الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 20th May,2003 العدد : 35

الثلاثاء 19 ,ربيع الاول 1424

إلى أين ...؟!
مثلي مثلكم، أحزنني ما حدث..
وهزني هذا العمل المشين الذي قُتل بسببه هذا العدد الكبير من الأبرياء..
ودمّر بعض ما بنيناه على مدى سنوات..
في جهد غير مسبوق..
من مالنا..
وعرق جبين الأحياء والأموات من أبناء الوطن..
***
مثلي مثل كل مواطن..
كأي إنسان..
آلمني هذا المشهد الدامي..
وهذه الممارسة الشاذة..
وأدمى قلبي كثيراً هذا التصرف المجنون..
***
فالرياض، عاصمتنا وحبنا الكبير..
هذه المدينة الفاتنة..
والوردة التي يفوح شذاها على امتداد فيافي وصحارى الوطن..
زرعناها على مدى سنوات طويلة لتبدو زاهية رائعة وبما هي عليه من جمال آخاذ..
واسقيناها من حبنا وحناننا ما منحها كل هذا البريق الجميل..
وأرويناها من دفق قيمنا وأخلاقنا الكثير والكثير..
واخترناها عاصمة لنا..
ومصدراً لخير العالم..
***
أسأل نفسي..
وأسألكم بعد ذلك..
ما الذي حدث لكي نتنكر لها..
ونشوِّه لمسات الجمال والإبداع فيها..
وماذا دهانا حتى ندمرها على ساكنيها..
بلا رحمة..
وفي عمل مجنون..
يأخذ شكل الإرهاب..
في أعمال انتحارية..
بأساليب لا يقدم عليها إلاّ سفاح قاتل..
***
أبحث عن سبب واحد يبرر لمثل تلك المشاهد الدامية..
عن حجة أتكئ عليها لإقناع نفسي بما حدث..
فلا أجد شيئاً..
لأعود كما بدأت..
حزيناً..
متألماً..
وقد تأكد لي أن هذا عمل انتحاري دخيل على مجتمعنا.. ومرفوض من الجميع..
ويجب أن يطوق ولا يسمح بتكراره.


خالد المالك

عقود بمليارات الدولارات لتأهيل البنى التحتية
حرب إعمار العراق!!
قطاع النفط سيتم تخصيصه نتيجة للإصرار الامريكي
تنافس عربي وتركي للحصول على عقود من الباطن بمليارات الدولارات

* إعداد محمد داوود
بعد ان سكتت المدافع وبدأ العمل في اعادة اعمار ما دمرته الحرب وسنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق، أصبح من المعروف ان
الشركات الامريكية مثل «بيكتل» و«هاليبورتون» ستنال نصيب الاسد من كعكة الاعمار في مجال إعادة تأهيل البنية التحتية وحقول النفط التي سيتم
تأهيلها لتصبح قادرة على ضخ حوالي 6 ملايين برميل يومياً، وسيكون النصيب الاكبر من عقود الباطن للشركات البريطانية وذلك لمشاركتها في الحرب
جنباً الى جنب القوات الامريكية. الشركات الالمانية والروسية والفرنسية لا يزال الموقف الامريكي حيالها غير واضح المعالم وقد تدفع ثمناً غالياً لمعارضتها شن
الحرب على العراق وعلى وجه الخصوص الشركات الفرنسية، بينما تأمل الدول العربية وعلى وجه الخصوص المجاورة للعراق ان يكون لها اسهاماتها في اعادة
اعمار العراق.
«إذا ما طرحت عروض نفطية بواسطة حكومة شرعية تستطيع أن تضمن البنود والشروط على المدى الطويل، سيكون ذلك بالتأكيد محل اهتمامنا»، هذه
الكلمات الصريحة على غير العادة، التي قالها ديفيد اوريلي، رئيس شيفرون تكساكو «وهي شركة نفط عملاقة عملت كونداليزا رايس، مستشارة الأمن
القومي الأمريكي، عضوا بمجلس إدارتها في الماضي»، بدت كما لو أنها تؤكد ما تشكك فيه أولئك الذين يعتقدون بوجود مؤامرة: لن تطيق شركات النفط
الكبرى الانتظار حتى تضع أياديها على الاحتياطيات النفطية العراقية، التي يعتقد أنها ثاني أكبر احتياطي في العالم.
خصخصة النفط
وذكر تقرير نشرته مجلة «الايكونوميست» حول مستقبل صناعة النفط العراقية ان صناعة النفط لا تزال بالفعل في حيرة حول من سيقوم بإدارة النفط
العراقي على المدى القريب: هل هي الولايات المتحدة، أم الأمم المتحدة، أم الشركة النفطية الوطنية العراقية؟ هناك العديد من التكهنات أيضاً حول فرص
الشركات الأجنبية، وبصفة خاصة شركات الدول التي شاركت في الحرب للإطاحة بصدام حسين، بل ان هناك مقترحات أيضاً خاصة من قبل مجموعات
من نحو مؤسسة «هيراتيج» تقول بأن قطاع النفط العراقي ستتم خصخصته بسرعة، نتيجة للإصرار الأمريكي. يزداد توتر الشركات التي تملك عقودا موقعة
من قبل حكومة العراق السابقة مع «لوك أويل» الروسية، التي وقعت اتفاقاً لتطوير حقل نفط غرب القرنة الضخم في عام 1997، تعهدت بمقاومة أية
محاولة لإلغاء تعاقداتها ولو باحتجاز ناقلات النفط العراقي إذا اقتضت الضرورة.
وأشار التقرير الى انه قبل أن تبدأ الحرب بوقت طويل، قدمت أمريكا وبريطانيا وعودا قاطعة بأن النفط العراقي يخص فقط الشعب العراقي، وأن الحصول
عليه لم يكن على الإطلاق جزءاً من قرار الذهاب للحرب، وفي تصريح مشترك في الثامن من أبريل، أوضح جورج بوش وتوني بلير مجدداً أن نفط العراق
وموارده الطبيعية الأخرى هي «ميراث شعب العراق، الذي ينبغي استخدامه فقط لمصلحتهم».
ووفقاً لمجلة الايكونوميست فإن المشكلة تكمن في أن تقرير أفضل طريقة لإدارة نفط العراق لمصلحة شعبه هو أمر يشوبه الغموض وقد يتضمن بعض أكثر
الخيارات الواعدة على خلق فرص مربحة للشركات الأجنبية، بما فيها شركات النفط الأمريكية والبريطانية، التي قد تلجأ لأساليب فظة مع أولئك الذين
يكرهون أن يصدقوا بوش وبلير، لقد تشكك المتشائمون بالفعل من السرعة التي تحرك بها التحالف «بنصيحة من عمالقة النفط» للحيلولة دون تدمير حقول
النفط العراقية، إن التحرك الذي وفر الحماية لميراث العراقيين جرى تصويره كشن حرب وفقا لأولويات الصناعة النفطية.
اغراق سوق النفط
وتقول الايكونوميست إن واحدا على الأقل من التنبؤات التآمرية لن يكتب له التحقق فيما يبدو أن يهدأ المتشائمين بقدر يكفي لإدارة نقاش صحي، سبق
أن قيل، إن أمريكا باستيلائها على النفط العراقي ستقوم بإغراق سوق النفط، مخفضة للأسعار ومحطمة لكارتل «اتحاد منتجي» منظمة اوبيك، بعبع
مستهلكي الغاز الأمريكيين. يعتقد معظم خبراء الصناعة النفطية أن من الواضح أن ذلك لن يكون في مصلحة الشعب العراقي، لكن من الواضح بنفس القدر
أن ذلك لا يمكن عمله على أي حال على الأقل، ليس في وقت يرجح فيه أن يحكم العراقيون بواسطة سلطة خارجية، سواء أكان التحالف العسكري المنتصر
أو الأمم المتحدة.
زيادة الانتاج
ووفقاً لمجموعة كامبريدج لأبحاث الطاقة فإن سوء الحكم والاستثمار السيئ، المقترن مع عشر سنوات من عقوبات الأمم المتحدة التي فرضت قيوداً على
إستيراد قطع الغيار، قد ترك صناعة النفط العراقية في حالة يرثى لها، سوف تكلف العودة لمستوى التصدير ما قبل الحرب 5,2 مليون برميل في اليوم بلايين
الدولارات وما يقرب من عام على أقل تقدير.
إن بلوغ طاقة إنتاجية تبلغ5,3 ملايين مليون برميل في اليوم، والتي شوهدت آخر مرة قبل ثلاثة عقود، تستلزم 5 7 بلايين دولارآخر وعدة سنوات..
حكومة ديموقراطية
وعلى نحو ما أوضحت تعليقات السيد اوريلي، من شيفرون تكساكو، سيعتمد الأمر أكثر على السرعة التي يمكن بها إقامة حكومة شرعية في العراق، لكن
قد تصبح الأمور محيرة أكثر حتى إذا كانت هناك حكومة عراقية ديمقراطية جاهزة لتولي مقاليد الأمر على الفور.
ويضيف تقرير الايكونوميست قائلاً: إن مثل هذه الحكومة سيكون عليها أن تعثر على أناس جدد من ذوي الخبرة في الصناعة النفطية لإدارة الشركة النفطية
الوطنية العراقية، بدلاً عن أصدقاء صدام حسين الذين كانوا يتولون الأمر، هناك حاجة لبلايين الدولارات لإصلاح البنى التحتية الخاصة بصناعة النفط المدمرة
وزيادة الإنتاج، ستكون هناك قرارات يتعين اتخاذها حول الدور الذي يمكن السماح به لشركات النفط الأجنبية، وبأي ثمن وما إن كان سيتم إلغاء العقود
التي وقعت مع شركات أجنبية بواسطة نظام الحكم السابق. من المحتمل أن يكون هناك أيضاً نقاش حول شكل العلاقة المناسبة بين الحكومة الجديدة وصناعة
النفط، بما فيه نقاش حول الدور والشكل الممكن للخصخصة، أخذاً في الحسبان القيود المحتملة على الإنتاج خلال المستقبل المنظور والحاجة الملحة لجمع
أموال لإعادة بناء البلد، سيتعين اتخاذ قرارات صعبة حول ما إن كان ينبغي الاقتراض بضمان احتياطيات النفط، أو حتى ببيعها، سواءً بكفالة الإيرادات
المستقبلية المحتملة أو لشركات النفط الأجنبية مباشرة.
ويتابع التقرير: إن كون هذه المسائل ستصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لأية حكومة انتقالية يتجلى في مسألة من يمكن تكليفه بمسؤولية شركة النفط الوطنية
العراقية، أخذاً في الاعتبار أن معظم أصحاب الخبرة من رجال النفط العراقيين ليسوا مناسبين الآن، إن كانوا أحياء. يسهل فهم لماذا تتردد في واشنطن
العاصمة أسماء من نحو فيليب كارول، وهو رئيس سابق لرويال الهولندية/الشركة التابعة لشل الأمريكية ويسهل أيضاً فهم لماذا يولد هذا الأمر السخرية.
احتياجات لرأس مال
ويضيف التقرير: بالنسبة لجمع الأموال، كثيراً ما تلجأ شركات النفط في القطاع الخاص للاقتراض عن طريق رهن احتياطياتها كضمان، استطاعت بعض
الدول، بما فيها المكسيك، أن تفعل ذلك أيضاً برهن إيرادات السيولة المتوقعة من شركاتها النفطية التي تديرها الدولة. يعتقد آمي جافي، وهو خبير في الطاقة
بجامعة رايس بهيوستن، أن الأمر يختلف في العراق، فاعتماداً على: من يدفع مقابل ماذا، فإن الأموال المعنية المطلوبة قد تقلل من قيمة تلك التي استطاع
المقترضون الآخرون جمعها من أسواق رأس المال: «ستبلغ تكاليف الاحتلال وإعادة التعمير ما بين 100 و200 بليون دولار، ولن تستطيع إدارة بوش
مقابلة صفقة كبيرة بهذا الحجم.
يتمثل بديل آخر في إقناع شركات نفط أجنبية لتوفير رأس مال مقابل حق في الاحتياطيات النفطية، سواءً من خلال اتفاقيات مشاركة إنتاج أو ملكية
كاملة، في مثل هذه الظروف، فمن المرجح الحصول على أعلى الأسعار بعمل مزاد مفتوح للجميع. إن وقف تقديم العطاء على الشركات من الدول التي
دعمت الحرب، سيكون جلياً ليس من مصلحة الشعب العراقي، بنفس القدر، لم تكن التعاقدات التي جرى توقيعها تحت حكم صدام تعبر عن أفضل مصالح
الشعب العراقي، والسبب في كليهما هو أن الشركات من الدول التي التزمت بعقوبات الأمم المتحدة لم تكن تستطيع تقديم عروضها وبسبب أن الصفقات
كانت توجهها مصالح صدام الخاصة. هناك أسس قوية لإلغاء تلك العقود والبدء في طرح عقود جديدة.
صفقات سياسية
ويتساءل تقرير الايكونوميست: أيكون ذلك قانونياً؟ يقول بعض المحللين بقانونيته، أخذاً في الحسبان أن صدام كان طاغية وأن بعض الصفقات التي ذهبت
لشركات روسية وصينية وهندية يبدو أنها منحت لاستقطاب تأييد سياسي في الأمم المتحدة وربما تفادي الغزو. يصر خبراء آخرون على أن عملا من هذا
القبيل سيمثل خرقاً واضحاً لحقوق الملكية أشبه بنزع فيديل كاسترو ملكية الأصول الأمريكية قبل أربعة عقود.
يطرح فاهان زانويان من بي، إف، سي، للطاقة، وهي شركة استشارية، رؤية تبدو واقعية، «في مجال العمل النفطي، تستطيع حكومات مستقلة، وهي تفعل
ذلك في بعض الأحيان، أن تنكث بالعهود في العقود النفطية، القائمة دائماً على الثقة في النهاية»، ربما يمكن للشركات الروسية أو الصينية أن تتحدى العراق
أوسلطة انتقالية أمريكية أمام المحكمة المدنية الدولية في لاهاي، لكن عملاً من هذا القبيل سيكون كفيلاً بحرمان هذه الشركات من أي نفط أو أموال
لسنوات عديدة، ومن المحتمل ألا تتمكن من العودة إطلاقاً للعمل في العراق مرة أخرى.
يعتقد زانويان أن شركات من نحو «لوك اويل» الروسية، قد تقرر في النهاية رغم الضجة الكبيرة التي تثيرها حالياً التفاوض للوصول إلى تسوية مع نظام
حكم جديد، بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من عقودها، أو ربما بيع حقوقها لمنافسين أمريكيين أو بريطانيين.
احتياطات النفط العراقي
ووفقاً لمجلة الايكونوميست فإن أي قرار من قبل حكومة انتقالية لبيع احتياطيات النفط العراقي، وبشكل خاص لشركات أجنبية كما هو الراجح، سيكون
مثار جدل كبير وعرضة لاتهامات بالنوايا السيئة، إذا أمكن العثور على وسيلة أخرى لجمع الأموال لإعادة البناء ربما قرض من صندوق النقد الدولي بضمان
احتياطيات النفط سيكون ذلك أفضل بكثير، لكن هناك س ب ب يدعو للخوف من ترك ملكية احتياطيات النفط لحكومة عراقية جديدة وهو تحديداً أن
أعضاء هذه الحكومة سيواجهون إغراءات ضخمة لاستغلالها لمصلحتهم الخاصة، للغرابة، هناك بعض أمثلة قليلة لدول، من تلك التي أثرت بفضل الموارد
النفطية، تشرك سكانها بشكل واسع في هذه الثروة.
إن الأمر الواجب فعله للحيلولة دون هذا، والمدى الممكن لأية حكومة انتقالية لمحاولة إقناع حكومة عراقية جديدة بأن تتبع نهجاً معيناً من العمل، أو حتى
تقديم صيغة جاهزة لها، لهي مسائل ستثير بالتأكيد نقاشاً حياً.
ويشير التقرير الى انه من المحتمل أن ينظر بعض دعاة الإصلاح للعراق باعتباره فرصة جديدة لمحاولة تنفيذ خصخصة واسعة، مع إعطاء حصص من النفط
العراقي لكل مواطن عراقي، ربما يمكن لهؤلاء أن يطوروا فشل الخصخصة الواسعة التي جرت سابقاً، بشكل خاص في روسيا، عندما اتجه أصحاب الحصص
لبيعها سريعاً بأسعار أدنى بكثير من قيمتها الحقيقية، آخرون من الذين خبروا فشل الخصخصة الواسعة كتلك التي جرت في روسيا سيجادلون بالقول بأن
على العراق أن يتجنب هذه التجربة بأي ثمن، مقترحين بدلاً عنها تجارب النرويج، كولومبيا وألاسكا، التي اقامت صناديق تحفظ فيها إيرادات النفط في
عهدة المواطنين، في ألاسكا، على سبيل المثال، ينفق صندوق النفط التابع للدولة 8000 دولار تقريباً في العام لكل عائلة، إن تصرفاً من هذا القبيل سيوفر
للعراقيين الدليل القاطع على أن النفط ملكهم الآن، وليس ملك أمريكا، ولا ملك حكومتهم الجديدة وبالتأكيد ليس ملكاً لصدام.
المشاركة العربية والتركية
وحول اعادة اعمار العراق كتبت دانا هارمان في تقرير لها من عمان بالاردن ونشر في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» إنه قد حان وقت إعادة البناء
في العراق، ويرغب الكل في قطعة من العمل، بما فيهم خالد كردي، نائب مدير عام أكبر شركة للحديد بهذه المملكة، حديد الأردن. يرغب السيد كردي
في أن يرى منتجات شركته في كل مكان من العراق الجديد: في بناء مستشفيات جديدة، إقامة وزارات جديدة وبالطبع في جلب إيرادات مالية، لم يحب
السيد كردي الحرب في العراق على الإطلاق، وهو ليس مفتوناً بالولايات المتحدة هذه الأيام، لكن العمل التجاري هو عمل تجاري، وهناك عقودات إعادة
بناء قيمتها عشرات بلايين الدولارات سيجري توزيعها، كما يقول كردي، خريج جامعة ستانفورد. لن ينقشع الاستياء والخوف من الولايات المتحدة تماماً،
كما يقول مواطنو المدينة، إلى حين تغادر القوات الأمريكية العراق وإلى حين الوصول إلى تسوية دائمة للمشكلة الإسرائيليةالفلسطينية، لكن مشاركة
صغيرة في غنائم الحرب يمكن أن تفعل الكثير نحو وضع الأمور في نصابها.
في الواقع، شرعت الخارجية الإمريكية في التعاقد مع دول وشركات عربية، مشجعة إياها على تجهيز عطاءات لإعادة بناء العراق. من المؤمل أن تعود
الاستثمارات بفوائد على الجميع: تستطيع الأعمال التجارية الناتجة عن عقود من الباطن أن توفر فرص المشاركة للخبرات الإقليمية، وستجد العلاقات
المتوترة بين الولايات المتحدة والمنطقة فرصة للإصلاح، ويمكن للعملية الطويلة لتجديد البنى التحتية للعراق أن تبدأ.
يقول كردي «انتهى الغزو، الآن هو الوقت لبناء الجسور في المنطقة، وستكون الولايات المتحدة عاقلة في التفكير في هذا والعمل مع الجيران».
يبدو أن شركة مجموعة بيكتل المحدودة، وهي شركة هندسة وتشييد من سان فرانسيسكو، التي منحت تعاقدا قيمته 680 مليون دولار لإعادة بناء العراق،
تفهم هذه التوقعات. قالت الوكالة الأمريكية للتنمية المسؤولة عن منح تعاقدات قيمتها 4,2 بليون دولار في تصريح صحفي إنه «يتوقع أن تعمل بيكتل
من خلال مقاولين من الباطن مع خبرة إقليمية وصلات وثيقة في العراق في كثير من مهام إعادةالبناء».
يقول طارق ربدي، وهو محلل في مجموعة أطلس للاستثمار الأردنية، «كانت حكومتنا محايدة خلال الحرب»، وهو أضاف «ويتعين أخذ ذلك في الاعتبار
أيضا.. بجانب الميزة التنافسية لدى الكثير من شركاتنا».
أعدت مجموعة أطلس للاستثمار تقريراً عشية الحرب حول السيناريوهات المحتملة ينظر في الكيفية التي يمكن أن تستفيد بها الشركات الأردنية من فترة إعادة
البناء.
أشارت التقديرات الواردة في التقرير إلى أن الصادرات للعراق سترتفع بنسبة 20 إلى 30 في المائة، وتحدث زيادة في كافة القطاعات الأخرى من
نحوالمصارف، التأمين والنقل، كما هو الحال بالفعل في الوقت الحاضر، فإن العراق هو الشريك التجاري الأكبر للأردن، بما نسبته 22 في المائة من صادراته.
المشاركة المصرية التركية
في هذه الأثناء، أوردت الصحيفة المصرية «العالم اليوم» في الأسبوع الماضي أن شركات مصرية، كان كثير منها يعمل في العراق قبل الحرب تحت إشراف
الأمم المتحدة، يمكن أن تجني ما يبلغ 10 بلايين دولار في عقود جديدة من الباطن. أبلغت شركات إسمنت، تشييد، ودواء الصحيفة أنها تعتزم تقديم
عطاءات.
قال أسلي ايدينتاسباس، وهو كاتب زاوية بصحيفة الصباح في أنقرا، ان المسؤولين الأمريكيين قد أوضحوا أن شركات التشييد التركية سيكون لها نصيب في
إعادة بناء العراق، وهو يعتقد «أن الأمر ينبغي أن يكون كذلك»، كان العراق هو الشريك التجاري الرئيسي لتركيا قبل حرب الخليج في عام 1991
و قال رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان مؤخراً إن تركيا هي الأنسب لمهمتي إعادة البناء السياسي والإعماري معاً. تأمل أنقرا في تعاقدات بقيمة 20
بليون دولار على امتداد 15 سنة.
الفرص الالمانية والفرنسية
في هانوفر بالمانيا يجد السيد فيتز نفسه حائراً مع أجهزة تبلغ قيمتها نحو 600000 دولار كانت تمثل الجزء الأول من طلبية قيمتها 5 ملايين دولار تقدمت
بها شركة النفط العراقية التي لا وجود لها الآن.
ويتساءل السيد فيتز متعجباً «ما الذي يمكنني عمله؟ لا أستطيع إرسال الطلبية لأي مكان!» في غرف مجالس الإدارة الاوروبية، من أعمال فيتز المتواضعة إلى
الأعمال التجارية الكبرى في فرنسا وألمانيا، فإن الموضوع الشاغل الأول هو المستقبل الاقتصادي للعراق ما بعد الحرب واحتياجاته في مجال إعادة البناء التي
تقدر بنحو 30 بليون دولار، وقد تحققت المخاوف في أوساط الشركات الفرنسية والألمانية من أن الموقف المعارض للحرب الذي تبناه رئيس الوزراء جاك
شيراك والمستشار غيرهارد تشرودر سيلحق بها ضرراً تجارياً على الأقل في الجولة الأولى من التعاقدات التي منحتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
إن كل الأموال الأولية التي ستقدمها وكالة التنمية الحكومية في التعاقدات الأولية لإعادة البناء الفورية ما بعد الحرب قد ذهبت أو في طريقها لشركات
أمريكية. حتى الآن، تمت الاستعانة بشركتين أجنبيتين فقط، كلتاهما بريطانية، لعقود من الباطن.
إن شركة «سيمنز» الالمانية العملاقة ذات الخبرة في مجال الاتصالات أو «هوتشتيف» لرافعات البناء لم يلتفت إليهما أحد، ولا يتوقع شيء من هذا القبيل
كما يقول فيتز.
مخاوف الشركات الألمانية
يقول فيتز، معبراً عن مخاوف المديرين التنفيذيين الألمان الآخرين، «بسبب الخطأ السياسي الذي إرتكبه المستشار شرودر، فإن الأعمال التجارية الألمانية
ليست لديها فرصة»، إن الموقف المتشدد ضد الحرب للمستشار غيرهارد تشرودر، والذي أعلنه بوضوح كوعد للناخبين وهو يجاهد من أجل إعادة انتخابه
في شهر سبتمبر، أثار غضب إدارة بوش، بينما يقف الرأي العام وراء تشرودر، فإن كبار رجال الأعمال في ألمانيا ناشدوه تخفيف لهجته.
يقول فيتز «أنا أيضاً كنت ضد الحرب، غير أني كنت سأقول ذلك بشكل مختلف»، إن واجهة العمل التجاري ما بعد الحرب مختلفة تماماً في الدول الاوروبية
التي ساندت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، بالفعل حصلت شركات في بريطانيا والدنمارك على تعاقدات مع مسؤولين أمريكيين راغبين في خدمات
هذه الشركات. قام الدبلوماسيون الأمريكيون في الدنمارك، التي عرضت 360 جندياً للمساعدة في حفظ الاستقرار في عراق ما بعد الحرب، بتوجيه رسالة
بالفعل عبر وزير الدفاع تفيد بأنهم يودون الحديث مع شركة الشحن الدنماركية إيه. بي. موللر/ميرسك قروب فيما يتعلق بخبرتها في المنطقة، حسب قول
الشركة. ظلت كراون ايجنت، ومقرها لندن، توفر الدعم اللوجيستي لمهمة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الكويت منذ حصول مجموعة الموارد الدولية
مقرها واشنطن، على تعاقد قيمته 7,1 ملايين دولار في شهر فبراير.
وأعلنت شركة بيكتيل الامريكية العملاقة في الأسبوع الماضي أن الشركة البريطانية «اولايف سكييورتي» والفرع البريطاني من «ارمورهولدينغز»، التي
يوجد مقرها في فلوريدا، ستقومان بتوفير خدمات أمنية وعمل مسوحات للقذائف غير المنفجرة في العراق.
غزو تجاري بريطاني
ويتوقع البريطانيون اقتناص عقود أكثر قريباً. قال ديفيد كلاريدج، وهو محلل بإدارة جانوسيان للمخاطر الأمنية في لندن «نحن نعرف أن وزيرة التجارة
والصناعة باتريشا هيويت قامت بزيارة الولايات المتحدة وإجراء لقاءات نيابة عن الشركات البريطانية، ونعرف أن كبرى الشركات البريطانية في المنطقة
طلب منها أن تكون في حالة استعداد»، ما زالت المؤسسات الصناعية الفرنسية والألمانية متفائلة بحذر، حيث تأمل الدولتان في أن تكون روابطهما التاريخية
بالعراق وسمعتهما الطيبة في المنطقة ذات عون في فرصهما في المستقبل، حينما يقل الوجود الأمريكي ويكون لمنظمة دولية مثل الأمم المتحدة دور أكبر.
يقول بيتر كروتزبيرغر، رئيس مبادرة الشرق الأوسط الإفريقي الشمالي للعمل التجاري في شركة دي. بي. آي. المنظمة المعنية بترويج الصناعة الألمانية، «إن
إعادة إعمار العراق مشروع ضخم لدرجة أن بلداً واحداً لن يمكنه ولن يرغب في القيام به منفرداً»، وبدأ كبار رجال الأعمال الفرنسيين والألمان في
الاستعداد واضعين أعينهم على فرص عقود من الباطن في المستقبل القريب..
وقد التقى كروتزبيرغر مع أعضاء آخرين في دي. بي. آي. وأيضاً مع مسؤولين حكوميين في الاسبوع الماضي بغية نقاش «تقصي حقائق»، و جرى اتخاذ
خطوات شبيهة في باريس، حيث نظمت وزارة المالية ومجموعة ميديف للتجارة ورش عمل حول الموضوع.
يقول خبراء التجارة الفرنسيون إنها مسألة وقت فقط قبل أن تدخل الشركات الفرنسية السوق مرة أخرى.
يقول بيير نويل، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، «ربما أكون مخفقاً في تقدير غضب إدارة بوش على فرنسا، لكن الأمر يختلف حينما تكون على
الأرض مع المهندسين، مع مسؤولين أدني رتبة في مواقع المسؤولية، إنهم سيعولون على علاقاتهم الحصينة جداً».
الحنين للماضي
بين رشفة وأخرى من الشاي الأخضر يعيد فيتز بشغف الذكريات حول أخلاقيات العمل ومطالب العراقيين التي أوفى بها خلال الرحلات الست التي قام بها
للعراق منذ عام 1999، وهو يقول «إنهم مثل الألمان»، الآن أصيب مكتب بغداد الذي افتتحه في عام 1999، على مسافة 492 قدما فقط من السفارة
الألمانية، بالدمار الكامل، قتلت إمرأة واحدة، من فريق عمله المؤلف من 14 فرداً، نتيجة القصف الجوي الأمريكي واستولى اللصوص على معظم معداته
وأجهزته، كان التعاقد الخاص بالجرارات الذي تبلغ قيمته خمسة ملايين دولار، وهو التعاقد الرابع عشر بالنسبة له، سيمثل نحو ربع مجمل مبيعاته هذا العام.
في رسالة موجهة لوزارة الخارجية الألمانية، كتب فيرتز يقول إن الوضع يهدد وجود خط الأنابيب وشركة صيانة البناء اللتين عمل على تعزيزهما على إمتداد
ثلاثة عقود تقريباً، إنه يأمل في أن تقوم شركة عملاقة مثل بكتل، التي حصلت على أحد تعاقدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بشراء جراراته متى
توجهت للعراق.
يقول فيتز، وهو يقرأ من رسالته، «رجاء، ساعدونا في هذا الوضع شديد الصعوبة»، بعد ذاك يقوم رجل الأعمال بوضع الوثيقة على مكتبه ويقول إنه يعرف
سلفا أن الردسيكون (( لانستطيع )).

..... الرجوع .....

قضية العدد
تحت الضوء
فن الادراة
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
المستكشف
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الملف السياسي
فضائيات
السوق المفتوح
المقهى
أماكن
البرمجة الغوية
استراحة
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved