Culture Magazine Monday  30/04/2007 G Issue 197
فضاءات
الأثنين 13 ,ربيع الثاني 1428   العدد  197
 
العواد في ذاكرة التاريخ«2»
فلسفة الحياة العصرية
عبدالفتاح أبو مدين

 

 

نجد تحت هذا العنوان - وهجاً - ، في قول الكاتب: عش حراً، كن مفكراً، اعمل لتعيش، اترك التقعر وحب الظهور الكاذب، ميز ما تراه، اندفع إلى التقدم، ثم يقول: هذه هي دساتير الحياة العصرية، التي يريدها هذا الفكر الإنساني العالمي(1) وقال الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوزان في كتابه: الأدب الحجازي الحديث عن الأستاذ الرائد محمد حسن عواد رحمه الله:

- يعتبر بحق زعيم مرحلة الثورة التجديدية في الأدب الحجازي.

- أديب جريء، عرفه الأدب الحجازي في نقده وعطائه.

- ثار على المنهج الاتباعي القديم في الشعر.

- دعا واستعمل الشعر المرسل والحر والمنثور في الحجاز.

- نقد المناهج التعليمية التقليدية.

- رفض أي أثر لا يتمشى مع حاجة العصر، ودعا إلى الانفتاح على ثقافة العالم في سائر الفنون.

هذا هو العواد المصلح الاجتماعي وأحد دعاة التنوير والبناء والرقي الحياتي، كان رائداً في دعوته الإصلاحية في وطن غال خليق بالنهضة والحياة الكريمة، جاهد بقلمه ولسانه نحو مستقبل وضاء في منزل الوحي، والمصلحون في كل زمان ومكان، دعاة بناء ونهضة وطموح لما يوصل إلى ارتقاء بالقضاء على الجهل والمرض والفقر، لتكون أمته كما قال قائلهم: علو في الحياة وفي الممات.

وما قاله الدكتور الفوزان عن أديبنا الكبير، قال ذلك الأستاذ عبدالرحيم أبوبكر في كتابه (الشعر الحديث في الحجاز) وقاله أستاذنا الرائد عبدالله عبدالجبار، وكذلك الدكتور محمد صالح الشنطي، والأستاذة آمنة عبدالحميد عقاد، في أطروحتها - رسالة ماجستير - عنوانها: محمد حسن عواد شاعراً، وكذلك كل من كتب عن أديبنا البارز، رحمه الله.

ويجنح الكاتب بخياله إلى مدى بعيد، ولكنه في الحياة الجادة المتطورة لا يعتبر ولا يسمى بعيداً، فالفتاة التي في الثامنة عشرة من عمرها (تشغل وظيفة ريسة معمل للزجاج بجدة الجديدة، تكتب لشقيقها ببلدة - الوئام - التي تبعد عن مكة 160 كم (فتحدثه عن الأجداد الذين كانوا يعيشون في سنتي 1340-1350ه) ويحلق العواد بخياله الخصيب، إلى رقي المواطن والمواطنة في وطنيهما، فيعلن احتفاء ب(عادلة) مؤسسة المرصد العربي - بجزيرة المعارف - وكذلك تكريم النوابغ بمبالغ من الجنيهات العربية.. وتحدث الفتاة أخاها بأنها استأجرت طائرة إلى حدود نجد الشرقية لحضور حفل تكريم الشاب النابغة أحمد وداد - مخترع الآلة الحديثة، لتصفية المزروعات وطحنها.. ويمضي في الحديث الشائق من أخبار جدة، أن حالة الجو هادئة جداً، وقد استعملت آلة المهندس العربي - حسن عبدالقدير - لتبريد الهواء، فكان النسيم جميلاً، وذلك في شهر أغسطس قلب الصيف والحرارة.. وترسو الباخرة النفوذ في ميناء التقدم بجدة، وعليها 5000 أوروبي، من فرنسا وإيطاليا وإنجلترا وإسبانيا وسويسرا، 12000 أمريكي و3000 هندي، وكلهم من السواح، أتوا للتنزه في مدينة - الحياة الجميلة - وهي المصطاف الوحيد لأعيان الأثرياء من كل الأمم، وقد محت معنوية الطائف التي لا تبعد عنها سوى 20كم،.. وهكذا رأينا سبح خيال كاتبنا المبدع عبر سنين قادمة، وما سيتحقق به من رقي وتطور في حياة البشرية، والحديث عن بلادنا وأيامها المتجددة الحفيلة بالرقي الحضاري، ويجنح خيال الكاتب وتأملاته وتصوراته بعيداً، ورأى كما أشار في خواطره: - الحجاز بعد 500 سنة، قد تحقق ما تخيله قبل خمسة قرون، إذا كان في الحياة بقية، ويومها حين تأخذ الأرض زخرفها وتتزين ويظن أهلها أنهم قادرون عليها، كما نقرأ في سورة يونس قول الحق: {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}... ويقول العواد: لماذا لا نفهم أن مرارة النقد أجمل من حلاوة العيش.

- أليس من العدل أن تحتقر الشعب الذي يحتكر الحرية لنفسه ويستعبد باسمها الناس.. اللهم إن المدنية مدنية القرن العشرين، ليست إلا همجية بكل معاني الكلمة. ص82 خواطر مصرحة.

- الجمود في الفكر كالتطرف فيه، كلاهما داء عضال بعقلية الإنسان، فليكن الإنسان حراً مفكراً، ولكن ليكن قبل ذلك عاقلاً بصيراً فالحق دائماً بين التفريط والإفراط. ص94، كما تخيله كاتب قبل ثمانين سنة من تاريخ هذه الوريقات التي رسمت الاحتفاء بصاحب التأملات المبصرة الراقية لغد مشرق جميل لمن يعيشه بجديده وتطور الحياة فيه، إلى ما هو أبعد من الخيال، وكما قيل، فالليالي حبالى، وعطاؤهن كل عجيب وغريب، فسبحان الخلاق العظيم.

(1) ص57 من خواطر مصرحة.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5013» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة