Rhinocerous وحيد القرن بالعربية وبالفرنسية، لكنه - في هذه القصة التي نستعيدها من المسرحي الفرنسي المعروف أوجين يونيسكو - حيوان خرافي خاص، يرمز به الكاتب إلى التحول الذي يكتسح مجتمعنا بأكمله، في حال من أحواله التي ينجرف في تيارها انجرافاً آلياً؛ ما يجعل من أفراده كائنات وحشية ومستلبة. وهنا تنشأ حالة (البطل الوحيد - الضدّ)، في قصة يونيسكو.

وليس المعنى السياسي وحده هو ما نرمي إليه من استعادة قصة الرينوسيروس هنا، بل المعنى الثقافي الأعمق، للإنسان الرافض، حتى الجنون أو الموت، أن يصبح جزءاً من قطيعية المجتمع.

يروي يونيسكو في قصته حكاية مدينة يستفيق أهلها في صبيحة أحد الأيام، على حيوانات ضخمة تجتاح المدينة، ثم يتبين للسكان أن هذه الحيوانات ليست سوى حيوانات الرينوسيروس. ففي كل لحظة يذرع الشارع منها حيوان هائج، يقدح من عينه الشرر، يكتسح بقرنه كل من يقف في طريقه. وبدأت هذه الحيوانات تضيق الحصار على الناس؛ فهي تملأ الشوارع والحدائق العامة، ومحطات المترو، كما أنها بدأت تدق أبواب المنازل. وأعيت الأهالي الحيلة، وهم يبحثون عن مصدر هذه الحيوانات المفاجئة، وأخذوا يتساءلون: أهي من الشرق أم من الغرب؟ من الشمال أم من الجنوب؟ وحين لم يظهر لهم بصيص أمل في هذه المسألة فوجئوا جميعاً بأن هذه الحيوانات تتدفق من داخل مدينتهم بالذات، بل من داخل أنفسهم؛ ذلك أن سكان المدينة كان كل منهم يتحول، في لحظة من اللحظات، إلى رينوسيروس. وازدادت حيرة بطل حكاية (يونيسكو)، المسمى (بيرانجيه)، وازداد خوفه على نفسه وهو يرى أهله وأصدقاءه وجميع من يعرفهم في المدينة، ينقلبون إلى رينوسيروس. وفكر في أن ينقذ خطيبته من هذه اللعنة؛ فحاول أن يقنعها بضرورة البقاء على ما هي عليه، لكنه عجز عن ذلك، وهاله أن خطيبته بالذات، بدأت بدورها تتحول، وتتغير؛ فقد ذهبت أنوثتها نهائياً، وتضخم جسمها حتى صار جسم ثور، ونبت لها ذيل في المؤخرة، ثم أخذ يبرز لها في وسط جبينها تماماً قرن هو قرن الرينوسيروس بعينه.

ويقرر بيرانجيه، وهو جالس وسط وحشية المدينة وعمائها، أن يبقى هو وحده على ما هو عليه، متأملاً في حيوانات الخرافة العجيبة.