Al Jazirah Magazine Tuesday  24/04/2007 G Issue 216
الفن السابع
الثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1428   العدد  216
 

حكايات وأفلام من مهرجانات السينما الجديدة

 

 
* إعداد - محمد رضا:

1- (كان) إلى الآن

في يوم ما بين كتابة هذه المادّة وبين نشرها ستُعلن القائمة الرسمية للأفلام المشتركة في مسابقة مهرجان (كان) السينمائي الدولي في دورته الستين والتي ستنعقد ما بين السادس عشر والثامن والعشرين من الشهر المقبل مايو.?

ففي التاسع عشر من هذا الشهر عقدت إدارة المهرجان المؤتمر الصحافي المناسب لإعلان الأفلام المشتركة داخل وخارج المسابقة وفي فروعه الأخرى المختلفة. المناسبة بحد ذاتها مهمّة كونها الستّين حيث الكثير من الاحتفاءات مع الكثير من العروض الخاصّة والعديد من الأفلام التي تهفو للفوز بالسعفة الذهبية هذه السنة.

والمعروف حتى الآن أن حفلتي الافتتاح والختتام ستكونان من تقديم الممثلة دايان كروغر التي لفتت الأنظار في (طروادة) قبل عامين وتظهر حالياً في (استنساخ بيتهوفن) تمهيداً لثلاثة أفلام جديدة لها ستعرض خلال هذا العام ومطلع العام المقبل.

نعلم أيضاً أن فيلم برونو ميرلي التشويقي (بطل) سيفتتح مسابقة أسبوع النقّاد. وأن فيلم كوِنتين تارانتينو (مضاد للموت) (وهو نصف فيلم يجمعه والمخرج روبرت رودريغيز عنوانه غرايندهاوس) سيختتم العروض السينمائية للمهرجان بعد إعلان الجوائز، بينما الافتتاح ما يزال حائراً حتى اللحظة الأخيرة. أما العروض الخاصّة فمنها فيلم جامع لعدد كبير من المخرجين عنوانه (لكلٍ سينماه): 100 دقيقة من الانعكاسات الفنية والذهنية حول ما تعنيه السينما بالنسبة للمخرجين المشتركين ومن بينهم اليوناني ثيودور أنجيلوبولوس والفرنسي أوليفييه أساياس والدنماركي بيلي أوغست والصيني تشن كايغي، والمكسيكي ألياندرو غونزاليس إياريتو والروسي أندريه كونتشالوفسكي من بين آخرين عديدين. ويبدو لي أن هذا الفيلم يصلح أن يكون الإفتتاح، لكن المهرجان يبدو سائراً في ركب اختيار فيلم أميركي لهذه الغاية.

من ناحية أخرى يعود المخرج الأميركي فرنسيس فورد كوبولا إلى (كان) ولكنه سيكون خارج المسابقة إذ سيعرض (شباب بلا شباب)، أوّل فيلم له منذ نحو عشر سنوات وقد موّله من ماله الخاص ولو أن باعه سريعاً الى شركة فوكس التي ستوزّعه في الصالات الأميركية بعد هذا الصيف. أيضاً من بين الأميركيين القادمين ستيفن سودربيرغ ومعه جزء ثالث من سلسلة (أوشن). كانت السلسلة بدأت بفيلم (أوشن 11) الذي كان لا بأس به ثم بفيلم (أوشن 12) الذي كان مسخرة، والآن (أوشن 13) وهذا رقم نحس او رقم حظ لدى البعض - سنرى.

2- كارلوفي فاري يختار

لكن مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي أعلن عن لائحته الرسمية علماً بأن موعد إقامته يقع في الصيف. وتحديداً ما بين التاسع والعشرين من يونيو الى السابع من يوليو. والدورة ستحمل الرقم 24. هذا المهرجان يُقام في جمهورية تشيك ويزداد تألّقاً وأهمية عاماً بعد عام. ففي العام الماضي خرج الفيلم الأميركي المستقل الذي لم تتجاوز ميزانيته مليوني دولار (Cherry Baby) بالجائزة الكبرى. الفيلم كان من بطولة ماغي جيلنهال وهي شقيقة الممثل جايك جيلنهال الذي لعب بطولة (بروكباك ماونتن) ونشاهده حالياً في (زودياك). كما كان عرض المهرجان في دورة العام الماضي لأفلام من أنحاء مختلفة من العام معظمها لمخرجين جدد غير مشهورين بينهم السويدي بيورن رونج بفيلم عنوان (من فم لفم) والروسي ألكسندر روغوسخين (ترانزيت) والإسباني ميغويل ألبالاديو الذي عرض فيلماً مثيراً للاهتمام عنوانه (مدينة متجمّدة). عندما كان هناك ستار اشتراكي يحيط بأوروبا الشرقية بأسرها، لم تكن (التشيك) جمهورية بل كانت قسماً من جمهورية أخرى أسمها تشيكوسلوفاكيا. الآن هما دولتان تشيك وسلوفاكيا في أكثر حالات الانفصال سلماً في التاريخ. لكن ما أود قوله هنا هو أنه في تلك الأيام لم يكن مسموحاً لهذا المهرجان التشيكي، ولا لأي مهرجان يُقام داخل أوروبا الشرقية التألّق أكثر مما في مقدور مهرجان موسكو السينمائي الدولي التألّق. كان على المهرجان الروسي أن يتصدّر وباقي المهرجانات أن تأتي بعده. ولم يكن هناك خيار. وكان مهرجان موسكو يُقام مرة كل عامين بالتناوب مع مهرجان كارلوفي فاري إلى أن انهار ذلك الجدار كلّياً واستقلت تشيكوسلوفاكيا بقرارها، ثم انفصلت وكان أوّل ما نتج - ثقافياً وفنياً - عن هذا الانفصال هو بزوغ شمس جديدة لهذا المهرجان.

3- إسطنبول ... إسطنبول

المهرجان التركي انتهى والجائزة الكبرى ذهبت الى فيلم بعنوان (الأخذ بالثأر). هذا فيلم من النرويج لمخرجه واكيم تراير، وهو يسرد بأسلوب مثير للاهتمام من حيث تنوّع مصادره الفنية على الأقل حكاية صداقة بين شابّين تتضمّن منافستهما على كل ما يصادف حياتهما من مهام، سواء أكانت في إطار الدراسة أو في إطار الحياة المختلفة.

وبينما فاز هذا الفيلم بجائزة أفضل فيلم عالمي، خرجت مسابقة أفضل فيلم تركي، بجائزة ل (فصول) للمخرج نوري بيلج سيلان، وهو بالفعل أحد طلائع مخرجي السينما التركية اليوم. إنه مخرج مشغول بفضاء المساحات والمساحة هنا المشغولة بشخصين، في الأساس، هو فيلم عن بضعة فصول يمر بها خط واحد هو الخط العاطفي الرابط بين بطليه وذلك يقع في ثلاثة فصول (الصيف والخريف والشتاء) وبطلاه لا يصلان الى الربيع (الفصل الغائب). إنه عن الرجل الصعب (نوري سيلان) ذي الميل الجانح لتوجيه من حوله. يهتم بإصدار تعليماته وملاحظاته حول ما على الآخر فعله وقوله. أمور صغيرة متوفّرة لدى العديد من الناس لكن المخرج يضعها في توظيف مناسب ليكشف عن قدر ذلك الجنوح في نسف علاقة حب لدى رجل وزوجته.

ليلة هادئة

في مطلع الفيلم تقف الزوجة (إبرو سيلان، وهي زوجة المخرج فعلياً) وراء عمود في هيكل بيزنطي تراقب - من بعيد - زوجها المشغول بالتقاط الصور للأطلال القديمة. ترقبه وتفكر. ترقبه وتقرر. ترقبه ثم تبكي. مثل (عن بعد)، هذا الفيلم هو أيضاً عن عدم التلاقي بين شخصيتين قريبتين. الزوج والزوجة في هذا الفيلم. كل منهما يدرك أن الأفضل له وللآخر أن ينفصلا. لكن في حين أنها تدرك أنه لن يتغيّر نراه يعد هو بالتغيير الذي لا يقدر عليه. في أحد مشاهد الفيلم تعود الى زيارته. في خطوة تعد مجرد إعادة رصف محتمل للحياة. الليلة التي تنام فيها الزوجة السابقة ليلة هادئة. حين تستيقظ صباحاً تحكي لزوجها منامها، فقط لتكتشف حين تنتهي إنه ليس هنا. لا يكترث. أول كلمة يقولها لها بعد إنتهائها من سرد الحلم عليه تبدأ بأمر، ولو بنبرة لطيفة تعلوها إبتسامة ودودة: (يجب أن تحضّري نفسك للعودة الى العمل). ملامحها كلها تتغير. تدرك إنها أضاعت وقتها مجدداً وأن حس الرجل بنعمة الحب مفقود. وينتهي الفيلم بافتراق الزوجين من دون رجعه. لكن من دون إحكام الخاتمة. هناك شيء ناقص في تلك اللحظات الأخيرة. شيء ربما لم يهتد اليه المخرج خلال الكتابة، ولا بعدها. بذا يبدو التأثير الكلي أقل مما طمح إليه المخرج.

لحظات الصمت الطويلة

(فصول) فيلم لا يخلو من فراغات في الصورة وفي الدراما معمول حول شخصيّتين رئيسيّتين وباسثتناء لحظة واحدة ليس هناك أكثر من ثلاثة ممثلين في لقطة واحدة (اللحظة تقع في مشهد تناول عشاء بين بطلي الفيلم ورجل وزوجته. تنسحب الزوجة لتحضر القهوة سريعاً لكنها لا تعود مطلقاَ). في الوقت ذاته، يبقى ما يثير الإعجاب أولا وأخيراً التعبير بالصورة. لحظات الصمت الطويلة. دمج الوقت (يتدرب الزوج كيف سيخبر الزوجة بقرار الإفتراق وهي بعيدة عنه. لقطة ثانية له يكرر ما قاله خلال التدريب لنكتشف أنها الآن تجلس بجانبه). هذا التعبير بحاجة الى أبعاد أهم والى ممثل آخر يستطيع أن يزج بنا في أتون الشخصية من دون أن يذكّرنا بأنه الشخصية ذاتها. بقيامه بفعل الكتابة والإخراج والتمثيل، ثم إسناد البطولة النسائية الى زوجته، ثم باختيار موضوع يبدو شخصياً تماماً، يفعل أكثر من ذلك. إنه يفرض عالمه على مشاهديه ويفعل ذلك من دون نتيجة معنوية كبيرة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة