الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 21st December,2004 العدد : 110

الثلاثاء 9 ,ذو القعدة 1425

الوطن الذي نحبه
عندما تكون هناك حاجة إلى استفتاء للمواطن على حجم حبه لوطنه..
مع كل نازلة..
أو محاولة للعبث بأمن الوطن..
تكون الكلمة العليا لهذا المواطن المحب والمتفاني والهائم بحب هذا الوطن الغالي..
حيث ردود الفعل التلقائية والجسورة من المواطن لمواجهة قوى الشر بما يستحقون..
***
أحياناً تتواصل الجرائم بحق الوطن دون شعور بالمسؤولية أو وعي بما للوطن من حقوق..
يتخلى (البعض) عن معايير الانتماء لوطنه..
يترصد هذا البعض لكل شيء جبل فيه فيسعى ليحوله إلى صور مشوهة تسيء لكل مواطن شريف فيه..
لا فرق في هذا بين عدو من الخارج وأولئك الذين لا يلتزمون بالقانون والنظام ممن يحملون هوية الوطن..
***
الوطن زهرة ووردة وجمال أخَّاذ ومثير لا يُبارَى..
هو كذلك لمن أعطاه الله عقلاً راجحاً ليكون هذا هو رأيه ومشاهدته لكل ذرة من تراب الوطن..
والوطن هو الحب الذي لا ينتهي ولا يعلو عليه أو يتساوى معه حب آخر..
إنه أجمل القصائد وأغلى الكلمات وأكثر القصص إثارةً واستمتاعاً..
***
كلمة الوطن، قيثارة حب وموسيقى حالمة نترنم بها ونصغي لها بكل انبهار وإعجاب..
مع كل المواقف التي تمر به أو يمر بها بما فيها تلك المواقف التي تكدر خواطرنا وتسيء إلى وطننا..
وما من أحد مرت كلمة الوطن التي ينطقها في لسانه أو عبرت في طريقها إلى مسامعه، إلا وشعر بالزهو والاعتزاز، ما لم يكن إنساناً ناكراً وجحوداً وغير محب لوطنه..
***
حماية الوطن بكل الوسائل المشروعة من أعدائه ومن المترصدين شراً بمجالات التفوق فيه تقع مسؤوليتها على كل المواطنين ومن غير أن يُستثنَى في ذلك أحد كائناً من يكون..
والدفاع عن الوطن مشروع دائم ومستمر وحق لكل مواطن ينتمي إلى ترابه ويستظل تحت سمائه وينعم بخيراته حين يكون هناك تهديد لأمنه أو محاولة للعبث بمقدراته..
***
إن أي محاولة إرهابية مهما ألبسها صاحبها أو أصحابها من المبررات لا يمكن إلا أن يكون التصدي لها هو الموقف المناسب منها..
وهذا هو الأسلوب الصحيح للتعامل معها بحسب ما يرى صاحب القرار أين تكون مصلحة الوطن..
وإن التسامح أو التساهل أو البحث عن مهدئات وقتية أو البحث عن قنوات لا توصل إلى توفير الحماية المناسبة لحق الوطن والمواطن من تصرفات هؤلاء الأشرار هو في النهاية أسلوب وإجراء لا يخدم المصلحة العامة..
وبالتالي يُقوِّض الأمن ويضع المواطن في دوامة من القلق بوجود مستنقع نتن من الفوضى والضياع..
***
شكراً لحماة الوطن من رجال الأمن إلى كل مواطن دافع عن وطنه فقد أثبت الجميع أنهم على قدر عالٍ من المسؤولية والشعور بالواجب..
فالوطن أمانة في أعناقنا جميعاً، ولا يجب أن نتراخى في الدفاع عنه وحمايته وإلا سرقه الأشرار وأحالوه إلى مساحة للقتل والسحل والفوضى، استجابةً لأحلامهم وتطلعاتهم ونواياهم..
وهذا ما سيكون عصياً عليهم بحول الله.


خالد المالك

متى سيخرج العالم من دائرة سيطرته المخيفة؟
الدولار..عملة أمريكية ومشكلة عالمية!

* إعداد أشرف البربري
أثناء أزمة تدهور قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية في العالم خلال سبعينيات القرن العشرين قال وزير الخزانة الأمريكية في ذلك الوقت جون كونالي لنظرائه الأوروبيين: (الدولار عملتنا لكنه مشكلتكم أنتم).والواقع أن هذه المقولة مازالت صحيحة حتى اليوم. فرد الفعل العالمي خارج الولايات المتحدة على تدهور قيمة الدولار حالياً يختلف بشدة عن رد الفعل داخل الولايات المتحدة. فالتقارير تتحدث عن محادثات سرية بين المسؤولين الأوروبيين واليابانيين بشأن التدخل في أسواق الصرف من أجل وقف تراجع العملة الأمريكية (الخضراء) وزيادة قيمتها أمام كل من الين الياباني والعملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، ولكن ما تسرب الأيام الماضية عن التدخل الأوروبي الياباني المحتمل لمساندة العملة الأمريكية ربما لا يترجم إلى عمل حقيقي إذا لم ينهَر الدولار بصورة أكبر ليصل إلى مستويات قياسية، وفي حالة انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية سيجد المستهلكون الأمريكيون أنفسهم مضطرين إلى انفاق مبالغ أكبر من أجل شراء السيارات ولعب الأطفال المستوردة والقيام برحلات سياحية في الخارج.
في المقابل فإن انخفاض قيمة الدولار تجعل المنتجات الأمريكية في الخارج أرخص من مثيلاتها الأوروبية واليابانية.
تقول صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) إن الدولار فقد الكثير من قيمته أمام العملات الرئيسية خلال الأعوام الثلاث الأخيرة. فمنذ وصول اليورو إلى أعلى مستوى له في فبراير عام 2002 اتخذت العملة الخضراء اتجاهاً هابطاً في الأسواق العالمية حيث فقد حوالي 15 في المائة من قيمته أمام الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة. وقد أثار هذا قلق الشركات الأوروبية التي تخشى من التداعيات السلبية لانخفاض قيمة الدولار أمام اليورو على صادراتها التي ستصبح أعلى سعراً في الأسواق العالمية، وأي تراجع للصادرات الأوروبية سوف يصيب الاقتصاد الأوروبي الذي يعاني من صعوبات بالغة منذ ثلاث سنوات بالمزيد من الركود.
هدوء في واشنطن
وعلى عكس حالة القلق السائدة في أوروبا واليابان بسبب تدهور قيمة الدولار فإن حالة من الهدوء وربما الرضا الصامت تسود دوائر صنع القرار في واشنطن، فلم تصدر حتى الآن أي إشارة عن وزير الخزانة جون سنو الذي يستعد لمغادرة منصبه مع بدء فترة الرئاسة الثانية للرئيس بوش ولا عن أي مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية إلى اعتزام الإدارة استخدام احتياطياتها النقدية البالغ قيمتها ما يعادل 82 مليار دولار لدعم الدولار من خلال الدخول إلى أسواق الصرف العالمية كمشتر للعملة الأمريكية.
يقول المحلل السياسي الأمريكي ديفيد هيل (لا أحد في واشنطن مهتم) بمسألة تدهور قيمة الدولار، وخلال العقود الثلاثة الماضية كان هناك بعض المحللين الأجانب يفسرون انخفاض قيمة الدولار كمؤشر على تدهور أمريكا سياسياً واقتصادياً، أما اليوم ومع الغزو الأمريكي للعراق فإن بعض الأجانب يفسرون التراجع الأخير في قيمة الدولار كمؤشر على الضغط الزائد على الموارد الأمريكية، وكلا التفسيرين من مجرد (هراء) من وجهة نظر ديفيد ديروسا أستاذ المالية في جامعة ييل الأمريكية الذي يقول إن ما يحدث مجرد (تعديل في سعر الدولار) وليس له أي دلالة اقتصادية ولا سياسية أخرى.
وفي حين يرى ديفيد هيل أن تدهور قيمة الدولار ينطوي على (خسارة محدودة) لهيبة أمريكا ومكانتها فإن الخسارة الأكبر تتمثل في فقدان الثقة العالمية في الدولار، وهذه الثقة في العملة الأمريكية حيوية للغاية من أجل استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق المالية الأمريكية، ففي خلال السنوات العشر الماضية ضخ المستثمرون الأجانب أكثر من ستة آلاف مليار دولار بزيادة قدرها مليار دولار عن إجمالي نمو الناتج المحلي الأمريكي خلال هذه السنوات العشر، ومستثمرو القطاع الخاص الأجانب كانوا يتطلعون إلى الحصول على عائد من استثماراتهم في أمريكا يفوق ذلك الذي يمكن أن يحصلوا عليه في حالة الاستثمار في أوروبا حيث كان الاقتصاد محدود القوة أو في اليابان حيث كان الاقتصاد الياباني يعاني من حالة ركود مزمن. وقد كانت الاستثمارات الأجنبية في أمريكا أحد العوامل الرئيسية لقوة الدولار حتى العام الماضي تقريباً. ولكن العجز الهائل في الميزانية الأمريكية وكذلك العجز في ميزان المدفوعات الذي بلغ حوالي 620 مليار دولار جعل هؤلاء المستثمرين أكثر حرصاً وأقل اندفاعاً في إرسال أموالهم للاستثمار في أمريكا.
والوضع الحالي يضع البنوك المركزية لدول العالم تحت ضغط كبير لاتخاذ قرار حاسم والاختيار بين خيارين هما إما الاستمرار في شراء العملة الأمريكية بهدف دعمها حتى لا تتأثر اقتصادياتهم سلباً بهذا التدهور في قيمة العملة الخضراء أو بيع ما لديهم من دولارات في ظل استمرار تدهور قيمته واللجوء إلى تكوين احتياطيات نقدية بعملات أخرى أقوى مثل اليورو والين. والحقيقة أن استجابة بعض البنوك المركزية لتدهور الدولار تشير إلى انقلاب موقف عالم البنوك رأساً على عقب تجاه الدولار، واتجه بعض الشركاء التجاريين التقليديين للولايات المتحدة إلى تقليص خسائرهم بسبب تدهور قيمة الدولار.وقد
خفضت كندا وأستراليا ونيوزيلندا بالفعل حصة الدولار من إجمالي احتياطياتها من العملات الأجنبية إلى أقل من خمسين في المئة في حين أن النسبة السائدة لدى أغلب دول العالم تبلغ 66 في المائة تقريباً، يقول ديفيد هيل إن (حلفاءنا التقليديين تخلوا عن الدولار الأمريكي).
في الوقت نفسه فإن المنافسين الآسيويين الرئيسيين لأمريكا اقتصادياً وهم الصين واليابان كثفوا جهدهما خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضي لوقف ارتفاع قيمة عملتيهما من خلال شراء المزيد من الدولارات الأمريكية لوقف انخفاض قيمتها.
احتياطيات اليابان
وقد كانت النتيجة وصول إجمالي احتياطيات اليابان من العملات الأجنبية وأغلبها دولارات أمريكية إلى 817 مليار دولار. لذلك توقفت اليابان عن شراء المزيد من الدولارات منذ الربيع الماضي وتركت الين يرتفع.
أما الصين فهي تمتلك ثاني أكبر احتياطي نقدي في العالم بعد اليابان حيث يصل إلى حوالي 600 مليار دولار، ولكنها مازالت حريصة على تثبيت قيمة عملتها المحلية اليوان أمام الدولار ومنع ارتفاع قيمتها، والنتيجة استمرار شراء المزيد من الدولارات من السوق، والحقيقة أن الدول الكبرى لن تستطيع التخلص مما لديها من دولارات بالسهولة التي يمكن أن تفعله بها الدول الصغيرة. فإذا فكرت الصين على سبيل المثال بيع جزء مما لديها من دولارات لشراء يورو والاحتفاظ به كاحتياطي فسوف يزداد تدهور قيمة العملة الأمريكية لتتدهور معها قيمة احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي الصيني أيضاً. في الوقت نفسه فإن ريتشارد كوبر أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد الأمريكية يرى أن الصين أو اليابان ستجدان صعوبة في بيع ما لديهما من دولارات لعدم وجود سوق رأسمالية ضخمة تتمتع بالسيولة التي تتمتع بها السوق الأمريكية. فالسوق الأوروبية يمكنها على سيبل المثال توفير مليارات اليورو لمن يرغب في الشراء ولكنها بالتأكيد لا تستطيع توفير عشرات المليارات كما أن السوق اليابانية صغيرة نسبياً ولا يمكن أن تعطي عائداً استثمارياً كالسوق الأمريكية. وفي كل الأحوال لم يتضح بعد مدى انزعاج البنوك المركزية العالمية من تدهور قيمة أرصدتهم الدولارية. ففي الفترة التي سبقت ظهور اليورو كعملة موحدة لأثنتي عشرة دولة أوروبية عام 1999 أعاد البنك المركزي النمساوي تقييم أرصدته الذهبية ورفع قيمتها لكي يغطي الخسائر الرأسمالية في حساباته بسبب تدهور قيمة الدولار في ذلك الوقت.
ولكن إذا استمر تراجع الدولار بطريقة تدفع إلى زيادة أسعار الفائدة الأمريكية فسوف يتلاشى التجاهل الأمريكي المتعمد لهذه القضية. وسوف يتدخل مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي ووزارة الخزانة والدول الأخرى لإنقاذ الدولار، ويرى ريتشارد كوبر أن الولايات المتحدة ستجد رغبة قوية من جانب حلفائها لإنقاذ الدولار لما في ذلك من مصالح مشتركة.
تعديل أم انهيار؟
ويقول الصحفي ديفيد فرانسيس إن الانخفاض الحاد في قيمة الدولار أمام اليورو إلى أدنى مستوى له منذ صدور العملة الأوروبية قبل نحو خمس سنوات وأمام الين إلى مستوى قياسي أصبح على رأس أولويات البحث في مختلف عواصم العالم..من واشنطن إلى برلين ومن طوكيو إلى بكين، والسؤال الذي يشغل الجميع هو هل ما يحدث للدولار هو تعديل مقصود وتحت السيطرة لقيمة العملة الأمريكية أم أنه انهيار حاد خارج عن السيطرة ؟
وما يجعل هذا السؤال مقبولاً هو أن انخفاض الدولار أمام العملات الرئيسية إلى أدنى مستوى له خلال تسع سنوات مازال لا يثير الرعب حتى الآن على الأقل.ولكن بعض المحللين يقولون إن احتمال استمرار تراجع الدولار بصورة أكبر مازال قائماً. كما أن استمرار تدهور قيمة العملة الأمريكية حتى إن كان عملية مقصودة من بعض الأطراف الأمريكية سيكون له تأثير واضح على كل شيء في حياة الأمريكيين بدءاً من أسعار الفائدة على القروض العقارية حتى أسعار السلع المعروضة في متاجر التجزئة، ولكن نصف الكوب المملوء بالنسبة للأمريكيين يتمثل في أن انخفاض قيمة الدولار يزيد القدرة التنافسية للسلع الأمريكية في الخارج مما يتيح للشركات الأمريكية زيادة صادراتها وبالتالي زيادة فرص العمل في أمريكا، كما أن انخفاض قيمة الدولار أمام اليورو سوف يشجع المزيد من السياح الأوروبيين وبخاصة الألمان على القدوم لزيارة المدن الترفيهية الكبرى في أمريكا.
في المقابل، فإن سلبيات هذه الظاهرة بالنسبة للأمريكيين كبيرة ومهمة، فالولايات المتحدة وهي أكبر مستورد على مستوى العالم أصبحت تشتري السلع المستوردة بتكلفة أعلى، كما أنه إذا استمر تراجع الدولار فسوف يتراجع المستثمرون الأجانب عن الاستثمار في السوق المالية الأمريكية الأمر الذي سيدفع مجلس الاحتياط الاتحادي إلى رفع سعر الفائدة من أجل جذب المستثمرين الأجانب إلى شراء سندات الخزانة الأمريكية أو بمعنى أوضح لإقناعهم باستمرار تقديم القروض للحكومة الأمريكية لتمويل العجز المتزايد في ميزانيتها.
قلق خارجي
والحقيقة أن القلق بشأن استمرار تدهور الدولار خارج أمريكا يفوق القلق داخلها، فقد كانت هناك مقولة في السبعينيات أيضاً تقول: إن (إصابة الدولار بالبرد تصيب اليابان وأوروبا الغربية بالسعال)، ولعل هذا هو ما دفع ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا وأكبر مصدر أوروبي أيضاً إلى دعوة مجموعة العشرين التي تضم الدول الصناعية الكبرى والدول النامية الكبرى أيضاً إلى توجيه دعوة إلى الولايات المتحدة لوقف تضخم عجز ميزانيتها وميزان مدفوعاتها باعتبار أن هذه الخطوة حيوية لوقف تدهور العملة الأمريكية.
ويقول مايكل شوبرت المحلل الاقتصادي في مصرف كوميرتس بنك الألماني بمدينة فرانكفورت (هناك الكثير من التكهنات، وبالفعل بدأ يسيطر سلوك القطيع) على الأسواق حيث أصبحت المضاربات والتكهنات هي سيدة الموقف في سوق الصرف العالمية حالياً الأمر الذي يحتم التدخل الفعال من جانب الإدارة الأمريكية والبنوك المركزية للدول الكبرى من أجل إعادة الاستقرار لهذه السوق، وقد فقد الدولار أكثر من خمسين في المائة من قيمته أمام اليورو منذ أكتوبر عام 2000. كما وصل الدولار إلى أقل مستوى له أمام سلة العملات الرئيسية منذ عام 1995م.
ورغم أن تراجع قيمة الدولار خلال الأسابيع الماضية ليس جديداً إلا أن وتيرته زادت بعد إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي جورج بوش لفترة رئاسة ثانية في الثاني من نوفمبر الماضي. ويرى المراقبون أن ما يحدث هو إشارة إلى شكوك الأسواق في إمكانية إقدام إدارة الرئيس بوش على التدخل من أجل وقف تدهور الدولار في ظل تركيزه على مواصلة برامج التخفيضات الضريبية التي ستنعكس في صورة زيادة العجز في الموازنة وبالتالي دفع الدولار إلى مزيد من الهبوط.
يقول ريتشارد رايد خبير الاقتصاديات الأوروبية في مجموعة سيتي جروب الأمريكية أكبر مجموعة مصرفية في العالم إن الاعتقاد الشائع هو
أنه في ظل إدارة الرئيس بوش لن يكون هناك اهتمام أمريكي كبير بشأن خفض العجز في الموازنة أو في ميزان المدفوعات الأمريكي. ويشار في هذا الصدد إلى أن عجز الموازنة الأمريكية بلغ خلال العام الحالي أكثر من 412 مليار دولار في حين بلغ عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة أكثر من 600 مليار دولار، وتقوم دول العالم التي تريد الاحتفاظ بالدولار الأمريكي كاحتياطي نقدي لها بتمويل العجز التجاري الأمريكي بشكل غير مباشر عن طريق وضع هذه الدولارات في صورة ودائع بدلا من إعادة انفاقها لشراء سلع أو حتى عملات أخرى وهو ما يحمي العملة الأمريكية من تراجع أكبر، كما أن المستثمرين الأجانب الذين لديهم فائض سيولة كانوا يتجهون خلال السنوات الأخيرة إلى شراء سندات الخزانة الأمريكية أو غيرها من أوعية الاقتراض الأمريكية فيساهموا في تمويل العجز في الميزانية الأمريكية دون أن تضطر الإدارة الأمريكية إلى رفع أسعار الفائدة بهدف الحصول على الأموال الأجنبية لتمويل هذا العجز كما يحدث عادة في دول العالم الأخرى. ولكن من الواضح أن هذه الآلية لن تظل تعمل إلى الأبد بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فمجرد إحجام المستثمرين الأجانب عن استثمار فائض أموالهم لتمويل عجز الميزانية الأمريكية ولو بصورة مؤقتة سوف يجبر وزارة الخزانة الأمريكية على زيادة الفائدة على سنداتها الأمر الذي سيكون له تداعيات سلبية على نمو الاقتصاد الأمريكي، وكما ذكرنا فإن الدولار يكاد يكون العملة الوحيدة في العالم التي تؤثر أوضاعها على أغلب دول العالم الكبرى منها والصغرى على السواء.
ارتفاع قيمة اليوان
لذلك فإن استمرار انخفاض قيمة الدولار يزيد الضغط على الصين حيث تجد بكين نفسها في مأزق صعب من أجل الإبقاء على سعر عملتها المحلية
منخفض في مواجهة الدولار وغيره من العملات الرئيسية الأخرى حتى تظل الصادرات الصينية أقل تكلفة من غيرها في مختلف الأسواق العالمية، ومع انهيار الدولار وتراجعه إلى مستويات قياسية تزايد إقبال الصينيين على تحويل مدخراتهم من الدولار إلى اليوان الصيني حتى لا تتراجع قيمة هذه المدخرات، وهذا الوضع يعني من الناحية النظرية ارتفاع قيمة اليوان في مواجهة الدولار وهو أمر غير مرغوب فيه من جانب السلطات الصينية، وما يزيد قلق الصينيين ورغبتهم في تغيير الدولار إلى العملة المحلية هو الخوف من إمكانية إقدام الحكومة الصينية على إعادة تقييم العملة المحلية وزيادة قيمتها أمام الدولار الأمر الذي يعني انخفاض قيمة المدخرات الدولارية تلقائياً، فالصين تواجه ضغوطاً قوية من جانب الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي من أجل تعويم العملة الصينية بما يؤدي إلى زيادة قيمتها في سوق الصرف العالمية بفضل النمو الاقتصادي الكبير ولكن الحكومة الصينية ترفض إجراء أي تغيير على سياستها النقدية حتى لا تؤثر على قدرة صادراتها التنافسية في الخارج، ورغم الرفض الصيني فإن المحللين يتوقعون رضوخ الصين للضغوط الدولية إن عاجلا أو آجلاً خاصة مع استمرار تدهور الدولار الأمريكي.
الهاجس الأوروبي
وما ينطبق على الصين بشأن القلق من استمرار تراجع الدولار ينطبق على الاتحاد الأوروبي عموماً ومنطقة العملة الأوروبية الموحدة على وجه الخصوص. فالأوروبيون يرون أن استمرار تراجع الدولار يهدد الانتعاش الاقتصادي الهش لديها حيث يعتمد نمو الاقتصاد الأوروبي على التصدير، ولكن ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار يزيد أسعار الصادرات الأوروبية بشكل غير مباشر ويقلص قدراتها التنافسية، في الوقت نفسه يقلص أرباح الشركات الأوروبية العاملة في الخارج عند تحويل الأرباح من الدولار إلى اليورو.
ورغم محاولات ضبط النفس التي تتعامل بها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش مع أزمة العملة الأمريكية ومحاولة الظهور بمظهر اللامكترث فإن آلان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي حذَّر خلال اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين في ألمانيا مؤخراً من التداعيات السلبية المباشرة لانخفاض قيمة الدولار على الاقتصاد الأمريكي، وقال جرينسبان إن (المستثمرين الأجانب سوف يتوقفوا عن ضخ المزيد من الأموال لاستثمارها في الأوراق المالية الأمريكية في ظل تدهور العملة الخضراء).
وأضاف: ان هذا سيؤدي إلى المزيد من الانخفاض في قيمة الدولار وربما إلى رفع سعر الفائدة الأمريكية الأمر الذي سيعرقل محاولات إنعاش الاقتصاد الأمريكي. وكان الاقتصاد الأمريكي قد دخل بالفعل مرحلة ركود وانكماش منذ عام 2001 وزادت حدتها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 والحروب التي خاضتها أمريكا بعد ذلك في أفغانستان والعراق. وسعى مجلس الاحتياط الاتحادي إلى إنعاش الاقتصاد من خلال خفض أسعار الفائدة الأمريكية حتى وصلت إلى 1 % فقط وهو أدنى مستوى لها خلال أكثر من 44 عاماً، ومع تعافي الاقتصاد الأمريكي بدأ المجلس يرفع سعر الفائدة تدريجياً خلال العام الحالي حتى وصل إلى 2 %، ولكن استمرار زيادة سعر الفائدة يمكن أن يضرب مظاهر الانتعاش والتعافي بقوة، وفي ظل كل هذه الأوضاع والمخاوف يظل السؤال الذي يفرض نفسه على المستثمرين ودوائر المال والأعمال في كل أنحاء العالم وهو إلى أين يمكن أن يصل تراجع قيمة الدولار؟ يرى بعض المحللين أن الدولار يمكن أن ينخفض بنسبة 20 % أخرى قبل أن يبدأ تحسن العجز في الميزان التجاري الأمريكي، ورغم ذلك مازالت الولايات المتحدة تجذب كميات هائلة من رؤوس الأموال الأجنبية إليها، ففي سبتمبر الماضي اشترى الأجانب أوراقاً مالية أمريكية بقيمة 4.36 مليار دولار، ولكن الانخفاض الأخير في سعر الدولار يشير إلى أن هذه التدفقات النقدية الأجنبية أقل من المطلوب على الأقل لوقف تدهور العملة الخضراء، وحتى الآن لم يترك البيت الأبيض وزارة الخزانة الأمريكية تتدخل للتعامل مع أزمة الدولار، وقد جاءت تصريحات وزير الخزانة الأمريكية جون سنو في لندن مؤخراً لكي تصب مياه باردة على أي تحرك مشترك مع الأوروبيين لوقف تدهور الدولار. يقول سنو (تاريخ محاولات التدخل الحكومي للسيطرة على أسعار العملة يقول إنها تفشل غالباً وتنجح أحياناً) لذلك لا يجب التعويل على هذه الآلية كثيراً. ورغم ذلك فإن الخبراء يعتقدون أن استمرار تدهور العملة الأمريكية سوف يجبر الرئيس الأمريكي على التدخل من أجل حماية سوق السندات الأمريكية من الاضطراب، في الوقت نفسه فإن تيا تيا الخبير الاقتصادي في مؤسسة أيه إف إلسي آي أو بالولايات المتحدة يرى أن قيمة الدولار في الأسواق كانت أعلى من قيمته الفعلية وهو ما أثر سلباً على الصادرات الأمريكية وسوق العمل أيضاً، أما لورانس كودلو المحلل الاقتصادي في وول ستريت فيقول إن المشكلة الحقيقية ليست ضعف الدولار وإنما قوة اليورو حيث يرفض البنك المركزي الأوروبي طباعة المزيد من اليورو لتنشيط الاقتصاد الأوروبي ووقف صعود اليورو أمام الدولار. ويبدو الجميع الآن في حالة ترقب انتظاراً لمن سيتدخل لإنقاذ الدولار أو إنقاذ العالم من لعنة الدولار التي تصيبه، سواء ارتفع أو انخفض فهناك دائماً من يدفع الثمن.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
إقتصاد
منتدى الهاتف
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
شباب
x7سياسة
الحديقة الخلفية
شاشات عالمية
رياضة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved