Al Jazirah Magazine Tuesday  27/02/2007 G Issue 208
تميز بلا حدود
الثلاثاء 9 ,صفر 1428   العدد  208
 
سالب وموجب
أحمق... خمس نجوم!!

 

 

قبل ثلاثين عاماً جلجلة صاخبة رفع على أثرها أبو محمد سماعة الهاتف، الطرف الآخر: السلام عليكم، هلا تكرمت بإيصالي وزوجتي إلى بيت العائلة؟ تعلم أني فقدت آخر عبوات الصبر لحظة خروجي الأولى إلى الدنيا فكن جاهزاً قبل وصولي، هكذا استجاب أبو محمد لطلب صديقه.

يقول: جن جنوني وفقدت صوابي وتحاملت على نفسي بصمت هادر عندما أركب عبدالله خادمتهُ بجانبي واحتل وزوجته المقعد الخلفي، أعلم ما يرمي إليه هذا ال(الليلة بالديوانية بيقول للربع أنا شغلت أبو محمد سايق عندي).

فجأة عبدالله يقول: ما دهاك يا صاحبي ما هذا الصمت الرهيب؟! وهنا اشتعلت البراكين وزلزلت السيارة زلزالها وأخذ أبو محمد يزمجر وانفجر كسيل جارف (أنت ما تستحي) وما عندك ذوق وتقدير لو فيك شيمة وتملك ذرة من الرجولة ما ركبت خادمتك بجانبي.

عندما سكنت الريح قال عبدالله: أبو محمد التي بجوارك مريضة بمفاصلها وتتألم منها والسيارة صغيرة.. وعلى فكرة... هذي ليست الخادمة، هذي أمي يا أبو محمد.

يستعجل البعض في تفسير الحدث ويندفع بصورة مبالغ فيها للتعبير عن ردة فعله تجاه مؤثر ما.

وليته منح نفسه والآخرين مساحة أكبر وفضاءً أرحب للتثبت من الأمر ولاشك عندي أن النتائج ستكون مختلفة تماماً.

يقول أحد علماء الإدارة وهو جيمس هانتير: (أصبحت أكثر اقتناعاً ويقيناً بأن الحياة ليست هي ما يحدث لنا بقدر ما هي كيفية استجابتنا لما يحدث لنا).

قد يطلّق رجلٌ زوجته وتطلب امرأة الخلع من زوجها وقد تجَمد علاقتهما وتنهار الألفةٌ بينهما بسبب تصرف ما أو حدث طارئ، لم يكلف أحدهما نفسه بتقصي حقيقته وتفهم الواقعة بهدوء حتى تنجلي الغمامة وتوضع الأمور في نصابها الصحيح، أهكذا ينفرط عقد الحياة؟! ويهدم المنزل الجميل؟! ويضيع جهد السنين؟!، وعندما يذهب الروع ويعود العقل يكتشفان أنهما أو أحدهما قد استعجل في القسوة على صاحبه وأخشى أن يكون الوقت قد فات وما كُسر تهشم وكانت اللا عودة ولم يبق إلا مرارة الفراق وليالي حالكة السواد.

كم فقدنا إخوانا مخلصين وأصدقاء مقربين؟! وكم فاتت من فرصة تعد إضافة رائعة لحياتنا الحاضرة والمستقبلة عندما فقدنا التحلي بالرفق وحرمنا الآخرين من التعبير عن آرائهم.

فلنحسن الظن ولنتوقف عن القفز على النوايا ولنتذكر أن ثقافة الناس مختلفة وطريقة تعبير البعض عما يجول في خاطره محدودة وقد لا تسعفه لبيان ما يريد.

يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه وما نزع من شيءٍ إلا شانه)، قد تجد نفسك يوماً في موقف أبو محمد هل فكرة بطريقة تعالج بها الحدث؟

رياض بن أحمد الشعيل كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية - إدارة الأعمال جامعة الإمام Riyadhaa22@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة