Wednesday 2nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الاربعاء 14 ذو القعدة


تطبيق- برنامج المشورة الفردية- للمتقاعدين في مؤسسات العمل

تعد الخدمة الاجتماعية مهنة لها قاعدتها العلمية ولها طرقها المهنية، ويعد مجال معاشات
التقاعد احد المجالات الاساسية والحديثة لممارسة الخدمة الاجتماعية في الدول المتقدمة، وقد
حدث نمو سريع في هذا المجال واصبحت هناك الكثير من المؤسسات الخاصة بالمتقاعدين، والتي
للخدمة الاجتماعية فيها الدور القيادي، ولكن للاسف الشديد لازالت اجهزتنا الحكومية والاهلية
تفتقر للخدمة الاجتماعية لاعتقاد البعض ان الخدمة الاجتماعية فقط تتعامل مع غير العاديين،
وهذا غير صحيح ونعرض هنا الدور الذي يمكن ان تقوم به الخدمة الاجتماعية في مجالات العمل
وبخاصة مع الموظفين المقبلين على التقاعد.
فالخدمة الاجتماعية الحديثة تعد استجابة لمشاكل اجتماعية واحتياجات انسانية قديمة قدم
المجتمع الانساني، مثل:مشاكل الفقر والمرض والشيخوخة والخلافات الزوجية والانحرافات السلوكية
والجريمة، ومن اجل هذا اصبحت الخدمة الاجتماعية بمفهومها المعاصر تهدف الى مساعدة الافراد
والجماعات والمجتمعات على تحقيق اكبر قدر ممكن من الرفاهية الاجتماعية، كما أن مهنة الخدمة
الاجتماعية أصبحت تشارك مشاركة فعالة في وضع السياسات والتخطيط الواعي للتصدي للمشكلات
التي تعاني منها فئة المسنين بشكل عام، فالايقاع الجديد الذي تشهده البشرية، والتغيرات
الملحوظة في زيادة اعداد المسنين ونسبتهم، ومعدلاتهم للمجموع الكلي للسكان في معظم المجتمعات
يشير الى ضرورة المشاركة الفعلية للمهنة، والتدخل بشأن صناعة وتوجيه السياسات المرتبطة بوجود
مشكلات للمسنين يجب التصدي لها والمشاركة في تخطيط البرامج والخدمات المطلوبة لتوفير حلول
شاملة للمشكلات، وتعديل التشريعات التي توفر لهم حقوقاً عادلة وثابتة لا تجعلهم دوماً في
حاجة الى عون اقتصادي، بجانب العمل على انتشار الخدمات المقدمة للمسنين لتصل اليهم في كافة
الاماكن والتجمعات التي يوجدون فيها وتهدف الخدمة الاجتماعية في تعاملها مع المتقاعدين الى
تحقيق التكيف الاجتماعي مع طبيعة المرحلة التي يمرون بها، ومساعدتهم، واكسابهم مقدرة متزايدة
على مواجهة المشكلات الجديدة، وربطهم بالانشطة الاجتماعية التي تمدهم بالموارد والخدمات، مع
تقوية وتدعيم تلك الانظمة حتى تتمكن من تأدية وظائفها بفاعلية متزايدة، وللخدمة الاجتماعية
الكثير من الاساليب التي تمكنها من تهيئة الفرد للتقاعد ليستطيع التكيف مع هذه المرحلة،
ومنها برامج الاعداد للتقاعد، ويقوم الاعداد للتقاعد على فلسفة اساسية قوامها التخفيف من حدة
الاضطرابات العاطفية التي واجهها كبار السن من جانب، والتخفيف من اثار الاضطرابات المادية
الناشئة من توقف العمل وازدياد اعباء المعيشة في سن الشيخوخة من جانب آخر، وتحرص البلاد
المتقدمة على تكريم الشيخوخة واعتبار مرحلة التقاعد من اسمى مراحل الحياة الانسانية، ويبدو
هذا التكريم في انشاء المؤسسات والمراكز المفتوحة ذات الانشطة المتعددة التي يستفيد منها
المتقاعدون، ومن البرامج التي تمارس للاعداد للتقاعد برنامج المشورة الفردية ، وهو برنامج
يهدف لتهيئة العامل لمرحلة التقاعد.
وقد اختلف العلماء في بداية تنفيذ هذا البرنامج، فمنهم من يرى ان يبدأ ابتداء من الخمس سنوات
السابقة للتقاعد، ومنهم من يرى ان يبدأ منذ اليوم الاول لالتحاق الفرد بالعمل، والرأي الغالب
ان يبدأ قبل عشر سنوات من التقاعد، ويعتمد برنامج المشورة الفردية على اجراء ما يسمى
بمقابلات ما قبل التقاعد، وهي مقابلات مخطط لها من قبل الاخصائي او تتم برغبة المتقاعد ذاته،
وتتضمن هذه المقابلات عادة ما يلي:
،1- تعديل الافكار الخاطئة لدى المسن عن العمل والتقاعد، وان شخصية الفرد لا يبرزها الا
التقاعد.
،2- ابراز اهمية التخطيط للمستقبل وخاصة سنوات ما بعد التقاعد، حتى ينظر الى الامام بثقة.
،3- ان تهدف هذه المقابلات الى اعداد الفرد للتكيف مع مطالب الشيخوخة، لكي يتوفر له اسباب
الصحة النفسية والعقلية.
،4- ان تهدف هذه المقابلات الى تهيئة الفرصة، كي يقتنع الفرد ماذا يعني التقاعد بالنسبة له،
وان يكون قادراً على اعداد خطة عملية لهذه المرحلة.
،5- ان تتضمن هذه المقابلات ايضاحات وتفسيرات لبعض احكام، التقاعد والتأمين وانظمته المختلفة.
،6- عدم تكرار المقابلة ما لم يطلب الفرد ذلك حرصاً على نفسيته وظروفه.
وهنا يمكن للخدمة الاجتماعية ان تساهم في دراسة امكانية استمرار العامل في عمله لفترة معينة
او احالته على التقاعد وذلك بالتنسيق مع المهن الاخرى، وخاصة للكشف على قدرات العامل العقلية
والجسمية عند بلوغه سن التقاعد وتحديد مدى امكانية قدراته على الاستمرار في العمل من عدمه او
تحويله لعمل آخر، وذلك من خلال دراسة متكاملة للعامل من جميع الجوانب وكذلك دراسة طبيعة
الوظيفة التي سيحال عليها ومدى توفر القدرات لدى العامل المتقاعد على اداء مهامها، وما
الوظائف التي يمكن ان يحال اليها الموظفون عند احالتهم للتقاعد ولو لفترة مؤقتة تكون بمثابة
تهيئة العامل للانقطاع الكلي، الوظائف التي تعتمد على الصفات الشخصية اكثر من اعتمادها على
القدرة الانتاجية، مثل: وظائف التفتيش والعمل بالمخازن، والعلاقات العامة، ادارة والخدمات
وغيرها.
وهذا يعني ان الخدمة الاجتماعية يجب ان تكون في كل منظمة حكومية او اهلية، كبيرة او صغيرة،
فمادام هناك عاملون سيحالون على التقاعد، فلابد من اخصائي اجتماعي ليهيئهم لهذه المرحلة،
بأسلوب علمي سليم، وان كان علماء الادارة يطلقون على الادارة التي تقوم بمثل هذه الاساليب مع
العاملين، ادارة شؤون الافراد وليس ادارة الخدمة الاجتماعية، والاسم ليس مهم بقدر ما نتمنى
ان نرى وجود مثل هذه الاساليب العلمية في رعاية المتقاعدين متوفرة في مؤسساتنا واجهزتنا
الحكومية والاهلية.
عبدالعزيز بن علي الغريب
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved