الأحد 28 ,ذو الحجة 1428

Sunday  06/01/2008

مجلة الاتصالات والعالم الرقمي العدد 237

Telecom & Digital World Magazine Issue 237

 
موقع الجزيرة بريدنا الإلكتروني الإعلانات أرشيف الصفحة الرئيسية

ريبورتاج

الألعاب الإلكترونية خطر.. والحذر واجب

 

 

* استطلاع: غادة إبراهيم

عندما سأل المحققون الطالب الأمريكي (توماس سيردمان- 13 سنة) عن سبب إقدامه على قتل زملائه بالبندقية الآلية. أجاب أنه كان يقلد إحدى ألعاب الفيديو التي كان يشاهد فيها البطل يقوم بالهجوم على المباني ويقتل ما فيها من أناس... ربما تصلح هذه الحادثة لأن تكون دليلاً على تأثير الألعاب الإلكترونية على جيل كامل من البشرية.. خاصة بعد أن باتت تتصدر المرتبة الأولى في الشراء بالنسبة للأطفال لتواكب بذلك العالم الرقمي الذي نعيشه الآن وهي تحظى بإقبال منقطع النظير في كل مكان لما تقدمه من تسلية وإمتاع.. لكن هل من يسأل عما إذا كانت هذه الألعاب تعود بالنفع أو الضرر على هؤلاء المستخدمين في الحاضر أو المستقبل؟!

حب المغامرة!

تعتبر سن الطفولة من المراحل التي يكثر فيها اللعب وتتنوع وسائله عند الأطفال الذين يبحثون عن كل جديد لاستكشافه والبحث فيه لإشباع غريزة الفضول وحب التعلم لديهم، ويتميز الإنسان في سن الطفولة بالقدرة على التأقلم مع البيئة فنجد لديه القدرة على تحويل كل ما حوله إلى لعبة يلهو بها ويتعلم منها، فأغلب الأسر العربية الآن أصبحت تسمح بالألعاب الإلكترونية ولا يخلو منها بيت تقريباً لتصبح لعبة الأطفال المحببة.

في هذا الاستطلاع نلقي الضوء على هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة.. لنتعرف على أبرز مشكلات تلك الألعاب التي يتعرض لها الأطفال في سن مبكرة وانعكاساتها المستقبلية على أداء واجباتهم، لاسيما أننا نعيش اليوم في عالم يتحدث بلغة واحدة إلا وهي لغة (الديجيتال)، مع ظهور التقنيات وانفجار المعلومات التي تستلزم منا جميعا النظر إليها بكل جدية حتى نستطيع فك جميع الشفرات الغامضة في بعض وسائلها بما فيها ألعاب الأطفال!!!

الألعاب.. إدمان وكسل!

مستنكرة تأثير الألعاب الإلكترونية على أطفالها تقول (هدى السعيد - أم وربة منزل): (أصبح لدى أطفالي إدمان على اقتناء تلك الألعاب مما أثّر على مستواهم الدراسي في المدرسة كما أنهم أصيبوا بالكسل وأثّر عليهم أيضاً من الناحية الصحية حيث أصبحوا يعانون في بعض الأحيان من الصداع والدوار لجلوسهم ولفترات طويلة أمام شاشة التلفزيون والألعاب الإلكترونية المختلفة).

ولكن بالرغم من ما ذكرت ترى (السعيد) في شراء مثل هذه الألعاب بعض الفوائد لأنها تقلل من خروج الأطفال واللعب مع أقرانهم في الشارع الذي قد يعرضهم للمخاطر الكثيرة.

وعن مشاهد العنف التي تحتويها هذه الألعاب غالباً تروي السيدة (فايزة نايف) تجربة شخصية في هذا الإطار ليس بوصفها أماً بل كممارسة لهذه الألعاب في طفولتها ومراهقتها، وكيف كانت هذه الألعاب تمثل لها متنفسا بعد يوم دراسي طويل ومرهق! حيث تولد هذه الألعاب شعوراً بالنشوة عند الانتصار على الخصم.

تقول السيدة فايزة نايف: (لا أنكر أنني كنت في بعض الأحيان أتقمص إحدى شخصيات ألعاب الفيديو بغض النظر عما كانت عنيفة أو ودودة ولكن مع مرور الوقت بطل هذا المفعول بسبب تعرفي على مفهوم حقيقة العنف).

وقد تكون أفلام (ميكي مواس) و(توم وجيري) من أكثر البرامج الإلكترونية شعبية بين الأطفال ولا تزال ومثيلاتها من البرامج والمسلسلات والأفلام الإلكترونية ك(سوبر مان) المثيرة لدواعي العنف لدى الأطفال إضافة إلى ألعاب الفيديو والكمبيوتر التي يقضي بعض الأطفال ساعات طويلة في ممارستها دون كلل أو ملل رغم احتوائها على مشاهد القتل وتقطيع الأوصال وقطع الرؤوس وتكرار مناظر سفك الدماء وما نراه من نماذج عدوانية، ناهيك عن العاب القتال بالبنادق التي تغذي روح العنصرية والعنف عند ممارسيها من الأطفال.

وقد تكون هذه النوعية من الأفلام مجرد وسيلة تسلية لمعظم الأطفال إلا أنها من وجهة نظر الآباء والأمهات مثار قلق وخوف دائمين خاصة في ظل انتشارها السريع في محلات بيع العاب الكمبيوتر وشراء أشرطة الفيديو حيث أصبحت تحتل ثلثي المنازل التي تحتوي جهاز تلفاز في العالم.

ونجاح وتفوّق!

يقول عبدالرحمن المشرف (طالب جامعي): (ألعاب الأطفال الإلكترونية لها آثارها ووقعها فهي تزيد الأطفال تشجيعا وتدفعهم لبذل المزيد من العطاء وزيادة التحصيل والتفوق لكي يحصل على هدية نجاح قيمة، فالألعاب الإلكترونية سلاح ذو حدين.. أولهما -إلى حد ما- ينمّي القدرات العقلية كالملاحظة وقوة التركيز إضافة إلى المهارة الأدائية، مما يساعد الأطفال على زيادة التحصيل العلمي مستقبلا، أما الحد الثاني فهو المغامرات التي نحن في غنى عنها لأنها مغامرات تقتل الطفولة البريئة وتجرف الأطفال إلى العنف، وأنا شخصياً اشعر بالقلق لتأثير إخوتي - مثلاً- بالعنف الموجود فيها).

وترى منى العقيل (معلمة رياض أطفال) أهمية للأجهزة الإلكترونية في الحياة اليومية لكنها تضيف قائلة: (.. ولكن يجب أن يستخدمها الطفل بعد أن يبلغ سنا معينة من النضج مع ضرورة انتقاء تلك الألعاب حتى لا تفسد أخلاق الطفل وإنسانيته).

أرقام ودراسات

وقد وجدت دراسة أمريكية أن الطلاب الذين يمضون وقتاً طويلاً على الألعاب الإلكترونية، لا يعطون الوقت الكافي للعمل على واجباتهم المدرسية، وأعلن باحثون من جامعتي ميشيغان وتكساس، اعتماداً على مذكرات 1500 طالب تتراوح أعمارهم بين الـ 10 والـ 19 سنة، أن (المراهقين الذين يمضون الكثير من الوقت على الألعاب الإلكترونية، يمضون وقتاً أقل بـ 30% على القراءة، وأقل بـ 32 % على القيام بواجباتهم المدرسية).

وأظهرت الدراسة أن تمضية الوقت مع العائلة والأصدقاء لا يتأثر بالفترة التي يمضيها المراهقون على الألعاب الإلكترونية، وبيّنت الدراسة أن الذين يميلون إلى الألعاب الإلكترونية، يمارسونها لساعة يومياً خلال أيام الأسبوع العادية، بينما يمارسونها لـ 90 دقيقة خلال العطل، كمعدل عام. ويميل الفتيان أكثر من الفتيات، بنسبة 80% ، إلى الألعاب الإلكترونية.

أطفال يلعبون وينصحون..!

وتحدث فيصل العتيبي (12 سنة) قائلاً: (نعم كان حلمي أن يشتري لي أبي لعبة إلكترونية مقارنة بزملائي فحرصت على التفوق وفعلاً اشترى أبي لي اللعبة ولكن أنا الآن متعب، فبرنامجي أصبح متغيراً لأنني أسهر على الألعاب الإلكترونية التي تجبرني على البقاء كي ألعب وأستمتع ولكنها متعبة للنظر وتجعل الشخص يشتد مع اللعبة وهي تقوم بشد أعصابي وتجعلني عصبياً أيضاً).

أما دلال (10 سنوات) فتقول: (أحضرت لي أمي كمبيوتر كهدية نجاح ولكنني لم أعره أي انتباه أو اهتمام، لكن بعد فترة من قضاء بعض الوقت مع الكمبيوتر عرفت سر هذه الهدية وقيمتها حيث تعلمت منه الشيء الكثير واستفدت منه في دراستي كثيراً، وأنا أكتب وأطبع وأعمل الكثير من واجباتي على الكمبيوتر فهو يعتبر كالذاكرة الأخرى لي وأعتمد عليه كثيراً فأصمم الكثير من الرسومات والأشكال الفنية وأيضاً المسائل الحسابية، ونصيحتي للآباء أن يتركوا الألعاب الإلكترونية ويقتنوا لأبنائهم الكمبيوترات وذلك لمواكبة العصر والعلم والتقدم).

أما (فهد الحارثي) طالب بالمتوسط وهو شغوف بالألعاب الإلكترونية فيقول: (إنني أحب هذه الألعاب وأحرص على متابعة كل جديد فيها فلدي خبرة كبيرة في ممارستها ودائما ما أقتني كل شريط جديد يطرح في السوق، وهناك بطولات أجريها في المنزل بيني وبين إخوتي ولا أحد يمكنه الانتصار عليّ في أي لعبة. وأجد فرصتي في أوقات الإجازات والعطل المدرسية لأطور مهاراتي في الألعاب وأتميز في لعب كرة القدم والسناك والمصارعة والمطارات البوليسية وسباق السيارات وغيرها).

رأي أهل الاختصاص!

لعل سؤالاً مزمناً يطرح نفسه بإلحاح أكثر من أي وقت مضى وهو (هل ألعاب الفيديو تساعد على تعزيز نزعة العنف لدى الأطفال؟ ترى الدكتورة (فهدة المسعود) أستاذة علم اجتماع أن مشاهد القتل وتقطيع الأوصال وقطع الرؤوس وسفك الدماء تعلم الأطفال أن الحياة لا قيمة لها وأن اللجوء للعنف هو أسلوب من أساليب حل المشكلات والوصول إلى الغايات.

ومن وجهة نظرها ترى أن علاقات الطفل بالكبار هي التي تحدد إمكانية نزوعه وميوله للعنف وليست تلك الألعاب الإلكترونية الخيالية التي يقوم من خلالها الطفل بقتل الكثير من الأشرار، وقد تؤثر ألعاب الفيديو على عدد قليل من الأطفال ولكنها لا تؤثر على معظمهم، فالأطفال الذين يرتبطون بعلاقات قوية مع أسرهم ومدرسيهم وكبار السن من حولهم لن يتأثروا بألعاب الفيديو العنيفة على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن التنفيس عن الطبيعة العدوانية شيء طبيعي وجزء من تطور ونمو شخصية الطفل، فالأطفال يحتاجون إلى وسائل وأماكن للتعبير عن حقوقهم ومقدرتهم.

مشاهد العنف

لكن المشكلة تكمن في أن هؤلاء الأطفال يمارسون هذه النزعات التي قد يقتبسونها من مشاهد العنف التي رأوها على شاشة التلفزيون وألعابهم الإلكترونية، الأمر الذي يضطر الأمهات إلى مواجهة الموقف ومحاربته لاعتقادهن أن هذه الألعاب هي السبب في شحن الأبناء وحفزهم على ممارسة تلك الألعاب المتسمة بالعنف.. والخوف الحقيقي هو في استمرار تعرف الأطفال على مثل هذه المشاهد العنيفة الخيالية مما يشجعهم لاحقاً على اتباع سبيل العنف لحل مشكلاتهم الحقيقية خصوصاً التي تتشابه في أحداثها مع قصص الخيال التي شاهدوها على شاشات الفيديو.

وعن إمكانية أن (يتعلم) الأطفال طرائق العنف والعدوان من خلال مشاهدتهم لبرامج تلفزيونية أو من خلال ألعابهم الإلكترونية المختلفة أم أن ذلك يعود أساساً إلى التنشئة؟!

تجيب الدكتورة عبلة الناصر (أخصائية علم نفس تربوي) -في هذا السياق- فتقول: (يضعنا هذا السؤال أمام نظريتين: (التفريغ) و(النموذج) حيث تقوم نظرية التفريغ على فرضية مؤداها أن لأفلام الرعب والعنف القدرة على تفريغ العدوان والعنف إلى المُشاهد وإذا كان الأمر هكذا فلا توجد مشكلة تستحق البحث، فيما تقوم نظرية (النموذج) على أساس إن الإنسان عندما يتعلم عن طريق المشاهدة للألعاب الإلكترونية فإن سلوكه يكون على أساس ما يشاهده، وأن الإنسان يقلد الإنسان الذي يشبهه أو الأقرب إليه؛ إذ كلما ازداد تشابه النموذج مع المشاهد ازدادت نسبة تقمص النموذج واستثارة الشعور العدواني عند المشاهد. وأن الأطفال يتعلمون من خلال ما يشاهدون وإنهم عندما يواجهون ظرفا مناسبا فيما بعد يحاولون تطبيق ما شاهدوه على الشاشة).

وتؤكد د. عبلة أن الدلائل التجريبية في الكثير من الدراسات الإنتروبولوجية تشير إلى تأثير مشاهدة النماذج العدوانية، ولهذا ينبغي أن ندرك الخطر المحتمل الذي تلعبه الوسائل الترفيهية الإعلامية والتقنية الجديدة في نفوس وعقول أبنائنا.

مشاعر عدوانية

ومن وجهة النظر النفسية أيضاً ترى أنسام الحاج (أخصائية نفسية) أن الطفل يتعلم الاستجابة للمواقف المختلفة بطرق متعددة قد تكون بالعدوان أو التقبل؛ فالطفل المدلل تظهر لديه المشاعر العدوانية أكثر من غيره لأنه لا يعرف إلا لغة الاستجابة لكل رغباته ولا يتحمل أقل درجات الحرمان فتظهر سلوكياته العدوانية وهناك الغيرة بسبب الشعور بالقلق وانخفاض الثقة بالنفس وعدم شعور الطفل بالراحة مع من هم أكثر نجاحاً منه فيصعب عليه الانسجام معهم وبالتالي يتجه لاستخدام العنف معهم وسبب آخر لهذه العدوانية يتجلى في الرغبة في جذب الانتباه والشعور بالإحباط.

وتضيف الأخصائية النفسية أنسام الحاج قائلة: (إن الألعاب الإلكترونية وبرامج التلفزيون العنيفة والأفلام الكرتونية بما فيها من أدوات الحرب والقتال والمعارك تعطي فكرة عن العدوان وتغرس في عقول الصغار فكرة أنها مسلية وممتعة وبالتالي يصعب تغييب هذه الفكرة عن الطفل. كما أن مشاهد العنف في أفلام الكرتون تظ هر الشخص العدواني بصورة بطولية إيجابية وكذلك الألعاب الإلكترونية العنيفة في غياب الرقابة الأسرية لكل ذلك يؤدي بالأطفال إلى تقليدها ومحاكاتها دون وعي منهم مما يؤدي بدوره إلى خلق جيل بل أجيال متتاليين تتسم سلوكياتهم بالعنف والعدوانية. ولمعالجة السلوك العدواني لدى الطفل أو المراهق المترتب على مشاهدة الألعاب الإلكترونية، يجب مراقبة الوالدين والمدرسين لسلوك الطفل والعمل على التقليل من تعرض الطفل لمسببات العدوان والابتعاد عن مقابلة السلوك العدواني للطفل بالعنف اللفظي أو الجسدي، كما أن وعي الوالدين والمدرسين يقلل من انتشار هذه السلوكيات في المجتمع ككل وذلك عن طريق تهيئة الجو الأسري الهادئ البعيد عن العنف وأساليب الحوار الهادف بين أفراد الأسرة والتربية المعتدلة البعيدة عن الصراحة والدلال مع متابعة ما يطرح في الأسواق من ألعاب إلكترونية تحتوي على مظاهر العنف والحرص على عدم بقاء الطفل ساعات طويلة أمام التلفاز).

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة

 

صفحات العدد

اتصالات

أخبارهم

ألعاب

تكنولوجيا

مقابلات

بانوراما

إضاءة

ريبورتاج

إصدارات

حكومة الكترونية

إبحار

سوفت وير

Panorama

Corporate World

Profile

Spotlight

Rating

 

خدمات الجزيرة

الإعلانات

الإشتراكات

الأرشيف

البحث

الجزيرة في موقعك

جوال الجزيرة

كتاب وأقلام

الطقس

للاتصال بنا

 

اصدارات الجزيرة