Culture Magazine Monday  30/04/2007 G Issue 197
تشكيل
الأثنين 13 ,ربيع الثاني 1428   العدد  197
 

وميض
أثر اللون (2-3)
عبد الرحمن السليمان

 

 

(الألوان في القرآن) عنوان كتاب من تأليف عبدالمنعم الهاشمي صدرت طبعته الأولى عام1990 عن دار ابن حزم في بيروت، أهداه لي الصديق الفنان المغربي (أفيلال احمد) في احد لقاءاتي به في مدينة طنجة عام 1996م. وهو بحث يعتمد على المصدر القرآني الكريم في الإشارة إلى الألوان التي تم ذكرها فيه ومستشهدا بالآيات الكريمة وتفسيرات أو أقوال بعض العلماء. وكلمة لون ومشتقاتها - حسب الهاشمي - وردت في القرآن في سبع آيات كريمات، فاللون الأصفر من ألوان السرور، ونجده في الآية الكريمة {إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} (سورة البقرة) وفاقع في الآية بمعنى خالص. قال ابن عباس: الصفرة تسر العين، والعرب تقول في الألوان: (اصفر فاقع واحمر قاني وابيض ناصع واسود حالك وحلوك ودجوجي وغربيب (غرابيب سود، وأخضر ناضر)).

ومن الغرابيب جاء توصيف الأغربة وهم ذوو البشرة السوداء من أمهات حبشيات بنفس اللون - كما تحدثت في كتابة سابقة عن الألوان في شعر الاغربة - وسواد اللون في عالم مفسري أو قارئي الأحلام، في كل شيء في المنام سؤدد ومال، ولبس السواد لمن هو معتاد لبسه سؤدد أيضا، لكنه لغير المعتاد همّ وحزن، وقال الشيخ عبدالغني النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تعبير المنام (أن السواد إذا كان خالصا مصقولا بلا بياض فهو عز ورفعة من سلطان، وقيل الأسود لا تحمد رؤياه لما في لفظه من ذكر السوء).

ينقل المؤلف عبدالمنعم الهاشمي أن فرقا بين خلط ألوان الطيف وخلط ألوان الأصباغ، وهما مختلفان فالأولى تمتزج بالجمع والثانية تمتزج بالطرح. ويتحدث عن علاقة الإنسان بالألوان فيشير إلى أن العلماء عللوا ذلك بان مرده إلى ما تترك الألوان بأعصاب العين الباصرة من اثر، ولذا لاحظ الأطباء في المستشفيات أن المرضى يرتاحون للحجرات المطلية بالصبغ الأزرق. لكنه أيضا يرى أن الأحمر يقترن بالعاطفة ويرمز إلى الإثارة بينما اللون الأزرق إلى الحزن والكآبة، وعندما نعرج على اللون الأزرق - يضيف المؤلف - نجده مذكورا في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة (طه) يقول الله عز وجل: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} ويشير المؤلف إلى ان اللون الأزرق يفضل من قبل الانطوائيين على عكس الشخص الودود فيحب اللون البرتقالي والمتزن الحكيم يحب الأخضر، ويدلل مستعيدا ببعض أقوال العلماء أما الذين يفضلون اللون الأصفر فهم احد شخصين على طرفي نقيض فإما يكون الشخص متمتعا بقدرة ذهنية عالية وإما أن يكون متخلفا ذهنيا) وعن الأحمر فيفضله الفريق من الناس الذين يهتمون بدنياهم اهتماما شديدا وهؤلاء يتميزون بالسرعة في الحكم على الأشياء والسرعة في العمل وأنهم معرضون أحيانا للمتاعب ولكنهم لا يبالون بها.

وعن الأبيض والأسود يورد المؤلف آيات الليل والنهار، وحول الأحمر يعود إلى علميته فيراه مع انه يستخدم في إبراز الأشياء بسبب وضوحه فهو أول لون يذبل ويختفي في الضوء الخافت وانه يبدي الأشياء اكبر من حجمها على خلاف الأزرق وان الأشياء الصفراء تبدو الأكبر حجما على الإطلاق يليها البيضاء والحمراء فالخضراء ثم الزرقاء وأخيرا السوداء.

يذكر المؤلف عن ابن عباس: الصفرة تسر النفس وحض على لباس النعال الأصفر، وينقل أن عليا ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من لبس نعليْ جلد اصفر قلّ همه) لان الله تعالى يقول (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين)، و الأصفر هو قمة النضوج، يعود إليه في موقع آخر ومن خلال الآية الكريمة: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ}. (سورة المرسلات). وعن الأخضر يقول المؤلف انه جاء في القرآن الكريم في ثمان آيات في ظواهر الطبيعة وفي وصف مشاهد من الجنة، يعتبره من أحب الألوان إلى البشر، فهو يعني الأمان والسلام والناس يرمزون إلى السلام بغصن الزيتون الأخضر الدائم الخضرة وسر ذلك في الحمامة التي عادت إلى سيدنا نوح عليه السلام حين بعثها من على سفينته المباركة يوم الطوفان لترى إذا ما كانوا قد اقتربوا من البر، ورجعت بالبشرى وهي تحمل الغصن، فكانت البشرى مملوءة باللون الأخضر الهادئ الجميل.

****

لإبداء الرأي حول هذا الموضوع أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177»ثم أرسلها إلى الكود 82244

aalsoliman@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة