شهدت المملكة تطوراً دستورياً عاماً في ميدان الأنظمة، وقد صدرت في الفترة ما بين 1412 حتى 1414هـ أنظمة مهمة: النظام الأساسي للحُكم، نظام مجلس الوزراء، مجلس الشورى، نظام المناطق.. وتعد هذه الأنظمة نقلة مهمة في تاريخ النظام الدستوري في المملكة التي يقوم الحُكم فيها على القرآن والسُّنة.

وكلمة دستور في المملكة تطلق على كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، باعتبارهما المصدرين الأساسيين للشريعة الإسلامية، وهي أساس الحُكم في المملكة.

والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي لكل الأنظمة، فالعمل يجري في المملكة على أساس أن نصوص القرآن والسُّنة تسمو فوق أي نص وضعي، بمعنى أنه لا يجوز للدولة إصدار نظام يتعارض مع نصوص القرآن والسُّنة سواء كان هذا النظام يدخل ضمن ما يسمى بالقانون الأساسي أو مجرد قانون عادي.

وقد قام نظام الحُكم في المملكة منذ تأسيسها على أساس مبدأ الشورى، وقد سار الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على هذا المنهج وتابعه أبناؤه من بعده، وهو من المبادئ الثابتة في التاريخ السعودي وفق النموذج الإسلامي.

وقد حرص رجال الحُكم في المملكة على استشارة العلماء وأهل الرأي في شؤون الحكم والإدارة، واستمرت الشورى كأحد الأركان الأساسية في نظام الحكم في المملكة، واتخذت صيغاً متعددة ومتنوعة، حيث وضعت الشريعة المبدأ وتركت التفاصيل والتنظيم لاجتهاد المسلمين.

وقد جاء صدور النظام الأساسي للحُكم ونظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق توثيقا لشيء قائم وصياغة لأمر واقع معمول به، وبصيغ جديدة، فلم تأت من فراغ.. وهذه الأنظمة تعتبر توثيقا لما شهدته البلاد في الحقبة الأخيرة من تطورات هائلة في مختلف المجالات، فاقتضت بالتالي تجديداً في النظام الإداري العام للبلاد.

ومعالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري موسوعة وخبرة طويلة ليس في ميدان الثقافة والأدب والفكر والتاريخ.. إلخ فحسب، بل إنه صاحب باع طويل مشهود له في مجالات الإدارة والأنظمة؛ فالرجل يملك خبرة طويلة في هذه الميادين المهمة يعود تاريخها إلى 1350هـ عندما اختاره الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مشرفاً على بيت المال في المجمعة وسدير والزلفي؛ فهو من أبناء تلك الجامعة، وأكمل مسيرته في جامعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.

ومن خلال هذه الجامعة كان للشيخ التويجري مشاركاته المتميزة في تطوير المنشأة الحضارية الكبرى (الحرس الوطني) ووضع سياساتها في جميع المناحي الإدارية والمالية والفنية والطبية والفكرية، ووضع البرامج والخطط الهادفة إلى التطبيق والتنفيذ. ومن هنا جاء اختيار القيادة الحكيمة للشيخ التويجري عضواً في اللجان التي قامت بإعداد النظام الأساسي للحُكم وصياغته، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق.

وهذه الأنظمة استغرق إعدادها وصياغتها في صورتها النهائية فترة ليست بالقصيرة، كان للشيخ التويجري أفكاره وآراؤه المتميزة التي جاءت في مواد تلك الأنظمة المهمة. ولا شك أن سعة أُفق الرجل ومخزونه الفكري واطلاعه الواسع في مجالات القوانين والأنظمة واللوائح وأنظمة الحُكم والإدارة لعقود عدة مكنته من تقديم آرائه ومقترحاته التي كانت إضافة محمودة لتلك الأنظمة التي تعد بحق متميزة في الإعداد والصياغة.

ويبقى التويجري الموسوعة معينا لا ينضب ليستقي كل من يرد حوضه المليء بالفكر والعلم والرأي السديد والحكمة وبُعد النظر. وهكذا فإن حب هذا الوطن يحفز كل قدرات الشيخ التويجري ومواهبه لتكون في خدمته معاول بناء وأيدي نماء، ونفحات عطاء.. والرجل كما عرفناه وعهدناه محبٌّ حَدَّ الوله لهذا الوطن العزيز.