لو كان تصنيف المواقع السكنية إلى مدن وقرى وهجر,, يتم بناء على ارثها التاريخي ودورها على
مسرح الاحداث لكانت سدوس احدى المدن الكبيرة التي يشار لها بالبنان وفقاً لذلك التصنيف,
ولو كان ذلك يقاس بناء على ما أنجبته رحمها من رجال ساهموا في صناعة تاريخ امة ولايزال
لهم مدهم الاجتماعي الفاعل على مسار الاحداث,, لكانت سدوس كذلك ايضا,
وعلى صعيد آخر,,
لو كان تصنيف الاندية الرياضية الى درجات يتم بناء على تاريخ نشأتها وقدمها على الساحة,,
لاحتاج نادي سدوس الى قرن وثلث من الزمان منتظراً دوره في طابور الاندية السعودية التي
يزيد عددها عن مائة وخمسين ناديا,, ليصل الى مصاف الاندية الممتازة التي تمثل حسابيا نسبة
تتراوح بين 7 و8 بالمائة من عدد اندية المملكة,
لكن سدوس التي كانت ومازالت تحتفظ بمحدوديتها جغرافيا استطاعت ان تتجاوز حدود الجغرافيا
وتدخل التاريخ من اوسع ابوابه، بل وتساهم في صناعته شأنها في ذلك شأن مدن وقرى كثيرة
على وجه هذه الارض ساهمت بشكل أو بآخر في تشكيل خارطة العالم السياسي فحسب، بل ومن
النواحي الاجتماعية، والديمغرافية، وغيرها من انماط التشكيل التي برزت مع عالمنا المعاصر,,,
سدوس هذه القرية الحالمة المتمددة بكل خيلاء على جبل طويق الأشم,, التي كان لها ذات يوم
دور ما في تشكيل تاريخ هذه المنطقة قبل مائة عام من الآن,, وربما اكثر,, وجدت نفسها تقفز
الى واجهة الاحداث من جديد، لتكون على موعد آخر مع التاريخ,، لم تكن على علم مسبق به,, وان
كانت تترقبه وتتمناه حتى وان طالت المسافة وتباعد الزمن لكنه أتى بعجالة غير محسوبة,,
لتساهم بشكل او بآخر في تشكيل خارطتنا الرياضية من خلال ناديها الفتي الذي اتخذ من
اسمها اسماً ومن ارثها زاداً,, وليقفز هو الآخر فجأة الى الواجهة دون ترتيب مسبق,, ملكاً
متوجاً,, وعريساً مزفوفاً,, لم تسبقه طبول تنذر بقدومه ولا مزامير تطلب افساح الطريق
له ولا بروتوكول او مراسم تضع له نهجه,
جاء انجازه هذا متزامنا مع مئوية التأسيس والاحتفاء بها، وكأنما اراد سدوس النادي,,
محاكاة تاريخ سدوس المكان,, ولكن بطريقته الخاصة,, وفي زمنه الخاص,
وسدوس الذي تأسس عام 1402ه وهو العام الذي تولى فيه خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -
مقاليد الحكم في هذه البلاد,, كأنما اراد بانجازه هذا,, ان يحاكي ذلك التاريخ بتحقيق
الأمانة بالتفاعل مع عهد الخير والانجازات,, مترجما عطاءات الدولة تجاه ابنائها وشبابها
على وجه الخصوص,
ان القارىء لتاريخ سدوس النادي مقرونا بسدوس المكان والموقع,, يلمس محطات كثيرة في هذ
التاريخ,, تحتاج لوقفات تأمل,, ومراجعة,, ومقارنة,, ليخرج منها بنظام فريد من مزج
الاحداث,, وتطلعات المستقبل المستمدة من ارث الماضي,
نظام فريد ربما لعبت الصدفة - بعد المشيئة الالهية بالطبع - دوراً كبيرا في تشكيله
وصياغته,, بصورة اضفت عليه المزيد من المتعة,, والرغبة في القراءة والتأمل لأبناء سدوس ,
سدوس الذي كاد ان يمحي من خارطة التاريخ الرياضي بين عشية وضحاها,, وبقرار اداري عندما
تولدت فكرة دمجه مع نادي الدرعية بعد صعوده للدرجة الاولى لمنح المنطقة,, المزيد من
الدعم الكروي هاهوالآن يعلن بملء فيه انه قادر على تشكيل هذا التاريخ,, والمساهمة في
بنائه واثبات قدراته في اضافة مساحة اضافية لانتشار القاعدة الرياضية في الرياض
العاصمة,, وفي المملكة الحبيبة على وجه العموم, ليس هذا فحسب,, بل وهذا هو المهم,,
ليترجم عطاءات الدولة تجاه الشباب ويحقق أحد اهدافها بوصول برامجها إلى كل بقعة فيها,
إن النظر إلى الانجاز الذي حققه نادي سدوس بصعوده إلى مصاف الدرجة الممتازة في كرة القدم
من زاوية الاعجاب والإكبار ليس لأنه صعد,, ولا لأن صعوده جاء متوجاً بدرع الدرجة الاولى
ليكون صعوداً مع مرتبة الشرف الاولى ,
فسدوس ليس اول فريق يصعد لهذه المرحلة ولن يكون الأخير,
ولكن الاسلوب الذي تم به هذا الانجاز والتعامل الذي كان عليه ليحقق هذا الانجاز هو محط
الاكبار والتقدير,
وسدوس تأسس قبل 17 عاما وتحديدا عام 1402ه,,اي ان عمره الزمني والتاريخي يقل كثيرا عن عمر
الدوري الممتاز الذي سبقه بستة مواسم او سبعة,, ومع ذلك استطاع ان يختصر المسافات في
زمن قياسي تخطى به عجلة الزمن وحري به ان يدخل كتاب جنيس للارقام القياسية كأسرع فريق
يصل للدوري الممتاز عطفا علىتاريخه وميلاده,
لقد الغى سدوس بانجازه هذا حسابات التاريخ ,, وحدود الجغرافيا ونظريات الفيزياء وكسر
حاجز اللغة الكروية ,
اوجد تفاعلاً كيميائيا جديدا ذا تركيبة خاصة بسيطة نسجها من ثلاثة احرف فقط يحتفظ
بعلامتها المسجلة,, وخلطتها السرية ,
ووضع معادلة رياضية جديدة في فك رموز التعامل مع الاحداث الرياضية دون ان يدخل عالم
اللوغاريثمات وحساباتها المعقدة والمطولة,
واكتشف نظرية جديدة في علم الاجتماع ,, أو النفس ان طموح ال 17 ربيعاً,, وتطلعات ال17
عاما,, ليست وقفا على الانسان وحده,, ولا على الفرد وحده,, ولكنها قد تمتد إلى الكيانات,,
وإلى المجتمعات البسيطة,
هذا هو سدوس النادي,, ايها السادة الكرام,,
كتاب مفتوح لمن اراد الاطلاع,,
ونهل جديد لمن اراد الاستفادة,,
اما انتم انباء سدوس ,, فلا اعتقد بل اجزم انني لن أكون احرص منكم على ناديكم ولا افرح
منكم بانجازكم,,
والتهنئة هنا قد لاتكفي خاصة لرئيس النادي الاستاذ محمد بن معمر ونائبه,, وكل من وراء
هذا الانجاز من اعضاء الشرف,, والاجهزة الفنية والادارية واللاعبين والجماهير,, ولا حتى
عبارات الاشادة فقد وصلهم ما اعجز عن تبليغ اجزاء منه,
ان التقدير الحقيقي,, هو هذا الانجاز الذي عبر عن نفسه,, والذي قالوا عنه انه افضل هدية
لسمو امير منطقة الرياض ابتهاجا بمئوية التأسيس,
ولسمو امير الشباب كترجمة على جهوده,,
ولأندية المنطقة في الرفع من مستوى كرة القدم فيها,, وتهوين مشقة الترحال عنهم,,
لكن ما اود التركيز عليه هو التعامل بواقعية مع المستقبل,
لا اقلل هنا من طموح ابناء سدوس,, او قدرهم,, فالفريق الذي استطاع تجاوز مرحلة الدرجة
الاولى,, وهي المرحلة الاصعب في نظري والأكثر قوة وتنافسا,, قادرعلى ان يحقق انجازات
اخرى على اصعدة اخرى,,
ان القضية ليست ان يبقى سدوس في الممتاز,, او لايبقى,
ولكن ماهو اكثر اهمية ان يظل سدوس في واجهة الاحداث,, وهو مايحب ان يخرج به من هذا
الانجاز,, وان يحتفظ له بمقعد دائم في مسرح الحدث,
وأعتقد ان ابناء سدوس قادرون على رسم السياسة التي تكفل لهم مثل هذا,, ويملكون الامكانات
وآلية التنفيذ اذا ادركوا فعلا ابعاد ذلك كله,, ولاشك انهم يدركونه,
والله من وراء القصد,
|