Tuesday 9th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 21 ذو القعدة


نوافذ
البوصلة

يقال بان الرئيس المصري (انور السادات) كان مغرما بكلمة (الحاجز النفسي) ذلك الحاجز النفسي الذي كان يسعى بكل الوسائل الى ازالته لتتم عملية التطبيع الكامل بين مصر واسرائيل وكان يحاول ان يتجاوز تاريخا مدمى بالفجائع والحروب لكي يصل الى مرحلة القبول الشعبي الكامل للصلح مع اسرائيل فكانت تلك المقاومة الشعبية العنيفة والتي كان احد مظاهرها القصيدة الرائعة للشاعر الراحل (امل دنقل) (لا تصالح)،
واعتقد بان تعبيرا من نوع (الحاجز النفسي) لا يظهر الا في دول العالم الثالث تلك الدول التي اعتادت السياسات القمعية والتسلطية والتي تفرض قراراتها من قمة الهرم دون ان يكون لهذا القرار ارضية شعبية تدعمه وتساعده على الثبوت والاستمرار بدليل انه الى يومنا هذا وبعد عشرين عاما من بدء التطبيع في مصر ما برحت المقاومة عنيفة ضده على جميع المستويات هذا لان تاريخ الحزن والقهر والالام من الصعب ان يزال هكذا بجرة قلم او لحماس زعيم يطمح للسلام!!
ودول العالم الثالث قلما تخلو من تلك النماذج التي تطوح بها بين اقصى الاتجاهات فقط لتتوائم مع ما يوافق مزاجية حكامها، ولعل صدام العراق هو اكثر هؤلاء الحكام تغييرا لمعتقداته فمن (قومي عفلقي) الى اسلامي متعصب ومن ثم يساري متحمس وهكذا يأخذ من كل تيار ما يلائمه ويلائم موقفه السياسي من الشعارات والزعيق المفرغ من معناه ويجييرها بحسب ما يلائم الزمان والمكان،
والمؤلم في هذا كله هو توظيف ادمغة المجموع (وبما فيهم الاجيال الناشئة والمتلهفة على يقين ومعنى)!! كلوحة اعلانات يتم وضع الملصقات والشعارات فوقها ونزعها وفق ما يتوافق مع خط السلطة السياسي في كل مرحلة ذلك الخط الذي لا يتوافق مع ثبات القيم والاسس والمبادىء التي تحلم بها الشعوب لغدها ومستقبلها بل ان بعض الدول قد تغير المناهج المدرسية برمتها وتعيد صياغتها مع الخط الجديد للدولة ومن ثم سرعان ما تنسحب لان هذا الخط انتهت مدة صلاحيته وهكذا كسمة بارزة ومميزة لشعوب تحكم من فوق ومن خلال سلطة قامعة متسلطة ليس للافراد والمؤسسات فيها كبير اثر،
وهناك جماعة تعيش بيننا منذ سنين طويلة (الاريتريون) جماعة مطاردة بقهر مزمن وحاجة دائمة للقمة العيش (الاحباش) استمرت حروبهم الاهلية عقودا واجيالا، وعندما حل هناك سلم منهك ومبتور،، لم يدم سوى فترة قصيرة، هذا لان القيادات العنترية هناك لا تابه بفرد مطحون ومطارد في أمنه ومعاشه بقدر حرصها على الامجاد الشخصية والمكاسب الخاصة والجالية (الحبشية) تغير اوراقها وانتماءاتها عدة مرات في العام وبالشكل الذي يتوائم مع بوصلة التوجه السياسي في بلادهم فحينا وحدة سياسية وحينا انقطاع وتوتر على الحدود،، وهكذا بلا نهاية والفرد المطحون بتغيير اوراقه وتوجهاته والمزيد من الرسوم واوراق الثبوت الناتجة عن العبث واللاجدوى،،
والى ان يقرر العالم الثالث ان يصبح اكثر انسانية واقل توحشا فان المسبحة لن تنتهي،
أميمة الخميس
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved