو لكم.

أن أطيع هذا الصباحَ.

لي أو لكم أن أجد الشمس مذبوحة في قميصي

لي أو لكم أن تدلني السماواتُ على وردة

في جسد الصحراء.

لي أو لكم بلادي التي تمضي في شراييني

فانصرفوا إلى ذواتكم

واتبعوني!

4-

أؤملُ أن أجد الينبوعَ

أبحثُ عنه في شرفاتِ السراب داخلي. أؤملُ أن أرى. ربما تجري على ظمئي الأسفارُ. أنا أطل على ذاتي ملياً، أعصف بها كالريح، أقبلها كفجر صغير، ها هي ذاتي تتكسر أبعد مما أظن، تدلني على حسنة واحدة.

وخطيئة متكثرة.

5-

الغفران! الغفران!

أيتها الوردة

لم أقطف الفصول بعد

لم أمر كعادتي من سجع الضحى.

6-

يا بلادي التي أنبتت سهوبَها من صرختي. يا بلادي التي تسكن الآهة. ذللي خطواتي القصيرة إليك، واقتربي أكثر ليصير هواءك هذا الدم الذي يسري، وتصير جفونك أغطية للعمر الطويل كالوحشة، والأبدي كالبياض.

7-

أتذكّرُ ...

هذا

الغدَ

القادمَ

8-

أنا في حالة محو

ودمي

في حالة صحو.

9-

أين أجدني؟

حين تظلل رعشاتك مسامي

وحين تضيء هذه البصائر في العتمة؟

10 -

خبريني أيتها السنواتُ

كيف قطعتِ مواقيتك على جسدي

الوجه شاهد وحيد

لكنه لم يرَ سوى هذه الزهرات المتساقطة من جحيم الفصول

ولم يرَ

سوى هذه الثواني التي ضاجعتها

خطى الخطيئة.

11-

لم أنم هذا الليل

سوى لأنني أترقبُ طلقاتِ الصباح.

12-

يدي لم تكن معي تماماً

حين كتبتُ هذه القصيدة.

كانت هناك

تنظمُ الفل الذي يتساقط من وجهها الحزين.

13-

سأرجعُ من حروبي الصغيرة لأمارس حريتي في امتطاء الهواء.

لا لشيء

إلا لكي أرى كم قاسية هي الريح

حين تتخلى عن نسائمها

وكم هو قاس صوت الطوفان

حين يفقد أمواج ذاكرته.

14-

من يدلني على هذا الليل لكي أسترجع وحشتي

إنني أكتشف يوما بعد يوم أن الحالة الوحيدة

التي يتعرف فيها المرء على نفسه

هي أن يمارس وحشته!

15-

كم أحن إليكَ يا صديقي

كم أتذكر هذه الطعنات التي لم تؤلمني جيدا

إنما أضاءت سبل العتمة في معنى الحقيقة

ومعنى

أن تنكسر المرايا في فضاء الأقنعة.

16-

كم هو مسعدٌ هذا الفجر

أيمكن أن يتذكر أن يدينا تلامستا تماما

حين انقطع أنين السماء الليليّ!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة