Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
فضاءات
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 

حكايات
الإنسان الصفر!!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

قبل سنوات بعيدة نشر أحد الرسامين (كاريكاتيراً) معبراً، وتحته تعليق مختصر (الإنسان الصفر). تأملت في كاريكاتير هو للرسام القدير علي إبراهيم، وهو عبارة عن رأس ضخم وكرش ويدين وقدمين. كل ذلك في بقعة كروية واحدة تمثل إنساناً بلا أبعاد أطلق هو عليه (الإنسان الصفر)!

قلت له: يا أخونا يا ابن الحلال هذا تشويه وجناية؛ فهل هناك مثل هذا الإنسان في الحياة؟ تبسّم كعادته وقام بحركة بهلوانية حلوة. وقال: كثير. ستتأكد أنت بعد ذلك أن هناك الإنسان الصفر والثعلب والتمساح والحرباء والأفعى. وسوف أتعب لو حاولت الاستمرار في العدّ. ولكنك سوف تراهم أمامك وفعلاً حصل!

لقد قالوا: إن الإنسان ليس غيره الذي يتغير من مخلوقات الله.. هل رأيتم نمراً يدلس على مدربه أو فيلاً يغش أو أرنباً يكذب أو خروفاً يعقد اتفاقية مع الذئاب ضد مصلحة بني جلدته؟!

الإنسان هو المخلوق الوحيد الغامض المتداخل الذي يخرج رأسه، أو يده، أو رجله، أو لسانه عند اللزوم وعند المصلحة الذاتية لنفسه، إنه المخلوق الوحيد الذي يحتاج إلى دراسة وافية قبل دراسة أي شيء آخر.. لكن على مين يكذب الذي يدعي أنه هو الإنسان الأمين وصاحب الأفراح والأيادي المتفضلة على الربع والشلة.

هذا الإنسان الذي خدعوه بقولهم له إنه ذكي وإنه صاحب الأفكار النيرة اللامعة، إنه يحفر مكانته الاجتماعية، بل هي هوة سحيقة سيجد نفسه فيها فيما بعد.. تماماً مثل قصة الذئب والثعلب: يومها سوف يتلفت فلا يجد من ينقذه؛ لأن كل من حوله قد تفرقوا لأنه جرح هذا وأصاب هذا وركل هذا، عندها فلا هو خارج من حفرته، ولا صوته يصل إلى من أوقعه فيما هو فيه!! وسوف يكون أمره في النهاية في أيدي هؤلاء المكلومين من حوله ينهشونه بأظافرهم وأقلامهم وألسنتهم الحداد! والعياذ بالله صورة توجد وتتكرر في كثير من المجتمعات ربما هي نتيجة لضغوط تعرض لها ذلك الإنسان؛ فأصبح يعامل من حوله بمثل ما أصابه من حيف، وهذه مشكلة!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة