Thursday 4th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 16 ذو القعدة


نوافذ
الجاحد,, والخالد

الصحافة هي الابنة المطيعة للمطبعة، اي ابنة الآلة، لذا فهي تحمل الكثير من خصائصها ومميزاتها، ومن اهمها النهم الاستهلاكي الكبير والذي لا يتوقف عند حد، وقد يقول البعض: لماذا الصحافة فقط؟ فالكتاب ايضا يخضع لنفس الظروف!! ولكن صناعة الكتاب قديمة جدا، ولم ترتبط بالمطبعة، هذا وان كانت المطبعة اسهمت في انتشار الكتاب الا ان هذا لا يجعله مرتبطا بها او وليدا اعقب اختراعها كما هو الامر مع الصحافة، لذا فالصحافة تبقى ملاحقة بالوقت,, والحدث,, ومواعيد الطباعة التي ترتبط بدورها بنقاط التوزيع وهكذا، في سلسلة محكمة خانقة تتحكم في صناعة الصحف.
لذا فإن هذا النمط السريع والمتوتر، يجعل من الصحافة والخطاب الصحفي، على وجه العموم، وجبة سريعة سهلة يأخذ منها القارىء مقتطفات عجلى وعناوين سريعة وقد يقرأ مقالا أو آخر لكاتب اعتاده ومن ثم ينتهي الامر -في الغالب- عند هذا الحد ومن ثم تنقطع علاقته بهذه الصفحات, لذا ففي الغالب ما تكون الصحافة صناعة تتعرض للجحود بشكل كبير، وبناء النجاح فيها يحتاج الى سنين مطّردة من الجهد والعمل الدؤوب والمستنزف حتى يؤسس صُنّاع الصحافة عملا ناجحا ومتميزا.
وهو تماما كالبناء في الرمل، فتقوم القصور والهياكل والتماثيل وسرعان ما تأتي موجة لتلتهمها,, وكأن الامر ما كان، هذا الجحود ينتقل ايضا الى كُتّاب المقال الصحفي الذين اذا ما توقف احدهم لسبب او لآخر فسرعان ما تطارده الاسئلة: أين أنت؟ ما سر هذا الاختفاء؟ هل توقفت؟ ولن يشفع له ابدا شهور طويلة متتابعة ظل يكتب خلالها بدأب واصرار ودون توقف, يقابل هذا الجحود الصحفي من الناحية الاخرى، الخلود الادبي، فالكتاب يبقى في الارفف محفوظا وقورا، ومرجعا موثقا ينمُّ عن صاحبه ويقدمه ويشرع له بوابة الخلود.
والصحافي قد يهدر عمره في متابعة خبر او تحليل حادثة او التصدي لمظلمة,, وجميع هذا قد يُنسى بصدور عدد اليوم التالي، لأن آلة الطباعة تريد دائما الجديد والمثير والمختلف,.
على العكس من صناعة الكتاب الذي يبدو اكثر رأفةً وانسانية من الصحف، وعلى الرغم من هذا كله فنحن لا نكفُّ عن الصحافة ولا هي تكف عنا، فهي المتاهة المغوية، من ولجها ظل هناك الى الابد.
أميمة الخميس
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved