الأحد 5 ,محرم 1429

Sunday  13/01/2008

مجلة الاتصالات والعالم الرقمي العدد 238

Telecom & Digital World Magazine Issue 238

 
موقع الجزيرة بريدنا الإلكتروني الإعلانات أرشيف الصفحة الرئيسية

رؤى

اللسانيات العربية والحاسوب (معالجة الصرف آلياً)
د.عبدالعزيز بن عبدالله المهيوبي(*)

 

 

تمكن باحثون في لغات غربية كثيرة من وضع برامج حاسوبية لغوية طبقوا فيها خوارزميات صورية، وقد استطاعت الآلة أن تتعرف على تلك الخوارزميات وأن تستجيب لها، فظهرت الكثير من البرامج الحاسوبية التي جعلت الحوار بين الإنسان والآلة ممكنا وبلغة طبيعية، نذكر منها برامج الترجمة الآلية والمدقق الإملائي والنحوي والقارئ الآلي للحروف العربية المطبوعة أو المكتوبة باليد.

تتميز اللغة العربية بجملة من الخصائص تجعلها من أكثر اللغات الطبيعية قابلية للمعالجة الآلية بالحاسوب، فالاطراد في الضوابط والقواعد نجده واضحا في الصرف والنحو والمعجم والأصوات، خلافا لما هو عليه الحال في كثير من اللغات الأخرى، كما أنها تقوم على مكونين رياضيين هما: الجذر والوزن، وهما معا غير موجودين في أغلب اللغات الطبيعية، أما الشاذ والنادر والغريب فقلته تسمح بمعالجته بجدوى عالية جداً.

فاللغة العربية هي لغة انصهارية؛ حيث يقوم الجذر بوضع البنية الأساسية للكلمة، ويتولى الوزن بناء هيكلها العام عن طريق توزيع الحركات على مختلف أصوات الكلمة كما يقوم بتوزيع السوابق واللواحق إلى مكونات الجذر بهدف توليد الكلمات.

فالجذر يُمثل المدخلات في البرنامج اللغوي في كفاية المتكلم العربي، ففي مرحلة التوليد يتم اختيار الجذر، ثم تقوم الكفاية اللغوية في تطبيق القوانين قوانين المطابقة بين مادة الجذر اللغوي والمادة الصورية (ف ع ل) ثم يتم تفعيل الوزن عن طريق قوانين وخوارزميات السوابق واللواحق والحركات، وفي مرحلة التحليل تكون العملية معكوسة؛ حيث يتم تجريد الكلمة من السوابق واللواحق والحركات وإعادتها إلى الجذر. ولكل صيغة صرفية مقابل دلالي موجود في الكفاية اللغوية، وهذا يعني ارتباط المستوى الصرفي بالمعجم والدلالة، ولعل أول ما يواجه المعالجة الآلية هو التداخل بين المستويات اللغوية، مما يوجب استعمال أنظمة متعددة لمعالجة تلك المستويات، وأن يرتبط كل منها بالآخر.

إن مجالات البحث في معالجة اللغة العربية حاسوبيا كثيرة منها: المدقق الإملائي والنحوي، والترجمة الآلية، وتوليد الحروف العربية، والقارئ الآلي، والمولد والمحلل النحوي. وسوف أتحدث بمزيد من التفصيل عن التوليد الصرفي في محاولة لبناء نظام آلي لتوليد الفعل العربي.

يُقصد بعمليات التوليد الصرفي الآلي ميكنة عملية تركيب الكلمات (الأفعال) من عناصرها الأولية، حيث يتلقى المولد الصرفي الآلي مدخلاته على هيئة مجموعة من العناصر الأولية لتكوين الكلمات، ليقوم بتحديد الصيغة النهائية للكلمة .

فعلى سبيل المثال تمثل البنود التالية مدخلات تكوين فعل (تَقاتَلَ):

1- الصيغة الصرفية (تفاعل).

2- عناصر الفعل الأصلية (ق ت ل).

3- زوائد تصريفية (ت، ا، َ).

4- زوائد إعرابية (البناء).

ليقوم المولد الصرفي الآلي بصهر عناصر الفعل الأصلية (ق ت ل) في قالب الصيغة الصرفية، مع إجرائه لعمليات الإبدال، والإعلال، والإدغام المنطبقة. ويضيف المولد أيضاً علامات الإعراب.

من هذا العرض الموجز تتضح السهولة النسبية لعملية التوليد الصرفي الآلي للأفعال.

بعد حديثنا عن المولد الصرفي الآلي، ننتقل بالحديث إلى خصائص الصرف العربي، مركزين على تلك النواحي ذات الصلة بمعالجته آلياً حيث تعد معالجة الصرف العربي آلياً مطلباً أساسياً لميكنة عمليات تحليل النصوص المكتوبة والمنطوقة، وفهمها وتوليدها، علاوة على كونه أساساً لا غنى عنه لميكنة المعاجم واسترجاع المعلومات وتحليل مضمون النصوص.

يتميز الصرف العربي بعدة خصائص من أهمها:

1 - وضوح مسار عملية الاشتقاق (الانتقال من الجذور إلى المشتقات الفعلية).

2 - اطراد التصريف في العربية، باستثناء حالات نادرة.

3 - ميل الصرف العربي لتركيب الكلمات إضافة، وكرهه لتكوين الكلمات من خلال المزج والاختصار.

4 - انتظام بنية الكلمة العربية لثبوت رتبة عناصرها(الصرف - نحوية).

5 - شدة التداخل بين الصرف والفونولوجي من حيث تعدد قواعد الإبدال والإعلال، وعمليات التغيير (الصرف - صوتية) الأخرى.

6 - قلة عدد جذور الأفعال وكثرة عدد فروعها.

7 - أن الاشتقاق في العربية مبني على الأنماط الصرفية، حيث تتعدد هذه الأنماط مستخدمة عدداً قليلاً من حروف الزيادة.

8 - محورية مفهوم الجذر في العربية كعنصر ربط معجمي ودلالي

ينبغي أن يتميز المعالج الصرفي الآلي للغة العربية بخصائص أهمها:

- ضرورة تعامل المعالج الصرفي الآلي مع أطوار التشكيل المختلفة للأفعال العربية: تامة التشكيل، والخالية من التشكيل، والمشكولة جزئياً، وهذا يعني أن يتوافر في النظام قدر من الذكاء الكافي لتخمين النقص في عناصر التشكيل، وتغطية جميع الاحتمالات الممكنة. مثل:

- أن يتعامل المعالج مع ثنائية الصيغة الصرفية والميزان الصرفي.

- صياغة القواعد الصرفية بطريقة تمكننا من تعديلها بسهولة.

- ضرورة توافر عنصر الكفاءة والسرعة في المعالج الآلي.

- ضرورة تعريض المعالج الصرفي الآلي لاختبارات قاسية، للتحقق من سلامة الأسس اللغوية المقام عليها، والتأكد من اكتمال تغطيته لجميع الحالات الصرفية.

- الالتزام بما خلص إليه البحث الصرفي الحديث من حيث اعتبار الكلمة (كتب، استخرج) - دون غيرها، هي أساس تصريف الأفعال، وجعل الجذر (ك ت ب) أساساً لعملية الاشتقاق، واستخدام الأساليب المنهجية الحديثة في صياغة القواعد الصرفية وتبويبها.

منذ ظهور الحاسوب إلى يومنا هذا مرت معالجة الصرف العربي آليا بمراحل نوجزها بما يلي:

أ - بعد أربعة عشر عاماً تقريباً من ظهور الحاسوب، اقتنى معهد التخطيط القومي في مصر حاسوباً إلكترونياً. وقد اقتصر الأمر في البداية - فيما يخص التعريب - على طباعة الكتابة العربية، وذلك بإحلال الحروف العربية محل الحروف الإنجليزية.

ب - شهدت المرحلة من عام (1973م حتى 1985م) سلسلة من التطبيقات المهمة، تمثلت في عدة محاولات لتوليد الكلام العربي آلياً، إضافة إلى محاولات جزئية لتطوير محللات ذات إمكانات محدودة.

ج - حدثت النقلة النوعية الثانية في منتصف عام 1985م. وجاءت هذه المرة على مستوى الكلمة، بعد أن كانت النقلة النوعية الأولى على مستوى الحرف، وذلك بنجاح إدارة البحوث والتطوير في شركة (العالمية) للبرامج بتطوير أول معالج (محلل) صرفي متكامل متعدد الأطوار. وبدأت بذلك مرحلة جادة لمعالجة الصرف العربي آلياً.

(*) جامعة الإمام محمد بن سعود

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة

 

صفحات العدد

اتصالات

أخبارهم

ألعاب

تكنولوجيا

مقابلات

مواهب

بانوراما

إضاءة

حكومة الكترونية

إبحار

سوفت وير

رؤى

 

خدمات الجزيرة

الإعلانات

الإشتراكات

الأرشيف

البحث

الجزيرة في موقعك

جوال الجزيرة

كتاب وأقلام

الطقس

للاتصال بنا

 

اصدارات الجزيرة