Al Jazirah Magazine Tuesday  22/05/2007 G Issue 219
استطلاع
الثلاثاء 5 ,جمادى الاولى 1428   العدد  219
 
الهدية..
وسيلة تواصل أم واجب مفروض؟!

 

 

* استطلاع - خديجة الغامدي

الهدية هو ما يعطى بقصد إظهار المودة وحصول الألفة، وهي من أقصر الطرق في تعزيز وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين الناس ومفتاح سحري يلمس القلوب. وقد قال الشاعر في هذا:

هدايا الناس بعضهم لبعض

تولد في قلوبهم الوصالا

وتزرع في الضمير هوى ووداً

وتكسبهم إذا حضروا جمالا

وللهدية أثر مشهود في نفوس وقلوب من نهاديهم، فبها ترق القلوب، وتصفو النفوس، وتزداد المودة والألفة، ويعمق الحب، وتوثق الروابط، ويتعدى أثرها إلى إزالة الجفوة، فلها فعل السحر في جلاء ما في القلوب من الوحشة والأكدار ونرى دلائل الشرع تؤيد هذا وتؤكده في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).

وبمرور الوقت وتبعاً للعادات والتقاليد المتوارثة في ضوء الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها بعض أفراد المجتمع، بدأت وجهات النظر المتعلقة بمفهوم الهدية تتفاوت بين من يصر على أهميتها كوسيلة للتواصل والتقارب وبين من يعدها واجباً مفروضاً وعبئاً مادياً تفرضه العادات بين الناس.

قيمة معنوية

يقول السيد أبو أحمد: الهدية إحدى الوسائل التي تعبر عن مشاعرنا واهتمامنا بمن حولنا وهي أسهل الطرق لتقريب المسافات لمن تحبهم وتألف قربهم. ويقول: تختلف قيمة الهدية إذا كانت مادية باختلاف الشخص المراد إهداؤه فأضع في الاعتبار أولاً من يكون، ومدى قوة علاقتي معه، واهتماماته، والمناسبة للهدية، وتبقى طبيعة العلاقة بين المهدي والمهدى إليه من يحدد قيمة ونوعية الهدية.

أما المعنوية كالدعوة على العشاء أو الاجتماع أو السفر أفضلها أن تكون بين أفراد أسرتي.

بوابة ذكريات

أما حنان وهي طالبة جامعية فتعد أن للهدية قيمتها ومعناها الخاص وأثرها الطيب في قلوب المتهادين يدوم طويلا ً سواء كانت مادية أو معنوية. وتضيف: أذكر هدية أهديت لي من معلمتي في المرحلة الابتدائية مكافأة لتفوقي في مادتها ومازلت محتفظة بها إلى الوقت الحالي وقد مضى عليها 11 عاماً وهي عبارة عن دفتر صغير فكلما نظرت إليه أتذكر تفاصيل ذلك الموقف وكأنه حدث بالأمس.

تفاوت الأعمار

السيدة أم عبدالعزيز وهي موظفة وأم ترى أن الهدية لها وقع كبير وأثر جميل تترك بصمة رائعة وجميلة لمن نحبهم ونقدرهم، ولكل مرحلة عمرية هداياها المؤثرة في النفس، وفي العلاقة بين مقدم الهدية ومتلقيها، فمثلا ً الطفل الصغير يفرح بهدية بسيطة ولا ينظر لقيمتها بأهمية، أما البالغون من الأبناء فهم يدركون قيمتها وتختلف قناعاتهم في تقبل نوعية الهدية.

وتضيف: أما بالنسبة لي فأنا أحرص على مهاداة أبنائي في مناسباتهم المختلفة وكذلك مع زوجي... وممكن أن تكون الهدية معنوية كالنزهة أو دعوة على العشاء في مطعم.

حميمية

يقول السيد أبو عبدالله - موظف: تبقى الهدية صلة تواصل تبني جسوراً من المحبة بين الأصدقاء والأقارب. والهدية ليست بقيمتها بل بمصداقيتها وعنوانها، فعندما تهادي شخصاً ما فإنك تعبر عن مشاعر الامتنان والشكر ولا تنتظر رداً أو مقابلاً فهي هدية تنم عن السعادة وتوطيد وتجديد حميمية تلك العلاقة، وهناك من يقدم الهدية بقصد جلب منفعة شخصية أو الاستفادة من الشخص المهدى إليه وفي هذا تكون أبعد بكثير من أن يقال عنها هدية لأنها تخلو من المعاني النبيلة والمشاعر الصادقة.

حب ومشاعر

تقول السيدة فاطمة: إن نوعية الهدية المقدمة إلي ليست مهمة من حيث ارتفاع ثمنها ولكن تكمن قيمتها في معناها والمناسبة التي تقدم فيها الهدية. وتضيف: أما الهدية المقدمة من الزوج لزوجته أو العكس تتجلى فيها أرقى معاني الحب وتعزز المشاعر الجميلة في توطيدها وتجديدها.. وقد تساعد في حل بعض الخلافات الزوجية فالكلمة الطيبة والهدية البسيطة التي تحمل بداخلها معاني التقدير والاحترام والمشاركة في الحياة تفعل الكثير والكثير في العلاقات الزوجية وربما تفعل الهدية ما لا يفعله غيرها في تصفية القلوب وتقليص المسافات في إثبات المودة والألفة بينهما.

الاختيار

هدى طالبة جامعية ترى أن اختيار الهدية وتحديد نوعيتها يتوقف على أكثر من عامل ومن أهمها الشخص المراد إهداؤه هل هو رجل أو امرأة، وصلة القرابة، وهل هي صديقة أو زميلة عمل، ونوع المناسبة، فهناك من الهدايا ما يصلح لأفراد الأسرة لا يصلح لغيرهم. وتضيف: أما بالنسبة لصديقاتي اختار لهن الهدايا الغريبة التي تتضمن بعضاً من المقالب الخفيفة أو تكون عبارة عن بطاقات تهنئة تحمل أبيات شعرية تتناسب مع نوعية المناسبة السعيدة وفي بعض الأحيان أقوم بصنعها بنفسي.

التغليف

تقول السيدة أم خالد: إن الهدية إحدى المصادر التي تدخل على النفس السعادة وتشعرنا بقيمتنا لدى الطرف الآخر، ولكن أصبحت الهدية تشكل عبئاً ثقيلا ً في بعض الأحيان فهناك من يتكلف في تقديم الهدايا الثمينة حتى يقال إن مستواه المادي مرتفع أو تكون منافسة في البهرجة الخداعة، وبرأي الهدية قيمتها من قيمة الشخص المهدى حتى ان كانت بسيطة مادياً أراها غالية لمجرد أنه فكر في مهاداتي.

وتؤكد أن تغليف الهدية بغلاف جميل عليه عبارات التبريك والتمنيات الرقيقة يضفي عليها عنصر المفاجأة وهذا يزيد من قيمتها في نفس الوقت.

نوره تقول: أحب الهدايا وأحب أن أتبادلها مع من أحبهم ولا أعتقد أنها تشكل عبئاً إلا إذا كانت باهظة الثمن، ويجب أن تكون هديتي مكافأة من حيث القيمة لتلك التي تلقيتها من نفس الإنسان أو تضاهيها، العطر والساعات هديتي المفضلة، واحتفظ بهدايا الأشخاص العزيزين علي مهما كانت، أما ما يتبادله الناس في المناسبات فلا اعتبره هدية وإنما واجب.

ميزانية خاصة

واعتبر أحمد أن الإنسان يحتاج إلى ميزانية خاصة بالمناسبات الاجتماعية وهذا أمر مرهق للغاية، فالهدية هنا (دين ووفاء) فأنا مثلاً عدد أقاربي من أولاد وبنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات كبير وليس بمقدوري مجاملة كل هؤلاء بهدية في المناسبات الاجتماعية الكثيرة! مما جعلني اقتصر على دائرة ضيقة من الأصدقاء والمقربين الذين تربطني بهم صلة قوية أتبادل الهدايا معهم أما البقية فأنا أشاركهم معنوياً في أفراحهم وأتراحهم ولكن دون هدايا، وأشعر بأنهم سعيدون بذلك.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة