تم الاهتداء الى هذا الفيلم - ولعله الوحيد الذي يظهر فيه الملك عبد العزيز، رحمه الله بالصوت والصورة معاً - من قبل التليفزيون السعودي في عام 1394ه، في هدية قدمها الى كاتب هذه السطور، معالي طارق المؤيد، وزير الإعلام البحريني السابق، الذي توفي قبل أسبوعين، رحمه الله، وعنوان الفيلم (بلادنا المقدسة).
وقد أجرى التليفزيون، في حينه، مقابلة مع سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، للتعرف على أنجال جلالته، الذين ظهروا الى جواره، والذي يغلب على الظن ان سموه كان أحدهم.
وعندما قام معالي الشيخ إبراهيم العنقري وزير الاعلام آنذاك، بزيارة مصر، على رأس وفد من الوزارة، في ذلك العام، قيل إن أساس الفيلم، قد يكون تلف في الحريق الذي تعرّض له استوديو الأهرام.
وضمن الجهود البحثية التي قام بها كاتب المقال بمناسبة الذكرى المئوية، لإعداد بحثه عن (الإعلام في عهد الملك عبد العزيز) تكشفت بعض الوثائق، التي تبيِّن أن الفيلم كان قد صُوّر في حج عام 1357ه، بموافقة الملك عبد العزيز وقام بتمويله (إنتاجه) بنك مصر، الذي كان له نشاط في ذلك الوقت في مكة المكرمة، كما تقول بعض كتب التاريخ، وقامت بتصويره شركة مصر للتمثيل والسينما، وعندما حاولت الشركة عرضه قبيل حج العام التالي (1358ه) في الهند، احتاجت إلى إفادة من وزارة الخارجية السعودية، بأن الفيلم قد صُوّر بمعرفة الجهات الرسمية السعودية وموافقتها.
ومن طريف ما اطلع عليه في الوثائق البريطانية، خلال هذه الذكرى المئوية العزيزة، أن اثنين من الحجاج الهنود، قد قاما - خلسةً - قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات، بتصوير مشاهد للحج، وعندما رغبا في عرض هذه اللقطات في فندق هايدبارك في لندن بتاريخ 6/11/1934ه، امام أغا خان، واللورد لويد، وجمهور من السياسيين الإنجليز، خشيت وزارة الخارجية البريطانية، إيذاء الملك عبد العزيز بهذا التصرف، ودارت حول هذا الأمر مخاطبات، انتهت بالاتفاق على أن يكون العرض خاصاً ومحدوداً، وبدون دعوات عامة، وألا يُكتب عنه في الصحافة، كما حاول مخرج سينمائي يُدعى )Kuharski( انتاج فيلم عن حياة جلالته، وزار الرياض عام 1949م لكن طلبه رُفض، لأن منهجه كان خيالياً.
وعلى ذكر اللقطات السينمائية التي ظهر فيها الملك عبد العزيز في مناسبات او زيارات رسمية، يذكر الاستاذ صالح المحمد (عبد العزيز المقبل) الذكير، المقيم في الخبر، والمهتم بالصور الوثائقية، بأنه أحصى ما يقرب من عشرين فيلماً إخبارياً قصيراً عن الملك عبد العزيز أثناء زيارتيه إلى مصر، والبحرين، وافتتاح منشآت أرامكو وغيرها.
ولعلّ دارة الملك عبد العزيز، تبذل مزيداً من البحث عن لقطات أخرى, وقد قامت أرامكو في عام 1375ه (1955م) بإنتاج الفيلم المعروف عن قصة فتح الرياض باسم (جزيرة العرب).
رحم الله الملك عبد العزيز، فلقد كان تاريخه ثريّاً بالمعلومات الوثائقية الثمينة والغزيرة، التي لم تكتشف ولم تسجل بعد.
(الحلقة القادمة: إبراهيم العنقري، الإعلام ذو الأبعاد الثلاثة)