Culture Magazine Monday  26/03/2007 G Issue 192
عدد خاص
الأثنين 7 ,ربيع الاول 1428   العدد  192
 

ترابكَ أرْز
(إنشادٌ قديمٌ لفينيق يتخلَّق)
حامد بن عقيل

 

 

أنا يا أبي كالحياةِ

كبيروت..

حين مادت يدٌ في يدي

عاد بعضي لأرضيَ؛ ما أبشعَ الأرضَ:

كمّ مرّة صرتُ أسلافَنا فانطفأت.

أفتّشُ عن جَلَدٍ لم أذق طعمَهُ ساعةً

وأنقشُ حكمةَ زوبعتي الماثلة

كظلِّ براقٍ يحيطُ بصبري التليد:

عاش عزيزاً

ومات عزيزاً؛

فما وسعتْهُ الصفات.

كلّ نخلٍ أبي يا أبي،

في سماءٍ حديديةٍ ينثني الوعدُ

يبلِّلُ فينيقُ (بيدرَه) بالرجاءِ

وحين تحرَّرَ؛ ماتَ الوريثُ الوحيدُ لحكمتك العالية

***

ومال هوى عربي.

أنا يا أبي لا غذاء يكللني بالتعففِ

لا ماء يَهدي يبَاسَ عروقيْ إلى مخرجٍ للنجاةِ

يناسبُ ظلِّي الطريد،

لا شيء إلا وصاياكَ تثقبُ روحيْ:

(إن طرّز الحبرُ كفّيك كن صادقا)

حينها مال في بؤبؤ الغيبِ ما كنتُ أعرف عن رفقتي الصادقين..

أنا يا أبي ما ورثتُ من الريحِ إلا محيّاكَ:

(إن بلادا تُعلّم طفليْ البلادَ جديرٌ بأسيادها أن ينيبوا إلى الحربِ،

وإن بلادا تعلّم طفليَ معنى الكلام جديرٌ بها أن تَضرّجَ

بالقمحِ/ بالنسوةِ العابراتِ لأشلاءِ أطفالهنّ!،

وإنّ بلاداً سيلعنها الله....

ويبكي على جرف تلمودها النورُ والصلوات).

حقيق على كلّ من قرأ الفتح أن يتدثّر بالفتحِ حينَ

يفيء إلى لغتي من لغاتِ الشعوبِ أباً طيّباً؛

فذاكرتي كالسلامِ انتهت،

ويدي دمُ طفلٍ يموتُ،

وقافيتي كلّ ما نفثَ القبح في روعِ بيروتَ من مُخزيات الخُطب.

أنا يا أبي مُشْرَعٌ لفضاء بليد

خطّ سواي على إثر خَطْوي مداي:

(أفلاكُه نقمةٌ

وأقصى أمانيه ألا تفتّتَ أكبادُ أبنائه من سغب!).

كان فينيقُ يتلو اليسيرَ من الضوءِ:

(لا دمَ إلا رسولٌ ل (لا)

ولا بحرَ يحملنا إن ركبنا هوانَ (نَعَمْ)).

فهل كان فينيقُ يرسلُ أبناءَهُ للعدم؟:

(لا أتناسلُ إلا كأرزِكِ يا أرضُ

أعلى

وأبقى،

فمن ماثَلَ الأرزَ لن يُشبهَ الخانعين).

تاه فينيق مجداً طويلاً فصدَّقَ وهمَ العرب

تاه في مجده

وانتهى كالهزيمةِ منذورةً للتقاويمِ والسادة الفاتحين).

تاه،

لكنه يا أبي صار أبعد منّي فنارا؛

و أرحب منّي مدارا،

وعلّمني من بلاديَ ما كنتُ أجهلُ:

(طعمَ الدماءِ البريئة مصلوبة في العويل،

وخارطةَ الحربِ مشهودةً من جموعِ المصلّين جيلا فجيل).

قلتُ،

لكن ليليَ ليلٌ طويل

فسرديّة الرُّعبِِ ليستْ تُخبّئها عن (يهوذا) الأناجيلُ:

من ربّها؟

أيّ فتحٍ أرى؟

وأي ضريحٍ سيأوي إليه صراطي الذبيح؟!.

أنا يا أبي كلُّ وعدٍ تخطته أسرابُ من قرؤوا الوحيَ منذ مئات السنين

ولمّا يروا فيه وجه الغزاة القبيح:

يمزِّقُ أجسادَ أطفالِنا

ليبشرَنا بمجيءِ المسيح


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة