الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th September,2005 العدد : 124

الأثنين 22 ,شعبان 1426

الجذور العلمانية في الفكر التجديدي عند أمين الخولي
تأليف: أحمد محمد سالم
القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005
في عرض موجز، تناول (عهد فاضل) عبر جريدة البيان الإماراتية، هذا الكتاب، مستهلاً برأي المؤلف في العلمانية وموقفه منها:
يقرأ المؤلف العلمانية كمصدر معرفي يُشارك في إنتاجه اثنان: السياق الغربي، وكذلك جذوره في الدين الإسلامي، ولذلك يركز على أنه لا ينبغي أن ينظر البعض إلى المادية كجزء مذموم لأن الإسلام يتكلم عن المادية التي تحتفي بصنع الخالق في البناء المادي للكون.
وعلى اعتبار أن العلمانية تركز على منح الزمن (إدارة شؤون الحياة) فيرى المؤلف رابطاً جديداً بينها والفكر الاسلامي لأن (الاسلام أعطى اهتماماً بالغاً للزمن، ذلك لأن علوم القرآن عن الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول هي اعتراف واضح بحركة الزمن).
ولد المفكر والمجدد المصري أمين الخولي عام 1895 وتدرج في تلقي العلوم الدينية والفقهية في الأزهر حتى أصبح من مدرسيه.. ومثله كغيره من مثقفي النهضة تعرَّض لعدد من القضايا التي شغلت الفترة تلك.. ويعرض المؤلف إلى مجمل القضايا التي أدلى الخولي بدلوه فيها ذاك الوقت، كالموقف من نظرية داروين (1809 2881) حول النشوء والتطور.
ويشير المؤلف إلى أن هذه النظرية تعرَّضت هي الأخرى لشيء من الفهم المحرَّف، كالعلمانية عن طريق تولي البعض من الإلحاديين كشبلي شميل (18537191) لتظهيرها بما يخدم ميوله الإلحادية، وكذلك عن طريق الفهم (غير العلمي وغير الدقيق) للنظرية ذاتها.
حيث ابتسرت عبر ترجمات ارتجالية صحافية.. ويعرض الباحث لمجمل المواقف التي انقسمت حول الداروينية، ومنها موقف الخولي الذي رأى أن مذهب النشوء والتطور هو مذهب طبيعي يتصدى للبحث في الحياة ونشوء الأنواع وكيف تم ذلك.
وعما إذا كان السبب في الهجوم عليها في الغرب نابعاً من أساس علمي أم غير علمي يشير الخولي إلى أن السبب في هجوم بعض مثقفي أوروبا على الداروينية هو (ما جاء في التوراة من تفصيل عمليات الخلق والإيجاد في ستة أيام وظهور الأحياء نوعاً نوعاً).. مؤكداً أن داروين وأتباعه (لم ينكروا الألوهية).
ومن جهته حاول الخولي، كما حاول كثير من النهضويين، تأصيل الفكرة بعد الافتتان بها وربطها بشيء من التراث فيقول عن مسائل النشوء والارتقاء بأنها موجودة في (رسائل إخوان الصفا وفي كتب الرئيس ابن سينا وابن طفيل وفي كتب ابن مسكويه).
ومن المسائل التي يعرض لها المؤلف فيما يتصل من مواقف الخولي حول قضايا عصره، هي قضية اللغة العربية وصعوبة قواعدها وانتشار العامية وحصول ما عُرف ب(الازدواج اللغوي) عندما يعتمد الكاتب أو المفكر لغتين في الوقت ذاته، لغة للتحدث والتخاطب، ولغة للتفكير والكتابة.
ويشير الخولي إلى أن الأضرار جسيمة عندما تكون (اللغة العامة هي وسيلة كسب المعارف وقد صارت هي نفسها مادة صعبة التعليم سيئة النتائج) ولم يترك الخولي الأمر كظاهرة متفلتة من عقال الفحص وقراءة الأسباب فأرجع الأزمة (إلى طريقة جمع اللغة العربية وذلك لأن طريقة تقعيد اللغة العربية عمدت إلى التخلص من أي كلمة دخيلة في اللغة).
اللسان العربي هو أوسع الألسنة فأخذ يطالب بضرورة النظر إلى اللغة العربية نظرة (دنيوية حيوية) وذلك من خلال (ربط اللغة بالتطور كروح عامة تسود جميع وجوه الحياة الإنسانية بحيث تراعي التّغيرات التي تتم في الزمان والمكان) محدداً رؤيته للغة بأنها (من أشد المظاهر الحيوية ليناً وأقلها تصلباً وتحجراً وأطوعها للتطور.
وقدماؤنا يدركون هذا واضحاً حين يتحدثون عن تهذيب اللغة وعوامله وحين يقررون أن الاستعمال يحيي ويميت ويقع ويحسن.
ثم يطرح حلولاً من وجهة نظره لحل أزمة اللغة العربية أو تحديداً.. أزمة الازدواج اللغوي بين العامية والفصحى فيقترح برنامجاً لتجديد اللغة العربية من خلال التوحيد بين العامية والفصحى وذلك من خلال تقويم العامية وإصلاح فاسدها.. ويشير إلى فوائد هذا التوحيد بأنه يؤدي إلى غياب الفرق بين ما يدور في الكتب والتخاطب العام.. متى صارت لغة التخاطب هي لغة التدوين.
ويجمل المؤلف النقاط التي ارتكز عليها برنامج الخولي لإصلاح اللغة العربية من خلال ثبات الإيمان بفكرة التقريب بين لغة اللسان ولغة القلم ومن خلال المواءمة بين لغة الحياة ولغة الكتابة.. ومن مواقف الخولي التي عرض لها المؤلف هي المواقف من إصلاح الأزهر حيث يشير المؤلف إلى أن الخولي أحس عميقاً ب(حالة التدني الواضحة التي كان يعيشها طلاب الأزهر).
فيقول الخولي: (إن مبعوثي الشعوب الاسلامية إلى الأزهر يعودون إلى بلادهم غير قادرين على عمل حيوي لقومهم أو يهربون أثناء وجودهم هنا إلى دراسات أخرى غير الدراسات الإسلامية فكان لا بد من التطوير من أجل إمدادهم بمعارف حيوية مع التعليم الديني).
ثم أيضاً يحدد خطوات لإصلاح التعليم الديني في الأزهر، ومنها احتفاظ الأزهر بالطابع الديني في مرحلة الابتدائي والقسم الأول من الثانوي.. وأن تكون اللغة الأجنبية اختيارية في الابتدائي.. وغيرها من إجراءات تكفل وجود تعليم موازٍ للتعليم الديني.. طبعاً تعرَّض المؤلف لقضايا كثيرة في وعي أمين الخولي أشرنا إلى بعضها، والبعض الآخر في الكتاب بانتظار قارئه (!) كعلاقة الدين بالسياسة والتفسير الاجتماعي للدين.
حيث إنه مرة بعد مرة تبدو قضايا النهضة العربية (طازجة) بالقياس إلى تحققها الفعلي على أرضع الواقع، وأيضاً دور الفكر النهضوي في تنمية حس المحاكمة العقلية العالية من خلال جدل الأفكار وتصارعها والمختبر الحقيقي الذي تتولَّد فيه وتنبثق منه.
يقع الكتاب في (208) صفحات من القطع المتوسط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved