الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th September,2005 العدد : 124

الأثنين 22 ,شعبان 1426

رؤية
الذائقة المثال..!
محمد الدبيسي

بدأ (سعد البازعي) حضوره في المشهد الثقافي .. ب(ثقافة الصحراء..) الصادر عام 1412ه وهي الدراسات التطبيقية التي لمَّ شتاتها في كتابه السالف الذكر .. وقارب فيها تجارب القصيدة والقصة القصيرة في الجزيرة العربية والخليج..!
حاول تأسيس مفهوم ثقافي للصحراء .. في تجليات الشعر والقصة..!
وبغضّ النظر عن نتائج محاولاته ومعالجته للمفهوم ووجاهة تطبيقاته .. فإنّ ما يجدر تأمُّله واستقراؤه في جهود (البازعي) .. هو (تفرُّد) ذائقته الجمالية .. و(قياسات) نظره التحليلي في النماذج الإبداعية .. البازعي العازف عن الخوض في سجالات (اللا أدب) .. ومماحكات حاولت جرَّه إلى أجواء عبثية .. مفرغة من القيمة .. وفي غمار حروب صغيرة لا جدوى ثقافية من ورائها..!
تابع مشواره في إضاءة أكثر من تجربة شعرية .. تؤكِّد ما نزعمه من (نموذجية) ذائقته الجمالية .. يتجلّى مثالها في (أبواب القصيدة .. قراءات باتجاه الشعر) المركز الثقافي العربي 2004م..
ويشي العنوان بحساسية معياره الذوقي؛ ودقّته في إثبات مسار رؤيته (باتجاه الشعر)..
(الكتاب).. الذي ينتخب تجارب شعرية محلية وعربية .. تماست مع نظرية النقد المقارن والمقاربات الموازنة بين الشعر العربي والغربي .. محكومة بإطار جمالي تكويني .. تأسس على وعي نقدي .. وبصيرة تأمُّل دقيقة، تتوخّى تكريس الجمالية .. بوصفها (أسساً يكتسب الجميل بمقتضاها جماله .. والمتأمّل فيها قد يعني الغوص في تكوين الثقافة لاقتناص طبيعة تلك الأسس وكيفية تركيبها وتاريخ ذلك التركيب).
ومن (جماليات العزلة .. لدى ريلكه، وإليوت ودرويش وأمرئ القيس) إلى (المرأة والشعر بين حداد والدميني)...
حيث يتحقق شكل ومضمون المنظور النقدي .. الذي يعبأ به (البازعي)؛ كأداة للمقاربة النقدية التحليلية أو المقارنة .. وقياسات الموازنة لديه على صعيد النماذج الشعرية العربية..
والناقد الدارس الملم بمناهج النقد العربي، لا يتنصّل من الشرط المنهجي .. الذي يحكم تناولاته ويؤطر رؤيته كمتمكِّن واثق من قدرته، في الكشف والاستنباط .. موقعاً تساؤلاً إشكالياً في نطاق هذا المعنى .. في إشارته إلى (النقاد الذين دافعوا عن وجود القصيدة المترابطة في شعرنا العربي، أو دعوا إليها كتطوُّر جمالي، لم يفكروا في الغالب كعادة النقاد العرب بما خلف المفاهيم من إرث فلسفي ولكنها قاعدة السير خلف قافلة التفوُّق الغربي، وتبنِّي كلّ ما لديه دون تفكير بالأبعاد الفكرية أو الاجتماعية الكامنة خلف التطوُّرات الأدبية في مختلف الثقافات)..
إنّ (البازعي) في هذا الكتاب المؤسس على (رؤية) هادئة ومتزنة، وعلى ذائقته تنتقى نماذجها بعناية .. يقدم نموذجاً راقياً لحاسة التلقِّي .. و(كيفية) الإجراء التحليلي النقدي ..
فلم تُتخم أو تتورم بصف النظريات .. والمقولات المقطوعة عن سياقاتها المعرفية، وغير المبررة منهجياً في لعبة (توليفات) تفتقد إلى وجاهة الربط .. وبصيرة التناص..! والوعي بالمعطيات الثقافية، واختلاف بيئاتها .. المؤدية بالضرورة إلى اختلاف النتائج..!
وهو يشير إليه في إلماحة ذات دلالة .. عندما نص على (أنّ آليات القراءة كما تقول النظريات الغربية المعاصرة .. تختلف عن آليات السماع .. ولو أنّ نقادنا المفتونين بالنظريات الغربية المعاصرة .. ركّزوا على جهودهم على دراسة الشعر العربي القديم .. على وجه التحديد .. من هذه الزاوية؛ لربما خرجوا بقراءات أكثر أصالة وانسجاماً مع الروح الثقافية العربية .. وإبداعها فيما سبق من عصور. لكن هذا مع الأسف ظل متوارياً في ظل الرغبة الشديدة للتلبُّس بألبسة التحديث والتطوير بغض النظر عن ملاءمتها..).
(البازعي) الذي وسَّع دائرة طرح ونقاش هذا (الموقف) في التلقِّي ومسلكياته المعرفية، في كتابه (استقبال الآخر).. يشير إلى قضية بالغة الأهمية، تبتغي صدقية الاعتداد بالمنجز النقدي والثقافي العربي .. وتقدم مسارات إجرائية لكيفية التعامل معه.
كما تطرح آليات منهجية في سبيل استثمار منجز الآخر .. دون التماهي المذوب للهوية في مستوياتها المتعددة..!


Md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved