Al Jazirah Magazine Tuesday  16/01/2007 G Issue 202
الملف السياسي
الثلاثاء 27 ,ذو الحجة 1427   العدد  202
 

إفريقيا تدخل دائرة اهتمام المؤسسة العسكرية الأمريكية
المارد الصيني يدفع الأمريكيين إلى تشكيل قيادة عسكرية خاصة بالقارة السمراء

 

 
* إعداد- أشرف البربري:

لسنوات طويلة ظلت إفريقيا الغارقة في الحروب والأمراض والصراعات العرقية والكوارث الطبيعية تحتل مرتبة متأخرة في جدول أولويات وزارة الدفاع الأمريكية، ولكن يبدو أن الوقت قد حان ليتغير هذا الوضع، وتصبح القارة السمراء في مركز متقدم في قائمة أولويات المؤسسة العسكرية الأمريكية.

عن هذه التطورات في السياسة الأمريكية نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور تقريرا تحت عنوان (النزاعات والنفط والقاعدة تدفع أمريكا إلى تشكيل قيادة عسكرية للقارة الإفريقية).

تقول الصحيفة: إن وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد قدم قبل فترة وجيزة من تركه لمنصبه مذكرة إلى الرئيس بوش يطالبه فيه بالسماح لوزارته بتشكيل قيادة عسكرية أمريكية مستقلة خاصة بالقارة الإفريقية.

وتقول مصادر أمريكية: إن الرئيس بوش وافق بالفعل على الفكرة التي تهدف إلى إعطاء القارة السمراء قدرا أكبر من اهتمام المؤسسة العسكرية الأمريكية، ومن المتوقع الإعلان عن تأسيس قيادة عسكرية أمريكية مسؤولة عن إفريقيا في وقت لاحق من العام الحالي.

القارة مورد للنفط

يقول الخبراء: إن تشكيل القيادة الجديدة لن يكون مجرد إعادة تنظيم للهيكل البيروقراطي للمؤسسة العسكرية الأمريكية، وبخاصة القيادة المركزية التي تقع إفريقيا حاليا في دائرة مسؤوليتها، فالولايات المتحدة تسعى من وراء هذه الخطوة إلى مواجهة النفوذ المتزايد لتنظيم القاعدة في العديد من دول القارة الإفريقية مستفيدة من ضعف قبضة الدولة في العديد من هذه الدول.

كذلك تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين إمدادات النفط الإفريقي المتزايدة إليها، خاصة في ظل اهتمام صيني كبير بالحصول على نصيب الأسد من كعكة الاحتياطي النفطي الكبير في إفريقيا.

يقول ميلفن فوت الرئيس التنفيذي لمنظمة (مناصرون من أجل إفريقيا)، وهي منظمة أمريكية تهدف إلى دعم العلاقات الأمريكية الإفريقية، إن تشكيل القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة ستكون دلالة واضحة على أن إفريقيا أصبحت مهمة بالنسبة للولايات المتحدة بصورة لم تحدث من قبل.

ويستطرد فوت قائلا: إن فكرة إقامة قيادة عسكرية أمريكية خاصة بالقارة السمراء ظهرت على السطح منذ سنوات، ولكنها لم تكن ملحة بالصورة التي أصبحت عليها الآن بالنسبة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية في ضوء مجموعة من الأحداث والتطورات الأخيرة، ومنها نجاح الإسلاميين في السيطرة على الصومال، وحكمه تحت راية اتحاد المحاكم الإسلامية قبل أن تتدخل القوات الإثيوبية للإطاحة بهم لصالح الحكومة الانتقالية، واستضافة الصين لرؤساء الدول الإفريقية في مؤتمر قمة إفريقية صينية أواخر العام الماضي، والإعلان عن تقديم مساعدات بقيمة خمسة مليارات دولار لتطوير البنية التحتية في إفريقيا مقابل حصول الصين على حق استيراد النفط الإفريقي.

رغم أن الكثيرين لا يلتفتون للأهمية التي تمثلها إفريقيا بالنسبة لواردات الولايات المتحدة من النفط فإن لغة الأرقام تقول: إن الولايات المتحدة تحصل على 10 في المائة من احتياجاتها النفطية من إفريقيا، كما يتوقع الخبراء أن تزداد هذه النسبة إلى 25 في المائة بحلول 2010م. وفي ظل حالة عدم الاستقرار التي تحيط بالشرق الأوسط، أحد أهم موارد النفط للولايات المتحدة، يرى فوت أن شراكة أمريكية إفريقية ستكون مفيدة لقضية استقرار إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة.

القوات الحالية

في الوقت الحالي تتوزع مسؤولية النشاط العسكري الأمريكي في القارة الإفريقية بين ثلاث قيادات إقليمية في المؤسسة العسكرية الأمريكية، على رأس كل قيادة منها جنرال يكون مسؤولا بصفة مباشرة لدى الرئيس الأمريكي.

أولى هذه القيادات هي القيادة الأمريكية الأوروبية، وهي المسؤولة عن الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا وروسيا، وبالإضافة إلى ذلك تتولى مسؤولية الجانب الأكبر من النشاط العسكري الأمريكي في إفريقيا.

وهناك القيادة المركزية المسؤولة عن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط وحتى أفغانستان، وتتولى بجانب ذلك مسؤولية النشاط العسكري الأمريكي في دول شمال إفريقي، وثالثة هذه القيادات هي قيادة المحيط الهادئ، المسؤولة عن النشاط العسكري الأمريكي في مدغشقر والمياه الدولية جنوب القارة الإفريقية.

ويقول جوي كاربنتر المتحدث باسم البنتاجون،: إن توزيع مسؤولية النشاط العسكري الأمريكي في إفريقيا بين ثلاث قيادات أدى إلى صعوبات في تنفيذ إستراتيجية شاملة ومنتظمة بشأن هذه القارة.

وتعتقد مصادر مقربة إلى وزارة الدفاع الأميركية أن القيادة الجديدة لن تشمل مصر، وهي الدولة ذات الثقل في سياسات الشرق الأوسط، رغم وقوعها جغرافيا في إفريقيا، كما أن القيادة المركزية سوف تحتفظ بمسؤوليتها عن منطقة القرن الإفريقي لفترة 81 شهرا تقريبا حتى تقف القيادة الإفريقية على قدميها.

القوة الجديدة

كان البنتاجون قد أسس بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر قوة عمل مشتركة خاصة بالقرن الإفريقي تحت إشراف القيادة المركزية، وجعلت من جيبوتي مقرا لها، ولكن بعض مصادر البنتاجون تؤكد أن رئاسة القيادة الإفريقية المنتظرة ستكون في مدينة شتوتجارت الألمانية، حيث توجد رئاسة القيادة الأوروبية.

وتشمل مهام قوة القرن الإفريقي مسؤولية رصد وتفكيك أي تنظيمات مسلحة عابرة للحدود، وتقديم المساعدات الإنسانية للحكومات الإفريقية الصديقة لواشنطن.

وتشكل هذه القوة أكبر وجود عسكري أمريكي في قارة إفريقيا.

ويقول هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون القارة الإفريقية في فترة الرئيس بوش الأولى، إن دول القارة لن تلحظ اختلافا كبيرا في الوجود العسكري الأمريكي على الأرض بقيام القيادة الجديدة، ذلك أن القارة في رأيه تحظى بالفعل بقدر كبير من اهتمام المؤسسة العسكرية الأمريكية.

وقد أقامت وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية مكاتب لها في مختلف دول القارة من خلال السفارات الأمريكية. ورغم تراجع الاهتمام المخابراتي الأمريكي بإفريقيا في أعقاب الحرب الباردة فإن هذا الاهتمام عاد للنمو بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

وتقول سوزان رايس مساعدة وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، إن تشكيل القيادة الإفريقية (تأخر كثيراً)، مضيفة أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر جعلت ما كان مطلوبا في السابق من تأكيد الأهمية الإستراتيجية للقارة الإفريقية، أمراً واضحاً بديهيا الآن.

فقد ظلت الولايات المتحدة تتجاهل القارة السمراء لسنوات طويلة رغم أنها تعاني من وجود العديد من الدول الضعيفة والمنهارة التي تشكل خطرا للاستقرار العالمي والأمن القومي الأمريكي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسة

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة