Culture Magazine Monday  26/03/2007 G Issue 192
عدد خاص
الأثنين 7 ,ربيع الاول 1428   العدد  192
 
وآتي إليك
عبدالله ثابت

 

 

وآتي إليك يا بلكونتي..

كي أفحص قلبي الصغير وهو يلقي على الأشياء دقّاته،

دقّاته المعزولات في صدري كمريضاتٍ بالجذام،

لم يخترن أن يكنّ معاً، لكنها الصدفة الملعونة!

آتي كي أنصت إلى قلبي..

ودمه المرتبك يتسارع،

داخلاً خارجاً مثل عانسٍ مدعوةٍ إلى سهرة،

لكن الليل ينقضي سريعاً، ولا أحد يصطحبها!

آتي إليك يا بلكونتي كي يقف قلبي على حدّك..

وينعق كالغراب،

ويحدق في العالم كالبوم،

ويتكرمش في خيبته كالخفاش،

إنه قلبي الذي فرّ إلى جوعه الانفرادي،

وإلى لياليه المصمتة،

وإلى النوبات الطفيفة ذات الوخز اللذيذ،

قلبي المحكوم بالرفض في زنزانته الروحانية،

يصعد بلكونته كي يرى الشارع الممتد من اليمين إلى اليسار،

الشارع بسياراته الملوّنة،

وأبواقها الأجنبية،

بإشارة المرور الغبية جداً،

بالشرطي الذي يمسك صفارته،

كما كان يمسك بسيجارة.. البارحة،

الشارع.. بمحلات الخضار والفاكهة ومكتب العقار الزجاجي،

بالبنايات المقابلة وحبال الغسيل والثياب... المدلاّة، تلك الملابس الروائية،

***

الشارع.. بخطوات الماشين المتشابهة على الأرصفة المتشابهة،

بالمتسولين، والصبية ذوي الكلمات البذيئة،

بفيلا العمدة، والحارس يتململ من وقفته الطويلة ويحلم لو كان كلباً،

بالقطط السوداء والنساء المخنوقات

..............

....................

قلبي.. قلبي على حدّ بلكونته يتصفح الزحام كي يميّز حياته،

لكنه لا يسمع موسيقاه المفضلة،

***

ولا يرى اللوحات، والرسامون يقفون إلى جوارها كالضباط المنتصرين،

***

قلبي الخائب.. لا يحصل على أشيائه،

فلا يملك إلا أن ينعق كالغراب الوحيد،

ويحملق كالبوم المغبون، وينكمش كالخفاشة الخائفة ..

ينكمش إلى عزلته وجدرانه الفضائية!

آهٍ.. لكنه لا ينتهي،

فغداً أيضاً سيتفحص الزحام، وسيتغلغل في الأشياء بصمت،

سيأتي ليقف على حدّ بلكونته!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة