يارا عبدالله بن بخيت الطابور الخامس والمخابرات الإسرائيلية
|
أصبح من السائد في الأوساط الاعلامية العربية اذا حدث عمل مثير في منطقة الشرق الاوسط
والعالم الثالث ان ينسب هذا العمل الى المخابرات الاسرائيلية, ولا شك ان عملية خطف عبد الله
اوجلان تندرج في هذا فقد حمل عدد من الصحف مسؤولية اختطاف أوجلان الموساد الاسرائيلي, فمن
القراءة الاولى للحدث لن نرى فيه اي مديح او تعظيم لاسرائيل, فهو كما نلاحظ عمل قذر موجه الى
شعب بأكمله من حقه ان يحصل على حريته ودولته, وهذا قد يظهر اسرائيل في موقف المعادي للشعوب
وحقوق الأقليات في العالم, وهناك كتاب من العرب تخصصوا في المضي في هذا الاتجاه فما ان يحدث
اي حادث في المنطقة يتصف بالاثارة والتحدي والقوة حتى ينسب على الفور الى اسرائيل والمخابرات
المركزية الامريكية,
فالكتاب الواقعيون العرب (الموجة الجديدة من كتاب الصحف السياسية الموتورين) لا يتركون
مناسبة لا يتحدثون فيها عن اسرائيل, فلو حصل انفجار في الصين قام هؤلاء الواقعيون بتحميل
اسرائيل وبالتحديد الموساد مسؤولية هذا الانفجار وهم بهذا يدعون انهم يروجون ضد اسرائيل
بينما هم في الواقع يعظمون اسرائيل ويعطونها هالة اسطورية, يأخذون الجانب الدعائي والاسطوري
في الاحداث وينسبونه لاسرائيل حتى اصبحت كلمة موساد جزءا من الثقافة الترويعية للعرب,
صدر في كندا قبل سنوات قليلة كتاب بعنوان (عن طريق الخداع) واحدث ضجة اعلامية مفتعلة للترويج
له, وهو يصف بشكل اسطوري انجازات المخابرات الاسرائيلية في ثوب يوحي ان المؤلف وهو ضابط في
المخابرات الاسرائيلية يحتج على الاساليب التي تمارسها هذه المخابرات, وفي المحصلة النهائية
من قراءة الكتاب ستصل الى ان يد اسرائيل الخفية تقبع في كل مكان في العالم وان هذا الجهاز
يملك مقدرة على اختراق كل شيء في العالم العربي او بعبارة ادق فهذا الجهاز هو الذي يحكم
العالم العربي,
فعبد الله اوجلان مطلوب من قبل السلطات التركية منذ سنوات والتعاون الاسرائيلي والامريكي مع
تركيا ليس وليد اليوم, فلماذا لم يستطع الموساد او المخابرات الامريكية خطفه الا بعد ان أصبح
رجلاً اعزل ملقى في دولة لا تعرف شيئاً عن سيادة القانون, في مثل هذه الحالة يستطيع اي جهاز
مخابرات في العالم مهما تواضعت قدراته اختطافه فأين مصدر الاسطورة التي يحاول بعض الكتاب
العرب الترويج المحموم لها؟
ربما تصبح المخابرات الاسرائيلية والمخابرات المركزية الامريكية اساطير لو انهما قدمتا العون
لتركيا بخطف اوجلان من سهل البقاع عندما كانت تحت الحماية السورية ولم تضطر تركيا الى
التهديد بالحرب لاخراج اوجلان من تلك الحماية,
وإذا قرأنا الكتاب المذكور والكتب الاخرى والمقالات العربية التي تروج لاسطورة المخابرات
الاسرائيلية سنجد ان كل الامثلة قائمة على هذا النوع من الانجازات, فكل الاغتيالات
والاختطافات التي نفذتها اسرائيل في اوروبا تتحمل مسؤوليتها اجهزة الأمن الاوروبية, فقد كانت
تتم بالتعاون مع هذه الاجهزة وما يدل على ذلك ان تلك الدول لم تفتح حتى تحقيق في هذه القضايا
ولم تحصل اي ازمات بين تلك الدول وبين اسرائيل، فاذا كانت الدولة اي دولة تنفذ عمليات اغتيال
وهي تعرف ان يد القانون لا تطالها, فالأمر لا يحتاج الى اساطير, فالدول الاوروبية تمنح جهاز
المخابرات الاسرائيلية كل الظروف المناسبة ليحقق انجازاته, ومن المعروف اصلاً ان اسرائيل
تتمتع بحق الدولة الاكثر رعاية في كافة المجالات وخصوصاً الأمنية, وأقرب مثال على ذلك ما حدث
قبل ايام حيث اغلقت المانيا البحث والحديث حول مقتل الاكراد الثلاثة الذين قتلهم رجال الامن
بالسفارة الاسرائيلية في بون العاصمة الالمانية, ولعلنا نتذكر حادثة مشابهة في لندن عندما
اضطرت السفارة الليبية إلى اطلاق النار على متظاهرين وكيف اقامت بريطانيا والدول الاوروبية
الدنيا ولم تقعدها,
ومما يدل على ان المخابرات الاسرائيلية لا تستحق هذه الهالة الاسطورية التي ترافقها الفشل
الذريع في اغتيال خالد مشعل في الأردن وهو رجل اعزل وفشل اسرائيل في تدبر امرها مع حزب الله
اللبناني باختراقه على الاقل من قبل هذا الجهاز المخابراتي الاسطوري,انا هنا لا اناقش ما
تروج له وسائل الاعلام الاسرائيلية والغربية وهو جزء لا يتجزأ من الحرب النفسية ضد العرب،
وانما دور الطابور الخامس العربي المتمثل فيمن يعرفون الآن بالكتاب الواقعيين العرب الذين
يقاتلون من اجل الصلح مع اسرائيل وبأي ثمن يدفعه العرب, ودورهم الداخلي في نقل الصورة
الاسطورية لاسرائيل وبالتالي غرس مفهوم الرعب الاسرائيلي في نفوس العرب والمسلمين,
|
|
|