أكد الكابتن سعد الشهري مدير عام السلامة في المؤسسة العامة للخطوط السعودية خلال الأيام القليلة الماضية بأن المؤسسة قد اعدت تصوراً بشأن إصدار تنظيم يتيح للخطوط السعودية مقاضاة مستخدمي الهاتف الجوّال على الطائرات، ومطالبتهم بالتعويض كعقوبة نظامية على ذلك، وقد اكد الكابتن سعد بأن الخطوط السعودية لديها اجراءات وقائية واخرى تنفيذية في حالة استخدام الهاتف الجوال من قبل الراكب، ومن تلك الاجراءات التوعية اثناء دخول الطائرة من خلال الاذاعة الداخلية، ومن ثم تنبيه الراكب رسمياً، وفي حال عدم انصياعه واستمرار استخدامه للهاتف الجوال على متن الطائرة، يتم انزال الراكب من الطائرة، حيث تجيز اللوائح الجديدة لكابتن الطائرة العودة الى المطار والأمر بإنزال الراكب المخالف.
وفي الوقت الذي أشير فيه الى ما اكده الكابتن سعد الشهري في هذا الشأن وذلك من خلال تصريحه بذلك لجريدة الاقتصادية في عددها الصادر رقم 197 وتاريخ 14/2/1999م، أجد الذاكرة تعود بي الى مقال لي سبق وان تم نشره في جريدة الجزيرة في عددها الصادر برقم 9319 وتاريخ 4/4/1998م تناولت فيه بشيء من القسوة أهمية التصدي للركاب المستهترين الذين لا يترددون في استخدام هواتفهم الجوالة وهم على متن الطائرة على الرغم من التحذيرات المتكررة التي يطلقها كابتن الطائرة في هذا الشأن، حيث اكدت في ذلك المقال على اهمية التوصل الى انظمة ولوائح كفيلة بالتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة وعدم الاكتفاء بالتحذيرات المتكررة ازاء ذلك، حيث نص المقال على التالي: ولذا فإنني اقترح هنا على مؤسسة الخطوط الجوية السعودية ان تقوم بتشكيل لجنة تقوم بدراسة كافة الجوانب المتعلقة بتلك الظاهرة الخطيرة وأن تقوم تلك اللجنة بوضع كافة اللوائح القانونية الكفيلة بالقضاء على استخدام الأجهزة الالكترونية داخل الطائرة من قبل الركاب وان تتضمن تلك اللوائح كافة العقوبات التي يمكن تطبيقها على الركاب المخالفين,, الخ).
لقد جاء توجه مؤسسة الخطوط الجوية السعودية بسن اللوائح الكفيلة بردع مستخدمي أجهزة الهاتف الجوال على متن الطائرة انطلاقاً من الخطورة المتناهية لتلك الاجهزة على اجهزة الطائرة حيث يتضح ذلك من خلال قوائم تصنيف خطورة الأجهزة الالكترونية التي يحملها الركاب على أجهزة الطائرة والتي تم اعدادها من قبل الادارة الفيدرالية للطيران المدني في الولايات المتحدة الأمريكية )F.A.A( وغيرها من المنظمات العالمية الاخرى المعنية بسلامة الطيران المدني والتي صنفت اجهزة الهاتف الجوال على انها الأجهزة الأشد خطورة على سلامة الطائرة, كما جاء هذا التوجه للخطوط السعودية ايضاً متواكباً مع التوصيات التي أقرتها لجنة السلامة في الاتحاد العالمي للنقل الجوي (الاياتا) والمؤكدة على منع الجوال اطلاقاً على الطائرات, الجدير بالذكر انه قد تم تدوين ما لا يقل عن مائة وخمسين مشكلة جوية تعرضت لها الطائرات منذ عام 1987م عزتها السلطات المعنية بسلامة الطيران الى التشويش الالكتروني للاجهزة الالكترونية المحمولة مع الركاب وخاصة الهواتف الجوالة.
انني في الوقت الذي اتمنى ان يكون توجه الخطوط السعودية بمنع استخدام الهاتف الجوال من خلال اصدار تلك اللوائح القانونية كفيلاً بالقضاء على تلك التصرفات الساذجة واللامسؤولة التي تصدر من بعض الركاب المستهترين على اختلاف اعمارهم ومستواهم الثقافي وذلك من خلال عدم ترددهم في استخدام الهواتف الجوالة وفي مراحل مختلفة من الرحلة غير مكترثين لتلك التحذيرات التي يعلنها كابتن الطائرة والموضحة لخطورة الذبذبات المغناطيسية الصادرة من تلك الاجهزة الجوالة على اجهزة الملاحة الجوية بالطائرة.
إلا انني في نفس الوقت أجزم واؤكد بأن وجود تلك اللوائح لن يسهم في القضاء على استخدام الهاتف الجوال داخل الطائرة ما لم يكن هناك تنفيذ فعلي وعادل لكافة العقوبات التي ستتضمنها تلك اللوائح على كافة المخالفين ما لم يكن هناك عقوبات تدفع الجميع الى احترام تلك الأنظمة فان تلك العقوبات لن تكون ذات جدوى ما لم يكن هناك تنفيذ فعلي لتلك العقوبات.