Thursday 25th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 10 ذو القعدة



شعور مختلف
د, فهد حمد المغلوث

من المؤكد أن الحياة ليست كلها شهر عسل وأحلام وردية، بل ليست كما نتمنى ونحلم، وهذا واقع
لايمكن انكاره أو تجاهله، ولكن هذا لايعني ايضاً ان نزيد من تعاسة الواقع الذي من حولنا
ومرارته، ونفاقم من قتامة الصورة التي أمامنا لمجرد اننا نمر بتجربة قاسية او نعيش ظروفاً
صعبة ومؤلمة او لمجرد اننا فقدنا او بصدد فقد شيء غالٍ على نفوسنا,
قد تكون الحياة كذلك وربما اكثر، ولكن هذا لايعني ان نعقد الأمور أكثر مما هي معقده، لايعني
ان ننطوي على أنفسنا ونحرمها من كل شيء حتى من ابسط حقوقنا التي بأيدينا أن نحققها دون ان
نضرّ بالآخرين او نسيء إليهم أو ننقصهم حقهم,
قد ننزعج من هذا كله، ولكن هذا لايعني ان نضرب كفاً بكف ونندب حظنا العاثر بينما غيرنا
هو من يستمتع بكل شيء على حسابنا نحن الذين قدمنا كل شيء ومازلنا نقدم ونضحي بكل شيء!،
كل هذا قد يحدث لنا، ولكن لايعني ذلك ان نلقي باللوم على أنفسنا في كل صغيرة وكبيرة
وكأننا السبب في كل ماحدث ويحدث لنا علماً بأننا لا حول لنا ولا وقوة, كما لايعني ذلك
ايضا ان نظل صامتين مكتوفي الأيدي وواقفين موقف المتفرج السلبي,
ان الإنسان منا اليوم يعيش في حالة صراع مستمر مع نفسه ومع غيره في الكثير من الأمور
وبشكل يوفي وحتى اولئك الذين لايبدو عليهم ذلك لديهم ولو جزء من هذا الصراع بشكل أو
بآخر ولكن البعض اما يكتمه بداخله ويخفيه ويستطيع ان يتكيف معه ويكيفه لصالحه خاصة اذا
كان قادراً على ذلك ويشكل هذا الكتمان مصدر راحة وامن نفسي بالنسبة له او ان يظهره بصور
واشكال مختلفة,
وانت كانسان تعيش حالات الصراع النفسي تلك تريد ان تتخذ قرارات مصيرية تريح اعصابك
وتشعرك بالسعادة التي تبحث عنها، ومع ذلك ترى امامك تبعات كثيرة وكبيرة تحول دون اتخاذ مثل
هذه القرارات المصيرية التي سوف تشكل حياتك وتجعلها اجل مما هي عليه,
وانت امام هذا الصراع تريدان تقول لا للواقع المحيط من حولك المتمثل في أولئك المحيطين بك
أو المسؤولين عنك والذين تأتمر بأمرهم فتجد نفسك وبشكل متكرر ورغما عنك تقول نعم وأنت
تبتسم, لاحظ! أقصد تتظاهر بالرضا كي لاتكون اقل من غيرك بل كي لا تكون انت الانسان
الوحيد الشاذ المشاكس مما يؤثر عليك في كل شيء وتخيل في كل شيء!،
وأنت تريد من كل قلبك ان تواجه غيرك بحقيقته المزيفة المزدوجة وان تصارح غيرك بما في
قلبك كي ترتاح، ولكنك تجد لسانك معقوداً عاجزاً عن البوح بما في مكنونات نفسك عاجزاً عن
مجرد الكلام العادي الذي يتحدثه اي انسان، عاجزاً ان ترفع عينيك في عيني من تريد ان
تصارحه وتواجهه لتظهر له حقيقة مشاعرك نحوه اياً كانت تلك المشاعر ايجابية ام سلبية ومهما
كانت,
وربما وانت في مثل هذه الظروف تطلب من اعز الناس إليك طلباً غريبا عليه تريد منه ان
يساعدك على البكاء، تخيل، تريد منه ان يساعدك في إخراج ماهو كاتم على قلبك ولاتستطيع ان
تخرجه انت رغم محاولاتك المتكررة ولكن بمجرد كلمات بسيطة منه وحديث مريح معه تنسى هذا
البكاء لتتجول مشاعر الضيق لديك الى مشاعر سعادة تغمر كل جوانحك بل انه حتى حينما تنتهي
مهمته ويريد مغادرتك ترجوه البقاء اكثر، تلح عليه ان يمنحك بضع دقائق اكثر ليطول امد
تلك اللحظات الرائعة لتشعر ان الساعات التي استقطتعها من أجله تستحق ان تتكرر من حين لآخر
لأنها جعلتك تعيش عالماً آخر من السعادة لم تعهده,
إذن بامكاننا ان نحول لحظات الضيق الى لحظات سعادة ولو لبعض الوقت طالما كنا قادرين
عليها، وطالما كان الطرف الآخر يسعده ان يحققها لنا كونها سعادته هي ايضاً, وابسط مثال
يساعدنا على الشعور بالسعادة مع اشخاص معينين نحرج منهم ونحترمهم، هو شعورنا بالقرب منهم
اكثر مما كنا بالسابق، لاننا أزلنا الحواجز فيما بيننا وبينهم وبدانا في اسلوب المصارحة
الذاتية والمكاشفة الشخصية الذي كان عدم وجودهما الى عهدٍ قريب هو الستار الذي كان يفصلنا
عنهم ويحول بيننا وبينهم اي من السعادة التي يحلم بها ويتوق اليها كل انسان,
شعور آخر ربما أخَّر أو حجب أو اثر في استمتاعك بتلك السعادة التي بين يديك هو ذلك
العتاب المتواصل واللوم الذي لاينتهي لاقرب الناس إليك بسبب أمور انت نفسك تعرف انه ليس
له يد فيها,
وهذا العتاب المستمر لكل صغيرة وكبيرة وذلك اللوم القاسي في بداية كل حديث او مقابلة، لاشك
يوهن من تلك العلامة الحميمية مع مرور الوقت ويؤثر في طعم السعادة الحقيقية التي لاتريد
من يقاطعها وهي في ذروتها, ولاتريد من يغير مسارها ويرسم لها مساراً آخر وهي تعرف انها
متجهة نحو التحليق، نحوقمة السعادة المنشودة,
نحن في أحيان كثيرة نتعب انفسنا ونرهقها في الوقت الذي يفترض ان نريحها ونسعدها ولو
لسويعات او لحظاتٍ قليلة، خاصة إذا ما عرفنا ان تلك السويعات محسوبة علينا ولاتعوض بسهولة
ولا ندري متى ستتكرر وبنفس الجمال والروعة التي نشعر بها لاول مرة حينما تعيش تلك اللحظات
السعيدة,
اعرف ان مثل تلك الامور ليست بالسهلة على النفس ، وبالذات اولئك الذين يعيشون ظروفا
خاصة تجبرهم على العتاب واللوم ولكنني اكرر لهؤلاء بانه يكفي ان هناك من يتقبل عتابكم
عليه ولومكم له دون ان يبادلكم العتاب هجراً واللوم صداً لانه يعرف ان العتاب دليل المحبة
وان اللوم تأكيد لها وهذا في حد ذاته يكفي لان تشعروا ان هناك من يكن لكم كل المحبة
والتقدير، من هو مستعد للتضحية بكل شيء من اجل ان يرسم السعادة على قلوبكم والابتسامة على
شفاهكم، وحينها يحق لكم ان تفخروا وان تتباهوا ولو بين انفسكم بهذا الحب الكبير الذي تحظون
به والمكانة المميزة التي اكتسبتموها بروحكم الحلوة وذوقكم الرفيع وادبكم الجم ومشاعركم
الصادقة واحاسيسكم المرهفة,
حينها يحق لكم ان تلقوا كل شيء يقال بحقكم خلف ظهوركم ولاتأبهوا بمن لايشعر بكم او يحس
بمعاناتكم و يغار منكم، وما اكثرهم!،
الشيء الآخر الذي ربما اثر أو يؤثر على الاستمتاع بالسعادة لأطول فترة ممكنة هو اننا
كثيرا ما نمحو اللحظات السعيدة من ذاكرتنا او نحاول نسيانها او ننشغل عن التفكير بها
علما ان مجرد استحضارها من وقت لآخر والعيش في اجوائها يولد بداخلك شعوراً جميلاً
بالسعادة والشوق والحنين إليها واذا كان لديك مايذكرك بتلك اللحظات والمواقف الجميلة
ربما عدت إليه وقمت بالبحث فيه وتصفح مابداخله سواء هدايا او مذكرات او نحوها,
انا لا افكر ان التفكير بمثل هذه الامور متعب احيانا خاصة إذا كنا غير قادرين على تكرار
تلك اللحظات الجميلة مع من نريد ووقت مانريد ولكن أليس بخلاً منا على انفسنا ان نحرمها
من ذكريات جميلة كجمال اصحابها ومواقف رائعة كروعة من شاركنا فيها؟ وان كنت نسيت مثل تلك
اللحظات الجميلة بسرعة فتذكر ماحصل لك بالامس القريب في اي مكان كنت ومع من كنت تتحدث او
تتحاور وكيف هي الاجزاء التي كنت تعيشها وماهي ردود فعلك او انطباعاتك؟ وماهي حالك بعد
الانتهاء من تلك اللحظات وانت تودعها؟ واننا نتمنى الاتنتهي؟ هل تتذكر كل ذلك؟ ام تراك
نسيت وانت من كان سبباً في وجود تلك اللحظات التي تنسى؟
ان كنت مازلت تتذكر ها فحاول ان تستعيدها، حاول ان تدير شريط الذكريات بينك وبين
نفسك،حينها سوف تشعر بالابتسامة تخرج منك رغما عنك، حينها تشعر بالسعادة تحل عليك دون
موعد، حينها تعشر بانك انسان آخر محبوب لذاته مرغوب لشخصه ولكن وأنت في قمة هذه الاجواء
الرائعة لاتنس ان تحمد الله على أنت في قكة هذه الاجواء الرائعة لاتنس ان تحمد الله على ما
انت فيه, وتدعوه ان يديم عليك نعمة السعادة ويحقق لك ماتحلم به وتتمناه, فهلا اكتشفت
مواطن الجمال؟ وهلا حرصت على استخراجه والحفاظ عليه, بل هل عرفت تستفيد منه بشكل يجعل
حياتك اكثر جمالاً وروعة؟ انه بالفعل شعور مختلف,
همسة:
تلك السعادة الحقيقية التي أحياها,,
أنت مصدرها,,
تلكم اللحظات الجميلة التي أعيشها,,
أنت سببها,,
تلك الرحلة الرائعة التي أقوم بها
أنت رفيقها,,
تلك الأجواء الحالمة التي اهيم فيها,,
أنت نكهتها,,
أما تلك الذكريات الخالدة التي أحلم بها,,
فانت وحدك من يعيدها,,
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
فروسية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved