Culture Magazine Monday  28/05/2007 G Issue 200
فضاءات
الأثنين 11 ,جمادى الاولى 1428   العدد  200
 

العواد في ذاكرة التاريخ (5)
العواد.. وهؤلاء
عبدالفتاح أبومدين

 

 

هذا العنوان لكتاب شارك فيه نحو خمسة عشر كاتباً، بدءًا بثروة أباظة وانتهاء بمحمد علي قدس، وأشرف على جمع مادته وطباعته محمد سعيد باعشن، وتجاوزت صفحاته الأربعمائة، والكتاب خال من التاريخ، لكنني رأيت في آخره رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق المصرية (87) وهذا يعني أنه طبع في عام 1987م، وقد طبع بمطابع دار الوزان للطباعة والنشر في القاهرة - المعادي.. وتلك الكلمات من كاتبيها ثناء وتمجيدا للأديب الكبير محمد حسن عواد رحمه الله، وإن وقفتي ستتركز على نقد للأخ الدكتور عبدالله الغذامي شغلت عدة صفحات، بدءاً من 122 إلى 142 وعنوان بحث الدكتور الغذامي (آراء العواد العروضية، دراسة ونقد)، وفي الصفحة الأخيرة لهذا البحث صورة زنكرافية لهذه الدراسة باللغة الإنجليزية عن آراء العواد العروضية، وعنوان كتاب الأستاذ العواد (الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية).

يقول الدكتور الغذامي: لعل أكبر مشكلة في الكتاب، أن صاحبه لم يفصل في قضايا العروض التفصيل كله ولم يوجز الإيجاز كله، وقال إنه قصد تبسيط علم العروض، إلا أنه لم يبسط التبسيط كله، ولم يلتزم الالتزام العلمي كله، أي أنه وبشكل قاطع وواضح لم يحدد لنفسه منهجاً يسلكه في كتابه.

ويقدر الناقد أن مؤلف هذا الكتاب لم يكتبه دفعة واحدة، وإنما كتبه منجما، وربما عبر فترات متباعدة مما جعل منهجه في الكتابه يختلف بين جزء وآخر، ويرى الدكتور الغذامي أن توجه العواد إلى تبسيط قواعد العروض (أوقعه في افتراضات خاطئة في هذا العلم مثل محاولته تغيير وزن البحر المنسرح، وكذلك المقتضب، إذ قدم تفعيلات لهذين البحرين لا يمكن تطبيقها عليهما، وقد أثبتنا ذلك بمقارنته بأمثلة من العواد نفسه).. محالة المؤلف تعديل تفاعل بحر المنسرح ويبدي الناقد أنه حاور اقتراحات العواد باستبدال التفاعيل الخليلية بأشكال هندسية أو تقديم جمل ذات مدلول لغوي بدلا من التفعيلات، ثم قضية استخدام نظام المقطع للشعر.. ويؤكد الناقد أن العواد في استخدام نظام المقطع كميزان للشعر (ناقل لا مبتكر)، وأن محاولته تنقصها الدراسة والمحيص مما جعلها تقصيرية عن بلوغ حد الابتكار، ولكنها تلقى الضوء على تجربته كشاعر لا كناقد.. ويرى الناقد أن مشروع العواد في التبسيط: أوقعه في أخطاء لم يتنبه إليها، وربما كان مردها التسرع إلى الأخذ بالفكرة قبل دراستها وتمحيصها.. لكن الدكتور الغذامي لا يبخس أديبنا جهده، فنجده يقول: وليس للمرء إلا أن يقدر للعواد فتح الاجتهاد في تنويع موسيقى الشعر وفي محاولته فك القيد في تجريب ما تنتجه الأوزان العربية من أشكال عروضية مختلفة.

وقال الكاتب في آخر المطاف: والعواد يعد أحد رواد التجديد والداعية له منذ مطلع حياته، وكتابه

(خواطر مصرحة) شاهد على ذلك.

ويشير الناقد إلى محاولة الكاتب في التبسيط فأخطأ حسبما حوّل بحر إلى آخر، فنجد ذلك فيما رسمه الناقد الغذامي في ذلك، من:

مستفعلن مفعولات مستفعلن

مستفعلن مفعولات مستفعلن

إلى:

مستفعلن فاعلن مفاعلتن

مستفعلن فاعلن مفاعلتن

وخلال محاولة العواد تغيير وزن بحري المنسرح والمقتضب - كما أشرت آنفاً - نرى الدكتور الغذامي يقول في ذلك: وكان حرياً بالعواد أن يغفل هذين البحرين ما دام التبسيط هدفه، لا سيما وأن كاتباً حديثاً كإبراهيم أنيس قد أغفلهما إيماناً منه بتوجه (الأخفش) وقال: ولسنا نجد شاعراً أتى بعد الأخفش فكتب فيهما شعراً.. فالتحديث في أمرهما اثقال على دارسي هذا العلم دون جدوى..

وهذه الدراسة المتخصصة التي قدمها الدكتور الغذامي من خلال قراءته لكتاب الأستاذ العواد (الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية).. سرني أن أجدها في كتاب يضم الإشادة والثناء على رجل خليق بذلك..

***

وأجد في صفحتي كتاب (العواد وهؤلاء)، تحت رقم (3) رؤية معاصرة حديثاً لا تحمل اسم كاتبها، فتقرأ فيما عرض، وهو كما ذيل في الصفحة الأولى منه، أنه قد نشر في مجلة (اقرأ) بالعدد (477) الصادر بتاريخ 21-9-1404هـ.. نقرأ ما قاله كاتب تلك السطور: (حين قرأت مقالة الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار في جريدة (الندوة) التي ينتقد فيها شعر شاعرنا الراحل الكبير محمد حسن عواد ومقارنته بشعر الأستاذ محمد حسن فقي.. غرابة هذا النقد، أنه جاء بعد موت العواد.. والأغرب منه التشكيك الذي جاء فيه للانتقاص من إيمان الأستاذ العواد الذي هو بين يدي الله).

وفي تضاعيف تلك السطور تقرأ فيها: (معظمنا يعلم سر الخلاف الذي كان قائماً بين الأستاذين العواد والعطار.. ويذكر المهتمون بالحركة الأدبية المعارك التي دارت بينهما والتي آثر الأستاذ العطار الصمت في آخرها.. ويبدو أنه وجد الفرصة الآن ليقول رأيه بحرية في العواد بعد وفاته، وأعتقد أن وجه الخلاف بينهما، عدة قضايا، كان أبرزها نقد العواد لديوان العطار(1) (الهوى والشباب) وكشف سر خطير نشره العواد في (الأضواء) والذي كان أحد أطرافه الشاعر المصري فوزي العنتيل، كان هذا كفيلاً بإيجاد فجوة في العلاقات واختلاف الرأي بين الأستاذين العواد والعطار).. ولعلي في حل اليوم أنبش في القبور، حول ديوان العطار المشار إليه آنفاً وما قيل في هذا الكتاب الذي جمع ما حواه محمد سعيد باعشن رحمه الله.. إن هذا الديوان حوله شكوك في نسبته إلى الأستاذ العطار، وأن كلاماً قد نشر في صحيفتي الأضواء، والرائد بين الاتهام وما إليه، وصرفت النظر عن العودة إلى تينك الصحيفتين، بعداً عن الوقوع فيما أكره اليوم لغياب صاحبه، وكذلك قضية التثبت في الاتهام، وإلى الله ترجع الأمور.

آراء العواد والآخرون

ونقرأ في كتاب (العواد وهؤلاء) ص(246) عن العواد وتشجيع المرأة السعودية، وأنه خاض في جدال دفاعاً عن أدب المرأة, من ذلك مناصرته الشاعرة ثريا قابل ودفاعه عنها إلى حد يشبه الغلو، حين قال إنها أشعر من شوقي، وأشعر من الشريف الرضي، بعد إصدار ديوانها (الأوزان الباكية).. ولا ننسى نزاله للكاتب الناقد الأستاذ عبدالعزيز الربيع في صحيفة المدينة.. وقد فتشت عن مقالات الأستاذ الربيع في كتاباته في الصحف التي جمعها مشكوراً الأستاذ محمد صالح البليهشي، عضو مجلس إدارة نادي المدينة المنورة الأدبي بالأمس فلم أجدها، وسألت الأخ البليهشي عن ذلك فقال إنه لم يصل إليها.. وأستاذنا العواد مثل أديب العربية الكبير عباس محمود العقاد في عنف الهجوم والملاحاة والقسوة إلى حد المبالغة التي لا حدود لها، وكلا الرجلين يمارس أساليب القوة غير المقبولة عند الملتزمين فنقرأ في (العواد وهؤلاء) (ومن أبرز معاركه مع هؤلاء الأدباء، معركته مع الناقد الراحل عبدالعزيز الربيع والشاعر الأستاذ حسن عبدالله القرشي، بالغ العواد في مديحه للشاعرة ثريا وأغدق عليها بالكثير من النعوت والصفات، منها (خنساء الجزيرة)، و(ساجان السعودية) وغيرهما..

وأذكر من خلال قراءاتي لردود العواد ودفاعه عن الشاعرة، جنوحه إلى ما يشبه التبكيت في غير محله، حين يصف الربيع بأنه معلم صبيان، والعواد نفسه كان معلم صبيان في مدرسة الفلاح بجدة التي تخرج فيها وإن كان لم يزد على عامين دراسيين كما أقدر، والحجاج بن يوسف كان معلم صبيان في الطائف قبل أن يلتحق بركب بني أمية حتى أصبح أمير الرافدين، وتعليم الصبيان ليس سبة ولكنه وظيفة شريفة، يكفي نعتها ب(معلم)، ورحم الله شوقي القائل: قم للمعلم ووفه التبجيلا. ولا ننكر أن العواد في كتاباته كان دائماً يتطلع إلى الغد ويدعو إلى الإعداد والاستعداد له عبر حياته وهو مواطن غيور محب لهذا الوطن، وهو شجاع قوي، كان ذا صوت بعيد متمرّد، وكان ذا موهبة مبكرة حفزته للبروز والتحدي بعزيمة لا تعرف التراجع ولا التخاذل ولا الهزيمة.

(7) في مقدمة كتاب (خواطر مصرحة)، التي كتبها الأستاذ عبدالوهاب آشي رحمه الله، وهي مقدمة ضافية رائعة من روح الخواطر نفسها، قال الأستاذ الآشي: (فرأيت الأديب ذهب مذاهب شتى في خواطره، بين نظرات في الحياة الأدبية ودروس في الاجتماع ومواعظ لكبح جماح الأمة عن غوايتها، وهو في كلها حر الفكر، صريح الرأي، شديد اللهجة).

وقال كذلك: (وإن هذه الثورة الفكرية أو الأدبية عندي أنجح سعي وأسرع نتيجة لأولئك الذين يريدون أن يحيوا كوامن النفوس، ويحركوا جوامد الأفكار، وينطقوا صوامت الإحساس والوجدان)..

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5013» ثم أرسلها إلى الكود 82244

جدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة