الدكتور سعد الحريقي ووقفة حول رحلة التعليم وأسس النهضة التعليمية في عهد الملك عبدالعزيز المؤسس جعل في الحسبان التمسك بكتاب الله وسنة نبيه والإفادة من العلوم الحديثة مسايرة للعصر كان للموحد تجارب مفيدة في مجالات التعليم قضى بها على الأمية ونشر تعاليم الدين والدنيا بين الناس أولى الملك عبدالعزيز بعض المؤسسات التعليمية عناية خاصة كانت الأساس في بناء النهضة التعليمية
|
اكد الدكتور/ سعد بن محمد الحريقي وكيل جامعة الملك فيصل للشؤون الاكاديمية ان الاحتفال
بمرور مائة عام على تأسيس هذا الكيان الشامخ (المملكة العربية السعودية) مناسبة عزيزة على
قلب كل فرد يعيش في كنف هذا الوطن المترامي الاطراف المتماسك بوحدته الوطنية، وفي هذه
المناسبة لابد لنا أن نتذكر انجازات مؤسس هذا الكيان العظيم جلالة الملك عبدالعزيز، تلك
الانجازات التي امتدت الى وقتنا الحاضر وسوف تظل خالدة في قلب كل مواطن ومن هذه الانجازات
التعليم الذي ادرك (رحمه الله) انه الوسيلة الى الرقي وان الحاضر غرس الماضي، والمستقبل جنى
الحاضر وهذه العبارة تصدق تمام الصدق على رحلة التعليم التي قطعتها المملكة منذ زمن المغفور
له الملك عبدالعزيز (رحمه الله) ثم تواصلت هذه الرحلة المباركة على يد خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، فلقد بنى المغفور له اسس النهضة التعليمية التي نشهد
ثمارها في ايامنا الحاضرة، وسيجني الابناء ثمارها في مستقبلهم الزاهر بإذن الله تعالى، وان
كنت اعلم انني لن اتمكن من سرد جميع جوانب تلك الاسس التي ارسيت دعائمها بكل الصبر والإخلاص،
وبكل الحب للعلم واهله الذي عرف به الملك عبدالعزيز، الا انني سأحاول ان أوجزأهم المحطات
التي مر بها التعليم في تلك الفترة وهي تعد اساساً للنهضة التعليمية التي نشهدها في وقتنا
الحاضر، فقد عرف عن الملك عبدالعزيز (رحمه الله) دعواته الصادقة للتشجيع على العلم والحض
عليه، وانه اساس في بناء الدول والحضارات, يروي السيد حافظ وهبة في كتابه ( خمسون عاماً في
جزيرة العرب)بعض تلك الدعوات التي كانت تأتي مرتجلة في خطب الملك عبدالعزيز، من ذلك قوله
،(المدنية الصحيحة هي التقدم والرقي، والتقدم لايكون الا بالعلم والعمل)ومن ذلك ايضاً قوله
،(إني ارى كثيراً من الناس ينقمون على ابن سعود، والحقيقة ما نقموا عليه إلالاتباعنا كتاب
الله وسنة رسوله، ومنهم من عاب علينا التمسك بالدين وعدم الاخذ بالاعمال العصرية، فأما الدين
فوالله لا أغير شيئاً مما انزل الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ولااتبع الاما
جاء به، وليغضب علينا من شاء, واما الامور العصرية التي تعيننا وتفيدنا ويبيحها الاسلام،
فنحن نأخذها ونعمل بها ونسعى في تعميمها ولامدنية احسن ولا افضل من مدنية الإسلام),،
أسس النهضة التعليمية
إن من يمعن النظر في هذه الكلمات الحكيمة يدرك ان الملك عبدالعزيز قد حدد اسس النهضة
التعليمية التي كان يسعى اليها، وهما اساسان كبيران اولهما التمسك بكتاب الله وسنة نبيه
الكريم، وجعلهما محور البناء التعليمي في المملكة ، وثانيهما مسايرة العصر، والافادة من
العلوم الحديثة بما يتمشى مع الإسلام وبما يحقق التطور والحضارة والمدنية,
ومن يتتبع مراحل التعليم في المملكة يجد هذين الاساسين واضحين في كل التجارب التعليمية التي
خطاها الملك عبدالعزيز، وفي كل النظم والمؤسسات التي بنيت في عهده (رحمه الله),،
التجارب التعليمية:
ونعني بها المشاريع التعليمية التي لم تتخذ شكل المؤسسة المنظمة، وانما اتخذت شكل مراكز
للتعليم غير المنظم، وكان الهدف منها القضاء على الامية المنتشرة في اصقاع المملكة المختلفة،
ومن هذه المشاريع,
مشروع الهجر:
وهو مشروع له دلالات متعددة في تاريخ حركة التوحيد للمملكة التي قام بها الملك، وفي حركة
الإصلاح الاجتماعي والتعليمي التي قادها وتجدر الاشارة الى ان مشروع الهجر كان يرمي كما يروي
كثير من المؤرخين الى اهداف كثيرة خيرة، بجانب الهدف التعليمي، من ذلك توطين البدو، وإيجاد
مشاريع اصلاحية واجتماعية وزراعية تقضي على القبلية، وتشير المصادر التاريخية الى ان الملك
عبدالعزيز كان يرسل لكل قرية او هجرة شيخاً يعلم الناس الكتابة والقراءة واصول الدين، كما
كان يمد اهل تلك القرى بمعدات لحفر الآبار، وبمواد للبناء وغير ذلك, ولقد اسهم في تطوير
مشاريع الهجر عدد من العلماء الافاضل,
التدريس في المسجد الحرام:
وهي خطوة اخرى رائدة في مجال التعليم، وحسبنا ان نعلم ان الملك عبدالعزيز قد اعلى قيمة
العلماء في المسجد الحرام، واعتمد عليهم في بناء الدولة ايضاً، فقد رآهم اهلا للشورى ولإصلاح
الحكم، ولقد قال في إحدى خطبه عام 1343ه لا اريد اوهاماً وإنما اريد حقائق، اريد رجالا
يعملون، فإذا اجتمع اولئك المنتجون واشكل عليّ امر من الامور رجعت اليهم في حله، وعملت
بمشورتهم، واريد الصراحة في القول، لأن ثلاثة اكرههم ولا اقبلهم: رجل كاذب يكذب عليّ عن
تعمد، ورجل ذو هوى ورجل متملق، فهؤلاء ابغض الناس عندي هذه هي تطلعات الملك ازاء المعلمين
في المسجد الحرام وازاء العلماء في هذا المكان الطيب المبارك, ولقد اصدر الملك عدداً من
النظم التعليمية تحدد طبيعة التعليم واسسه في المسجد الحرام، منها الامر الملكي الذي صدر في
عام 1345ه بتأليف لجنة علمية برئاسة سماحة قاضي القضاة الشيخ عبدالله ابن بليهد، مهمتها
الاشراف على سير الدروس في الحرم المكي وانتقاء الكتب النافعة، وتعيين الاساتذة المشهود لهم
بالكفاءة وحسن السيرة، والسير على طريق السلف الصالح, ومن التوجيهات الملكية في هذا النظام
ان يقرأ فقه المذاهب الاربعة والعلوم العربية بكرة واصيلا، وان يقرأ دروس التوحيد والتفسير
والحديث والوعظ بين العشاءين, وقد كان التركيز على المشايخ الذين يقومون بعملية التدريس ان
يبينوا للناس مذهب السلف وبخاصة العقائد ومباحث الصفات، وان يبينوا في اثناء دروسهم انواع
البدع والخرافات التي اضرت بالمسلمين,
المعهد العلمي السعودي:
كان المعهد السعودي اول الثمار لتأسيس مديرية المعارف التي أنشئت عام 1344ه وقد أنشئ هذا
المعهد عام 1345ه، لسد حاجة المدارس الابتدائية والاولية للمعلمين، فأنشأت مديرية المعارف
هذه المدرسة وسمتها المعهد العلمي السعودي, ولقد حرص المعهد على ترغيب الطلاب في العلم، لأن
بعض من التحق به قد ترك الدراسة في العام الاول فخصص لكل تلميذ في المعهد ثلاثة قروش، ولرئيس
الصف خمسة قروش في كل يوم كمساعدة وخصص للناجح منهم مكافاة الف قرش على نجاحه في المركز
الاول، وخمسمائة قرش للناجح في المركز الثاني, وقد اولى الملك عبدالعزيز عناية خاصة لهذا
المعهد، وشارك مشاركة مباشرة في اختيار مديره واساتذته ووافق على جلب اساتذة له من الخارج,
وقد كان يدرس في المعهد جميع العلوم والآداب، كعلوم التوحيد والتفسير، وفقه الحديث، والفقه،
واللغة العربية، والحساب، الهندسة العملية، اللغة الاجنبية، الجغرافيا، التاريخ، اداب اللغة
العربية، وغير ذلك من العلوم ، وقد احتفل المعهد بتخريج اول دفعة من طلابه عام 1354ه, وكان
عددهم ثلاثة وعشرين طالباً,
ولقد ذهب الخريجون مع مدير المعهد اذ ذاك الشيخ بهجت البيطار الى قصر الملك عبدالعزيز
،(رحمهما الله) ، فألقى في الطلبة كلمة سامية، تعكس حرصه (رحمه الله) على العلم والعمل به
حيث
قال:( ايها الابناء، انكم اول ثمرة من غرسنا الذي غرسناه بالمعهد، فاعرفوا قدر ماتلقيتموه من
العلم، واعلموا ان العلم بلاعمل كشجرة بلاثمر، وان العلم كما يكون عوناً لصاحبه يكون عوناً
عليه, فمن عمل به كان عوناً له، ومن لم يعمل به كان عوناً عليه، وليس من يعلم كمن لايعلم،
قليل من العلم يبارك فيه خير من كثير لايبارك فيه، والبركة في العمل، ابنائي: لقد منّ الله
عليكم وأرشدكم الى طريق الخير، فاعملوا انا لمنتظرون),،
مدرسة تحضير البعثات:
في حوالي عام 1355ه صدرت الموافقة على تأسيس مدرسة تحضير البعثات والغرض منها اعداد الطلبة
الذين يرغبون في الالتحاق بالكليات المختلفة بالخارج مثل: كلية الطب، كلية الهندسة، كلية
الزراعة، مدرسة الفنون والصنائع العليا، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات,
وتعتبر هذه المدرسة من المؤسسات التعليمية المهمة في عهد الملك عبدالعزيز(رحمه الله) فلقد
اسهمت- من خلال اعداد الطلاب المؤهلين- في جهود تنمية القوى البشرية كما اسهمت في تطوير
التعليم الثانوي في المملكة وإدخال مضامين جديدة على مناهج الدراسة ونظم التعليم,
وتجدر الاشارة الى ان نظام البعثات قد بدأ قبل تأسيس هذه المدرسة بقليل، حين صدر امر الملك
عبدالعزيز (رحمه الله) القاضي بإرسال اربعة عشر طالباً للتعليم في الخارج، وذلك للتخصص في
التدريس والقضاء الشرعي وفي التعليم الفني (الميكانيكا) وفي الزراعة وفي الطب وقد عادت هذه
البعثة الى ارض الوطن بعد النجاح في دراستها عام 1354ه, وتوالت بعد ذلك البعثات حتى تم تأسيس
هذه المدرسة المباركة,
مدرسة الأمراء:
تعتبر هذه المدرسة تجربة فريدة من تجارب الملك عبدالعزيز التعليمية، بل تجربة رائدة فلقد كان
،(رحمه الله) على صلة وثيقة بهذه المدرسة, ولقد اتسعت هذه المدرسة حتى شملت ابناء الامراء
وغيرهم، وكانت بحق اول مدرسة نظامية في الرياض ويرجع تاريخ تأسيسها الى عام 1354ه على وجه
التقريب, ويروي المؤرخون ان الملك عبدالعزيز (رحمه الله) كان يشرف بنفسه على هذه المدرسة،
ويوجه باحكامه وقراراته واوامره الشئون التنفيذية لإدارة المدرسة، وتوفير احتياجاتها واختيار
مدرسيها ومناهجها، وخطط الدراسة فيها, ولقد حفلت كتب التاريخ بتوجيهات جلالته لابنائه الطلاب
ولمعلميهم, ،كانت زيارته (رحمه الله) مثمرة للمدرسة، وكان يحمل معه الكتب الكبيرة يسأل
ابناءه في اصعب المسائل، اما المعلمون فقد منحهم امتيازات كبيرة، فقد كان يسمح لهم بالدخول
عليه دون استئذان او انتظار، ويرعى سفرهم وحلهم، ويتابع بنفسه تلبية طلباتهم الشخصية
والرسمية, وقد تولى الشيخ عبدالله خياط (رحمه الله ) ادارة هذه المدرسة، وكان له في قلب
الملك عبدالعزيز حب كبير، وكان يثني عليه ثناء يخجل الشيخ احياناً كثيرة,
دار التوحيد:
انشئت هذه الدار حوالي عام 1364ه، وكانت بحق نواة للمعاهد الدينية التي انشئت بعدها بست
سنوات، ولتأسيس كلية الشريعة التي انشئت عام 1369ه، وهدف دار التوحيد تخريج عدد من المتخصصين
في الشريعة الإسلامية القادرين على مواصلة الدراسات العليا، وكان الملك عبدالعزيز يعد هؤلاء
الطلبة للدراسات العليا في كلية الشريعة, وقد خرجت دار التوحيد اعداداً من القضاة والمدرسين
والشعراء المعروفين والباحثين التربويين, واهم ما انجزته هذه الدار انها حققت للملك
عبدالعزيز بعض امانيه في ان تكون بداية لتطور كبير في تنظيم التعليم الديني العالي,
كلية الشريعة:
وهي النواة الاولى للتعليم الجامعي في المملكة، وقد تم اقتراح تأسيس هذه الكلية من قبل مجلس
المعارف الذي رفع توصياته الى الملك عبدالعزيز (رحمه الله)تعالى، الذي وافق على فتح كلية
الشريعة بمكة المكرمة، ولقد استقبلت الكلية افواج الدارسين مع بداية عام 1369ه، وهم ممن
تخرجوا من دار التوحيد ومن المعهد العلمي السعودي, وقد اسهم عدد من علماء الاقطار العربية في
وضع لوائح الدراسة والمناهج وبخاصة علماء الازهر الشريف، ولقد ضمت هذه الكلية الى جامعة
الملك عبدالعزيز عام 1392ه، ثم اخيراً الى جامعة ام القرى,
المؤسسات التعليمية ونظمها في عهد الملك عبدالعزيز
يجد المتتبع للمؤسسات التعليمية ونظمها زمن الملك عبدالعزيز ان هناك عدداً من المؤسسات
التعليمية التي اولاها الملك عبدالعزيز عناية خاصة، وهذه المؤسسات هي الاساس في بناء النهضة
التعليمية التي نراها اليوم في بلادنا المباركة, وقد اطلع جلالته على نظمها وابدى توجيهاته
الكريمة على نحو يجعل كل مؤسسة منها قادرة على الوفاء بمتطلبات العصر ومساوية لمثيلاتها في
الدول العربية,
واولى هذه المؤسسات (المدارس العامة) ففي عام 1347ه تم اقرار نظام هذه المدارس ويتكون هذا
النظام من ثمان وثمانين مادة، مقسمة الى ابواب وفصول تتعلق بالهيئة التدريسية وبالطلاب
وبالاختبارات وغير ذلك,وقد ظل هذا النظام قائماً حتى عام 1358ه حين صدر نظام جديد واكب
الحياة الجديدة التي خطتها هذه البلاد الطيبة تحت اسم (المملكة العربية السعودية) التي تم
الاعلان عنها عام 1351ه, وقد تم تحديد مسمى هذه المدارس في النظام الجديد تحت اسم المدارس
الاميرية، وقد بلغ عدد مواد هذا النظام مائة وستاً وتسعين مادة، مقسمة الى فصول، منها مثلا
الفصل الاول: احكام عامة من مادة (1-27)وتنص الاحكام فيه على مجانية ا لدراسة، ومدتها في
المدارس الابتدائية ست سنوات وفي المدارس الثانوية ست سنوات، وفي المعهد العلمي خمس سنوات,
ويتناول الفصل الثاني شروط القبول (من مادة 28-38)، ويتناول الفصل الثالث اوقات العطل (من
مادة 39-67)، والرابع تحديد الاختبارات,
اما الفصل الخامس بعنوان (واجبات التلاميذ) (من مادة 68-83),،
والفصل السادس بعنوان (في التربية والتعليم) (من مادة 84-104)ويتناول فلسفة الاصلاح والترغيب
التي يجب ان تؤسس عليه التربية والتعليم,
والفصل السادس (في سير التعليم) (من مادة 105-113) ويتعلق في استخدام المصطلحات التربوية
الحديثة، وان يدرس المعلمون وفقاً لاصول التعليم الحديثة فيهتمون بتشجيع الطلاب, ويستخدمون
وسائل الايضاح وغير ذلك,
اما الفصل السابع فهو بعنوان (في حقوق وواجبات المدير) (من مادة 114-154),،
والفصل الثامن يتناول واجبات المعاون، والفصل التاسع يتناول واجبات المعلمين، ثم هناك فصل
لاحكام الحضور والغياب,
ويجمع المراقبون التربويون الذين واكبوا هذه الفترة ان هذا النظام من اهم النظم التي صدرت في
عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله),،
نظام البعثات وقد صدر هذا النظام في عام 1355ه ويتكون من أربع وثلاثين مادة ويعرِّف هذا
النظام البعثة العلمية بانها هي كل بعثة يكلف اعضاؤها الحصول على شهادة دراسية او درجة علمية
او تتبع دراسة في المعاهد العلمية خارج المملكة العربية السعودية، كما يعرف البعثة الفنية
بانها هي التي يقصد منها ان يتمرن اعضاؤها على مهنة او صناعة مخصوصة خارج المملكة العربية
السعودية، ويشترط هذا النظام الا ترسل البعثة الا للحصول على درجة ارقى من الدرجات التي يمكن
الحصول عليها داخل المملكة,
نظام المدارس الأهلية:
وقد صدر هذا النظام ، ونشر في الجريدة الرسمية عام 1357ه ويتكون من خمس وعشرين مادة، ويهدف
هذا النظام الى تنظيم قطاع المدارس الاهلية الذي سمح له الملك عبدالعزيز ان يؤدي دوره الهام
في نشر التعليم في المملكة، وقد عمل -رحمه الله- على تشجيعه ودعمه, وقد حدد النظام مفهوم
المدرسة الاهلية، وهي المدرسة غير الاميرية، وهي كل مؤسسة اعدت للتعليم والتدريس والصناعة
على مقتضى الطرق العلمية والفنية، واستوفت الشروط الصحية والاخلاقية,
نظام المدارس القروية:
وهذا نموذج آخر من نماذج النظم الدراسية التي صدرت في عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله) وهو
محاولة لنشر التعليم وفتح المدارس في القرى والمدن الصغيرة وذلك بهدف الاسراع في نشر التعليم
الابتدائي في مناطق المملكة المختلفة, ويعرف نظام المدرسة القروية بانها كل مدرسة تعليمية في
مكان لايطلق عليه اسم مدينة، ويعيش اهله عيشة الارياف، وتلحق به المدينة التي لايوجد فيها من
التلاميذ العدد الكافي لفتح مدرسة ابتدائية, وقد روعي في مناهج هذه المدارس التي بدأت عام
،1364ه البساطة واليسر وكانت سنوات الدراسة اربع سنوات، ثم خفضت الى ثلاث سنوات حتى يمكن
خدمة
سكان البادية الرحل, وقد تم الغاء نظام المدارس القروية عام 1374ه,
وهكذا نرى من هذا الاستعراض السريع للتجارب العلمية والمؤسسات التعليمية ونظمها في عهد الملك
عبدالعزيز (رحمه الله) عمق هذه المرحلة التعليمية وقيمتها التاريخية، ونرى الى اي حد جهد هذا
الملك العظيم في وضع حجر الاساس لبناء مملكة العلم والحضارة,
بقي ان نشير الى ان (مديرية المعارف) هي الجهة الرسمية التي كانت تشرف على نظام التعليم
بجميع مؤسساته وتجاربه في عهد الملك عبدالعزيز، ولقد تم تأسيس هذه المديرية بشكل رسمي في غرة
رمضان عام 1344ه, وكان هدف هذه المديرية- كما يتضح من المادة الثالثة والعشرين من مواد
تأسيسها- هو نشر العلوم والمعارف والصنايع، وافتتاح المكاتب والمدارس وحماية المعاهد
العلمية، مع فرط الدقة والاعتناء باصول الدين الحنيف في كافة البلاد,
ولاهتمام الملك عبدالعزيز (رحمه الله) بهذه المديرية، ولتحقيق الاهداف المرجوة من تأسيسها
فقد اصدر امراً ملكياً في عام 1346ه يقضي بتأسيس مجلس المعارف، وذلك للإشراف على المديرية
ومساندة اعمالها، ويهتم هذا المجلس بدراسة برامج التعليم ومناهجه والموافقة عليها، كما يعنى
بتحديد الكتب الدراسية، وتوحيد برامج التعليم في الحجاز ، والانظمة للمدارس والمديرين
والمعلمين, ومن صلاحيات المجلس الموافقة على موازنة ادارة المعارف وعلى تعيين المعلمين
وعزلهم، ومراقبة لجان الامتحان، والسعي لتأليف لجنة لوضع وترجمة الكتب المدرسية التي تنسجم
مع البيئة الحجازية في ذلك الوقت, ومن صلاحيات هذا المجلس ايضاً سن الانظمة للمدارس
والموافقة على برامج التعليم,
ويتألف المجلس من ثمانية اعضاء ماعدا الرئيس، يعيَّنون بأمر ملكي، وينبغي ان يكونوا من كبار
الموظفين، ومن ارباب الكفاءة والمعرفة وتحولت مديرية المعارف الى وزارة المعارف في الايام
الاخيرة من حياة الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، فقد اصدر امره السامي بتأسيس خمس وزارات
عام 1373ه، اي قبل وفاته بشهر تقريباً، وهي وزارة الداخلية، والمواصلات، والصحة، والزراعة،
ووزارة المعارف, وصاحب تأسيس هذه الوزارات صدور المرسوم الملكي بتأليف مجلس الوزراء,
ولقد حظيت وزارة المعارف بعناية خاصة، فقد اسندت رئاستها الى (صاحب السمو الملكي الامير فهد
بن عبدالعزيز) حفظه الله ومد في عمره، وذلك بالقرار الملكي الصادر بتاريخ 1373/4/18ه وها هو
ذا الملك المفدى، خادم الحرمين الشريفين، يواصل المسيرة الخيرة بكل صبر وإخلاص، ولايزال يردد
مانقشه والده (رحمه الله) على باب قصره
لسنا وإن احسابنا كرمت يوماً على الاحساب نتكل | |
ويضيف ايده الله ماقاله الشاعر نفسه
نبني كما كانت اوائلنا نبني، ونفعل مثل مافعلوا | |
|
|
|