Saturday 6th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 18 ذو القعدة


المؤرخ,, زكي يماني 3 - 4
د, عبد الله ناصر الفوزان

حين قيل لمعالي الشيخ احمد زكي يماني - في المقابلة التي أجرتها معه قناة الجزيرة - طالما انك ترى السماح لشركات البترول العالمية بالاستثمار في انتاج البترول في المملكة فلماذا تم إنهاء امتياز شركة أرامكو في عهدك؟! استنكر السؤال، وقال: الأمر مختلف,, أرامكو كانت دولة داخل دولة,, ولا شك أن تلك العبارة برّاقة، تضرب على الكثير من الأوتار الحساسة، ولكنها أبعد ما تكون عن الصحة، فلو كانت ارامكو دولة داخل دولة لما استطاعت المملكة ايقاف ضخ البترول عام 73م بتلك السرعة والحسم، فما اكثر العلل والحجج التي كان في إمكان (تلك الدولة) ان تتذرع بها,, ولو كانت ارامكو دولة داخل دولة لكان لها محاكمها وأجهزتها التنفيذية,, ولو كانت دولة داخل دولة لما استطاعت المملكة إنهاء امتيازها,, ولو ان سبب إانهاء امتياز أرامكو ليس اقتصادياً، ولكن لكونها دولة، داخل دولة لتنازلت عن دولتها على الفور حين جدَّ الجدُّ وأبقت على مصالحها الاقتصادية التي هي الأهم بالنسبة لها، ولا أعتقد ان معالي الشيخ يمكن ان يقول إن أرامكو كانت ستفضل خيار إنهاء امتيازها على خيار إنهاء دولتها المزعومة.
ويقول معالي الشيخ في معرض حديثه عن الأزمة الحالية ان خطته التي خفضت اسعار البترول عام 86م واعترض عليها الرئيس بوش لو استمرت عاما آخر لجعلت دول الخليج في مركز قوي جداً، وكأن معاليه يقصد انها كانت ستمنع حصول ما حصل الآن,, وهذا قول مدهش,, فقد خسفت خطته بالسعر في فترة وجيزة من خمسة وعشرين دولاراً الى اقل من عشرة دولارات للبرميل,, أي الى اسوأ من الوضع الحالي، ولم ترفع حجم الانتاج الا الى ما يقارب اربعة ملايين برميل، اما الآن فنحن ننتج ثمانية ملايين برميل، واذا كان يقصد ان السعر كان سيرتفع نتيجة لتطبيق خطته بعد ان تغلق منافذ انتاج كثيرة نتيجة لانخفاض السعر، فإن هذا ينطبق على الوضع الحالي، ومن آثار خطته أننا بعد ان كنا نقبض طيلة العام اربعة وعشرين مليار دولار سنة 85م مقابل بيع ثلاثة ملايين برميل في اليوم، أصبحنا لا نقبض في العام الا سبعة عشر مليار دولار سنة 86م مقابل انتاج يزيد على اربعة ملايين برميل في اليوم، أي ان الخسارة مزدوجة في كمية البترول وكمية النقود, وإذن فالجانب السلبي في خطته شديد الوضوح، أما الجانب الايجابي فلا اثر له الا في افتراضات معاليه, ومما يضعف فرضياته انه عندما تم ايقاف العمل بخطته لم ينخفض انتاجنا البترولي كما تقتضي افتراضاته، بل أخذ الانتاج يزداد بالتدريج حتى بلغ ما يقارب ستة ملايين برميل في عام 90م قبل الغزو العراقي للكويت، والأعجب من هذا أن السعر أخذ يرتفع بالتدريج أيضاً حتى وصل الى أكثر من ثمانية عشر دولاراً في نفس الفترة، والسبب طبعاً هو انتعاش الاقتصاد الدولي ولذلك فحين بدأ هذا الاقتصاد العالمي ينكمش كأمر طبيعي يحتمه تعاقب الدورات الاقتصادية العالمية، عاد السعر ينخفض، ومعاليه نفسه يعترف ضمنياً في رده على احد الاسئلة بأن سبب تراجع الطلب على البترول الآن هو تراجع الاقتصاد العالمي، أي أنه لو لم يتراجع الاقتصاد الدولي - كما يُفهم من حديثه - لما تراجع الطلب، وبالتالي لم تتراجع أسعار البترول، فما دخل خطته إذن,,,,؟؟؟ أم أنه يقصد ان خطته كانت ستمنع انكماش الاقتصاد الدولي بمجمله,,,,؟؟.
منذ استمعت الى حديث معاليه وأنا أحاول ان أفهم كيف يمكن ان يكون ارتفاع سعر البترول دافعاً للاكتشافات الجديدة وزيادة الانتاج وفي الوقت نفسه لا تكون عودة السعر الى الارتفاع بعد الانخفاض دافعاً لعودة المنافذ التي خرجت من السوق لانخفاض السعر للانتاج من جديد، فمعاليه يقول إن خطته كانت ستخرج منافذ عديدة من الانتاج، فيعود السعر الى الارتفاع وتزيد دول الخليج إنتاجها وتزداد قوتها ولا يفترض أبداً ان تلك المنافذ التي خرجت من السوق ستعود إليه بعد ارتفاع السعر وان اكتشافات جديدة ستظهر، بل وإن طرقاً جديدة للاكتشاف والتنقيب والانتاج والصيانة ستظهر وتخفض التكلفة وتخلط الأوراق من جديد.

backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
ملحق ينبع
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved