Thursday 25th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 10 ذو القعدة



الثقافة رهان حضاري
،(2) المصطلح والانتشار
أ,د, كمال الدين عيد

،* انبثاق مصطلح الثقافة,
لفظة (الثقافة) لأول مرة في التاريخ في القرن الثاني قبل CATO استعمل المؤرخ القديم كاتو
cultura egri في الترقي بالعنب والاشجار LAND الميلاد، مخصصا التعبير عن الارض واليابسة
والاعتناء بها وتنظيمها وتطويرها نحو انتاج افضل, وقد بقى التعبير حتى اليوم ملتصقا بثقافة
البيت ومظاهره,
لم يبق مصطلح الثقافة على ما هو بعد انبثاقه فقد تعدد استعماله في نماذج اخرى عبّرت عن
اطلاقه على سمات مختلفة بعينها, اذ يصبح يطلق على الاراضي المستصلحة, ثم دخل الى كل عمليات
لاول مرة تعبير Cicero الاصلاح والتشذيب سواء للاشياء او عند الانسان عندما استعمل سيسرو
قاصدا به تشذيب النفس, بعدها فقد المصطلح تعريفه القديم بعد ان اصبح الانسان cultura animi
هو مناط القول في التعبير الجديد, ثم تطور استعمال المصطلح مرة اخرى بعد القرن الاول
الميلادي فاصبح يعني عبادة الله واحترامه, بعد ذلك تطور تعبير لفظة الثقافة ليشمل مترادفات
اخرى مثل رعاية الآخرين، التمسك بالفضيلة غرس الاحترام ، تقدير الانسان، احترام الرسالات
السماوية,
استندت لفظة الثقافة - بعد انبثاقها بقليل - على فهم المعنى الديني والعبادة وجلال الديانات،
القديمة التي تعني في معناها احترام الانسان, هكذا فتح سيسيرو امام cultus استلهاما من كلمة
العالم توسيع وانتشار لفظة الثقافة مادياً باستعماله هو الآخر اللفظة تعبيرا عن الارض مرة،
وعن الروح مرات اخرى ، الا ان الكلمة سقطت من قاموس الامبراطورية الرومانية بعد استئسادها
وتوسعها حتى اندحارها في القرن الرابع الميلادي,
،* إعادة إحياء المصطلح
بعد ظهرو عصر النهضة الاوروبي يعود مصطلح الثقافة الى الظهور في القرن السابع عشر الميلادي
في اللغة الالمانية حين استعمله بكثرة فلاسفة الفلسفة المثالية الالمانية, وكان معنى الثقافة
في بلاد اوروبية اخرى, وأدى انتشار كلمة الثقافة civilization آنذاك مرادفا لكلمة (الحضارة
في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين خصوصا في الادب الى استعمال المؤلفين
والباحثين والجامعات اللفظة للتعبير تحديدا عن التطور الايجابي لانسان عصرهم الذي يناهض من
أجل الأعلى ويكافح من اجل الارقى ضد عالم الغريزة الاعمى، بما اعتبروه معادلا للفظة (نقاء) ،
بمعنى ازدهار الانسانية ونموها بعد انبثاقها كمذهب اخلاقي في بدايات عصر النهضة Fineness
الاوروبي في القرن الخامس عشر الميلادي ، وهكذا تطورت لفظة الثقافة مرة اخرى لتشمل جانبين
مهمين هما الجانب الروحي والجانب المادي, وقد ظل هذان الجانبان الارضية الصلبة التي دار
حولها المفكرون والفلاسفة تحليلا ومعارضة وتفسيرا ونقدا حتى عصرنا هذا,, عراكا فلسفيا مستمرا
حول مضمون الثقافة,, هل هو في نشاطها؟ ام في نتائجها؟
لكن القرن التاسع عشر الميلادي وتحديدا في بدايات نصفه الثاني - يأتي علينا بتغييرات جذرية
للفظة (الثقافة) تختص بالمعنى المتعارف عليه, وقد جاء التغيير مركزا على مضمون التقدير
الايجابي للفظة الثقافة, فكان نموذج التطور الاوروبي يوصف بالثقافة وجاء ذلك تأكيدا في
كتابات المؤرخين الاوروبيين، وفي صُلب النظريات المنظمة لدول اوروبا ومجتمعاتها, وكان من
culture Anthropology جراء انتشار هذه المضامين العديدة ظهور تيار الانثروبولوجيا الثقافية
europian centeral ismفي القرن العشرين, ومن خلال المركزية الاوربية التقليدية
توغل تعبير ومعنى الثقافة ليشمل جهود الانسان ونشاطاته الايجابية الفعلية، بالتركيز على
التقديرين الروحي والمادي في تلك الجهود والنشاطات تحت تعبير (الاصلاح) وبذلك يكون المصطلح
قد ضم القديم والجديد في كفتيه,
صحيح ان المصطلح في مفهومه الواسع والعريض قد حوى الانسان - الروح، لكن التفسيرات العلمية قد
حددت مستقبلا اي نوع من الانسان يمكن ان يكون خاضعا للفظة الثقافة, وقد حد هذا التفسير من
العموميات التي تبطل معنى الثقافة ذاتها, كيف ذلك؟
وحددوا هذا الجانب بالنشاطات العلمية spirit او soul فّر العلماء الجانب الروحي بمعنى النفس
والدينية والفنية وكلها تنبع اذا لاحظنا من العقل , الا ان اراء علمية اخرى نسبت النشاط
وهذا صحيح من الناحية النظرية , وينطبق نفس civilization العلمي واتساعه الى نظرية الحضارة
الاعتراض على العلوم الطبيعية والعلوم الهندسية, هكذا بقى تعبير لفظة الثقافة قاصرا في
النهاية على العلوم الاجتماعية والفنون ، لكن سرعان ما يتقلص حجم التعبير الى الفنون فقط,
ولعل ذلك يتضح الآن عالميا في ارتباط كلمة الثقافة بالفنانين في الادب والشعر والقصة
والرواية والعاملين في المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون والاغنية والموسيقى والفنون
التشكيلية وحينما تكرر ليل نهار ان مجموعة الفنون -قديمها وحديثها - هي الطريق الاوحد
للتنمية الثقافية لم يكن ذلك الا استنادا على تاريخ كلمة الثقافة منذ انبثاقها، وتطورها الى
اشكال ونماذج كل هذه الفنون , حتى اصبحت كلمة الثقافة لفظا كلاسيكيا لا يمكن اخطاؤه في الهدف
او المدلولات, وحينما تذكر لفظة الثقافة فانها لابد أن ترتبط بفن من الفنون، ولابد من وجود
الابداع الفني في معناها,
يمتد معنى الثقافة في العصر الحديث ليشمل التعليم المدرسي كثقافة عصرية، كما يشمل ايضا
الجهود المشروطة بالثقافة لتعليم وتثقيف الشعوب, وعلى هذا الجانب الاضافي لمهمة الثقافة فإن
اللفظة تمتد طبيعيا الى الثقافة اليومية التي تفرزها عوامل الاتصال - والانسان اتصاليٌ بطبعه
كما يقول الاعلاميون - وحيث تظهر هذه الثقافة اليومية الحياتية في سلوكيات المجموعات
البشرية، وفي السلوك الشخصي والاجتماعي، وفي العادات بين الناس بعضهم مع بعض، وفي التقاليد
بين الشعوب، وفي تقدير الانسان لاخيه عبر التعامل اليومي فاما علاقات اخلاقية او غير اخلاقية,
اما أن يظهر الانسان حاملا ثقافة روحية داخله واما انه خالي الوفاض, هكذا سار مصطلح الثقافة
الى نهاية طريقه ليحدد مهامه الثقافية في النقاط التالية:
،1 - الكفاح ضد كل غث طبيعي غير انساني,
،2 - نثر النقاء على الانسان والمجتمعات,
،3 - الاعتلاء بالانسان من عالم الغريزة الطبيعي، عن طريق الاعلاء والتعويض,
،4 - تعضيد المثل العليا كالانسانية والديمقراطية والحرية, والوقوف بكل ما من شأنه السماح
للانسان بسلوك ذاتي نقي ومؤثر لصالح البشر والبشرية، عبوراً الى منطقة الحضارة,
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
فروسية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير