الأحد 20 ,شوال 1429

Sunday  19/10/2008

مجلة الاتصالات والعالم الرقمي العدد 265

Telecom & Digital World Magazine Issue 265

 
موقع الجزيرة بريدنا الإلكتروني الإعلانات أرشيف الصفحة الرئيسية

ريبورتاج

فوضى الفضائيات.. مسؤولية مَن؟!!

 

 

يعيش العالم منذ ما يزيد على عقد من الزمان ما يمكن تسميته بعصر السماوات المفتوحة، وأصبح عدد القنوات الفضائية بالمئات، والكثير منها قنوات هابطة ولا تحمل مضموناً يمكن للمشاهد أن يستفيد منه. كما أن الكثير من هذه المحطات يخدش الحياء ولا يتناسب مع خصوصية مجتمعنا الإسلامي المحافظ. والكثير من تلك القنوات أصبح هدفها الرئيس جني الأموال عن طريق رسائل sms من جميع أنحاء العالم العربي بطريقة مكشوفة ومستفزة في بعض الأحيان. حاولنا في هذا الريبورتاج استطلاع آراء المشاهدين والمشاهدات والمختصين من رجال الإعلام حول هذه الفوضى الفضائية وعلى مَن تقع المسؤولية وما الذي يجب القيام به للحد من هذه الظاهرة التي غزت معظم البيوت وأصبحت تشكل تهديداً للقيم والعادات في المجتمع الخليجي؟

في البداية طرحنا السؤال على عدد من المشاهدات والمشاهدين عن إذا ما كانت هناك قنوات فضائية يتجنبون مشاهدتها فأجابتنا مها الشهراني وهي مشرفة ومدربة بمركز الإشراف التربوي بالحرس الوطني وطالبة دراسات عليا بقولها: (نعم توجد بعض الفضائيات التي أتجنب رؤيتها لما فيها من خدش لحياء المشاهد أو عدم مناسبتها لخصوصية ثقافته ومجتمعه أو عدم مناسبة محتواها للمستوى العمري لأطفاله).

أما مشاعل فهد الموظفة فقالت إنها تتجنب رؤية عدد كبير من القنوات التي تبث باللغة العربية (لما تحتويه من برامج مخلة بالأدب ومواضيع سخيفة لا تتناسب مع مجتمعنا). وتقول ليلى إبراهيم طالبة الدراسات العليا: (نعم أتجنب رؤية بعض القنوات التي لا تحترم عقلية المشاهد كتلك التي تعرض مشاهد مخلة بالآداب أو التي تتعرض للدين كالتي تستضيف السحرة والمنجمين).

جني الأموال

من جانبه يقول سعد زيد الفيصل البالغ الثانية والعشرين من عمره إنه يتجنب مشاهدة قناة ستار أكاديمي (لما تعلمه لأطفالنا من أخلاقيات سيئة مناقضة للشريعة وأخلاق الخليج بالخصوص؛ لأنها مبنية على الاختلاط لفترة طويلة بين الأولاد والبنات وهي تفسد الأخلاق وتجني الأموال عن طريق رسائل sms من جميع أنحاء العالم العربي). وأضاف إنه لا يتابع مسلسل (نور)؛ لأنه يعتبره غير أخلاقي - كما يصفه -. وأردف الفيصل الذي يعمل مديراً لإحدى الإدارات بالقول: (أتمنى من جميع القنوات الفضائية مراعاة شعور المشاهد وأنه يوجد أطفال في المنازل لا ينبغي أن يتعلموا هذه الأخلاق واختيار كل البرامج والأفلام بحذر).

أما الأستاذ بدر شديد الدوسري الذي يعمل سكرتيراً لوكيل إحدى كليات جامعة الملك سعود فيقول إنه يتابع قناة المجد الفضائية لأنها قناة دينية وتأتي بمواضيع جميلة وتبدي آراء الآخرين وكذلك الحال مع قناتي الرسالة واقرأ. ويواصل ذكر القنوات التي يتابعها وهي الجزيرة والعربية والأيه آر تي، موضحاً أن سبب متابعته لها هي الأخبار والدوري الرياضي.

وبالنسبة لتوفيق عبدالكريم (38 عاماً) فهو يتجنب رؤية قنوات الإل بي سي والمستقبل ويردف ذلك بقوله: (تقريباً 70% من القنوات سيئة بشكل عام).

ويقول عبدالعزيز إبراهيم - طالب في المرحلة الثانوية - إنه يتجنب بعض القنوات التي لا تأتي بجديد ويفضل مشاهدة برنامج صدى الملاعب في قناة إم بي سي ومتابعة إل بي سي لوجود مذيعات جميلات!!!

فضائيات للتفرقة

أما بدر سلطان العبيد، وهو شاب في الحادية والعشرين من عمره، فيقول في إجابته عن هذا السؤال: (نعم, هناك فضائيات لا بد للمرء أن يتجنبها؛ فمثلاً هناك فضائيات تخدش الحياء وتظهر لك ما حرم الله - سبحانه وتعالى - علينا، وهناك فضائيات للتفرقة بين المسلمين وهي تدعي حل المشاكل سواءً الطائفية أو حتى على المستوى الديني بيننا وبين الديانات الأخرى. وهناك أيضاً بعض القنوات الإخبارية التي لا تهتم بالمصداقية وعندها شعار (اسمع الخبر وانشره بسرعة) دون أن تتأكد من جميع أطراف النزاع).

قنوات صفراء

ويعزو الدكتور خالد الفرم الإعلامي ونائب رئيس تحرير جريدة عكاظ، وجود هذا العدد الكبير من الفضائيات بالشكل الذي جعلها تبدو كأنها غير جادة من ناحية التسميات والأهداف والرسالة إلى وجود فرق في تصنيف القنوات الفضائية السائدة، حالياً، لجهة التخصص كمنظومة القنوات الإخبارية أو القنوات الرياضية أو القنوات الاقتصادية المتخصصة أو القنوات الترفيهية (المدروسة). مضيفاً: أما القنوات الصفراء التي تشمل قنوات السحر والشعوذة والفضائح فهي تنطلق من منطلقات اقتصادية بحتة، تقدم الأهداف التجارية على الرسالة الإعلامية، مستغلة ضعف التشريعات الإعلامية، والارتباك الحادث حالياً في الفضاء العربي، وضعف الوعي الإعلامي والثقافي للمشاهدين الذين أسهم الضخ الإعلامي المكثف في اختراقهم (ذوقياً)، للوصول إلى خدعة (الجمهور عاوز كده). ومما ضاعف من حجم الخسائر الفردية والمجتمعية ندرة مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالرصد الإعلامي والتوعية من البرامج والقنوات التي تهدد الأسرة السعودية اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً؛ بمعنى أن الاستثمار في الإعلام يختلف عن الاستثمار في التجارة والعقار، فأنت تستثمر في فكر يتحول إلى سلوك، وهنا مكمن الخطورة؛ فالأفكار تتنقل والسلوكيات تتعمم).

الربح المادي

ويقول الدكتور تركي العيار، عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال: التفسير الواضح والفاضح أمامي هو المكسب المادي؛ فللأسف اللهاث السريع وراء المال أنسى بعض القائمين على هذه الفضائيات الحرص على جودة المضمون وجودة ما يقدم. ويتابع قائلاً: وللأسف الشديد أصبحنا نرى برامج ضحلة، سواء من حيث ثقافتها أو طريقة طرحها، وأصبحت بعض الفضائيات تركز على جوانب على حساب جوانب أخرى؛ فهي تركز على جوانب الإثارة والإغراء التي تداعب الغرائز وفيها إيحاءات جنسية وأشياء شكلية إيحائية أكثر من المضمون الذي يفترض أن يُهتم به ليكون مضموناً نافعاً وهادفاً ويوسع مدارك المشاهد ويفيده في دينه ودنياه. وأردف د. العيار قائلاً: هذا التوجه جعل هناك العديد من الفضائيات فكل يوم تخرج لنا قناة فضائية لغرض مشروع استثماري بحت، ولنقل الهدف الرئيسي لهذه المشاريع الفضائية هو في الواقع تجميع أكبر عدد ممكن من الأموال على حساب القيم وعلى حساب الثقافة الأصيلة وعلى حساب العادات والأعراف الأصيلة أيضاً، وصاحب الفضائية مستثمر يتعامل مع الفضائية كما يتعامل صاحب السوبرماركت مع تجارته.

ويوجه د. العيار عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود حديثه إلى القائمين على تلك الفضائيات قائلا:ً نتمنى من القائمين على هذه الفضائيات أن يصحوا من غفلتهم وأن يحاولوا إعادة حساباتهم وإعادة النظر فيما يطرحون لأنهم مؤتمنون عل ما يطرحونه ولعل وعسى إن شاء الله أن يتداركوا الوضع وأن يضعوا في عين الاعتبار أن الإعلام أمانة وأن الإعلام مسؤولية يجب أن يكونوا مؤتمنين عليها وأن يستشعروا هذه المسؤولية على أكمل وجه وألا يقدموا للمشاهد إلا ما يفيده وما يثري ثقافته وما يعزز ويرسخ من قيمه الثابتة وما ينمي الثقافة وينمي المعرفة وينمي المعلومة وما يجعله يتواصل مع الثقافات الأخرى في قوالب مناسبة لا تتعارض مع الثقافة ولا الدين ولا المسلمات المعروفة).

من جهته اعتبر الزميل عبدالرحمن محمد آل معافا الشهري المحرر الصحافي في جريدة الاقتصادية وعضو هيئة الصحافيين السعوديين أن عدم وجود شركة أو مؤسسة تعمل على مد جميع المشتركين بالقنوات الفضائية عبر خدمات الألياف البصرية الكيابل ساعد على وجود هذا الكم الهائل من القنوات، وخصوصاً ضعيفة المحتوى. وتأتي رؤية الشهري متوافقة مع ما طرحه د. الفرم ود. العيار؛ إذ أوضح أن الهدف الحقيقي من ظهور قنوات فضائية جديدة ضعيفة المضمون هو الربح المادي السريع، حيث إن تلك الفضائيات لا تملك أي معدات ولا تجهيزات لكي ترتقي لعدد كبير من المشتركين. وتركز هذه القنوات في بث رسائلها على فئة الشباب الذين لا يستطيعون التمييز بين أنواع وفنون الرسائل الإعلامية.

رسالة الإعلام

فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية في ظل الوضع الراهن للفضائيات الذي يصفه الكثيرون بالفوضى يقول د.الفرم المتخصص في الإعلام الجديد: (رسالة الإعلام الأساسية هي التنوير من خلال استخدام الوسائل كمحركات أو رافعة في عمليات التغيير والتطوير الاجتماعي والثقافي). وفي نفس السياق يقول الزميل الشهري: (رسالة الإعلام في الوقت الراهن أن تستقطب القنوات الفضائية العديد من المتخصصين والمحترفين في مجالات الإعداد وفن كتابة وصياغة النصوص والرسائل الإعلامية والمخرجين وغير ذلك، حيث إن الكثير من تلك القنوات لا يوجد لديها متخصصون في هذه المجالات).

من جانبه يرى د. العيار أن مسؤولية الإعلامي تتعاظم أكثر من ذي قبل ويقول: (طبعاً مسؤولية الإعلامي يجب أن تكون مسؤولية ثابتة ويجب أن لا تتغير؛ يعني المسؤولية محددة ومقننة ومعروفة، ولا بدَّ أن تستمر؛ لأن الإعلامي عنده أخلاقيات وقيم ومبادئ، ويجب ألا تتغير أو تتبدل هذه الأخلاقيات أو القيم أو المبادئ التي يجب أن يتسم بها ويتمسك بها وأن تكون له نبراساً. وطالما أنكم تتحدثون عن الفوضى العارمة التي نشاهدها الآن فهذا يزيد من مسؤولية الإعلامي في الوقت الراهن)، مستطرداً لتوضيح دور الإعلامي: (يجب على الإعلامي أن يحرص كل الحرص على أن يكون إعلامياً انتقائياً, وأن يراعي الله - سبحانه وتعالى - قبل كل شيء ثم يراعي الأخلاقيات الإعلامية المعروفة ومواثيق الشرف والقيم والعادات؛ فالإعلامي لا بدَّ أن يستشعر هذه المسؤولية على أكمل وجه ولا بدَّ أن يكون واعياً بما يترتب على المضامين التي يقدمها من تداعيات ومن انعكاسات ولا بدَّ أن يكون معول إصلاح، ولا بدَّ أن يكون الإعلامي إحدى أدوات الإصلاح وإحدى الأدوات الداعمة للتوجيه البناء والهادف وألا يكون معول هدم وإحدى وسائل الإفساد في الأرض أو إحدى وسائل الغزو الفكري أو التبعية الثقافية الغربية الفكرية، ويجب أن يعتز بقيمه وأخلاقياته وبمبادئه، ويجب أن ينعكس اعتزازه بهذه القيم على ما يطرحه عبر هذه القنوات الفضائية وأن ينتهج سياسة انتقائية بأن يختار المضمون الجيد وأن يختار البرنامج الجيد وأن يختار أيضاً الضيوف الذين يثرون النقاش في مواضيع الساعة والمواضيع التي تهم الناس وتهم شريحة المشاهدين من الأسر والنساء والكبار والصغار والمواطنين والمقيمين, والقضايا عديدة ومتنوعة ومختلفة، وهنالك تباين في الثقافات وتباين في تقبل مثل هذه الأطروحات؛ فعلى الإعلامي أن يواكب كل هذه المتغيرات دون أن تؤثر مواكبته لتلك المتغيرات في ثوابته وقيمه الراسخة وأخلاقياته التي يجب أن يتسم بها؛ لأن الإعلامي فعلاً يعد قدوة ويعد قائد رأي، ولا بدَّ أن يدرك أنه قد يؤثر فيما يطرحه على عقليات بعض المشاهدين، سواء كانوا من الأطفال الصغار أو من الأميين أو من النساء أو ممن لم يتمتع بحظ وافر من الثقافة والتعليم؛ فلذلك يجب أن يدرك تماماً هذا الإعلامي أن ما قد يطرحه قد يكون له انعكاسات وقد يتبناه أحد المشاهدين وقد يكون هذا نهجه في حياته؛ فلا بدَّ أن يختار في المقابل المواضيع الجادة والهادفة والبناءة والتي تفيد المشاهد ديناً ودنيا والمواضيع التي تلامس اهتمامات الناس وقضاياهم وتحل مشاكلهم وترفع عنهم همومهم ومعاناتهم). كما أكد د. العيار على أهمية الرقابة الذاتية لدى الإعلامي واستشعار المسؤولية من خلال رقابة مسؤولة وأن لا ينتظر من يأتي ليوجهه، وأنه يجب أن يستشعر المسؤولية من خلال رقابة الضمير ومن خلال وضع نفسه في موقف المشاهد الذي قد يتلقى ما يطرح دون أن تكون لديه القدرة على التمحيص أو الغربلة.

المادة مقابل القيم!

وبخصوص حرص بعض الإعلاميين على المادة مقابل التنازل عن القيم يقول د. العيار: (إذا كان الإعلامي من النوع الذي يشارك المالك في اللهاث وراء المال فسوف ينساق وراء هذا التوجه وسوف يكون هذا على حساب الجودة). ويشدد على أنه يفترض في الإعلامي أن يكون له قراره وأن يكون مستقلاً في قراراته فيما يتعلق بالبرامج وهذا لا يلغي أخذ الاستشارة لكن يجب ألا يقبل أي شيء على حساب القيم والمبادئ وعلى حساب الضحك والتحايل على المشاهد بأي شكل من الأشكال لأنه مؤتمن وقد يكون الإعلامي أقدر من المالك في معرفة ماذا يرغب المشاهد وبالتالي أيضاً في التأثير عليه؛ وبالتالي على الإعلامي. ويتابع د. العيار: على الذي يظهر ويتواجد في الواجهة الإعلامية ألا ينساق وراء هذه الرغبات المادية, رغم عدم وجود ما يمنع من أن يكون هناك كسب مادي للإعلامي، لكن يجب أن يكون الكسب المادي هذا مقنناً ووفق مواد بناءة ومفيدة؛ فالكسب المادي الحلال لا غبار عليه، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب الذوق العام وعلى حساب المضامين؛ يعني يمكن أن تكسب بمضمون جيد.

ويختم د. العيار حديثه قائلاً: أنا دائماً أؤمن بأنه لا يصح إلا الصحيح؛ فمهما تعددت الفضائيات وتعددت البرامج في هذه الفضائيات لا يصح إلا الصحيح، بمعنى أن البرنامج الجيد الذي يفرض نفسه هو الذي - إن شاء الله - سوف يجد صدى لدى بعض العارفين ببواطن الأمور. وأنا أعرف أنها مسؤولية جسيمة ومسؤولية ضخمة، ولكننا نثق بأن الإعلاميين والإعلاميات قادرون على تحمل هذه المسؤولية ونتمنى لهم العون والتوفيق.

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة

 

صفحات العدد

الأولى

اتصالات

أخبارهم

ألعاب

مقابلات

مواهب

معارض

بانوراما

إضاءة

ريبورتاج

إصدارات

إبحار

بصمة الخروج

 

خدمات الجزيرة

الإعلانات

الإشتراكات

الأرشيف

البحث

الجزيرة في موقعك

جوال الجزيرة

كتاب وأقلام

الطقس

للاتصال بنا

 

اصدارات الجزيرة