Tuesday 9th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 21 ذو القعدة


قصة قصيرة
ثمن المعطف

رغم ان انفاسها باردة قالت لي وهي ترجف: انها لاتحس ببرد خلعت معطفي وقدمته لها لكنها اعادته لي: شكراً كان هذا قبيل ان تمطر والآن ستذعن وترتديه.
-يبدو انك ترغبين المخاطرة بنفسك!
-انا لن اخرج خارج المنزل ارجوك قد تحتاج اليه غرست عينيها باتجاه عيني سكت فمدت التي المعطف خرجت من المنزل صامتاً اسرعت تجاهي .
-ارجوك قد تحتاج اليه!
عندما ابتعدت قليلاً عن المنزل سمعت صوتها وهي تسدد بقبضة يدها على الباب ضربة انهزام,, لحظة لحظتين وستحس هي بالبرد وستكون بحاجة ماسة اليه اما انا فيمكنني الصبر,.
وضعت يدي في جيبي اخرجت بضعة اوراق كتب عليها خمسة ريالات احسست انني منهزم حتى آخر خطوة رجل كمثلي قد لاينقصه شيء اما انا فينقصني معطف ادثر به زوجتي عن البرد,, كل مافي خزينتي احلام جوفاء اقفل عليها حتى لا أحس بالجوع وصلت الى المخبز.
-خبز بريال,.
ضربت عصفورين بحجر ما ان انتهى الخباز من تحضير الخبز حتى كنت قد اشتريت جبناً وزيتوناً لا اريد ان اتاخر عليها حتى لاتلومني على خروجي بالمطردون معطف كان هنالك متسول يقف بباب المخبز اعطيته بضعة ريالات وانصرفت المطر يضرب بعنف وصلت الى البيت دفعت الباب ناديتها بأعلى صوتي لم ترد.
قالت لي ليلة البارحة انها تريد ان يشمل افطارنا على الزيتون الذي تحبه.
- احضرت زيتوناً ان تأخرتي سأفطر لوحدي,.
لم يجبني سوى صوت مواء القطة التي في السطح وضعت الكيس في المطبخ وصعدت الى السطح كانت القطة تتألم من شدة البرد والمطر نزلت مسرعاً لاحضرلها مايدثرها عن البرد فتشت في كافة منزلي الخاوي لم اجد شيئاً,, فجأة وقعت عيني على معطفي صاحب القضية كان معلقاً بباب غرفتي اختطفته مسرعاً وركضت عبر السلم الى القطة جلست امامها دثرتها به وابعدتها عن مكان تساقط المطر ونزلت عبر السلم درجة,, درجة حتى رايتها امامي
-اين كنتي احضرت لك زيتوناً
-اين معطفك لقد اشتريت لك معطفاً جديداً تأملت عينيها البريئتين نظرت الى عنقها فلم اجد عقدها الذهبي.
ريم الحربي
***
**تقدم لنا قصة ريم الحربي ثمن المعطف مثلاً رائعاً لنقاء الفن المصفى، ليست هناك جملة محشورة اووصفاً متزيداً او فضفضة في الكلام، كانما عمدت ان تجلي امامنا الجوهر رائقاً دون شيء خارجي يحجبه جمل قصيرة، جمل فعلية في الغالب تحرك الحديث، ومتلاحقة تلبي توقد القارىء الى معرفة الى اي شيء سينتهي الحدث، فيما يحفظ لذلك الحدث قلقه وتوتره المشدود من بداية القصة حتى نهايتها شاداً اليه انتباه القارىء وتعلقه.
تستخدم ريم اسلوباً تقليدياً في القص ، كانما تحكي حكاية ولكنها تعطي لهذا الاسلوب التقليدي جمالاً يعيد ثقتنا به يتضافر مع ذلك استخدام للغة بسيطة على كل مافيها من جمال.
لكننا لابد قد توقفنا كثيراً - خارج الشكل والاسلوب- مع موضوع القصة كم هو آسر ونبيل اسرة بسيطة تكاد تكون معدمة تسكن ذلك البيت (الخالي) احلام الزوجة افطار من زيتون تحبه وسعادة الزوج في ان احلام زوجته في متناول يده الخاوية فيبادر الى تحقيقها فيفرح، وإيثار للغير يملأ البيت الخالي رضى وسعادة، شجار اومايكاد يبلغ حد الشجار، ليس بسبب مطالبة الزوجة بما يعجز عنه الزوج ورفض الاخير لما لايملك، ولكنه شجار على رغبة البذل والعطاء والايثار، على معطف يؤثر كل منهما الآخر به مع انه قديم على مانفهم من نهاية القصة، لايقتصر ذلك الايثار على اللذين ربطتهما حياة واحدة، ولكن الذي دبر عشاءه بريال واحد والذي خلا بيته من كل شيء لايتردد ان يعطي لمتسوِّل اضعاف ما انفقه في طعام الاسرة مثلما لايتردد في ان يؤثر على نفسه وزوجته قطة بالمعطف الوحيد، ومن جانبها لم تقدمه الزوجة علىنفسها بالمعطف فحسب ولكنها باعت حليها الذهبية لمعطف جديد له, التاكيد بهذه البساطة الراقية على معنى ايجابي للموضوع يضيف للشكل التقليدي في الحكي قيمة اضافية تجعلنا نبدل من مواقفنا في تلقي الاعمال الابداعية، والتي تكون عادة متوفرة لتوقع ان يكون العمل راصداً لظاهرة سلبية يتعامل معها بقسوة تشفي فينا غليل ذلك الترقب فهاهي ريم الحربي (تتغنى) بمعنى البذل والعطاء ببساطة كاروع مايكون.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved