Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
حوار
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 

حول (غواية المكان) وثقافة جازان..محمد حبيبي ل«الثقافية»:
ليس بوسعي أن أشق عن صدري لكي يكتشف الناس حقيقة نواياي!

 

 

حوار سعيد الدحية الزهراني

شاعرٌ ضمديٌ جازانيٌ نحيل.. اشتغل بمهمة التعليم ثم واصل دراساته العليا وحصل على الدكتوراه في الأدب ليستقر في كلية-جامعة.. جازان.. أستاذاً مساعداً في الأدب والنقد.. يرى أن كل ما حوله له صفة الإحساس؛ الجبال ،الأرض، الأشجار، الهواء.... إلخ.. وهو أيضاً في نظر من يعرفه كائن مسكون بالشعر والتأمل والجمال.. أصدر عدداً من الدواوين وأنتج تجارب شعرية جمالية مختلفة.. أثارت ولا تزال.. العديد من الاستفهامات والتفسيرات.. أبرزها عمله (غواية المكان)..

إنه الشاعر الدكتور محمد حبيبي.. الذي التقيناه عبر (الثقافية) فكان هذا اللقاء...

* لكي يستوعب القارئ ما ندور حوله في هذ اللقاء عليَّ أن أبدأ معك من ماهية عملك (غواية المكان) التوصيف أو التعريف.. ماهو-ما هي غواية المكان.. عبارة عن ماذا؟

- غواية المكان هي العمل الأول من بين ثلاثة أعمال شعرية أخرى، ضمن تجربة (الشعر المرئي).. وهي تجربة تزاوج في اشتغالها الشعري بين عدة عناصر منها: النص المكتوب أو المنطوق (الألف بائي) والصور الفتوغرافية الثابتة (بعضها عادي، وبعضها معالج ببعض البرامج) ومقاطع الفيديو القصيرة المتحركة، واللوحات التشكيلية، والموسيقى، إلى جانب الأصوات المأخوذة من الحياة، ومن ثم تقديم هذا المزيج في كتلة بصرية سمعية واحدة: هي اللوحة الشعرية المرئية.

* نأتي إلى التصنيف.. أين يمكن أن نضع هذا النص؟ وهل تتصور أنه من الجدة لدرجة أننا لا نستطيع تصنيفه بصورة واضحة أم أن هناك تجارب أخرى سبقته ولو بشكل مقارب له؟ وما هي التسمية التي يمكننا أن نطلقها عليه؟

- لم أزعم مطلقاً أنني أقدم جديداً، كل ما أزعمه أن هذه الطريقة كانت هواية تروق لي شخصياً في تقديم وتجديد عرض محاولاتي الشعرية، وحينما عرضتها على بعض الأصدقاء شجعوني على إخراجها، لأنهم لمسوا بها مقداراً من التغيير، الذي من شأنه دفع الملل والرتابة عن الطرق المعتادة في تقديم الشعر خاصة والكتابة الإبداعية عامة منبرياً وطباعياً..

والطريقة هي تراكم تجارب وخبرات ومحاولات سابقة، كانت تقدم كخلفيات مصاحبة للعمل الشعري، منبرياً وطباعياً.. فقد حاول بعض الشعراء تقديم شعرهم بصحبة العزف الموسيقي الحي، مع عرض لوحات تشكيلية. ولكن هذه المحاولات كانت تتم على أنها (تنويع لخلفيات تظل ثانوية) ولم تقدم بوصفها محاولات تقاسم النص الشعري (المكتوب) بعناصر (أخرى بصرية وسمعية).. ربما كانت التجارب التي ظهرت المجموعات الشعرية والقصصية المطبوعة أكثر مقصودية في الشراكة من حيث مصاحبة اللوحات التشكيلية للنصوص، لكن هذه التجارب بقيت في حدود الكتاب الورقي المطبوع. من هنا فما يميز التجربة التي نتحدث عنها (غواية المكان وحدقة تسرد) هو طريقة تقديمها وعرضها وتنفيذها، عبر التحول من مفهوم النص الشعري المكتوب المقروء، إلى مفهوم (النص- اللوحة) المشاهدة والمسموعة بوصفها كتلة واحدة، من خلال مزيجها الفني: (المتن النصي الشعري المكتوب، والموسيقى، وخامات صوتية أخرى، والصور الفتوغرافية الثابتة ومقاطع الفيديو المتحركة، واللوحات التشكيلية) يتم تلقيها عبر وسيط تقني (جهاز حاسوب، أو جهاز فيديو) من خلال أسطوانة مدمجة.. ربما هذا ما يميز التجربة..

* ما هو الفرق بين (غواية المكان) و(الفيديو كليب)؟ أم أنه لا يوجد فرق أصلاً فغواية المكان ليست إلا تطوراً طبيعياً في مجال النص الشعري والشاعري وهو بمثابة الفيديو كليب بالنسبة للأغنية؟

- الفيديو كليب أحد تمظهرات سلطة الصورة البصرية بحياتنا الحديثة، وقد أسهم كثيراً في رواج وشيوع الأغنية، وإن كان يظهر ويقرأ غالباً على أنه طغيان البصري على السمعي، بوصف الغناء تاريخ من الفن السماعي..

لكن إن أخذنا الفيديو كليب بوصفه مؤشراً على سرعة تحول إيقاع حياتنا من السماعي الشفاهي إلى البصري، ومؤشراً على تداخل الفنون بحيث يصعب الفصل ما بين البصري والسمعي فالمؤشران يوحيان بأننا بصدد تطورات وتغييرات مذهلة السرعة في تداخل الفنون ببعضها من جهة وصعوبة الفصل فيما بينها، ومن جهة أخرى في صعوبة بقاء الفن والثقافة في دوائرهما النخبوية المحدودة.. وأتمنى من هذا القبيل أن تكون التجربة تحريضاً واستباقاً لهذه الآفاق، ودفعاً للشعر إلى عوالم تلقي أكثر اتساعاً، بالنظر إلى انفتاح تجربة الكتابة ذاتها ومغادرتها (تخوم الورقة) بوصفها مصدر التلقي البصري الوحيد للشعر.. علماً أن التجربة لا علاقة لها (بالفيديو كليب).. بل بضرورات التحولات الكبرى التي تشهده حياتنا الحديثة. فقد باتت التقنية وسرعة التواصل، وسيطرة الصورة من أبرز حيثياتها.. وتجاوز مفاهيم عدة.. كانت تمثّل مرحلة الحداثة وتنظيراتها، إلى آفاق جديدة تجريبية ما زالت تتشكل.. وتتداخل فيها الأشياء، بما فيها الآن ساق الكتابية والفنون والأجناس الإبداعية.. ربما ما يجعل وصف التجربة (بالفيديو كليب الشعري) راجع لما اعتدنا عليه في ثقافتنا من جر كل شكل ينحو إلى التجديد إلى أقرب وصف محسوس سابق معروف، لأن ذلك يسهل عملية المقاربة، وبناء واتخاذ المواقف والأحكام، وفق تفكير ومعالجة منجرة للسابق، أكثر من استشرافها للراهن والمستقبل، ووفق معايير، التحديدات الفاصلة بين الأجناس والأشكال الفنية، والنظريات الصارمة، وهي شروط مرحلة سابقة.... على الأقل من وجهة منطلقات التجربة.

* أول عرض لغواية المكان.. كان في أدبي جازان.. وقد توقع الكثير أن يحدث نوعاً من الضجيج.. وبالفعل كان هناك نقاش حاد.. وربما رفض واختلاف وخلاف.. هل من الممكن أن نعرف ملابسات هذا الأمر.. ولماذا حصل هذا في غواية المكان بالذات... هل لمحمد حبيبي - الشخص - علاقة بهذا؟؟

- لا أظن.. وإن كنت أتمنى أن يكون للشخص المذكور ذلك الأفق من الإثارة (لا بوصفها ضجيجاً إعلامياً للضجيج).. وإنما دفعاً للسكون والرتابة، وإضفاء وترك المزيد من الأسئلة والنقاشات.. ربما حدث رد الفعل الذي وصفته؛ لأنه كان رد الفعل الطبيعي.. والإحساس بالخروج، ولو شكلياً على صعيد نمط آلية وأسلوب النشاط والفعالية المنبرية..

وجهات النظر المختلفة كلياً مع العمل، كانت محدودة.. وتضخيم ردود الفعل السلبية، والإيجابية، كان ترويجاً مهما لفت الفضول واستفزه وحفز المزيد من المتلقين، للوقوف مستقبلاً على حقيقة التجربة.

* الناقد محمد العباس تناول تجربة غواية المكان وطرح قراءة تفصيلية للعمل وانتقد عدداً من الجوانب منها: المبالغة في الاتكاء على انطولوجية الصورة، تسيد الناي للخلفية، أحادية الرؤية في العمل.. وغيرها.. ما تعليقك؟

- سعيد بوجهة النظر هذه، ولعله قد سبق أن فصلت الأمر فيما يخص رأي الصديق محمد العباس، بلقاء آخر. وما يمكن إضافته هنا هو أن مرد السعادة، يعود إلى ما كشفت عنه هذه الرؤية وغيرها، بشكل غير مباشر عن مستوى ودرجة تعالق الفنون بالتجربة، وعدم وضوح الانزياح لفن واحد، بما في ذلك الشعر، عندما ننظر لجملة الآراء، كسياق واحد عقب (ستة عروض للتجربة بست أماكن مختلفة. فإلى جانب هذا المنظور للعمل سينمائياً، سعدت بآراء النقاد في أحد مهرجانات الشعر العربي، حينما وصفت التجربة بانتمائها لتيار ما بعد الحداثة، وأن العمل خرق التقاليد الشعرية المعروفة في المهرجانات العربية (التعليق موجود بموقع جريدة الفرات بالموقع الرسمي لوزارة الثقافة السورية على الإنترنت). وسعدت حينما وصف العمل من منظور (الفن المسرحي) بأنه قدم (رؤية سنوغرافية صوتا وصورة)، وأن فريق ورشة مسرحية، فكر جدياً في الاشتغال على التجربة مسرحياً. سعدت بآراء عدد من الفنانين التشكيلين بثلاث مناطق مختلفة)، بأن التجربة قريبة من خطّ الفن المفاهيمي في عدد من لوحاتها، وأنه يمكن المشاركة بالتجربة قي بعض البيناليات التي تتبنى العروض التجريبية. سعدت برأي من تخوف على الشعر من التقنية، وأن الكلمة الشعرية هُضِمت في العمل لحساب الصورة، وتعليل اللجوء للتجربة، بضعف الموهبة الشعرية، التي سعيت لتغطيتها بجملة من (العكاكيز الفنية). كل هذه الآراء مفيدة وتقدم لي إضاءات مهمة من مختلف الجوانب.

* الدكتور الشاعر محمد حبيبي وهو يطرح عمله هذا غواية المكان.. ما الذي يريد أن يقوله أو يعبر عنه.. ما هي المحفزات الداخلية لمحمد حبيبي كي ينتج عملاً مثيراً للجدل بهذا الشكل؟

- ربما هو التجريب، وعدم التوقف عند حالة من السكون وحدود وفواصل وأنماط محددة.. ربما الحافز الأكبر، يكمن في الحرص القديم (منذ تجربة النص الورقي المطبوع) على إخراج النص بوصفه لوحة بصرية مقروءة.. من خلال تقليب النص الشعري على عشرات الأوجه.. بغية الوصول إلى هيئة إخراج بصرية مقنعة إلى حد ما. وهذه ملاحظة سعدت كثيراً بتوصل أحد الأصدقاء النقاد الشعراء إليها بمداخلة منبرية..

لذلك فكل ما صدر من الأعمال الشعرية (المطبوعة)، كان الحرص فيها على أن يخرج تنسيق صفحاتها كما هو بجهازي.. ولا أترك للناشر أن يجتهد في صف وتنسيق الجمل والأسطر، بما في ذلك علامات الترقيم، وعدد الكلمات في كل سطر، ومكان بداية كل سطر في الصفحة، وعدد الأسطر الكلي في كل صفحة، والفراغات والتشكيل بالحروف.. ومن ثم تنامت واستمرت هذه العلاقة على الجهاز إلى أن تم التوصل للكيفية التي ظهرت بها التجربة.

* بالنظر إلى المدة الزمنية التي استغرقها هذا العمل وهي عشر سنوات.. كان نصيب الجانب الفني منها نحو ثلاثة أعوام.. السؤال: ألا ترى أنه من غير الممكن أو من غير المقبول أن ننتظر من المبدع جهداً كهذا لكي نلتفت إليه ونصفق له؟ ألا ترى أن مثل هذا العمل أمر غير متوقع وفيه من الصعوبة والعوائق الكثير؟ وألا ترى أن ما جعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً هو الأحادية في العمل؟.. بمعنى لو كان الأمر كما هو عليه في الأغنية كاتب وملحن ومغني ومخرج ومنتج وهكذا.. ألا ترى أن هذا سيجعلها أكثر تحديداً وأقرب للتدويل والتعاطي خصوصاً عندما أصبح التخصص في كل مجال مسألة حتمية..؟

- قبل هذا وذاك.. من يعمل لمتعته الشخصية، لا يمكن أن يفكر في التصفيق، الذي هو رد فعل تلقائي عفوي مؤقت.

مع ذلك، فالتجربة الثانية (حدقة تسرد) لم تستغرق أكثر من (ثلاثة) أشهر في التنفيذ.. لأن ما استغرق الوقت الذي تشير إليه في العمل الأول - بالرغم من وجود سوء في فهم المدة الفعلية، لأسباب سترد لاحقاً) هو البحث والمحاولات الكثيرة والمستمرة، للوصول للشكل النهائي الذي ستخرج به التجربة، كما تمثل في المزيج الأخير الذي ظهرت به. فمرحلة البحث واكتشاف نسق التجربة هي ما استهلك الوقت في التجربة الأولى..

ثمة فرق في النظر لمعياري (لفت الأنظار) ورغبة (البحث عن التصفيق).. فمثلاً التصفيق الذي كان يحدث في بعض العروض، كان - من وجهة نظري - مشوشاً، لأنه يقع أحياناً أثناء سيرورة كتل بصرية، ويمثل نمطاً من أنماط التلقي والتفاعل مع الشعر المنبري السماعي السابقة، عندما يقاطع الشاعر بالتصفيق، فيقف للإعادة.. وكذلك استخدام بعض المصورين للفلاشات أثناء العروض، كان مضراً بجو الإظلام الذي كانت تشتته تلك الفلاشات. والتصفيق الذي حدث في أول عرض قبل استكمال بيانات العرض بنهاية العمل، تسبب في مشكلات لاحقة، أدت لسوء فهم المدة التي استغرقها العمل تقنياً من جهة، وتسبب في عدم التنبه للبيانات التي تشير إلى المشاركين في العمل، عندما لم ينتظر الجمهور اكتمال عرض بيانات العمل.

أختلف مع من يرى في (التجربة) أحادية العمل والتجربة.. على الصعيد النظري استفدت من رؤى الفنون البصرية والسمعية، وتصورات وتراكم تجارب مبدعيها في كل فن وجنس على حدة. وعلى الصعيد التطبيقي العملي، لم يكن العمل أحادياً (فثمة شركاء عازفون، وفنانون تشكيليون، وأصدقاء قدموا (صوراً فتوغرافية)، واستشارات حاسوب.. وفي التجارب الحالية انفتاح أكبر على عناصر فنية أخرى.. ربما رؤية وتنفيذ العمل كان أحادياً.. لأن العمل في النهاية سيحمل رؤية (أقرب للرؤية الإخراجية) تتحمل مسؤولية سير خط العمل، وكل ما يوجه من نقد، يوجه حالياً لي، وليس لشركائي في العمل..

وأساس اختلافي الجوهري مع عدد من الأصدقاء الذين ناقشوا العمل بجدية واحترام، هو أن رؤيتي الحالية للتجربة أنها نسق اشتغال (فني) ينتمي (للفن الفقير الذي يزهد في التقنيات والتجهيزات الإنتاجية الضخمة والمكلفة مادياً)، حيث كل أدوات التجربة التقنية (جهاز حاسوب+ كاميرا) وبعض البرامج على الحاسوب، وهو ما يمكن لأي شاعر وكاتب أن يفعله.

وسأظل أعمل بهذا النحو لإكمال تجربتي الثالثة (بصيرة الأمل) إلى أن تظهر تجارب (محلية أو عربية) تركن محاولاتي في حيز التقليدية المملة)..

ويمكن لكل من راق له نسق الاشتغال بالتجربة، ويرى أن تطويرها عبر الاستعانة بطواقم الإنتاج الفني (كل حسب تخصصه) يمكن لمن يرى ذلك، أن يفعل، وسيكون ذلك من عوامل تنويع وإثراء أنساق الاشتغال بالتجربة.. وسأكون أكثر الناس سعادة بكل تجربة جديدة تظهر، لأنها ستكون مؤازرة ودعماً غير مباشر للتجربة.. وكشفاً لها من منظورات إبداعية محايثة ومجاورة..

* في غواية المكان يغيب الشاعر ويحضر صوته وفي تجربة جديدة طرحت مؤخراً بأدبي الشرقية يغيب الشاعر وصوته ويحضر شعره فقط.. من هذين العملين يستشرف المتابع أن لدى محمد حبيبي ما يبهر ويمتع.. وهو ما يجعلنا نتساءل عن ماهية أو شكل الفكرة الجديدة إن كان هناك ما ستضيفه إلى منجزك الابتكاري وإن على المستوى المحلي؟

- أتمنى أن يكون لي منجز حقيقة بهذه التجربة وبمجمل ما أصدرت، لكني أول وأكثر المشككين بذلك، وحينما أفكر بهذا النحو (أنني قد كونت منجزاً)، فما الداعي لوجودي كتابياً، سأكون انتهيت وتنمّطت عند المستويات والأشكال السابقة..

شخصياً لا أعلم كيف سيكون شكل التجربة، وبكل أمانة لم أكن أعلم عن الشكل والتشكل المستقبلي للتجربة عقب الانتهاء المبدئي من عرض أول تجربة (غواية المكان)..

ما يحفزني على بذل الجهد، هو القلق المستمر عند صدور وظهور أي عمل.. حيث عقدة الخوف المزمنة من عدم إمكانية تجاوز العمل السابق.. والوقوع بدائرة الخدر، تحت وهم ما وصفه سؤالك السابق بالمنجز.. أمنيتي أن أُترك لأعمل فقط بمعزل من أي التزام وظيفي أو اجتماعي، وأن أعمل ولو لسنة واحدة متفرغاً للكتابة والقراءة فقط..

* بعيداً عن تجربة غواية المكان، صدر لك مؤخراً مجموعة شعرية جديدة (الموجدة المكية) ظهرت بمعرض الكتاب الدولي بالرياض، وبرغم مضي ثلاثة أشهر على صدور المجموعة، لم نر ردود فعل عن المجموعة؟ ماذا عن هذه المجموعة؟ وهل هي احتفاء بالمكان أيضاً، وإن كان على طريقة أخرى؟ ثم ألم تخش ردة فعل على ما قد يبدو انتهاكاً لقدسية المكان؟

- إلى حد ما لك أن تقول هذا، مع المكان، مع الشعراء الذين مروا فيه، مع الوافدين إليه مؤقتاً لأداء شعائرهم، مع ساكنيه، قد يكون ذلك، وقد لا يكون..

هي تجربة مكونة من نص شعري، حاولت الخروج فيه عن نسق مجموعتي السابقتين (انكسرت وحيداً وأطفئ فانوس قلبي). وانتهى دوري عند حد إصدار المجموعة.

أما ما قد يبدو انتهاكاً لقدسية المكان؛ فإن حدث هذا التأويل - مع أنه تأويل ظاهري مباشر، فذلك قد يوسع دائرة تلقي العمل، لدى الشرائح التي سيستفز فضولها ذلك التأويل.

* أخيراً - وأعتذر على نقل الصورة كما وصلني معناها - هناك من يقول بأن محمد حبيبي نذير شؤم حل على جازان وثقافتها عبر أدبيها العريق..ويقولون أن حبيبي.. يسعى إلى تقويض تراثنا وثقافتنا ومحافظتنا ليجعل الحداثة بجل متعلقاتها (السّميّة) بديلاً ينسف كافة مقدراتنا..

* السؤال: ما الذي أدى إلى رسم مثل هذه الصورة عنك في أذهان بني جلدتك؟ ما هي الأعمال التي قمت بها من خلال النادي لتوصم، وعفواً مرة أخرى، بالخيانة؟ وما الذي تود أن تقوله لكل من يشكك في غاياتك؟

- لا داعي للاعتذار فهذه ليست تهماً، بحسب فهمي، وإنما شهادات أتمنى أن تكون في وقعها وتأثيرها على ذلك النحو من الاستثارة. فالضيق والتبرم من محاولات تقديم العمل المختلف ردود فعل تؤكد على التوفيق ولو بشكل نسبي، على النجاح في إيصال رسالة ما، ولو بخلخلة بعض المفاهيم الثقافية النمطية. ومع أني لا أدري ما المصدر(الجامع المانع الذي يتمتع بهذه الرؤية الشمولية لثقافة ومثقفي جازان)؟ مع ذلك أقول: أي مجتمع يرى (بعض مثقفيه) أن (شخصاً واحداً) بإمكانه تقويض ثقافته وموروثه - فالقائلون بذلك من أبنائه بحاجة لإعادة فهمهم لثقافة مجتمعهم ومكانهم، لأنها أكثر تجذراً وعمقاً ورسوخاً من كونها (قصبة تُجتَثُ بسهولة)!!

أما النادي فله مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء آخرين يجلسون أسبوعياً، على طاولة واحدة، وهم جميعاً أكثر كفاءة وأهلية مني..

ولمن شكك في (..........) خالص الشكر والعذر؛ إذ ليس بوسع المرء أن يشق صدره ليكشف عن حقيقته ونواياه.. أجمل الحقائق هي التي لا نكتشفها...


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة