Culture Magazine Monday  22/10/2007 G Issue 219
شهادات
الأثنين 11 ,شوال 1428   العدد  219
 

بحتري الباحة أم عندليب الجنوب؟
الشاعر حسن الزهراني: كانت البدايات الغزلية تجعلنا نتخفى عن الأنظار

 

 

إعداد - عبدالله السمطي

البدايات كانت كما تعلمين:

صباحاً - وعصفورة

جدولاً من عبق...

والنهايات

في خندق الغيب مصفودة

حملت جندل الوهم

في رئةٍ من سراب الألق...

بهذا المشهد الشعري يستهل الشاعر حسن الزهراني شهادته حول تجربة الكتابة الشعرية، وأبجدياتها الأولى لديه ، وهو يقف أولا عند بدايات الكتابة وعلاقتها بالمراحل التعليمية الأولى ، ثم بالانهماك في القراءة.

ساعات طوال كان يقضيها الزهراني في القراءة في مكتبة الجامعة، وينقل ذلك في شهادته قائلاً: (حتى أنني في بعض الأحيان أجلس حتى يأتي موظف المكتبة في نهاية دوامه الليلي وهو رجل كبير في السن كان من عشاق نادي (الاتحاد) غاب عني اسمه الآن فيقف على رأسي وأنا منهمك فيقول ( يا ولدي ما تبغاني أروح لبزورتي؟) الكثير من معايشة لحظات الكتابة، والكثير من المواقف يرويها الشاعر حسن محمد حسن الزهراني الذي أصدر أكثر من ستة دواوين شعرية في هذه الشهادة الموجزة:

كانت البدايات وأنا طالب في المعهد العلمي في المرحلة المتوسطة ثم الثانوية كانت (مقررات) وأساتذة المعهد من أهم عوامل إثراء فكرنا في تلك المرحلة بل وحشو أذهاننا حدّ الإكراه وأزعم أننا كنا لا نقارن أنفسنا بمن هم في مستوانا في التعليم العام لأننا نأخذ من المقررات ومن الدروس أضعاف أضعاف ما يأخذون ثم إن شعورنا بالضغط الموجه جعلنا أيضاً نشعر بأننا موجهون بلا إرادة إلى محتوى مقررات المعهد وبالتالي كان لهذا أثر إيجابي في أن نتمرد على تلك المقررات وننفر إلى قراءات خارجية وبنهم كان له الأثر الأكبر في عشقنا للقراءة.

وعندما بدأت الكتابة كانت البدايات الغزلية تجعلنا نتخفى عن الأنظار.

أذكر أنني كتبت قصيدة حزينة في أول ما كتبت:

ألا أيها الليل إني حزين

وإني كئيب طول السنين

أحاول كتمان ما في الفؤاد

فيفضح سري دمعي الحزين

كنت حينها في الصف الثاني المتوسط لم أُطلِع أحداً على ما كتبت كنت أنا والزميل (صالح مرزوق) نتقاسم قراءة الكتب والمجلات ونحن في المرحلة الثانوية وكان يقرأ بعض ما أكتب فيبدي إعجابه تارة وتهكمه تارة أخرى.

في أولى سنوات الجامعة التقيت بالزميل (عبدالله عائض) وكان كلما سنحت الفرصة حفزني للنشر في جريدة الندوة وملحق الأربعاء في المدينة ثم أصر على أن أنشر أو يذهب هو بها ويسلمها للجريدة لنشرها.

وبعثت بقصيدة (عودي فإني في انتظارك) لجريدة الندوة وكان الرد مخيباً طلب مني المحرر الإكثار من القراءة والمحاولة مرة أخرى ثم أصر صاحبي على إرسالها إلي ملحق الأربعاء وكانت المفاجأة أنها تأخذ حيزاً كبيراً من الصفحة وبإخراج جميل وكان المشرف على ملحق الأربعاء آنذاك الأستاذ القدير (علي حسون).

القراءة سبيل الكتابة:

واصلت الكتابة والنشر حتى أصبح عندي ما يقارب ديوانين أحدهما فصيح والأخر نبطي لا يقل كل ديوان عن ثلاثين نصاً اسم الأول (همسات الأصيل) واسم الثاني (أنغام الغرام) وما زالا إلى يومك هذا في ملفيهما لم يطبع منهما شيء.

دخلت قسم (الجغرافية) بجامعة أم القرى بناءً على رغبة الزملاء وكنت في المكتبة المركزية للجامعة لا أدخل قسم الجغرافيا إلا للحاجة وكل وقتي كان في قسم الأدب واللغة. ساعات طوال حتى أنني في بعض الأحيان أجلس حتى يأتي موظف المكتبة في نهاية دوامه الليلي وهو رجل كبير في السن كان من عشاق نادي (الاتحاد) غاب عني اسمه الآن فيقف على رأسي وأنا منهمك فيقول (يا ولدي ما تبغاني أروح لبزورتي؟).

عرضت بعض قصائدي على بعض أساتذة الجامعة المتخصصين في الأدب حينها فنالت إعجابهم ولكنني أصبت بخيبة عندما نصحني أحدهم بوضع قصائد معروفة والكتابة على غرارها.

في أواخر الجامعة كنت ضمن وفد رحلة جازان من القسم فألقيت قصيدة عن فلسطين في النادي الأدبي وهي أول وقفة لي على المنبر ألقي شعراً.

أنت الحب:

بعد التخرج عرضت عليّ فرصة العمل متعاوناً في جريدة الندوة بمبلغ رمزي ولكنني رفضت البقاء في مكة لأن أسرتي في الباحة وعينت معلماً في المخواة بمدرسة (ناوان) وبدأت التجربة لا أقول تنضج ولكن تتحسن.

أرسلت قصيدة لملحق الندوة وكان من الملاحق الأدبية المميزة بل كان أميزها في ذلك الحين يشرف عليه الأستاذ / محمد المفرجي رحمه الله فوجدتها تنشر أعلى الصفحة الثانية وبإخراج مدهش.

بدأت أخطط لطباعة ديواني الأول (أنت الحب) جمعت بعض القصائد وبعثته للأمير فيصل بن محمد وكيل إمارة الباحة وجعلت الإهداء له فكتب افتتاحية الديوان وسلمت الديوان بعد فسحه لمطابع دار حافظ في جدة وطبعت (200نسخة) وقامت شركة تهامة بتوزيعه ونال انتشاراً لا بأس به.

أصبحت شاعراً رسمياً من وجهة نظري البسيطة آنذاك وبعد حين طبعت ديوان (فيض المشاعر) وبعثت به إلى نادي أبها الأدبي وحصل في عام 1412هـ على جائزة أبها الأدبية وجاءتني البشارة في (وريقة) صغيرة من أحد موظفي تلفزيون الباحة وحضرت الملتقى واستلمت جائزتي التي كانت محل فخر لي في ذلك الوقت.

أذكر أن قصيدة (أبتاه كيف قتلت أمي) كانت أول قصيدة تجعل لي شهرة كبيرة في منطقة الباحة كان الحدث مفزعاً وجاءت القصيدة في حينها، أصبح أصحاب المكتبات يصورون ويبيعون النص في ورقة واحدة بعشرة ريالات.

ثم حملت مجموعة من قصائدي على وجل إلى الأستاذ محمد المفرجي رحمه الله لأنه كان دقيقاً في اختيار ما ينشره في الملحق وترددت كثيرا قبل أن أدخل عليه وعندما استلم الملف أخذ يقرأ صامتا وأنا في غاية القلق نظر إلي وقال: أنت مبدع وستكون مفاجأة الملحق لقرائه سننشر كل ما في هذا الملف إن أذنت لنا؛ وقد كتب هذه القصة في زاويته الأسبوعية (حوار الحرف) وبعد أسبوع نشر قصيدة (هموم المدير) في قرابة صفحة كاملة وكانت البداية الفعلية حيث بدأت تصلني رسائل الإعجاب وبدأت تقرأ قصائدي في الملحق قراءات نقدية جادة من أناس كان لهم ثقلهم آنذاك مثل - علي بن حسن العبادي رئيس النادي الأدبي بالطائف ويحيى المعلمي رحمه الله - ومعيض البخيتان د/محمد ين يوسف وعبد العزيز الجهني وصالح حسونة وغيرهم.

صدى الأشجان:

أحييت أول أمسية في جمعية الثقافة بالباحة والتي كان يرأسها الأستاذ/ محمد فيضي رحمه الله ويشرف على النشاط الثقافي بها الأستاذ / جمعان عائض كنت في غاية التحفز وربما الارتباك كان الحضور قليلاً وكان الإعجاب كبيراً.

ثم وصلتني دعوة للانضمام إلى النادي الأدبي في اللجنة الثقافية في عام 1416هـ ووجدت حفاوة من رئيس النادي الأدبي الشيخ / سعد المليص الذي كان يقطع اجتماعاتنا ليقرأ علينا نصاً مما نشر في الصحف من قصائدي.

وتبنى النادي الأدبي طباعة ديواني (صدى الأشجان) وعرض لتحكيمه على الأستاذ / محمد هاشم رشيد رئيس النادي الأدبي بالمدينة رحمه الله فوجدت من عبارات الثناء فوق ما كنت أتخيل من رجل مثله طبع الديوان وكان له صدى كبيراً ونال إعجاب وتقدير كل من قرأه وكان هو البداية الفعلية للانطلاق إلى آفاق الشعر رغم أنه لم ينشر في دار نشر ولم يصل إلى الكثير ممن كانوا يطلبونه ولذلك قررت ألا أطبع في أي نادٍ رغم الكثير من الطلبات لدواويني التي تبعته.ومما لا ينسى أنني مثلت أمام القاضي إثر قصيدة هجوت بها أحد المسؤولين في الباحة فشكاني ولكن أنجاني الله ومما لا ينسى أيضا اختيار إحدى قصائدي لتدريسها ضمن مقرر مادة النصوص للصف (3م) بنين وبنات. ومما لا ينسى أيضا أن أطلق علي ملحق الأربعاء (بحتري الباحة) وأطلق علي الأستاذ محمد هاشم رشيد (عندليب الجنوب) وأطلق علي الأستاذ محمد فيضي (شاعر الوطن) وأخيرا أطلق علي ملحق الثقافية بجريدة الجزيرة (شاعر السحاب) هذا ما تبقى في الذاكرة الآن من البدايات وقد غاب الكثير في غياهب النسيان.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة