الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th September,2005 العدد : 124

الأثنين 22 ,شعبان 1426

المركب يغرق في بحر الدموع
عبد العزيز الجطيلي *

أنا وأنت
المسافر والرفيق
أهديتك سيدتي المجداف كي تبحري معي
كنت أشفق عليك من قسوة ليل الشتاء فأهبك معطفي الوحيد
وحفيف الريح الباردة تتسكع في دروب السفر وفي ليل السفر عتمة.. وفي البحر أفواه للغرق
مخاوف تبدد ألفتنا وفرحة المسافر بالرفيق!!
أنا وأنت
المسافر والرفيق
نزفت عيوننا على وجنة الطريق كي يأنس خريف الجرح بربيع الحب
كان ليل السفر يجمعنا!!
من صمت الظل كانت أغانينا
من ضجيج الموج وصراخه كانت همساتنا
من عتمة الدرب كانت تشرق الشمس بيننا ولنا وحدنا
ولا تغرب إلا عند الفجر ساعة يصيح الديك في فناء منزلنا!!
سيدتي يا أعز النساء أنت
ألفت جرحك حتى بات جرحي أنا
أحببت ذاتك حتى أصبحت توأم ذاتي
كتبت فيك أجمل ما كتبت
كتبت لك أصدق فكرة وأعمق إحساس
وفي روايات السفر كنت أنت بطلة ألمي وأملي وأحلامي!!
حتى حين أقرأ لك.. لحظة تأمل حرفك أشعر أني أفصح إنسان حيث ذاتي تتحدث مع ذاتي
أنا وأنت
المسافر والرفيق
ليس من السهل أن نترجم رياضيات الأيام إلى دواوين شعر ورويات للحب الخالد!!
وليس من السهل أن اصطاد سيدتي بسنارتي ويدي ترتعش
من بحر الصقيع وليله العاصف الدفء لنا!!!
لكنني لأجلك (حبيبتي) وسيدة قلبي فعلت.. ومن أجل أهداف عينيك استطعت حتى تخيلت أنني في أدب الأحزان ابتسم بالحرف.. وأسعد بالحرف.. وشيدت بالكلمات والكلمات.. ميناء يرسى فيه مركبنا.. وتزول فيه مخاوفنا ميناء فيه.. تخرج عصافير أحلامنا من قفص الليل الطويل لتشدو لنا!!
ميناء فيه تهدأ قلوبنا من ألم الطريق.. وضجر الجرح
ونكتب على الشاطئ الأخير.. الحرف الأخير
(المسافر والرفيق).. هنا الرواية تنتهي.. لؤلؤ البحر الذي جئنا به وأيدينا خالية.. هو أننا رمينا في عرض البحر كل فاء.. وراء.. وألف.. وقاف
لا الفراق لنا.. لا الهجر لنا ولا البعاد!!!
نحن معاً... لؤلؤ البحر.. حلم كان أكبر من الحقيقة ولكنها الأيام
أنا وأنت
المسافر والطريق
رحلتنا معاً.. إلى أين!!؟
سفر إلى أعمق أعماقنا.. وعندما كان الوصول
أصبحت أنت أنا!!
من رحم الحب أنا!!
من رحم الحب ولدنا
من أمومة احتياجنا رضعنا حتى تخيلنا ببراءة طفولة قلوبنا أننا نصدق أكذوبة بقائنا معاً.
أنا وأنت
المسافر والرفيق
أتذكرين ليل السفر.. موسيقى السفر..؟!
أنا أعشق غناء (نجاة الصغيرة).. وأنت تطربين لغناء (فيروز)
وأسمعتك أغنية لنجاة..
(يا من يفكر في صمت ويتركني
في البحر ارفع مرساتي وألقيها)
وأنت كنت تصغين بعمق صمتك.. وعندما سألتك (حبيبتي لماذا أنت صامتة!!!؟ قلت لي (أنا لم أصمت ألم تسمعني!!؟).
أتذكرين حين أسمعتني لفيروز أغنية (أنا عندي حنين ما بعرف لمين) ثم سألتني سيدتي.. هل أخاف من الحنين.. وألم الحنين.. ذات يوم!!!؟
قلت لك بانكسار (نعم.. إنه هاجسي الصعب
لأن فراق الأحباب أحياناً أشد قسوة من فراق الموت
لأن الممكن والمستحيل لا ينفصلان!!!
أنا وأنت
المسافر والرفيق
ذات مساء.. من مساءات السفر
كانت الليلة مقمرة
القمر يحلق في السماء
والقمر يسبح في البحر
وكنا نصغي لصمتنا.. ولصوت مجداف منتصف الليل وكأنه يكتب على صفحة البحر خطواتنا معاً
ثم تركتِ (حبيبتي) المجداف ونظرت إليّ طويلاً.. ثم قلت لي:
يا سيد قلبي (أيهما يعجبك القمر المنير في السماء.. أم القمر العذب الذي يغتسل بملوحة البحر!!!؟
قلت لك: لعلها صورته على وجنة البحر أجمل.. بالنسبة لي.. لأني اشعر أن القمر قريب مني.. والقرب يؤنسني ويبدد وحشتي!!!
قلت لي (يا قرة عيني) أنت اخترت صورة الحقيقة لا الحقيقة ذاتها!!!
لحظتها أجبتك قائلاً: (أحياناً تكون الصورة أكثر جاذبية، بل أكثر قدرة على التعبير).
ثم نظرت إليك وقد بدأت مدامعك وحيرة صمتك وقلت لي (ذكرى الحلم الضائع منا مثل هذا القمر وصورته أليس كذلك؟!!
فقلت أنا: إن ضياع أحلامنا يبقيها لنا مكتوبة بدمع يأسنا وقلة حيلتنا.. لكن الحلم الضائع كنز نملكه وهو ليس لنا!!!
في هذه اللحظة لم نعد نرى القمر ولا القمر.. نوبة من البكاء أنتِ تبكين حتى أبكيتني معك!!!
ثم ابتسمت بصعوبة وقلت لي: يا أعز الناس أنت.. لقد آن الأوان أن يصبح المركب لك وحدك.. والليل لك أنت.. قدري وقدرك أن تبحر وحيداً.. تصارع الموج وحيداً.
قل لي (حبيبي) من سيمسح بمنديله ماء الموج عن وجهك بعدي.
من سيضمد بالشاشة البيضاء احمرار جرحك بعدي!؟
من سيسقيك بكأس الماء إن عطشت بعدي!؟
من يحكي لك حكايات السفر.. ومن يغني معك بعدي!؟
حبيبي أجبني قبل أن أغادر المركب.. وأبتعد عنك!!!
قلت لك.. سيدتي إن أقسى ما في الفراق قوة ذاكرته، فنحن لا ننسى لذا يستبد بنا الحنين!!!
أنا بالحقيقة سأفتقدك كثيراً وأتألم لذلك.. بل وبصورة الحقيقة سأفتقدك لأنك ستبقى معي وأتألم مع بعدك عني من خلال بقائك معي!!!!؟
قلت لي: أيها الباكي وماذا عني أنا!؟
أنا الباكية العمر كله فراقك الذي يبقيك معي!!!
غداً.. إشراق بلون الغروب
غداً.. فيه صبح وضحى في ظهر وأصيل.. فيه مساء ومساء فرحيل.
غداً.. وأنا تحت شجرة العنب الكهربائية.. بثوبي الثلجي.. على الكرسي الأبيض.. بأسوار الذهب.. وهامتي تزينت بتاج اللؤلؤ الأبيض.. ويدي المنقوشة بالحناء كأني عائدة من بحر بعيد الغناء والرقص.. صخب الأطفال (زغاريد العجائز).
في زحمة المشاعر حولي.. أعلم يا أليف خاطري كآبة ليلك وفجيعتك وحزنك وفرحك من أجلي.. مسكين أنت ومسكينة أنا لأن اللحظة التي تفرحك تبكيك!!!
آه.. يا شقيق ذاتي.. ومسك ذاكرتي وألمي الجميل.. كم هي قاسية تضاريس العمر!!!
قلت لك باكياً ثم مبتسماً ثم باكياً وباكياً: غداً.. سيكون المركب خالياً من الرفيق.. وستبقى رائحة عطرك على مجداف أمسكتِ به سنين.. وفي زاويتك أوراقك وحبرك.. ومعطفي الوحيد المهمل بعدك.. وسيبقى خيالك وصدى همساتك وإمضائك على شراع المركب ونقوش يدك.
سيدتي.. لقد أهديتك طيلة عمر السفر قصائدي.. ونزف إصبعي السادس وأوتار قيثارتي.. وأزيز خاطري.
وكتاب الصمت منك من الحرف إلى الحرف شجناً ولوعة وحنيناً، ومطر غيمة الذكريات يزيد ظمأي وحرماني ولكن حتى قسوة الصمت سأتعلم كيف أحبها لأنها منك!!!
يا سيدتي .. اذكريني
واذكري الليل والقمر.. المعطف والمجداف
اذكريني!!
واذكري القصائد والقصص والرويات.. وأغاني السفر
اذكريني
واذكري القلب والقلب
واذكري المسافر والرفيق!!!
قطرة الوداع
بعد كل الشواطئ بحر


* عنيزة
ayamcan@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved