الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th September,2005 العدد : 124

الأثنين 22 ,شعبان 1426

السيف والدحية وسيرة الحب..!!
توافق الصديقان خالد السيف وسعيد الدحية على تناول قضية سهلة ممتنعة ولم يتطابقا، وتحدثا عبر الوطن، والثقافية في مثل هذا اليوم من أسبوع مضى حديث العارف عن دور الحب في تهذيب الخلق، والرقي بالسلوك وكيف دفعنا من صحتنا وأمننا هنا ثمناً باهظاً جراء التغافل عن هذه الفطرة النابتة في دواخلنا، التي هي نفحة ربانية، استعضنا عنها بأساليب شيطانية تؤجج العنف، وتؤصل للشر، وتنظر للانتقام، وتبرر العدوان.
ومع تميز كل من الكاتبين في أسلوبه ورؤيته، المحببة من لدن جم كبير لست بآخرهم، إلا أني أعتبر ما جاء في موضوعهما بمثابة مناورة ذكية لتحفيز ذوي القدرات من السعوديين لتبني مشروع حضاري، يطلق عليه (مشروع الحب) أو نسميه (زمن التصالح مع الذات) وليأتي متزامناً مع العفو الكريم الذي افتتح به الملك عبد الله عهده الميمون، لأننا بلا ريب ضحايا لسوء فهم وسوء تصرف، ففي مرحلة مضت كان الحب من المجون، والأخير جريمة لا تغتفر، لأن مفهوم المحبة عند السابقين يتنافى مع الرجولة، ويضاد العفة، مما ولد جيلاً متوتراً، وما العدل في محاسبة رجل وئدت مشاعره شاباً، فضج جوعه العاطفي شيخاً كبيراً وغدا أسيراً لرغبات كامنة تتحقق له بثمن غير بخس، من بضائع مزجاة!!
وفي تصوري أن تعاطينا مع النموذج الإنساني بتوحش، وتصنيم اللذة في ممارسة حيوانية لا تتجاوز إحدى عشرة دقيقة، من أسباب ذبول أوراق شجرة الحب في أول ربيعها، إننا يا أبا صالح وأحمد غرباء عند الحديث عن قيم الجمال والخير، باعتبارها كانت خطيئة وسبة ومذمة لمتعاطيها، في الزمن الماضي، ولكونها خديعة ومساومة سماسرة في عصر تسليع القيم، وتسعير الأخلاق!
وها نحن اليوم نبحث عن مخارج لنا من أزمات صنعناها بأنفسنا، وحفرنا أنفاقها بأيدينا حتى تغشانا ظلام العدائية وتلبستنا حدة التعامل مع بعضنا فرحنا نجهر بالصيحات أين المخرج؟
وفي أمل الشفاء بقية من رمق، نحن أحوج ما نكون إليها، فالإسلام الحضاري لا يتعارض مع منظومة الحب، بل يدعو لها ويرغب فيها، ويحث عليها، لأنه دين الحب لا دين الكراهية، ولا الإكراه، أما الأعراف فيكفي ما تم دفعه من ضرائب بسبب سطوة العرف الجائر، فنحن على ثقة أن أول وأهم علاج نتعاطاه في أزمنة الآلة هو الحب، المنبعث من عاطفة نقية تضمر الخير للبشر، وتود السعادة للآدمية، دون عبث بالقيم، أو تسطيح للمثل أو ترويج للرذيلة، لأن هناك من يخضع الحب لغريزته التي هي في الحيوان مثلما هي في سائر الخلق، والأعرابية عندما وجدت مدنياً وسألته ما هو الحب عندكم؟ قال (لقاء رجل بامرأة) فقالت: (هذا طلب للولد) وأنشدت:
ما الحب إلا قبلة ومسّ كف وعضد
ما الحب إلا هكذا إن نكح الحب فسد
هذا تصور عفيف لامرأة تسكن البادية، وتعبر عن طهارة الأشياء بشفافية متناهية، وتعيب على رجل يسكن حاضرة فهمهم السقيم، للحب، وحصره في معاشرة سريرية لا تلبث نزوتها أن تخفت، وتنتهي آثارها ما بين تعب وندم!
فكيف يجيب اليوم من يوجه له سؤال من أعرابية كتلك؟ لا ريب أنه قد يتعذر عليه الجواب، وتعيبه الحيل، بعد أن توارت الروح وضج الجسد، وغاب الهوى العذري وغلبت الرغبات العارية، وغدت الوسائل التقنية الحديثة وبالا على الناس حين سخرت في غالبها لخدمة الشهوة، والمتعة الزائفة، حتى باتت بطوننا وفروجنا أكبر همومنا، ولم ينج رواد المنتديات العنكبوتية من الشرك، فحتى من ننعتهم بالمثقفين نال أغلبهم ما نال سواهم، وأصابه من الأذى ما أصاب غيرهم، ولا أجمل من العفة مع العشق، ومتى ابتليت بمن تحب فصن من حبيبك ما يصان به عرضك في الدنيا والآخرة، وفي ختام هذا التداخل العذري أزجي حبي السخي للكاتبين الكريمين وللقراء الأنقياء وأذكرهم ونفسي بما لا يصح تناسيه من قول القائل:
وما الناس إلا العاشقون ذوو الهوى
ولا خير فيمن لا يحب ويعشق


د. علي بن محمد الرباعي
Rabai4444@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved