Tuesday 9th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 21 ذو القعدة


الملك عبدالعزيز: حياته - شخصيته - منهجه في الحكم والإدارة
د, أمين الدين أبو بكر *

إن المملكة العربية السعودية التي مر على تأسيسها في هذه السنة (1419ه) مائة عام لجديرة بالذكر والاهتمام ذلك لأن المولى عز وجل قد رزقها بمقومات السيادة والصدارة على المستوى العربي والإسلامي والدولي معاً.
فالمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في المقدمة في جانب الاحتفاظ بالثقافة الإسلامية والعربية وهي قبلة المسلمين يستقبل شطرها جميع المسلمين في الشرق والغرب وهي كذلك على المستوى الدولي في المقدمة أيضا لما رزقها الله تبارك وتعالى من البترول وغيره مما يخرجه الله تعالى من أرضها, فالملك عبدالعزيز هو الرائد لهذه السيادة والقيادة فقد بنى قواعد المملكة على الأسس التي شيدها الآباء والأجداد بروح من التقوى والإيمان ثم إنه هو الذي خطط لمستقبل المملكة مما نراه الآن من الإنجازات القيمة والتقدم الباهر وسار على دربه أبناؤه البررة وما سيعقب ذلك من البناء والرقي والنماء في المستقبل إن شاء الله تعالى.
فالمملكة العربية السعودية هي مهبط الوحي ومركز الأمن والاستقرار فيها مكة المكرمة حيث ولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها المدينة المنورة التي هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأسس فيها العاصمة الأولى للدولة الإسلامية وفيها الرياض التي فتحها الملك عبدالعزيز وأعادها إلى ماكانت عليه أيام آبائه عاصمة الحكم ومركز الشأن فانطلقت منها إشعاعات الحق لتعم الدنيا برسالة الحق؛ رسالة التوحيد التي ترفرف على العالم بكل معاني السعادة والفلاح والأمن والاستقرار والرخاء.
ولقد اخترت هنا موضوع الحديث عن الملك عبدالعزيز وحياته وشخصيته وذلك أن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - هو الذي رهن نفسه لتأسيس هذه المملكة فإما النصر وإما الشهادة، فتم بعون الله على يده بناء هذه المملكة, واستطاع بذلك أن يحقق أمنية أجداده وأمجادهم فقد شهد له التاريخ في الماضي والحاضر وسيشهد له في المستقبل على هذا العمل الجبار والتضحية المباركة.
والملك عبدالعزيز رجل الخير والبركة فآثار أعماله الطيبة وإنجازاته القيمة واضحة المعالم كوضوح الشمس في رابعة النهار.
كما أن الملك المغفور له رجل حق وصراحة وعدالة يحبه كل من سمع عنه أو اطلع على أقواله وأفعاله, فقد دخلت هذه الشخصية الطيبة في نفسي منذ عشرات السنين منذ أن اطلعت على بعض أقواله في كتاب في جدة - وأنا انتظر صلاة العصر فقد جاء من بين أقواله في ذلك الكتاب قوله: (أنا رجل لا أعرف إلا القرآن والسيف,,) فهذه الكلمة قد أعطت ظلال المعاني لحياة هذا الملك فهو رجل القرآن والسيف، والقرآن هو منهج المتقين والصالحين رجال البناء، والسيف هو السبيل لتأديب المنشقين والعصاة والمتهورين، فلا يقوم الحق والعدل إلا بالقرآن والسيف، فقد قال تعالى عن القرآن: (ألم, ذلك الكتاب لا ريب، فيه هدى للمتقين) البقرة2/2، وقال تعالى عن الحديد الذي يصنع السيف منه: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) سورة الحديد 57/25.
وما أحسن قول أبي تمام عن السيف حيث قال أمام الملك المعتصم لما جهز لغزو عمورية
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
فلا غرابة في أن تتخذ المملكة العربية السعودية القرآن والسيف شعاراً لها بناءً على شريعة ربها واقتفاء لآثار أمجادها وأسلافها, وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين في قصيدة له عن الملك عبدالعزيز
فجئت بالسيف والقرآن معتزما
تمضي بسيفك ما أمضاه قرآن
حتى انجلى الظلم والإظلام وارتفعت
للدين في الأرض أعلام وأركان
دين ودينا وبأس في الوغى وندى
تفيض من كفه بالجود خلجان
إن الملك عبدالعزيز هو أول من وحد المملكة، وقد كانت مكونة من أجزاء شتى, وهو أول من استخرج الثروة الطبيعية المخبوءة في أنحاء المملكة، وأعطى الشركات امتيازات لاستخراج النفط والذهب وغيرهما من خيرات الأرض.
كما أن الملك عبدالعزيز هو أول من بنى كيانا دوليا اعترف به الجميع في العالم من الدول الصغرى والكبرى.
وفي مناسبة مرور مائة عام على دخوله الرياض مؤذنا بقيام صرح المملكة العربية السعودية اكتب عن هذه الشخصية الفذة للأسباب السابق ذكرها وغيرها كثير,, فهو الرجل الذي قيد نفسه بدستور السماء الذي لا يتغير ولا يبطل ولا يبدل، أكتب عنه لأنه ما قام هذا الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة إلا احتفاء بعمله وتخليدا لذكراه، فقد دخل الرياض - رحمه الله - في تمام اليوم الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق 1902م وهذا تمام مائة سنة لهذه الذكرى الخالدة.
بلاد نجد قبل تأسيس المملكة
إن بلاد نجد خصوصا والجزيرة العربية عموما يغلب عليها البدع والخرافات وسوء الإدارة قبل تأسيس المملكة وقبل الدعوة الإصلاحية، فلم يظهر في نجد سلطان قوي صالح يوحد أجزاءها ويسيطر على الحوادث في داخلها ويوطد الأمن والاستقرار فيها,, فقد كثر فيها الجهل والضلال والظلم والجور والقتال وعمت فيها الفرقة والذلة والفقر، فمع أن هذه البلاد كانت قبل دعوة التوحيد التي جاء بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعيش في ظل الحكم العثماني إلا أنها لم تشهد نفوذا مباشرا للدولة العثمانية كما كان في البلاد الإسلامية الأخرى.
وكانت الحروب قائمة بين البلدان النجدية وكان في كل قرية أمير وينازعه آخرون في إمارته فكل أمير كما يقول ابن بشر: (خائف ومخيف في نفس الوقت)، وكل أمير يتربص بالآخر وينتهز الفرصة للوثوب عليه، وقد بلغ الأمر أن القرية الواحدة تتمزق بين أميرين أو ثلاثة أو أكثر، كل واحد منهم يدعي لنفسه الإمارة أو الولاية.
البيئة التي عاشها الملك عبدالعزيز رحمه الله
إن البيئة التي نشأ الملك عبدالعزيز فيها كانت بيئة صراع من كل الجوانب، فقد ولد في وقت شدة المنافسة والحروب بين عميه ثم النكبة الكبرى التي حلت بأسرته عند استيلاء ابن الرشيد على الرياض فاضطر والد الملك عبدالعزيز للهجرة إلى الكويت وأكبر من هذا كله هو وجود سيطرة الحكم العثماني على العالم الإسلامي.
شخصية الملك عبدالعزيز
لقد ساهمت البيئة الخاصة والعامة في تكوين شخصية عبدالعزيز وكان للتنقلات التي قام بها مع والده في الصحراء ثم الاستقرار بعد ذلك في الكويت أثر بارز في حياته فقد رزقه الله تعالى بذلك عزة النفس والكرامة والإباء والفروسية والشجاعة والصبر والمجالدة، والخبرة بالصحراء، وحسن تقدير الأمور، وحصافة الرأي، ودقة الملاحظة, هذا بجانب التربية الدينية التي نالها من والده ولا يفوتنا - فيما ذكرناه سابقا - أن الإمام محمد بن سعود جده الأعلى هو الذي أيد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بقوة سلطانه فلم تزل روح تلك الدعوة الإصلاحية تدب في قلوب أجداد عبدالعزيز وآبائه حتى وصلت إليه.
إن الملك عبدالعزيز اجتمعت في شخصيته فضائل العرب فرزقه الله تعالى رهافة الحس، وسماحة النفس، وصداقة البأس فهو تقي نقي في دينه ولقد تكلم الكثير عن الشخصية الفذة للملك عبدالعزيز وشهدوا له بالفضل وأنه رجل أيد الله به الرسالة، وجدد به الدين ووحد به الأمة وفتح الله تعالى على يديه كنوز الأرض المخبوءة,, فالمملكة العربية السعودية أصبحت بعد توفيق الله تعالى ثم بجهود شخصيته الفذة قبلة ورابطة ومنارة في العالم.
كان الملك عبدالعزيز رجل قول وعمل وخطابة وكان من الذين إذا قالوا فعلوا وقد جاء من أقواله قوله:
(أنا لست من رجال القول الذين يرمون اللفظ بغير حساب، فأنا رجل عملي، إذا قلت فعلت، وعيب علي في ديني وشرفي أن أقول قولا ولا اتبعه بالعمل لأن هذا شيء ما اعتدته ولا أحب أن أتعوده أبدا).
وكان المغفور له إذا تكلم يخلل حديثه خوف الله وخشيته مع ذكر الآيات والأحاديث ويصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر أسمه، كما ذكر ذلك أمين الرافعي في حديث بعنوان ساعة مع جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود , حيث قال: (أخذ جلالة الملك عبدالعزيز يتحدث إلينا في مختلف الشؤون وهو جهوري الصوت يهش في وجوه المتحدثين معه وينتقل بسرعة من موضوع إلى آخر، يستدل في أقواله بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية والأبيات الشعرية، وإذا ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم قرنه بالصلاة والتسليم ولو تكرر ذلك عدة مرات).
فشخصية الملك عبدالعزيز شخية وسط أخذت من كل بستان زهرة وخير الأمور أوسطها,, يقول الأستاذ عباس محمود العقاد.
(كان عبدالعزيز عنيدا مع الأقوياء، متواضعا مع الضعفاء ولكنه مع عناده كان يسمع الرأي الآخر، فإذا اقتنع به رجع إليه لأنه اتخذ من الحق والشريعة إماماً وحكماً، وكان يؤمن بأن الأقوياء هم الذين يرجعون عن أخطائهم، والضعفاء هم الذين يتمسكون بها).
وقال أيضا: (كان عبدالعزيز عدة رجال في رجل احد).
وقال أيضا: (إن ابن سعود من أولئك الزعماء الذين يراهم المتفرسون المتوسمون فلا يحارون في أسباب زعامتهم وعظمتهم ولا يجدون أنفسهم مضطرين إلى أن يسألوا: لماذا كان هؤلاء زعماء؟ لأن الإيمان باستحقاق هؤلاء لمنزلة الزعامة في أقوامهم أسهل كثيرا من الشك في ذلك الاستحقاق).
أما فيما يتعلق بالكرم فقد كانت شخصية الملك عبدالعزيز مضرب الأمثال في ذلك كان يرى في المال انه حطام الدنيا، والحطام فانٍ والروح باق خالد, ولما نصحه بعض أصدقائه بالكف عن البذل والعطاء قال لهم: ما أغنت قارون خزائنه).
فقد صادف أنه أعطى فقيرا صرة وهو على طريقه للنزهة فأخبر السائق أنه صرة الجنيهات الذهبية لا الريالات الفضية، وبها ثلاثمائة جنيه ذهبي فنادى السائل، فأقبل إليه كاشفا، ظنا منه أنه سيستردها فقال له: (أردت أن أهبك الريالات، وما نويت إلا هذا ولكن الله هو الذي وهبك هذا الذهب، حيث أخطأت فأعطيتك صرة الجنيهات، إنها ليست هبتي، ولكنها هبة الله فخذها واشكر الله وحده عز وجل واشتر بها نخيلا واعمل ولا تكسل!).
منهج الملك عبدالعزيز في الحكم والإدارة
يقوم منهج الملك عبدالعزيز في الحكم والإدارة على أساس من الحكمة والعدل والفطانة ونور من البصيرة كان واثقا بالهدف الأسمى الذي بنى عليه حكومته وهو يرسم سياسته وخططه لبلوغ هذا الهدف ويصدر قراراته اللازمة في ضوء هذا التخطيط فهدفه الأساسي بلوغ رضى الله تعالى ثم تذليل وسائل الرقي لرعيته ويتصف حكمه بقوة الإرادة والأناة في معالجة الأمور كما يتوخى حل المشاكل بالصلح أولا، فهو أيضا متسامح مع خصومه ويجمع بين الرحمة والشدة، ولا فرق في ذلك بين أبنائه وبين أبناء شعبه,, فبهذا المنهج السليم استطاع الملك أن يكون علاقة جيدة، مع شعبه أولا، ثم بالدول العربية والإسلامية والأوروبية فانضمت المملكة العربية السعودية إلى الأمم المتحدة، وإلى جامعة الدول العربية كعضو مؤسس سنة 1365ه/1945م.
هذا بالنسبة لنجاحه بهذا المنهج في إدارته الخارجية، وأما الداخل فقد نجح الملك رحمه الله في أمور كثيرة يصعب حصرها,, اهتم بتطبيق الشريعة الإسلامية والعناية بشؤون الحجاج، وعمل على استتباب الأمن والاستقرار، ونجح كذلك في نقل البدو الرحل إلى هجرة ثابتة فقامت النهضة العظيمة في المملكة العربية السعودية في كل المرافق وساعد على ذلك اكتشاف النفط في شرق المملكة سنة 1357ه/1938م.
برنامجه في الإدارة والحكم والتعامل
كان المغفور له تعرض عليه بعض الأمور العاجلة بعد ما ينتهي من أوراده الصباحية فيبت فيها، ثم ينام قليلا وبعد أن يستيقظ يتناول طعامه ثم يخرج إلى مجلسه الخاص حيث تعرض إليه أمور الدولة فيأمر رجال ديوانه بما يرى حول تلك الأمور ثم بعد ذلك يدخل عليه الناس وشيوخ البدو والقبائل لزيارته، ويسمع شكوى الشاكي ونصح الناصح، وبعد ذلك يذهب إلى المجلس العام ليجتمع به كل من يريد الاجتماع به ويمكث هناك إلى وقت الظهر فيصلي الظهر مع الجماعة.
وبعد صلاة الظهر يعود إلى مجلسه الخاص فيعرض عليه ما يجد من الشؤون المهمة للبلاد والعباد من الرعية, وكانت حدة ذكائه وفراسته تجعله يحكم على صدق أو كذب ما يسمعه لأول وهلة.
وبعد العصر يجلس مع إخوانه وأبنائه وأقاربه وكبار الموظفين ليتبادل أطراف الحديث معهم وبعد ذلك يقرأ أو يصغي إلى فصول من كتب التفسير والحديث أو التاريخ أو الأدب, ثم تتلى عليه أخبار الإذاعة التي يتلقاها العامل المكلف بها من أهم المحطات العربية والشرقية، ثم ينفض المجلس وينصرف إلى بيته.
وكانت مواعيد المغفور له في الادارة والتعامل والنوم واليقظة والعبادة منتظمة,, كان محافظا على برنامجه اليومي في جميع المواسم والأوقات، يستيقظ قبل الفجر للتهجد وقراءة القرآن، وبعد طلوع الفجر يصلي الصبح جماعة ثم يعبد ربه إلى وقت ركعتي الشروق.
ويظهر منهج العدل والمساواة والرحمة في إدارة الملك عبدالعزيز وحكمه في ما أصدره يوما لشعبه وهذا نصه فيما يلي:
(من عبدالعزيز بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية:
على كل فرد من رعيتنا يحس ظلما وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق، أو البريد المجاني,, على نفقتنا، وعلى كل موظف بالبريد أو البرق أن يتقبل الشكوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي، وأحفادي، وأهل بيتي، وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد الرعية عن تقديم شكواه مهما كانت قيمتها أو حاول التأثير عليه، ليخفف لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب, لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم، أو استخلاص حق مهضوم,, ألا قد بلغت اللهم فاشهد!!).
ولقد دخل رجل من أبناء الشعب السعودي على الملك متظلما من أحد أبنائه الأمراء,, كانت له أرض بجوار أرض ذلك الأمير فأقام الأمير قصرا على أرضه وجزء من قطعة أرض المتظلم فلما سمع الملك هذه الشكوى استدعى ولده فذكر له الولد أن ذلك حدث من غير قصد فأطرق الملك عبدالعزيز ثم قال:
(يخير الشاكي بين هدم عمارة الأميرة حتى يسترد أرضه من تحتها، أو ينال أربعة أمثال ثمن القطعة مع التعويض المناسب من مال ولدنا الذي اعتدى على أرضه), ووافق الرجل على قبول الثمن والتعويض، ودعا للملك بثواب الآخرة.
فهذا هو العدل بعينه,, الملك عبدالعزيز يحكم على ولده، بهذا الحكم؟!
ذلك هو العمل بحكم الله بعينه فليس هناك مجاملة في الحق كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم والوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً) النساء 4/135.
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) المائدة 5/8.
وقال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) الأنعام 6/152.
أمثلة أخرى من إدارته وحكمه وتعامله
لقد كان لدى الملك عبدالعزيز من الذكاء والفراسة ما يجعله يحكم على الصدق او الكذب لأول وهلة ذلك لأن الإدارة تمرن صاحبها على القرارات الإدارية استنادا الى حدة الذكاء والفراسة والحس والتخمين والخبرات السابقة ولقد كانت للملك عبدالعزيز أمثلة كثيرة من هذا القبيل وفيما يلي تلك الأمثلة.
حله لمشكلة استعمال المخترعات العصرية في المملكة
لقد عانى الملك عبدالعزيز كل المعاناة من المتشددين أمام كل جديد الذين يرون أن التلغراف السلكي واللاسلكي والسيارات والعجلات من البدع التي لا يرضى عنها الإسلام.
ومن ناحية أخرى شدة أولئك الذين يطالبون أن تمشي المملكة مع موكب الحضارة والمدنية الحديثة,, فاختط الملك عبدالعزيز في ذلك طريقا وسطا بين القوتين فبدأ ينشر التعليم المدني بجانب التعليم الديني وتنظيم الإدارة الحكومية على الطريقة الحديثة فدخلت بذلك السيارات والطيارات واللاسلكي المملكة العربية السعودية, الشيء الذي أريد الوصول إليه في بيان ذكاءالملك عبدالعزيز في الحكم والإدارة، أن بعض المتشددين ينكر على الملك عبدالعزيز استماعه للمذياع واستعانته باللاسلكي والهاتف، لأنهم يظنون أن بها (شياطين) تنقل الحديث, فسألهم جلالته يوم ذاك: (هل الشيطان يطيق كلام الله)، فأجابوا بلا قال: (اسمعوا,, فإذا بالمذياع يذاع منه القرآن الكريم بصوت رخيم عذب، أمر جلالته أحد أتباعه بأن يسمع المنكرين بعض آيات القرآن الكريم في الهاتف، فدهش هؤلاء المتشددون وأيقنوا أنه ليس هناك شيطان وليس هناك سحر, بهذا قضى الملك على خرافة منع الاستفادة من المخترعات العصرية ما دام لا يظهر فيها ما ينقض تعاليم الدين.
حكم الملك لامرأة
وهذه القصة أن زوج هذه المرأة كان نائماً تحت نخلة في العراء، وكان على هذه النخلة رجل يجني ثمرة النخلة منها فسقط عليه وهو نائم فقتله فقال لها الملك: ولكنه لم يقصد قتله، فقالت الزوجة: لا أبالي قصد أم لم يقصد، فبينت الزوجة أنه لا مناص من القصاص لأن هذا الرجل هو القاتل فلا تبالي أقصد أم لم يقصد، فلما أدرك سذاجة المرأة قال لها: حسن ما تطلبين,, إنما يعامل القاتل بمثل عمله، فأصعدي أنت صاحبة الحق في الدم على تلك النخلة التي سقط منها، واسقطي عليه كما سقط على زوجك فأقتليه.
فهذه بعض أمثلة إدارة الملك عبدالعزيز حيث يعمد إلى الحزم فيما يدعو إلى الحزم ويتوخى الاقناع فيما يستدعي الإقناع وكل ذلك برهان قاطع على حدة الذكاء والفراسة والحس في منهج الملك في الحكم والإدارة.
وقد بين الأديب أحمد امين في كتابه زعماء الإصلاح في العصر الحديث أن هذا المنهج الذي اتخذه الملك عبدالعزيز هو الطريق الصحيح لإزالة الشبهات حول الدعوة السلفية التي جاء بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأيده ملوك المملكة العربية السعودية فقد أحكمت الدعاية ضدها مما جعل الناس يفرون من هذه الدعوة ولم يفهموا جوهرها فاتباع هذا النوع من المنهج في الإدارة شيء مهم في كشف القناع أمام كثير من الناس ممن جهلوا هذه الدعوة.
فعلى العموم إن الملك بنى منهجه في الحكم والإدارة على أساس من الحكمة والعدل وهو يتوخى حل المشاكل بالصلح ويجمع في إدارته وحكمه بين الرحمة والشدة ولا فرق في ذلك بين أبنائه وأبناء شعبه وبهذا المنهج استطاع الملك أن يربط المملكة العربية السعودية بسائر الدول الإسلامية والأوروبية فانضمت المملكة العربية السعودية إلى الأمم المتحدة كما انضمت إلى الجامعة العربية كعضو مؤسس سنة 1365ه الموافق 1945م، وأصبحت المملكة مسموعة الكلمة عربيا وإسلاميا وعضوا فعالا دوليا,, وأما مايتعلق بالشؤون الداخلية فقد استتب الأمن والاستقرار والرخاء في جميع المملكة وذلك بتطبيق شريعة الله عز وجل فأيده الله على ذلك بمؤيدات ربانية وهو اكتشاف النفط في شرق الملكة سنة 1357ه الموافق 1938م فخلف المغفور له مملكة عظيمة ودولة متماسكة فتح لها أبواب الحضارة والمجد والرقي.
* رئيس جماعة الدعوة في نيجيريا
* إمام وخطيب جماعة الدعوة في كانو - نيجيريا
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved