طروادة بين اللُّغةِ واللغو !، إبراهيم عبد الرحمن التركي
|
،- 1 -
،** من أين أبدأُ
فالهوى:
،* لغةٌ لمن شاء الجوى
،* لغوٌ لمن عاف النّوى
،** والغيثُ في الجدبِ الرّوا
،* فإذا طغا
زاد العنا
ليجيءَ لونُ الصحوِ
يوقظ غائمَ الدنيا
يعيد إلى التوهج
صورةَ الإشراقِ
والآفاقِ
والآماقُ
تنظرُ للثريّا
وتسوقُ للألقِ
المحيّا
،** هذا أوانُ الشدِّ
شوقُ الجدِّ
موتُ السّهدِ
،** كان الذي ما كان
فافتح فضاءك
صوبَ نجمٍ
لم يغب
،* رغم العواصف والتراب
،* رغم انحسار المدِّ
في الارض اليباب!،
،- 2 -
،** يقول خبراءُ الاِعلام إن بناءَ عمارة او جسرٍ أو سدٍّ أو ما شابهها ليس خبراً، بل
الخبر هو انهيارُها!,
،** وقد ترون - مثلهم - أن عنايتنا بلحظة الولادة لا تعادل متابعتنا لساعة الوفاة كما أن
صدور كتاب أو مجلة أو صحيفة لا يهمُّنا بقدر ما يهمُّنا مصادرتُها !,
،** هكذا تبدو لنا معطيات الحركة المتجهة من المركز الى الأطراف ومنها إليه كرّةً أخرى،
ولا نفرّقُ - حين تتشابه الأشكال - بين الأصل والصورة أو بين الثابت والمتحرك ,
،** يأتي الخبر مرةً حين نصافح ومرات حين نصفع، تارةً عندما نتصل، وتاراتٍ عندما ننفصل،
والزواج - بالمناسبة - حكاية، لكن الطلاق حدث، وربما تاريخ !,
،** ولم يجنح المختصون حين قالوا إن الخبر الجيِّد هو الخبر السيىء فالأحوال المستقرة لا
تثير الاهتمام بخلاف القلاقل والزلازل والمحن !,
،** وحين تتوافر السِّلع وتفيض الخدمات فالأمر لا يستدعي إعلاماً فشحُّها هو الأثير لدى
الباحثين عن الإثارة !,
،** وإذ لا يمكن حصرُ الأمثلة أو النماذج فيمكنكم القياس كما تشاءُ معايشتكم ومعاناتكم
،
ولكم أن تسيروا في فضاء العلم والثقافة والأمن والسلامة والحريّة والمساواة والنصر
ونحوها مما لا يبعث على لفت النظر، بخلاف الجهل والزيف والخوف والحيف والتسلط والتفرقة
والهزيمة وما جرى مجراها!,
،- 3 -
،** تقودنا هذه الأرضيّة الاستهلاليّة الى حقيقة مهمّة في إطار البحث عن خيوط تربط خطوط
المعادلة الطرديّة العكسية بين الإعلام والجماهير ، فالقضية لا تخضع للمتوقع كما يرسمه
المخططون ، بل لمتغيرات الذهن المستقبِل الذي لا يمكن التنبؤ طويل الأجل بما يرضاه أو
يرفضه ، أو بما يجذبه او ينفّره ممّا يسقط بسببه كثير من التنظيرات السائدة في ممارسات
الكلمة في عالم اليوم!,
،** هل أدركنا جانباً من قضية التفاوت الحاد في اختلاف نسبة المصداقية والموثوقية في محطة
إخبارية معيّنة عنها في محطة أخرى,,؟ بالتأكيد، فالناس لا تُضيع وقتها في انتظار الأهمِّ ،
وما ينطبق على بث مسموع أو مرئي يتكرر كذلك في المقروء !,
،** ويذكر صاحبكم أن مصطفى أمين قد تصور قيام الحرب العالمية الثالثة - ذات يوم - وموقعها
،- من ثمَّ - في نشرات الأنباء في أحد البلدان العربية، ووجد أن ترتيبها سيكون العاشر بعد
أنباءٍ أقلّ أهمية وجدوى!,
،** وإذن فلا مجال لإفاضةٍ أكثر، فالحكاية لا تحتاج لمزيد من التعليق أو التعليل ،
،* أليس كذلك؟!,
،- 4 -
،** لعل السؤال الآخر الذي يتواصل مع هذه الرؤية هو:
،** ما الذي يريده القارىء أو المستمع أو المشاهد ؟,
،** ولأن القُرّاء أمزجة والمستمعين أهواء والمشاهدين رغبات، فإن مثل هذا الاستفهام لن
يحظى بإجابةٍ واحدة، ومثلما هو الطرحُ التقليدي ، فإن المتابعة قد تأتي نمطيّة كذلك،
ومتى وافق شنٌّ طبقة فلا دور لمن أراد قراءة مختلفة للسائد والعادي !,
،** يظلُّ الموضوع معلّقاً، ولذا فإن من يفتش عن الرّضا لن يناله، ولا بأس إن قصر دونه
ليتوقف عند علامة استفهام مكملة,,!,
،** فلماذا تبثُّ الإذاعات ؟ وتنتشر الجرائد والدوريّات ؟,
،** أمن أجل ثقافة المجتمع؟ وأي مجتمع؟ ومَن يخدم مَن؟ ومَن يتواصل مع ماذا؟,, وإلى أين
تتجه؟ والى اين وكيف ولماذا توجِّه؟,
،** لا حسمَ ولا توحُّدَ، وتظلُّ الأسئلةُ مفتوحةً الى أمد! أو إلى حين ينتهي الركض في
فضاءات العولمة التي تفترض ما يكون ولا يكون تبعاً لكيمياء البشر التي لم تأتلف عناصرها
بعد!,
،- 5 -
،** قد نستعيد في هذه الأربعاوية حكايةَ حصان طروادة !،
،* رأوه خشبيّاً !،
،* وظنُّوه غُنماً !،
،** وتصوروه نسياً منسيّاً !,
،** وحين أيقنوا أنهم قد ظفروا بكنز وعبروا به إلى داخل السور انفجر ما بداخله ليعلن
عليهم
الحرب !,
،** هل تذكرتم الجمالَ التي كان مشيُها وئيداً؟
،** ألم يكن الاستفهام متماثلاً,
،* أجندلاً يحملن أم حديداً؟
،* أم الجنود ,,,,,,,,,
،** هكذا هي الصورة في عالم الفضاء اليوم ! فنحن نستحثُّ الغريب على الاقتراب ولا مشكلة
بعد، لكننا ندفع القريب إلى الاغتراب ,,!,
،** وهنا المشكلة!،
،** كم هم الذين لا يزالون يعودون إلى لندن ومونت كارلو وصوت أمريكا والسي إن إن ولا
يفكرون - مجرد تفكير - في الإصغاء لصوت عربي بُحَّ من كثرة الكلام ؟,
،** هل عاد حصان طروادة وجِمالُ الزبّاء؟,
،- 6 -
،** احكموا أو حاكموا، فالأمر لا يفهمه جماعة ليس في الامكان,,, وزامر الحي والعصرُ لا
يتّسعُ للمتثائبين ، ولو كان زامرُنا عازفاً مجيداً لأطرب ولصفّقنا,
،** والرأي لكم إن أدرتُم المؤشر كيفما دارت الحقائق المباشرة، أما ما ليس لنا ولا لكم
فهو
أن تنطبق علينا حكاية تلك العجوز الطيّبة التي ملأت سلّتها بالفاكهة، فمرّ عليها أحد
الأشقياء وقال لها:
،* ما الذي تصنعينه لو أخذتُ محصولك هذا؟,
،** فأجابت بأن لا حولَ لها ولا طَول ولذا فسوف تدعو عليه، فطار بالسلة وهو يلتفت نحوها:
،** بإمكانك البدءُ بالدعاء الآن يا خالة!,
،** هل أدركنا - الآن - معنى أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وأن المتوكلين نفر مختلف عن
المتواكلين وأن الأخذ بالسبب هو سبيل العارفين العاملين !,
،- 7 -
،** تقف النهايةُ واثقةً أن المدرسة الإعلامية العربية لم تستطع تخريج كفاءاتٍ قادرة على
التوصيل بالحجم الذي تحتاجه الأمة في عصرها الحاضر لتتجاوز من خلاله أزماتها المزمنة !,
،** لا نزال نروي الخبر عن لندن ولا نزال نثق بدان راذر وبيتر جاننغ وتوم بروكو وتيد
كوبل وبرنارد شا ونفتشُ - حين تشتدُّ الزِّيم - عن رؤاهم وتحليلاتهم وتنبؤاتهم!,
،** يذكر صديق عربي تصادف وجوده في بلد خارجي حين وقعت مشكلة عربية كبيرة فحاول استقصاء
المعلومات عن الحدث المهم من مظانِّها في إذاعات وتلفازات وصحف بلاده فوجدها خلواً من كل
شيء يمتُّ لما ينطق به الواقع، وتصدّقه الأعين والآذان والأفئدة !,
،** استعاذ بالله ثلاثاً وقرّر أن لا مكان هنا لعاطفةٍ لا تتكىء على محسوس وملموس !,
،** هل يحتاج التغيير إلى معجزة؟,
،** بالتأكيد,, لا,, فالشأن كله نيّةٌ مخلصة لخدمة تطلعات الجيل المشرق القادر على الحكم
والمحاكمة المتمرد على مشروعات الوصاية الذهنية على أبواب الألف الثالثة,
،** العالم لا يستوعب أرباع عقول! وأنصاف حقائق، وعاشقي وهج!,
،- 8 -
،** هل تمّت الرواية؟
،** بقيت فيها حكاية صغيرة تقول:
،* يوجد في العالم اليوم 1,26 مليار جهاز تلفاز!,
،* وفيه 690 مليون مشترك عبر الهاتف,
،* و200 مليون جهاز حاسب منها 30 مليوناً مرتبطة بالإنترنت,
،** وفي عام 2000 (أي بعد بضعة أشهر فقط:
،* سيصبح عدد مستخدمي الإنترنت بين (600 مليون) إلى (مليار) شخص، وأكثر من مائة ألف موقع,
،* وسوف تصل صناعة الإعلام إلى ألفي مليار دولار أي ضعف ما كانت عليه عام 1995م أو ما
يعادل
،10% من التجارة العالمية كاملة,
،* وسوف ينفق العالم عام 2000م 95 مليار دقيقة في الاتصالات، وقد أنفقوا عام 1995م (15
مليار
دقيقة)!,
،** هل تعني هذه المعلومات شيئاً؟,
،** وهل يعيها منظِّرو الإعلام؟
،** وهل ثمة داعٍ لقراءة الأربعاوية ثانيةً؟,
،* لكم ما شئتم,, وأكملوا بحكاية أخيرة أخيرة !:
،* حين توفي نابليون في القرن التاسع عشر بجزيرة سانت هيلانة لم يصل خبره إلى فرنسا إلا
بعد بضعة أشهر!,
،** رعى الله فهمكم ووعيكم,
|
|
|