الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 1st October,2002 العدد : 3

الثلاثاء 24 ,رجب 1423

الإفتتاحية
مجلة الجزيرة في عددها الثالث
هذا هو العدد الثالث من مجلة "الجزيرة"..
الإصدار الذي استقبلتموه بحفاوة..
وأشدتم به كإصدار مميز..
وقلتم فيه من الثناء ما لا نستطيع نحن أسرة التحرير أن نقوله عنه..
* * *
إنه العدد الجديد والثالث من مجلة الجزيرة..
بمضمونه وإخراجه وما استجد فيه..
يحاول الزملاء أن يكون مستوى المجلة مواكباً مع ما يتقد من طموح في كل واحد منهم..
وأن يكون هذا الإبهار في عمل صحفي كهذا متواصلاً ومستمراً وصولاً إلى ما هو أفضل..
* * *
المجلة لا تزال في بداياتها..
وهذه قناعة كل الزملاء..
وهم يعدونكم بمشروع صحفي أكثر تميزاً مما هي عليه مجلة الجزيرة الآن..
إنهم باختصار يتجهون إلى الابتكار لا إلى المحاكاة في إصدار مجلة الجزيرة وهذا هو التحدي..
ويقولون: إن العدد الأول ثم الثاني وهذا العدد الذي بين أيديكم لا تعدو أن تكون البداية لهذا المشروع الصحفي الكبير..
* * *
اطمئنوا إذاً..
فمجلة الجزيرة لن تكون محاكاة لمثيلاتها..
وبالتأكيد لن تكون مثل غيرها..
وملامحها ومظهرها وموادها تنطق بما لم نقله عنها..
* * *
المهم أن يستمر الزملاء على هذا المستوى من الحماس والتصميم.. وأن تكونوا كقراء العين التي تراقب وتكشف لنا مكامن الخلل إن وجد لنعمل على تلافيه..
* * *
بقي أن أذكِّركم بأن شعارنا وشعاركم..
الجزيرة تكفيك..


خالد المالك

أميرة ويلز.. رحلة الألم والسعادة (22)
اليوم الأخير في حياة ديانا

المؤلف: Christopher P Andersen
الناشر: Econo Clad Books
"يوم وفاة ديانا" كتاب يقدم لنا رواية مفصلة دقيقة عن آخر يوم في حياة أميرة ويلز الراحلة ديانا سبنسر، كتبه الصحفي المخضرم كريستوفر اندرسون صاحب افضل الكتب مبيعا "جاك وجاكي" و"جاكي بعد جاك"، لقد امضى الكاتب اندرسون الحائز على ثناء النقاد لسبعة عشر من مؤلفاته التي ترجمت الى اكثر من عشرين لغة في مختلف انحاء العالم.. امضى وقتاً طويلاً محاولاً فك طلاسم مقتل اميرة ويلز حيث الحيرة والغموض يطغيان على الحادث الذي مازال الملايين يتلهفون لمعرفة تفاصيله واسراره!!
قام اندرسون بمراجعة مصادر هامة للغاية وشخصيات وافق بعضهم على التحدث لأول مرة لأجل إعادة صياغة قصتها وكتابتها بتفاصيلها المذهلة الجديدة على نحو قد يلبي شغف المهتمين للتعرف على حقيقة ماجرى للأميرة ديانا في ذلك اليوم المشؤوم بالنسبة لهم، وكانت بقوتها وسحرها فوق التجاهل والاستغناء مثلما تأكد للعائلة الملكية البريطانية بعد محاولات الانفصال!! هذه هي اميرة ولز بعيون المتابعين بعد وفاتها بخمس سنوات، كل ذلك كان مدعاة ليحمل الكاتب كريستوفر امانة البحث عن الحقيقة ليستكشف ما قد يكون جديدا في تفاصيل ما جرى.
حيث يقول في كتابه الذي نستعرضه على حلقتين: "فاجعة مصرع اميرة ويلز في 31 اغسطس 1997م هي واحدة من تلك العلامات التاريخية مثل اغتيال كنيدي، لقد كان مصرعها حدثا لا ينسى، ومثله لا يزال الملايين يتذكرون وقائع تلك الصدمة والانباء السيئة التي جاءت اليهم من باريس.. فيما ما زالت تداعب خيالاتهم وقائع زواجها الاسطوري من الامير تشارلز قبل ستة عشر عاما من زواجها وهي فترة زمنية كانت كافية لتتحول ديانا من "دي" الخجولة الى اكثر امرأة التقط لها صور على وجه الأرض.. بعضها يبتعد كثيرا عن "دي" الخجولة، واكثر امرأة كتب عنها وتحدث الناس عنها حية وميتة لتصبح اميرة ويلز واحدة من اشهر نساء العالم!!
قصة اميرة ويلز بل حياتها كانت مزيجا من الالم والسعادة، وخليطا من النصر والخسارة ومن الحب وعدم القبول.. وهكذا فان "يوم وفاة ديانا" يقلب لنا صفحات التاريخ ليحكي لنا تفاصيل هذه الشخصية النسائية الأكثر اثارة ولفتا للانظار في العالم، مع كريستوفر اندرسون الذي عمل محرراً متعاوناً سابقاً لمجلة "تايم" وكبيرا للمحررين في مجلة "بيبول"، وكتب المئات من المقالات في العديد من المطبوعات بما في ذلك مجلة "لايف" و"نيويورك تايمز"، نستعرض في الجزء الثاني تفاصيل ما جرى لأميرة ويلز على النحو التالي:
كان الجو بالنسبةإلى "ميريزي" مدير الاتصالات بالمستشفى مثل مسرحيات شكسبيرالأسطورية، وقال: "لقد ذكرني هذا المشهد بقصة هاملت، ففي داخل القلعة كان كل شيء هادئاً تماما ومملوءاً بالسكينة ويتم التخطيط له بصورة جيدة وكأنه أشبه بإعداد مؤامرة، في حين كانت الجماهير الغفيرة تنتظر بالخارج". وقد كان الجو كله يعطي سبباً منطقياً للقلق، فقد جاءت الأخبار المبكرة بإلقاء تهمة الاصطدام على مصوري الفضائح الباريسيين، وتجمع الجمهور الغاضب خارج المستشفى يصيح : "أوغاد! قتلة مأجورون! مجرمون!" لذا قام ميريزي بالاختيار العشوائي لستة صحفيين وستة مصورين للدخول داخل المستشفى، وقال ميريزي: "لم أرغب في أن أستقبل الأمير تشارلز بمظهر مزعج في بداية دخوله المستشفى" وقد أمضى ميريزي فترة الصباح في السعي بين جناح الطوارئ في المستشفى وبين مكتبه الصحفي في نهاية الشارع. وقال: "كان لا بد من وجود حل لكي لا يظهر المستشفى بمظهر غير مناسب، ومن ثم صورة فرنسا كلها"، فقام ميريز بخلع جاكتته وقام بمجاوزة حواجز البوليس وذهب إلى الجمهور المتحمس قائلا: "لقد اخترت بعض الصحفيين والمصورين الذين بدوا أنهم كبار الصحفيين، وقلت لهم إن الأمير تشارلز على وشك القدوم، ولا أريد أن أسمع كلمة ولا حتى تمتمة، لا شيء على الإطلاق، ولدهشتي الكاملة وافقوا تماما، فلم يرد أحد أن يفعل أي شيء من شأنه أن يغضب عائلة ديانا".
مشهد فوضوي
وفي الساعة الرابعة والنصف عصرا وفي تطبيق حرفي للبروتوكول، تم فرش سجادة حمراء من بداية المدخل الرئيسي لمستشفى بيتي سالبيتريه يحوطها ضباط من الحرس الجمهوري الخاص بالرئيس الفرنسي يرتدون زيهم الملون، ولكن بقية المستشفى لم تكن في حالتها العادية. فبعد سلسلة من التفجيرات التي قام بها إرهابيون في ذلك الوقت قامت الإدارة بإغلاق جميع سلال المهملات حول المستشفى، ولتزداد الأمور تعقيدا، لم يكن فريق الصيانة قد وصل بعد لكي ينظفوا الفوضى التي تجمعت في نهاية الأسبوع،وكنتيجة لذلك كانت الأروقة الرئيسية والدرج مملوءة بقطع من أكواب القهوة البلاستيكية وأغطية الحلوى وأعقاب السجائر، فتم تكليف فريق الممرضات بالتقاط المكانس وترتيب المكان على وجه السرعة قبل وصول سمو الأمير تشارلز.
صمت مطبق
وكان سرب الجو البريطاني BAe 146 يحمل الأمير تشارلز وأخوات الأميرة ديانا، الليدي سارة ماكوركودال، والليدي جين فيللوز، ووصلوا في تمام الساعة الخامسة مساء. وبعد ذلك بنصف ساعة وقفت سيارتهم الجاجوار الفضية أمام مدخل المستشفى من ناحية جناح جاستون كورديه. وقد نجح تحذير ميريزي للجمهور "كل ما كنت تستطيع سماعه هو حفيف إطارات سيارتهم الفاخرة على أسفلت الطريق، فقد خيم السكون تماما على المكان". وقد ظهر الثلاثة من السيارة، وكان الأمير تشارلز يرتدي بدلة زرقاء غامقة بصديري، وارتدت الليدي جين معطفا برونزيا عليه شال مرسوم عليه زهور، وكانت الليدي ساره ترتدي فستانا أسود كاملا، وكانت تتدلى نظارتها على صدرها بسلسلة حول عنقها. وقد انحنى لهم الرئيس شيراك وأخذ يد الأمير تشارلز وقدم له كلمات التعازي، وكان الأمير يبتسم في شجاعة، وشكر الرئيس الفرنسي وحرمه في فرنسية واضحة، ثم وضع يده اليمنى داخل جيبه ثم دلف إلى الداخل.
في مواجهة الموقف
ثم صاحبهم شيراك إلى الطابق الثاني، ولكنه توقف عن مصاحبتهم عندما اقتربوا من الحجرة التي يقبع فيها جثمان ديانا، وفي المقابل قام رئيس البروتوكول البريطاني ماسوني ومعه الممرضة هومبرت بمرافقتهم إلى الطرقة وعندما اقتربوا من الغرفة التي يحرسها رجلا البوليس قالت هومبرت وهي تستعيد الأحداث: "التفت إلي رئيس البروتوكول البريطاني وقال لي بالفرنسية: مدام، إن دوري ينتهي عند هذا الحد، وقد جاء دورك لتقودي جلالته إلى الداخل، وقد ذهلت، فقد تم إخباري بأن تشارلز وأختي ديانا سوف يدخلون الحجرة بمفردهم، فماذا أقول له؟ فقد تساءلت في نفسي ما الذي سوف يحدث؟ ثم تقدمت بثبات إلى الأمام وقلت في فرنسية: "من فضلك اتبعني" ثم تقدموا نحو الباب ودخل تشارلز أولا، وتبعته الليدي جين والليدي سارة ثم توقف الأمير تشارلز وكأنه قد تجمد أمام التابوت، أما الليدي جين فقد انفجرت في البكاء".
وعلى الرغم من أنها قضت ساعات من مشاهدة الضيوف الكبار ينهمرون في الحزن والبكاء عليها، دهشت هومبرت من رد فعل تشارلز، فمع أول نظرة يلقيها على جسد ديانا الذي بلا روح ولا حراك داخل التابوت، جاءت نسمة هواء من جهاز التكييف فرفعت خصلة من شعرها، وعندها مال تشارلز برأسه إلى الوراء وكأنما ضربته قوى خفية. وقالت: "لقد ارتد أمير ويلز إلى الوراء فجأة، وأرجع رأسه في حركة لا شعورية، كما لو أنه كان قد أصيب بصدمة، كما لو أنه لم يستطع تحمل ذلك، لم يكن يصدق ذلك، ويمكن أن تشعر بعظيم ألمه في ذلك الوقت".
وتم وضع كرسيين على جانبي التابوت، فسحب تشارلز أحدهما ووضعه إلى جوار الآخر وأومأ إلى أختي ديانا بالجلوس على جانبيه، وقد أحنوا رؤوسهم بالأسى، ولاحظت هومبرت أن الليدي جين كانت محطمة تماما، ثم بدأت في النحيب بصوت عالٍ،وقدوضع تشارلز ذراعيه حولها وهمس لها بشيء في أذنها.
كتلة اكتئاب
وتقول هومبرت: "لقد كنت وحدي معهم وقد انتظرت ولم أدر ما أفعله بعد ذلك، وكانت عينا تشارلز الزرقاوان الشاحبتان مغرورقتين بالدموع، والتفت إليها قائلا: "مدام، هل يمكن أن ترسلي لنا قساً إنجليكانياً؟" وفي خلال دقائق وصل كل من ريفيريند درابر وكلوشارد بوسيت، وقالت هومبرت: "ثم أدينا طقوسنا الدينية" وقام ريفيريند درابر بقراءة ذلك باللغة الإنجليزية. وقال ميريزي: "لقد تعرفت على أميرة وليز من خلال وسائل الإعلام وقد وجدتها عطوفة للغاية". وكان ميريزي يراقب الأمير تشارلز من بعيد، وأضاف: "لقد كانت تحب كما نقول باللغة الفرنسية أن تضرب برجلها عرض الحائط، وتتحدى التقاليد السائدة، وكانت أكثر حنانا من الأمير، ولكنه أدهشني، وأعتقد أنه أدهشنا جميعا، فقد كان محطما تماما بسبب ما رآه، وكان ذلك مؤثرا للغاية، ففي لحظة ما اقترب من أن يغمى عليه،ولكنه استعاد رباطة جأشه في آخر لحظة، فلقد كان تشارلز محبطا تماما عندما وقع ناظراه على جسد ديانا، ولم يكن طاقم المستشفى أقل تأثرا من الطريقة التي عامل بها الأمير تشارلز أختي ديانا فقد كان عطوفا للغاية، وطيبا جدا تجاهما، وكان رجلا مهذبا ولم يخف آلامه في الوقت ذاته،وقد كان ذلك شيئا لم يتوقعه أحد منا،ثم بعد ذلك طلب تشارلز أن ينفرد مع زوجته الراحلة ديانا، وعندما ظهر بعد ذلك بخمس دقائق لكي يلتقي ثانية بالرئيس شيراك وبقية الجمع الرسمي في الردهة، كان واضحا للجميع أنه قد أجهش في البكاء، فلقد كان هناك ألم عظيم وكآبة عظيمة على وجه الأمير تشارلز، وقد تحول وجهه إلى كتلة من الاكتئاب".
الكلمات تخون تشارلز
ثم استجمع الأمير قواه بعد ذلك بصورة كافية لكي يشكر هومبرت وليكورشيه وميريزي وبقية أعضاء طاقم المستشفى على كل المجهودات التي قاموا بها، ثم تم تقديمه إلى اثنين من الجراحين اللذين حاولا طبقا للمصطلحات الطبية الفرنسية تقديم العلاج لديانا، وقد حاول تشارلز أن يقول الكلمات المناسبة بالفرنسية ولكنه أخفق، وقال: "تهانينا!"، فقد تفوه بها من دون تفكير وهو يشد على يد د.ريو، ثم بعد ذلك استرجع قدرته على اللغة، فشكر د.ريو أشهر جراحي القلب الفرنسيين و د.آلان بافيه، والذي كان بالصدفة في أثناء فترة نوبته، وشكرهما على مجهوداتهما الجبارة، وكانا قد قاما في الساعات الأخيرة التي اضطرا فيها بالاعتراف بالهزيمة ويئسا من حالة الأميرة بحلق ذقونهما وتغيير ملابس الجراحة الخضراء الملوثة بالدماء، وارتديا معاطف المستشفى البيضاء.
وفي الوقت الذي تم فيه إعداد التابوت للخروج، بدأ الأمير تشارلز في توجيه سلسلة من الأسئلة: ماذا كانت الظروف المحيطة بوصول ديانا إلى المستشفى؟ كيف تمت معاملتها؟ ماذا كان دور كل فرد في محاولة إنقاذ حياة الأميرة؟ وكان شغوفاً جدا لمعرفة كل شيء كما قالت هومبرت، "وظل لمدة نصف ساعة وتكلم كثيرا، فيبدو أنه كان يريد أن يتكلم فقط من أجل الكلام".
رحلة العودة
وفي الوقت ذاته ذهبت ليكورشيه إلى الجلسة التي تم إعدادها في الغرفة الملحقة بغرفة ديانا، وشربت كوبا من الشاي مع الليدي جين والليدي سارة،ومرة ثانية كانت أختا ديانا محطمتين تماما، وسألتها الليدي جين: "أخبريني.. هل تألمت ديانا؟" فردت عليها ليكورشيه: "لا، لقد حدث كل شيء في سرعة كبيرة". كانت الساعة وقتها 6 مساء، وكان ذلك هو الموعد المحدد طبقا للجدول الزمني الذي أعده طاقم المستشفى أثناء فترة الظهيرة في جلسة التخطيط للمراسم، وبدأت رحلة جثمان ديانا في رحلة العودة إلى بلادها، وتم حمل التابوت على سلالم المبنى حمله أربعة من حاملي النعوش تم تأجيرهم من دار المناسبات، وكان يمكن أن يظهر وجهها بوضوح جدا من خلال النافذة الزجاجية الصغيرة لو لم يكن التابوت مغطى بالأقمشة المحلاة بالأسد الذهبي والألوان الأرجوان والأحمر والأبيض التي جاءت برفقة أمير ويلز على متن الطائرة وكان تشارلز وراء نعش ديانا مباشرة، ثم الليدي سارة والليدي جين، ثم الرئيس الفرنسي وحرمه، وكانت محفورة على وجوه جميع الحاضرين في الجنازة معالم الحزن والصدمة، ووقف العشرات من الحرس الجمهوري بثبات وانتباه.، وقد كانت شمس الأصيل تومض في الأفق وتنعكس على دروعهم الذهبية وعلى قبعاتهم ذات الريش الأحمر. وعندما قام عازف القرب الوحيد بالعزف خرج من نوافذ المستشفى أكثر من 200 من العاملين والمرضى الذين بعضهم كان مربوط في يديه أجهزة نقل الدم، برزوا جميعا من جناح جاستون كورديه لكي يظهروا احترامهم، وقد وقفت أختا ديانا مع الأمير تشارلز أسفل مظلة المدخل الرئيسي، وكانت يداهم متعلقة مع بعضهم إلى جوارهم، ووقفوا بلا حراك في الوقت الذي قام فيه حاملو النعش بحمل النعش ونقله إلى عربة الموتى الفضية.
الثوب المستعار
وقام تشارلز ثانية بشكر الرئيس شيراك ثم قام بعد ذلك بلا شعور وكأنه فاقد الإدراك إلى الصعود إلى سيارة السفير البريطاني "جاجوار" الخضراء، في حين قامت أختا ديانا بركوب السيارة الفضية. ثم بعد لحظات من استقلال الليدي جين والليدي ساره في السيارة حتى قام بعض أعضاء السفارة البريطانية بالانحناء ناحيتهما بحقيبة بلاستيكية في يده اليسرى، وكانت تحتوي على ثياب ديانا التي كانت ترتديها عندما جاءت إلى حجرة الطوارئ بالمستشفى، وقام بفتح شنطة السيارة برفق ووضع فيها الحقيبة، وعندما أغلقوا شنطة السيارة قام السائق بالنظر في المرآة الخلفية ليشاهد الرجل يبكي بكاء حارا أمام الناس. وفي الوقت الذي بدأ فيه موكب الجثمان في الذهاب بعيدا عن أرض بيتري سالبيتري، قام الجمهور الذي كان صامتا في وقار بالتصفيق العفوي بصوت خفيض شبه الصامت، وصاح أحدهم عندما بدأ الصفيق يخفت: "نحن نحبك يا ديانا!" ثم صاح آخر في صوت أعلى: "نحن نحبك! ولن ننساك أبدا يا ديانا!". وبعد ذلك بثلاثين دقيقة قام الموكب بالتوجه إلى مطار فيلا كوبليه، وقام حرس شرف من القوات الجوية الملكية بإزالة العلم الذي كان يلف التابوت في رفق، وحمله إلى متن طائرة الشحن، في الوقت الذي قام فيه تشارلز والأختان سبنسر وعدد من كبار المعزين البريطانيين بالوقوف باحترام على جانبي المدرج.
لقد أصبحت جاهزة أخيرا للرحيل إلى إنجلترا، ولم يكن العالم كله يعلم شيئا عن مسبحة الأم تريزا التي في يدها وصورة ابنيها، أو أن الأميرة في آخررحلة عودة إلى بلادها كانت ترتدي ثوبا مستعارا.
يرتدي بدلة زرقاء غامقة بصديري، وارتدت الليدي جين معطفا برونزيا عليه شال مرسوم عليه زهور، وكانت الليدي ساره ترتدي فستانا أسود كاملا، وكانت تتدلى نظارتها على صدرها بسلسلة حول عنقها. وقد انحنى لهم الرئيس شيراك وأخذ يد الأمير تشارلز وقدم له كلمات التعازي، وكان الأمير يبتسم في شجاعة، وشكر الرئيس الفرنسي وحرمه في فرنسية واضحة، ثم وضع يده اليمنى داخل جيبه ثم دلف إلى الداخل.
في مواجهة الموقف
ثم صاحبهم شيراك إلى الطابق الثاني، ولكنه توقف عن مصاحبتهم عندما اقتربوا من الحجرة التي يقبع فيها جثمان ديانا، وفي المقابل قام رئيس البروتوكول البريطاني ماسوني ومعه الممرضة هومبرت بمرافقتهم إلى الطرقة وعندما اقتربوا من الغرفة التي يحرسها رجلا البوليس قالت هومبرت وهي تستعيد الأحداث: "التفت إلي رئيس البروتوكول البريطاني وقال لي بالفرنسية: مدام، إن دوري ينتهي عند هذا الحد، وقد جاء دورك لتقودي جلالته إلى الداخل، وقد ذهلت، فقد تم إخباري بأن تشارلز وأختي ديانا سوف يدخلون الحجرة بمفردهم، فماذا أقول له؟ فقد تساءلت في نفسي ما الذي سوف يحدث؟ ثم تقدمت بثبات إلى الأمام وقلت في فرنسية: "من فضلك اتبعني" ثم تقدموا نحو الباب ودخل تشارلز أولا، وتبعته الليدي جين والليدي سارة ثم توقف الأمير تشارلز وكأنه قد تجمد أمام التابوت، أما الليدي جين فقد انفجرت في البكاء".
وعلى الرغم من أنها قضت ساعات من مشاهدة الضيوف الكبار ينهمرون في الحزن والبكاء عليها، دهشت هومبرت من رد فعل تشارلز، فمع أول نظرة يلقيها على جسد ديانا الذي بلا روح ولا حراك داخل التابوت، جاءت نسمة هواء من جهاز التكييف فرفعت خصلة من شعرها، وعندها مال تشارلز برأسه إلى الوراء وكأنما ضربته قوى خفية. وقالت: "لقد ارتد أمير ويلز إلى الوراء فجأة، وأرجع رأسه في حركة لا شعورية، كما لو أنه كان قد أصيب بصدمة، كما لو أنه لم يستطع تحمل ذلك، لم يكن يصدق ذلك، ويمكن أن تشعر بعظيم ألمه في ذلك الوقت".
وتم وضع كرسيين على جانبي التابوت، فسحب تشارلز أحدهما ووضعه إلى جوار الآخر وأومأ إلى أختي ديانا بالجلوس على جانبيه، وقد أحنوا رؤوسهم بالأسى، ولاحظت هومبرت أن الليدي جين كانت محطمة تماما، ثم بدأت في النحيب بصوت عالٍ،وقدوضع تشارلز ذراعيه حولها وهمس لها بشيء في أذنها.
كتلة اكتئاب
وتقول هومبرت: "لقد كنت وحدي معهم وقد انتظرت ولم أدر ما أفعله بعد ذلك، وكانت عينا تشارلز الزرقاوان الشاحبتان مغرورقتين بالدموع، والتفت إليها قائلا: "مدام، هل يمكن أن ترسلي لنا قساً إنجليكانياً؟" وفي خلال دقائق وصل كل من ريفيريند درابر وكلوشارد بوسيت، وقالت هومبرت: "ثم أدينا طقوسنا الدينية" وقام ريفيريند درابر بقراءة ذلك باللغة الإنجليزية. وقال ميريزي: "لقد تعرفت على أميرة وليز من خلال وسائل الإعلام وقد وجدتها عطوفة للغاية". وكان ميريزي يراقب الأمير تشارلز من بعيد، وأضاف: "لقد كانت تحب كما نقول باللغة الفرنسية أن تضرب برجلها عرض الحائط، وتتحدى التقاليد السائدة، وكانت أكثر حنانا من الأمير، ولكنه أدهشني، وأعتقد أنه أدهشنا جميعا، فقد كان محطما تماما بسبب ما رآه، وكان ذلك مؤثرا للغاية، ففي لحظة ما اقترب من أن يغمى عليه،ولكنه استعاد رباطة جأشه في آخر لحظة، فلقد كان تشارلز محبطا تماما عندما وقع ناظراه على جسد ديانا، ولم يكن طاقم المستشفى أقل تأثرا من الطريقة التي عامل بها الأمير تشارلز أختي ديانا فقد كان عطوفا للغاية، وطيبا جدا تجاهما، وكان رجلا مهذبا ولم يخف آلامه في الوقت ذاته،وقد كان ذلك شيئا لم يتوقعه أحد منا،ثم بعد ذلك طلب تشارلز أن ينفرد مع زوجته الراحلة ديانا، وعندما ظهر بعد ذلك بخمس دقائق لكي يلتقي ثانية بالرئيس شيراك وبقية الجمع الرسمي في الردهة، كان واضحا للجميع أنه قد أجهش في البكاء، فلقد كان هناك ألم عظيم وكآبة عظيمة على وجه الأمير تشارلز، وقد تحول وجهه إلى كتلة من الاكتئاب".
الكلمات تخون تشارلز
ثم استجمع الأمير قواه بعد ذلك بصورة كافية لكي يشكر هومبرت وليكورشيه وميريزي وبقية أعضاء طاقم المستشفى على كل المجهودات التي قاموا بها، ثم تم تقديمه إلى اثنين من الجراحين اللذين حاولا طبقا للمصطلحات الطبية الفرنسية تقديم العلاج لديانا، وقد حاول تشارلز أن يقول الكلمات المناسبة بالفرنسية ولكنه أخفق، وقال: "تهانينا!"، فقد تفوه بها من دون تفكير وهو يشد على يد د.ريو، ثم بعد ذلك استرجع قدرته على اللغة، فشكر د.ريو أشهر جراحي القلب الفرنسيين و د.آلان بافيه، والذي كان بالصدفة في أثناء فترة نوبته، وشكرهما على مجهوداتهما الجبارة، وكانا قد قاما في الساعات الأخيرة التي اضطرا فيها بالاعتراف بالهزيمة ويئسا من حالة الأميرة بحلق ذقونهما وتغيير ملابس الجراحة الخضراء الملوثة بالدماء، وارتديا معاطف المستشفى البيضاء.
وفي الوقت الذي تم فيه إعداد التابوت للخروج، بدأ الأمير تشارلز في توجيه سلسلة من الأسئلة: ماذا كانت الظروف المحيطة بوصول ديانا إلى المستشفى؟ كيف تمت معاملتها؟ ماذا كان دور كل فرد في محاولة إنقاذ حياة الأميرة؟ وكان شغوفاً جدا لمعرفة كل شيء كما قالت هومبرت، "وظل لمدة نصف ساعة وتكلم كثيرا، فيبدو أنه كان يريد أن يتكلم فقط من أجل الكلام".
رحلة العودة
وفي الوقت ذاته ذهبت ليكورشيه إلى الجلسة التي تم إعدادها في الغرفة الملحقة بغرفة ديانا، وشربت كوبا من الشاي مع الليدي جين والليدي سارة،ومرة ثانية كانت أختا ديانا محطمتين تماما، وسألتها الليدي جين: "أخبريني.. هل تألمت ديانا؟" فردت عليها ليكورشيه: "لا، لقد حدث كل شيء في سرعة كبيرة". كانت الساعة وقتها 6 مساء، وكان ذلك هو الموعد المحدد طبقا للجدول الزمني الذي أعده طاقم المستشفى أثناء فترة الظهيرة في جلسة التخطيط للمراسم، وبدأت رحلة جثمان ديانا في رحلة العودة إلى بلادها، وتم حمل التابوت على سلالم المبنى حمله أربعة من حاملي النعوش تم تأجيرهم من دار المناسبات، وكان يمكن أن يظهر وجهها بوضوح جدا من خلال النافذة الزجاجية الصغيرة لو لم يكن التابوت مغطى بالأقمشة المحلاة بالأسد الذهبي والألوان الأرجوان والأحمر والأبيض التي جاءت برفقة أمير ويلز على متن الطائرة وكان تشارلز وراء نعش ديانا مباشرة، ثم الليدي سارة والليدي جين، ثم الرئيس الفرنسي وحرمه، وكانت محفورة على وجوه جميع الحاضرين في الجنازة معالم الحزن والصدمة، ووقف العشرات من الحرس الجمهوري بثبات وانتباه.، وقد كانت شمس الأصيل تومض في الأفق وتنعكس على دروعهم الذهبية وعلى قبعاتهم ذات الريش الأحمر. وعندما قام عازف القرب الوحيد بالعزف خرج من نوافذ المستشفى أكثر من 200 من العاملين والمرضى الذين بعضهم كان مربوط في يديه أجهزة نقل الدم، برزوا جميعا من جناح جاستون كورديه لكي يظهروا احترامهم، وقد وقفت أختا ديانا مع الأمير تشارلز أسفل مظلة المدخل الرئيسي، وكانت يداهم متعلقة مع بعضهم إلى جوارهم، ووقفوا بلا حراك في الوقت الذي قام فيه حاملو النعش بحمل النعش ونقله إلى عربة الموتى الفضية.
الثوب المستعار
وقام تشارلز ثانية بشكر الرئيس شيراك ثم قام بعد ذلك بلا شعور وكأنه فاقد الإدراك إلى الصعود إلى سيارة السفير البريطاني "جاجوار" الخضراء، في حين قامت أختا ديانا بركوب السيارة الفضية. ثم بعد لحظات من استقلال الليدي جين والليدي ساره في السيارة حتى قام بعض أعضاء السفارة البريطانية بالانحناء ناحيتهما بحقيبة بلاستيكية في يده اليسرى، وكانت تحتوي على ثياب ديانا التي كانت ترتديها عندما جاءت إلى حجرة الطوارئ بالمستشفى، وقام بفتح شنطة السيارة برفق ووضع فيها الحقيبة، وعندما أغلقوا شنطة السيارة قام السائق بالنظر في المرآة الخلفية ليشاهد الرجل يبكي بكاء حارا أمام الناس. وفي الوقت الذي بدأ فيه موكب الجثمان في الذهاب بعيدا عن أرض بيتري سالبيتري، قام الجمهور الذي كان صامتا في وقار بالتصفيق العفوي بصوت خفيض شبه الصامت، وصاح أحدهم عندما بدأ الصفيق يخفت: "نحن نحبك يا ديانا!" ثم صاح آخر في صوت أعلى: "نحن نحبك! ولن ننساك أبدا يا ديانا!". وبعد ذلك بثلاثين دقيقة قام الموكب بالتوجه إلى مطار فيلا كوبليه، وقام حرس شرف من القوات الجوية الملكية بإزالة العلم الذي كان يلف التابوت في رفق، وحمله إلى متن طائرة الشحن، في الوقت الذي قام فيه تشارلز والأختان سبنسر وعدد من كبار المعزين البريطانيين بالوقوف باحترام على جانبي المدرج.
لقد أصبحت جاهزة أخيرا للرحيل إلى إنجلترا، ولم يكن العالم كله يعلم شيئا عن مسبحة الأم تريزا التي في يدها وصورة ابنيها، أو أن الأميرة في آخررحلة عودة إلى بلادها كانت ترتدي ثوبا مستعارا.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
تحت الضوء
ذاكرة التاريخ
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
حول العالم
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
عالم الصقور
عالم الاسرة
المنزل الانيق
كتاب الاسبوع
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
عواصم ودول
الفيروسات والاختراقات
نادي العلوم
هنا نلتقي
ظواهر نادرة
أحلامك
المستكشف
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved