الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th September,2005 العدد : 124

الأثنين 22 ,شعبان 1426

من الحقيبة التشكيلية
حقق حضوراً عربياً وعالمياً
فيصل السمرة: لا أسعى إلى انتهاج أسلوب واحد في العمل
إعداد: محمد المنيف
الفنان السعودي فيصل السمرة اسم بارز في تاريخ الحركة التشكيلية السعودية العالمية نظراً لكونه معروفاً ومتواجداً بشكلٍ مؤثر ومنافس على الساحة العالمية أكثر منه تواجداً على المستوى المحلي ولهذا فمعرفة الكثير من أجيال الساحة به قليلة، وهذا بالطبع يعود لقلة إقامته المعارض داخل المملكة إلا من معرض أقامته له جمعية الثقافة والفنون بالرياض عام 1974م ومعرض في قاعة روشان نظم له من قِبل مؤسسة المنصورية عام 2000م، وقد يعذر نظراً لبعده الجغرافي عن الساحة خلال دراسته في فرنسا ومن ثم العمل أيضاً في معهد العالم العربي هناك، وكان الفنان فيصل السمرة قد ابتعث للدراسة في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة والمعمار بباريس وتخرج منها عام 1980م بمرتبة الشرف وعاد منها للعمل مصمماً للديكور في التلفزيون السعودي عامي 80 و81 ثم عاد إلى باريس للعمل مستشاراً للفنون الجميلة في متحف معهد العالم العربي ما بين الأعوام 87 و94م، كما أن له في مجال المعارض الشخصية الكثير من التواجد منذ عام 74 وحتى 2004 في العديد من الدول الغربية والعربية منها بيروت وفرنسا وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وشارك في العديد من المعارض الجماعية مثل متحف أوفرجادن بكوبنهاجن ومعرض اللوحة العربي بدبي وبينالي القاهرة الدولي الثامن ومتحف العالم بهولندا ومتحف الفن الحديث بالأردن وقاعة ايده للفنون بلندن فيما حصل على جائزة المشاركة في مشروع حرية 98 بنيويورك وجائزة العرض في مسابقة ديفيدفيل بباريس.
وللفنان فيصل السمرة فلسفة خاصة جريئة في طرح أفكاره وموضوعاته الإبداعية كاسراً بها المتعارف عليه من الأساليب التي اعتاد عليها المشاهد العادي أو ما يمكن تسمية بالمشاهد العام متحملاً بذلك الكثير من ردود الفعل مثيراً في وجدان المتلقي مشاعر الدهشة محرضاً فيه ملكات البحث واستقصاء أبعاد هذا الفعل تقنياً وفكرياً فنجده يمر بمراحل متسارعة لا يتقيد أو يقيده فيها أي مرحلة سابقة مع احتفاظه بالروح والخصوصية فمن تجاربه تعامله مع اللوحات الملونة على الورق بمعالجتها بمواد مختلفة يميل من خلالها إلى اختزال الخطوط والإيحاء اللوني محققاً بها أقصى حالات الشفافية والإيجاز.
بساطة التعامل مع الإبداع
قدر لي أن أشاهد إحدى تلك الخطوات في معارض له في الكويت التي قدم فيها أعمالاً من تجاربه السابقة نفذها على خامة الورق ببساطة كانت مثار دهشة الحضور وزوار المعرض لعدم تقيده بما هو متعارف عليه من أساليب العرض التقليدية فقد قدم أعماله دون أي إخراج يذكر وباللون الواحد الأسود على مساحات طويلة من الورق المستخدم في طباعة الصحف إضافة إلى تجاربه اللاحقة ومنها معرضه في بيروت حيث قام بتحضير الورق يدوياً مع ما أضفاه عليها من تقنياته الخطية واللونية باستخدام الحبر والفحم والباستيل مقتنصاً بها مساحات بصرية محددة في منطقة معينة ولم تنقطع متابعتي لهذه المسيرة الغنية بالتجارب وبالمختزل الثقافي العالمي الحضور وصولاً إلى مرحلة التشكيل المطلق بمواد ذات أبعاد ثلاثية تجمع بين النحت والتصوير قدمها في معرضه في جاليري روشان بجدة عام 2000م أطلق عليها عنوان (رؤوس) ذاهباً بها أو هي تأخذه إلى منطقة بعيدة كشفت لنا عدم قناعته انتهاج أسلوب واحد في العمل محاولاً تخطي الأسلوب الثابت لتحقيق نقلة ومسلك جديد يذيب من خلاله القيد الذي يشعره بالتوقف أو الالتفاف حول نفسه وتربطه بشكلٍ دائم ومكرر بتجاربه السابقة منتقياً ومختاراً السبل المختلفة للخروج منها بوحدة بصرية تنبعث أولاً من وجدانه تبدأ بشكلٍ معين عند ولادتها ثم يأخذها تجاه رغبته بإطار من الخبرات والتجارب وبمختزل ثقافي واعٍ مع ما يبرزه لنا من تخلٍ عن أي رمز مباشر يستحث بها علامات الاستفهام مع كثير من الإعجاب، يعتمد الفنان السمرة في تعامله مع إبداعه على مفردات لها علاقة بشيء من الواقع دون محاكاة مستحضراً أحاسيسه التشكيلية الصرف المجردة يزواج فيها بين مختلف مقومات العمل الخط واللون والكتلة أياً كان شكلها أو مصدرها أو مادتها.
الفنان فيصل السمرة بتجاربه تلك وبعدم توقفه في حدود التكرار الممل الذي تعودنا مشاهدته في أعمال غالبية الفنانين المعروفين على الساحة اجتاز خلال سنوات تعامله مع محترفه التشكيلي دون أي ملامسة أو تبعية لكل ما وقعت عيناه عليه من عالم الفنون وحركتها الديناميكية في وقت دراسته أو تواجده في العاصمة الفرنسية باريس فقدم لنا أعمالاً تنوعت فيها الخامة وعالج بها الفكرة ما بين اللوحة والمنحوتة بمنهجية تسجل له دون غيره.
(مواطن عالم ثالث) اسم لأحد المعارض المهمة اللافتة للنظر الفنان السمرة أُقيم في بيروت قبل سنوات وحظي بإقبال كبير من قِبل المهتمين بالفنون والثقافة، قيل عنه إنه معرض غير تقليدي بقدر ما هو تعبير عن الذات الإبداعية لديه يعلن فيه موقفه تجاه الأحداث عبر سبيلين أو وسيطين بينه وبين المشاهد أحدها شريط فيديو كشف في جزئه الأول واقع تقسيم العالم وكيف يتحول العالمان الأول والثاني إلى وحش يفترس (العالم الثالث) مع الإشارة إلى كيفية المواجهة.
أما في الجزء الثاني فيظهر الفنان السمرة وسيلتي نقل هما الدراجة والسيارة ما يشبه المقارنة بين العالمين المتخلف والمتطور.
أما الوسيلة الأخرى في المعرض المستخدمة في العمل فهي (التجهيز الفراغي) تركيب من مواد متنوعة تحاول بناء (مذبح) بالمعنى الديني للكلمة تضاء عنده شموع للضحايا من مواطني العالم الثالث الأموات منهم والأحياء.
والفنان السمرة يحرص على أن يقدم إبداعاته من خلال وسائل قادرة على التعبير عن هدفه من العمل عوداً إلى أن كل السبل والخامات متاحة للفنان على أن تخدم تلك الوسيلة فكرة العمل. فالفكرة لديه تحتل المرتبة الأولى يليها التفكير في الخامة.
الجدير بالذكر أن إبداعات الفنان السمرة لم تكن نتاج مصادفة بقدر خلاصة الدراسة الأكاديمية التي تلقاها في فرنسا ومن ثم إلى سبل تطور الأداء والتحكم في تقنيات كل خامة يتعامل بها ويسخرها لإنجاز أعماله إضافة إلى ما لديه من مختزل في التجارب العملية والفكرية والثقافية التي خاضها في حياته والتي أخذت شكلاً معيناً ظهر على أعماله برؤية معاصرة نظراً لتأثره بثقافات متعددة واختزاله البصري لكل الأماكن التي عاش أو مر بها ابتداءً من المنزل مروراً بالحي الشعبي وصولاً إلى مختلف المشاهد الطبيعية من صحراء وبحر وأسواق شعبية.
إصدار وقراءات وجدانية
أعدت مؤسسة المنصورية للثقافة والإبداع كتيباً خاصاً للفنان فيصل السمرة بمناسبة تبنيها لمعرض أعماله أُقيم في جدة عام 2000م هذا الكتاب يأتي ضمن إصدارات المؤسسة التي تسعى من خلالها إلى تكوين موسوعة الفن السعودي وقد تضمن الكتاب المتميز بالطباعة والمادة التوثيقية والتعريف بالفنان كلمة عرف الفنان نفسه من خلالها للجمهور وصف فيه تفاصيل واقع البيئة التي عاش فيها قائلاً: ولدت في منزل خليجي مؤلف من ثلاثة طوابق يعلوها سطح مفتوح يتوسطه فناء وقضيت طفولتي في البحرين بجانب الدار كانت عين ماء تردها النساء لغسل الثياب وبها مسجد كنا نسمع منه انطلاقة الأذان خمس مرات في اليوم، وكان الحي من أقدم أحياء عاصمة البحرين المنامة ويضيف في وصف البيت بما يقرب العلاقة الإبداعية وبالمختزل الأول حيث يقول كانت جدران البيوت غير مستوية مغطاة بالخربشات وهي مبنية بالجص والأسمنت تمثل بذلك مزيجاً من الماضي والحاضر أما السوق القريب من الحي فيضم الأقمشة والبهارات والخضروات ومختلف السلع الغذائية إلى جانب باعة العطور والحدادين، فكان هذا المزيج يشكل متعة بصرية للفنان لا تنضب كما أن ساحة اللعب في طفولتي كانت أرضاً فضاء بين البيوت والشوارع الخلفية والمقابر وبساتين النخل القريبة وشاطئ البحر والميناء التي أشاهد منه الزوارق الخشبية التقليدية، وينتقل بنا الفنان فيصل إلى مشهد آخر له تأثيره البصري على مخيلته حيث يقول فوجئت عند سفري بالطائرة وأنا في الخامسة من عمري إلى المملكة العربية السعودية بمنظر الأرض ومن ثم الشوارع إضافة إلى مناظر مشاهد الصحراء والجمال والبدو وأهم من كل ذلك مشاهدتي للكعبة المشرفة ويواصل الفنان السمرة حديثه عن حياته وأثير مشاهداته ومختزله وما أبقته الأيام من تلك الذكريات بقوله في الثالثة عشرة من عمري انتقلت نهائياً إلى وطني المملكة العربية السعودية تلقيت خلالها كتاباً أهداني إياه أحد الأصدقاء وكان عن مايكل انجلو، أما في السابعة عشرة من عمر الفنان فيصل السمرة فكان تحولاً أكبر نحو آفاق معرفية حيث قام بأول رحلاته إلى أوروبا إلى باريس تحديداً اكتشف في تلك الرحلة عدداً مذهلاً من الأشياء الجديدة والغريبة إلى هنا نتوقف لعدم إمكانية الصفحة استيعاب ما جاء في رحلة الفنان حيث تضمنت تحليلاً لمفهومه للعمل الفني والتأسيس الفلسفي لمجموعة رؤوس التي قدمها في معرضه.
كما تضمن الكتاب أيضاً تعريفاً من الفنان بفنه وفلسفته وتجربته الشديدة الخصوصية، مشيراً إلى أنه لا يسعى إلى انتهاج أسلوب واحد في العمل بقدر ما يحاول كسر الأسلوبية والسعي دائماً إلى خط جديد كما يؤكد في العديد من أحاديثه الصحفية أنه يسعى دائماً إلى إخفاء شخصيته أو فعل الفنان المباشر والتحايل على هذه القصة بطرق عدة لكي يخفي هذه الأشياء.
بطاقة الفنان السمرة
وفيصل السمرة متخرج بمرتبة الشرف من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة والمعمار بباريس عمل بعد عودته من باريس مصمم ديكور في التلفزيون السعودي بين عامي 80 و81 ثم عاد ليعمل مستشاراً للفنون الجميلة في متحف معهد العالم العربي بباريس من 87 وحتى 94 وأقام العديد من المعارض الشخصية منذ عام 74 وحتى 2004 كما شارك في الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وفرنسا وبريطانيا والمملكة الأردنية الهاشمية، وشارك في العديد من المعارض الجماعية مثل متحف أوفرجادن بكوبنهاجن ومعرض اللوحة العربي بدبي وبينالي القاهرة الدولي الثامن ومتحف العالم بهولندا ومتحف الفن الحديث بالأردن وقاعة ايده للفنون بلندن فيما حصل على جائزة المشاركة في مشروع حرية 98 بنيويورك وجائزة العرض في مسابقة ديفيدفيل بباريس.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved