Tuesday 9th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 21 ذو القعدة


أضواء
عندما يصبح المقاتل هو الرمز

عودة لما تناولناه عن تجاوز المرحلة لأسلوب أواسط القرن الحالي لكفاح الشعوب الذي اتخذ طابع الكفاح المسلح حيث افلحت العديد من الشعوب في تحقيق أهدافها والتي تمثلت في نيل الاستقلال وحق تقرير المصير فيما اخفقت شعوب في تحقيق أهدافها ويأمل البعض منها ان يحقق ذلك بعد ان عُرفت البداية، فالشعوب كالأفراد تبدأ مسيرة الالف ميل بخطوة,,!!
وكما اوضحنا في مقالتي ما لم يفهمه اوجلان فهمه حواتمه بأن المتغيرات الدولية وطبيعة المرحلة التي تشهد هيمنة للمفهوم الامريكي، جعلت من أسلوب الكفاح المسلح أسلوبا لا يحظى بالقبول دوليا، وحتى الدول التي تتعاطف مع الشعوب التي تخوض مثل هذا النضال تجد حرجا في إعلان تأييدها لمثل هذا العمل ناهيك عن تقديم المساعدات التي لا غنى عنها، او احتضان بل وحتى قبول قادة أو رموز الكفاح المسلح ذلك لتداخل عمليات الكفاح المسلح مع العمليات التي تطال الآخرين وبالذات المدنيين وبما ان القوة الغالبة هي الأكثر قدرة على الاقناع لامتلاكها أدوات التأثير فان الحجة الامريكية اقنعت الدول وحتى الرأي العام الغربي وقطاعات اخرى في مناطق خارج الغرب بأن الكفاح المسلح عمل إرهابي يتضرر منه الجميع، والجميع هنا يشمل فيما يشمل المصالح الدولية وفي مقدمتها المصالح الغربية، والدول التي تتعرض لعمليات الكفاح المسلح في معظمها دول حليفة للغرب,, وأخيرا المدنيين الذين هم وحسب التصنيف الغربي لا دخل لهم فيما تفعله حكوماتهم التي تحتل جيوشها البلدان وتمارس قواتها المحتلة القمع والقتل والتدمير للشعوب التي تنشد الحرية رغم ان المدنيين الذين يتأثرون بعمليات الكفاح المسلح أكثرهم جنود احتياط او معين استراتيجي بشري لقوات الاحتلال.
اذن ما المخرج هل تستكين الشعوب لجبروت الاحتلال وتقنع بتفسيرات الغرب وبالذات امريكا وتقبل لائحتها التي تضعها للحركات الإرهابية، وتلك التي تزكي الذين تخلوا عن الكفاح المسلح ليصبحوا مؤهلين للتفاوض,,؟!
النموذج اللبناني الذي تقدمه المقاومة الإسلامية اللبنانية يعد الأفضل الآن لمواجهة هذا الاشكال فالمقاومة الإسلامية اللبنانية لم تأخذ بالأساليب التقليدية للكفاح المسلح الذي كان يصنع الزعماء,, او الذي يصنعه الزعماء فتتحول حركة التحرير الوطنية إلى أسيرة ذلك الزعيم وبقدر ما تصنع تلك الحركة صنما أو رمزا يفرض فكره واجتهاداته على الآخرين,, ولذا فان الحركة يصبح مصيرها معلقا بمصير ذلك الرمز الذي ان حاول زملاؤه الخروج عليه تتشرذم الحركة وتتفتت، وهكذا اصبح عليه حال جبهة تحرير فلسطين التي فرخت عدة فصائل لكل فصيل زعيم جورج حبش، وديع حداد، نايف حواتمه,, والأمثلة كثيرة.
اما في حالة المقاومة اللبنانية الإسلامية فالرمز هو المقاتل اذ ان أعضاء المقاومة الإسلامية الذين يحركهم الدافع الديني، يتوقف ارتباطهم بالقائد في حدود أطر ذلك الدافع الذي يعد مواجهة المحتل واجبا شرعيا، ولذلك فإن الرمز يتمثل في المقاتل نفسه الذي يحركه الإيمان وهو الذي يصنع كل ما نراه من انتصارات تغلبت على طبيعة المرحلة، والذي يحمي المقاتل الرمز وينزهه من أي اتهامات بالارهاب او غيرها من التهم التي تلصق بالمقاومين الذين يعملون لتحرير بلادهم.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved